التصنيفات
سيرة النبي وزوجاته والصحابة

دعوة لاقتفاء أثر النبي صلى الله عليه وسلم

دعوة لاقتفاء أثر النبي صلى الله عليه وسلم

ضرورة التربية والتزكية الإحسانية

إني أوضح في هذا القسم مبيناً خلاله ومشيراً لسادتنا علماء السنة رضوان الله عليهم وخصوصاً فقهاء المالكية والأحناف والحنابلة والشافعية والأشعرية والماتريدية وخصوصاً من قصّر منهم في مقام الإحسان مكتفياً بالفقه وأصول الدين وداعياً لهم للاستزادة من مناهج التربية الإحسانية المطابقة لهدي النبي أو لهدي الأئمة والخلفاء الراشدين من بعده صلى الله عليه وسلم .

ولأجل أن يعلم الجميع أنه مهما قصر رجال بسبب بشريتهم وشوهوا مناهج السلوك إلى الله فإن هناك من أحيوا كثيراً من أركان السلوك وآدابه على أصولها مهما كلفهم ذلك من بذل النفس والمال والروح حباً وعشقاً وشوقاً ورضاً لله رب العالمين ولا يضرهم بشريتهم وبعض نواقصها ولا يعيبهم توابعها.
فالكمال لله وحده والعصمة لرسوله على الخصوص صلى الله عليه وسلم لكن الله يرعى أولياءه ويحفظهم وفق مشيئته ،

أما من اكتفى بالبحث عن عيوب البشرية فسيجد الكثير وسيستكبر على العلماء وسيحرم الخير العميم ويبقى أسير نفسه وهواه ، فمن يضلله الله أنظر لحاله ولن تجد له ولياً مرشداً هادياً له إلى طريق مستقيم ، وهذا حال كل متكبر مغرور قليل الذكر والأدب .
وصدق ابن عطاء رضي الله عنه حيث قال :
(سبحان من ستر سرَّ الخصوصيةِ بإظهارِ وصفِ البشريةِ)

لكن من حنَّ قلبه إلى الله وملَّ من كثرة الإنشغال بسواه حتى في الصلاة لا بد له أن يراجع نفسه ويشعر بنسمات الجنان تهب حول رجال الله الذين تتنزل حولهم وعليهم الملائكة ( ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشِروا بالجنَّةِ التي كنتُم توعَدونَ)
فلا يتأثر عندئذٍ بدعوات التشكيك بعلماء السنة ولا بظنون الخوارج التكفيريين الهالكين الهدامة الذين مثلهم كمثل من قيل فيهم عندما لا يشهدون أهل الحق(وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون)

فعندما يجتبي الله إليه أحداً من عباده الطيبين الطاهرين يشرح صدره ويأتي به إلى خلّص عباده المقربين ليهدوهم سُبل السَّلام وليخرجوهم من الظلمات إلى النوربإذن الواحد القهار .

وباختصار إن التواضع والصفاء وحسن الظن بالمسلمين وصدق التوجه وطهارة النية وامتلاء القلب بحب الله يرفع كثائف الأغيار ويكشف حجب الأنوار ويجذب القلب مباشرة إلى مجالس وحضرات أهل الحق .

هذا وإن أهم المقاصد التي أدعوا أهل الحق إليها مؤكداً وهي ضرورة اجتماعنا حول أئمة المتقين السابقين بالخيرات بإذن الله ، والعلماء العاملين المخلصين والأولياء السالمين من الدعاوى الكاذبة ،وعلماء السنة أصحاب الأسانيد العلية إلى النبي صلى الله عليه وسلم وضرورة مصابرة نفوسنا معهم والوفاء لهم مع عدم الالتفات عنهم أبداً ما داموا على الحق حتى ننتفع بهديهم ونقتبس من أنوارهم قبل أن يأتي يومٌ يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم .

ومن المقاصد أيضاً الدعوة إلى إحياء الركن الأعظم في الإسلام وهو كثرة الذكر لله في جميع الأحوال آناء الليل وأطراف النهار مع المجاهدة واقتحام حجاب المكاره لنصل إلى جنة الوصل والحب الإلهي وتذوق ومشاهدة أنوار الأحدية في ملكوت السموات والأرض .
ولا يخفى علينا ما ورد في السنة من أن الجنة حفَّت (حجبت) بالمكاره .

فما أعظم أن يملئ الإنسان أوقات جدّه وفراغه بذكر الله وبمطالعة العلم والتفكر في خلق الله وخصوصاً في زمن العلم الذي تجلت فيه آلاف الكتب النورانية التي تمتلئ بالعجب العجاب من ذكر آيات الله وجمال خلقه ودقة صنعه وتلألئ معجزاته كما أمرنا الله :
(وفي الأرض آياتٌ للموقنين ، وفي أنفسِكُم أفلا تبصِروُن)

فمن داوم على ذلك تجلت له الأسرار وفاضت عليه الأنوار وشاهد وعلم وشهد قلبه ولسانه أنه لا إله إلا الله عِلمَ علمِ اليقين :
(شهد اللهُ أنه لا إله إلا هو والملائكةُ وأولوا العلمِ قائماً بالقسط)

ومن المقاصد التي أدعو المسلمين إليها الدعوة على المحافظة على آداب أهل الله باتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم حتى نتشبه بهِ في جميع أفعالنا وأقوالنا وسكناتنا .

ومنها الدعوة لإحياء القلوب بحب النبي صلى الله عليه وسلم حباً يصدقه الاتباع والعمل وكثرة البكاء والتحرق والشوق للنبي صلى الله عليه وسلم إرضاءً لله رب العالمين وحتى نترقى بمعية النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعلى درجات الحب الإلهي لأن حبّنا للنبي واتباعِنّا له صلى الله عليه وسلم يوصلنا إلى حب الله لنا وهو وحده المقصود ولأجله نحب من أحب ونبغض من أبغض .

وانصح أهلنا السنة بعدم مصاحبة الأشرار المتمسكين بباطلهم .
وادعوهم للبراءة من منهج أدعياء علم الإحسان الذين يشوشون بجهلهم على علماء الأخلاق الصوفية الصادقين ويستغلون ويتسترون بطريق أهل الله لينالوا مآربهم الدنيوية الرخيصة مستغلين ضلال كثير من العوام وعدم تفريقهم بين رجال الحق وجند الباطل .

وأدعو المسلمين للبراءة من أهل البدع والأهواء (ومن والاهم) وهم المارقون عن أهل السنة والجماعة في الفقه والعقائد والحديث والتفسير واللغة وخصوصاً الخاضعين منهم لأرباب النفوذ والقوة والمال وبالأخص الذين يخالفون مدارس الإسلام الكبرى ويقعون في جميع علماء السنة والمسلمين من غيرهم سباً وطعناً ثم ينسبون أنفسهم زوراً للسلف وللقرآن
وأدعو علماءنا الأجلة لعدم التساهل بالإجازة والسند والإذن (في الحديث والفقه وغيره) وعدم إعطائها إلا بعد استكمال الشروط والآداب ما أمكن .
لأنه من أخذ الديار بغير حرب هان عليه تسليم الديار .
ولأنه فشى في زمننا التساهل في الإجازة ،
فالشيخ الصادق يمضي السنين الطوال في التربية والتعليم وبعد بذل الجهد العظيم يأذن لأحد تلامذته المخلصين وقلبه وجلٌّ أأدى الأمانة إلى أهلها أم ضيع ، متذكراً الحكمة الجليلة :
( فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم (
ونتفاجأ عندما يصل للإجازة والسند من عُلم منه التقصير وعدم الالتزام بل حتى من عُلم إفساده وخطره .
فهذا التساهل والتعجل في الإجازات الخاصة من بعض الشيوخ مقابل عرض من الدنيا قليل وكثرة العدد ، يؤدي إلى تضييع الأمانة ووصول الإجازة في النهاية إلى من لن يرقب فيها إلاً ولا ذمةً وإلى من سيضل الناس الذين وثقوا بسنده ويهلكهم ويصدهم عن أهل الله ويؤدي بالناس إلى عدم الوثوق بأهل العلم ، وهذا حقيقة ما يحدث في زماننا حيث رفعت عقيرة المكفرين المبتدعة وقويت حجتهم للطعن بأهل الله بالعموم دون تمييز .

القسم الثالث عشر :
أدعو المسلمين لصفاء القلوب والبعد عن الشحناء والبغضاء والحسد وحب التصدر بين الناس وحب الرئاسة .
لأن حب الرئاسة بذرة الكبر وإذا وقع الإنسان في الكبر أصبح نداً لله فيبطش الحق به ويقصمه ويأخذه أخذ عزيز مقتدر ويخرجه من جنة التوحيد وإن تعلم آلاف الدلائل ويسلبه حلاوة القرب وصفاء المودة .
وكفانا شاهداً بإبليس اللعين عندما تكبر لعنه الله في الأولين والآخرين ولم يقبل منه صرفاً ولا عدلاً .

لذلك بعد آخر ما ذكر هناك في سلوك طريق الإحسان والصفاء عقبات كثيرة تؤدي إلى حب الرئاسة والغرور والكبر .

منها إعجاب كل ذي رأي برأيه ورؤيته عيوب غيره ونسيانه عيوب نفسه
ومنها الغفلة وعدم ملاحظة عظيم نعم الله وقيوميته وإمداده للإنسان
فينسب الغافل لنفسه ما تفضل الله به عليه فيظن الهالك أنه خير من عباد الله .

ومنها كثرة المكر الباطن الذي يقع به الكثير من سالكي طريق الإحسان بسبب عدم فهمهم لكثير مما يصاحب سيْرهم من إكرام الله لهم وإجابة دعائهم وخرق العوائد لهم وكثرة الرؤى المنامية الضاربة في الخيال التي لا يفهمون إشارتها ولايفقهون إلا ظاهرها فيتهيء لهم أنهم وصلوا إلى الولاية العظمى والصراط المستقيم وسبقوا العلماء الربانيين العظام الذين لم يروا مثلهم فيرضون عن نفوسهم ويتركون الصراط المستقيم وذلك لأن أصل كل معصية الرضا عن النفس .

ولكنهم لو حققوا حقيقتهم لرأوا ذنوبهم كالجبال وعيوبهم أكثر من أن تحصى فيهتدوا لو فعلوا ذلك لاحترام الخلق والتواضع الدائم بين يدي الحق ويلبسون الفقر والانكسار جلباباً ويتقربون من الضعفاء والفقراء ويخدمونهم إذعاناً وإكراماً .

وإنهم لو فعلوا ذلك لانجلت لهم شمس الحقيقة الأحدية في رابعة النهار دون الحاجة لكثرة الأدلة والحجج ، ويُجعل لهم فرقانٌ من النور يفرقون به بين الحق والباطل ولا يتشككوا في علماء الإسلام الصادقين السابقين واللاحقين .
وعندها يسطع عليهم ضوء النهار يمشون به بين الناس وهم يعرفون الغاية والمقصد وتفتح أسماعهم وأبصارهم وتتنزل الرحمات على قلوبهم وتحفهم البركات أينما حلوا
وهذا العطاء جزاء للمنكسرين لله والمحترقين بالفقر والملوَّعين بحبه والمتململين المتعذبين من الحجاب المشتاقين إلى يوم اللقاء .

فويلٌ للمتكبرين وهنيئاً للمتذللين لله

اللهم أحينا وأعزنا وانصرنا بقوة وعزة لا إله إلا الله
اللهم أظهر على ظواهرنا سلطان لا إله إلا الله
اللهم أنت الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت بكل شيءٍ عليم
اللهم ارزقنا التقى والهدى والعفاف والغنى وحسن الخاتمة
وأعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
وأطعمنا من طعام قربك واسقنا من شراب أنسك وأجعل غذاءنا ذكرك وغنانا قربك يا رب العالمين
أنت القوي ونحن الضعفاء إليك
أنت الغني ونحن الفقراء إليك
أنت الكبير وأنا الصغير
أنت العظيم وأنا الحقير
أنت المتكبر وأنا الذليل بين يدك
أنت الخالق وأنا المخلوق
أنت المالك وأنا المملوك
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
وصلى الله على حبيبنا وقرة أعيننا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ….




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.