التصنيفات
منتدى اسلامي

ذكر الله غاية الغايات

بسم الله الرحمن الرحيم

وصف النبي صلى الله عليه وسلم القلة المتمسكة في كل أحوالها بهذا الدين بأنهم غرباء لأن أحوالهم غريبة بالنسبة للمتساهلين وبالنسبة لأهل الردة والمرتدين وبالنسبة للكافرين والجاحدين والمشركين فينظرون إلى أحوال هؤلاء على أنها غريبة مع أنها أحوال سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم وقال فيهم {فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ}[1]

ليس لهم شأن بفساد غيرهم ولا يلتفتون إلى ضلال وغي غيرهم ليسوا إمَّعه لأن النبي قال لهم {لا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ أَسَاءُوا أَسَأْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنُوا أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا أَلا تَظْلِمُوا}[2]

لا يتعاملون بالربا في وقت انتشر فيه الربا ولا يغشون في وقت انتشر فيه الغش ولا ينقصون الكيل والميزان في وقت اختل فيه الكيل والميزان ولا يخونون الأمانة في وقت ظهرت فيه وشاعت فيه الخيانة لأنهم متمسكون بهدى رسول الله فهؤلاء هم الذين يصلحون إذا فسد الناس

وطائفة أعلى من هؤلاء قدراً يقول فيهم صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى عندما سُئل: من الغرباء؟ {الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي وَيُعَلِّمُونَهَا عِبَادَ اللَّهِ}[3]

يُحيون السنن التي أفسدها الخلق وأكثر السنن التي أفسدها الخلق في هذا الزمان في الأخلاق وفي المعاملات لكن العبادات والحمد لله نحن فيها جميعاً مجتمعين والخلافات في الهوامش وليست في الأصول لكن تبدلت الأخلاق وساءت المعاملات لأن الناس انقلبوا ظهراً لبطن على ما جاء به الله

وكأن تشريع الله في الأخلاق والمعاملات لغيرنا كأن الأخلاق الكريمة التي جاء بها نبينا لأهل اليابان وأهل الدنمارك وأهل ألمانيا وغيرها فهم المتخلقون بأخلاق النبي العدنان

والتعاملات كذلك وهذا ما ضربنا في الصميم في هذا الزمن وجعل العالم كله يتوقف حذراً ويتوجس خيفة من الإسلام لِما يرى عليه أحوال المسلمين الآن

وقد رأيت على النت شاباً من مصر كان في أميركا أحب فتاة أمريكية وأحبته وفاتح أباه في أنه يريد أن يتزوجها فقال: إنها ليست بمسلمة فأخبرها فقالت: وما الإسلام؟ ائتني بشيء أقرأه عن الإسلام

فجاء إلى مصر وأخذ بعض الكتب باللغة الإنجليزية تتحدث عن الشريعة الإسلامية وأعطاها لها قالت: اتركني شهرين وبعد الشهرين قالت: أريد أن أُعلن إسلامي فأخذها إلى مركز إسلامي وأعلنت إسلامها قال: نريد أن نُتم الزواج قالت: على من؟ قال: علىَّ، قالت: أراك كما قرأت لست مسلماً

انظر إلى ما نحن فيه الآن كأن أخلاق النبوة وتعاملات الشريعة الإسلامية جاءت لأهل الغرب وهم يتعاملون بها ونحن نتعامل بغيرها ونقول إننا مسلمون لأننا نصلي لله

فالغريب في هذا الزمان هو الذي يستمسك بأخلاق القرآن ويتأسى بأخلاق النبي العدنان ويحتفظ في بيعه وشراءه ومعاملاته بما جاء في شرع الرحمن أو يعمل على إحياء ذلك وينشره للآخرين حتى يتمسكوا بهدى الله ويستشعروا بفضل الله علينا أجمعين هؤلاء هم السعداء مالهم عند الله؟ اسمعوا البشريات وافرحوا قال صلى الله عليه وسلم
{طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ}[4]

وطوبى يعني قرة عين لهم في الدار الآخرة فإن الله يقر أعينهم بالنظر إلى جمال وجهه يوم الدين ومجاورة الحبيب في جنة النعيم وتمر عليهم أهوال يوم القيامة لا يشعرون بها ولا يحسون بشدتها وسوء أهوالها لأنهم في رعاية وكنف الله على الدوام

ناهيك عن أن الله في الدنيا يُهيئ لهم الأسباب ليكونوا في الدنيا في أرغد عيش وأسعد حال وأهنأ بال في وسط هذه الأزمات والنكبات التي نراها في كل الجهات {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} النحل97

لا بد أن يعيش في الدنيا في حياة طيبة يكون بينه وبين زوجه وفاق واتفاق يكون أبناءه بررة تكون أرزاقه مباركة يكون له في كل وقت ثمرة من الصالحات يُقدمها إلى الله يستثمرها له ويجد خيرها وبرها يوم الميقات

إذا عاش في الدنيا سنيين معدودات يراها الخلائق في الآخرة كأنها آلاف السنوات من كثرة ما فيها من صالحات ومبرات وخيرات لأن الله تولاه بولايته ورعاه بعين رعايته وجعله مُجمَّلاً بجمال أهل ولايته في الدنيا ويوم الدين فطوبى للغرباء

فاستمسكوا بهدى الله ولا تفرطوا قليلاً ولا كثيراً في شرع الله لا تُحقرن من أمر الله شيئاً ولو قليلاً ربما يكون غضب الله فيه ولا تستصغرن أمراً من الله في عمل صالح ربما يكون رضا الله فيه احرص على وقتك واجعل وقتك كله في متابعة الحبيب فقد قال الإمام عليّ رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه (الدنيا ساعة فاجعلها طاعة)

[1] مسند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن سنة
[2] سنن الترمذي عن حذيفة بن اليمان
[3] رواه الترمذي برقم -2632- وقال: حسن وفي بعض النسخ حسن صحيح
[4] صحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo…1&id=94&cat=15

منقول من كتاب [الأشفية النبوية للعصر]

اضغط هنا لتحميل الكتاب المنقول منه الموضوع مجاناً

خليجية




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.