التصنيفات
منوعات

شمس تخترق الجسد جميلة

المكــان : المطـــــار ..
التاريخ : منذ بدأت أتنفس مثل الجميع ..
الوقت : العاشرة وأربع وخمسون دقيقــة بتوقيت غرفتي .

لا أرى جيدا ً ..
قال لي أحد الأطباء ذات مراجعــة .. بأن نظرك ضعيف بعض الشيء .. ولم يشرح لي السبب !!
المكان مظلم جدا ً ..
أشبة بقبو تحت الأرض !
لوحة كبيرة تقول : ( إلى اليسار مواقف خـــاصة ! )

أرى الكثير من الغبــار .. فقط .. وكأنمــا هي إحدى علامــات هذا القبو ..
سيارات كثيرة سبقتني !
لفت انتباهي إحداها .. كـُـتب على زجاجها ( أشوفكم على خير ) !
نمت في حلم يقظــة جميل .. بدأت أتخيل تلك الأنامل وهي تكتبها قبل الرحيل .. كانت أشبه بأنامل طفل لا يتجاوز العاشرة ..

أو إمرأة ..

لا أعلم ؟!

ما أعلمـــه ..
بأني ركنت سيارتي بأحد المواقف التي ودّعــَـت أصحابها !
وبدأت امشي بخطوات مرتبكــة ..
لا أرى بصورة مركزة .. فقـد كنت أفكر بما سيحدث مستقبلا ً عندمـا تصل رحلــة ( شمس ) .. ولم أكن أستطيع ان أفكر بشيء آخر .. ولا حتى بالطريق !!
تنبهت بصوت فرامل سيارة مسرعــة .. قد مررت من أمامها من غير أن أنتبه ..
هو يوبخني بعنف .. وكنت أرى ملامحه جيدا ً لكنني لم أكن أعلم عن ماذا يتحدث هذا الأحمق ..

أنا أفكر في ( شمس ) وماذا ستقول لو رأتني بعد ذلك الغياب !!
فتحت أبواب المطار الأوتوماتيكية .. كاشفة ً لي ساحة المطار الضخمة ..
قلبي يخفق بتزايد ملحوظ ..
أخشى أن يختلط علي الخوف من خفقانه والاختناق من رهبـة الموقف .. فأنسى كيف أتنفس !!!
بدأت بالتقدم بخطوات مازالت مرتبكـة ..
أو قد يكون إحساسي هو المرتبك وقتها وأرى كل ما حولي كذلك .. !
وصلت إلى منطقـة هادئـة !
مقاعد كثيرة و أناس ينتظرون معــا ً بكل شوق ..
خجلت من الجلوس بجانب شابتين تبعدان عني مسافة ثلاث مقاعد ..
ولكنهن يستطعن رؤية القادمين بشكل أفضل .. !!
تضايقت كثيرا ً .. فأنا لم أقدم الى المطار لكي أنتظر بعيدا ً ..
تحدثت مع نفسي قليلا ُ وأنا واقف !

و قررت الجلوس ..
لأنني أريد أن أكون أول من تشرق الشمس بعينيه ..

بدأت الانتظار !
وبدأت الدقائق بالتجمد ثانية بعد ثانية .. وكأنمـا هي لعنة الشوق الذي فتك بي ..
أحس بان هنــاك من يتحدث في صدري !
بصوت هادئ جدا ً .. وكأنها محادثة بين القلب والعقل استرق السمع لها جسدي ..
الحديث عن : ماذا سيجري بعد دقائق !
قلبي .. كان يقول :
بان ( الشمس ) لن تصدق رؤيتي أمامها بعد هذا الغياب
وستخجل من أن ترتمي بين أحضاني أمام النــاس .. !
لذا ستمسك بيدي بقوة حينما أصافحها .. ستضغط على كفي بكل شوق لتعبر عن ما بداخلها بكل أدب !
أمــــا .. عقلي فيقول :
لا تفرح كثيرا ً فلا تعلم ماذا تخبئ لك الأقدار يا مسكيـن
كنت أستمع لتلك المحادثة وأنا شاخص العينين نحو ( بوابة القادمين ) ..
سرحت بفكري قليلا ً ..
لأتذكر مشاهد لم تبرح ذاكرتي أبــــدا ً ..
صوتها :
عندما تناديني بـ ( حبيبي )
كلماتها :
عندما نتناقش في أمورنا اليوميــة
رقتها :
عندمـا تصف لي مدى خوفها من الحشرات الصغيرة !
نعومتها
:حينما تتململ من كثرة الجلوس ..
أشياء كثيرة ..

قاطعها .. حركة مفاجأة من طفل كان يلعب ببالونه الصغير أمامي مما أجبرني على الاستيقاظ !
لم أجد الشابتين !!
ولم أجد الكثيرين ممن كانوا حولي ؟
حتى الطفل يجمع ألعابه للرحيل مع والديــــه ..
تنبهت إلى أنني استغرقت في حلم يقظة ٍ طويل ٍ جدا ً ..
حتى أتى موعد الهبوط ..

سارعت إلى الركض نحو البوابة ..
توقفت في منتصف الطريق !
انتظرت .. فإذا ببقية المسافرين قادمين من بعيد ..
ابتسمت لدرجة أنني أردت أن أضحك بصوت مرتفع من شدة الفرح .. لأن الأمل مازال موجودا ً ..
أصبحت أحدق بالجميع .. وكأن هنــاك من سرقني قبل زمن وأردت أن أكتشفه !
وبالفعل كانت في نظري سارقة لكل شيء !
فلم تترك شيئا ً لم تسرقه من عقلي وفكري .. وحتى صحتي ..
بدأ المسافرين بالخروج من البوابــة ..
وأنا أتصبب عرقا ً من شدة الخوف والخجل .. والشوق !
بدأت تصطدم بي حقائب المارين ..
تربكني جدا ً .. فأكاد أن أصرخ بوجه الفاعل .. ولو أنني أعلم بأنها من غير قصد .
بدأ العناق يشتد أمامي ..
فهذا رجل استقبل أبناءه بالأحضان بعد غيـــاب .. وهذا طفل قفز لكي يتعلق بأبيه من كثرة الشوق .. وهذه أم حملت أطفالها وبدأت بتقبيلهم من خلف النقاب !

وأنا أنتظر ..
وأنتظر ..
إلى أن قدم من خلف الجميع نور ٌ أعرفه جيدا ً ..
فلطالمــا رأيت به ومن أجله !

هي ( شمس ( ..
هادئة كعادتها .. متزنة الخطوات .. متجهة نحوي تماما ً ..
كدت أن أختنق من كثرة الفرح .. فما عساي أن أفعل ؟
أبدأ بالصراخ فألفت انتباه الجميع إلى ( شمس ) ..
لا .. لا أستطيع فهي لي وحدي !
أصمت .. وأنتظر !
لا .. لا أستطيع فأنا في غايــة الشوق ..

اختفت كل مقومات الخجل واكتفيت بنوع واحد من التفكير .. وهو كيف لي أن أقترب منها !
فرحتي بقدومها لا توصف ..
كنت أشد فرحــا ً من يوم العيـــد ..
فهي عيدي الذي يرافقني دائمــا ً ..
وفي كل أيام السنـــة !

ضربت بالجميع عرض الحائـــط ..
وهممت أن أحتضنها وبكل شوق .. وبكل لهفــة .. وبكل حنــان ..

بدأت بالاقتراب نحوي ..
فركضت باتجاهها بشوق غامر .. وأنا مبتسم ..
اقتربت منها ..
شرّعت ذراعي ّ لكي أحتضنها .. فاقتربت هي وهي مازالت تحافظ على اتزان خطواتها
اعتقدت بأنه الخجل .. الأمر الذي لم يسمح لها بالسرعة نحوي !
اقتربت أكثر .. وأكثر ..
إلى أن توسطت بين ذراعي ّ فهممت أن أحكم الإقفال عليها بيدي !
فاخترقتني ..

اخترقت جسدي ..
أحسست ببرد ِ غريب يخترقني
ليكمل طريقه / لتكمل طريقها .. من دون أن تلتفت !
وكأنني لم أكن !
ولم أقف .. ولم أنتظر .. ولم آتي بجسدي ..!؟

انهرت ..
بدأت عينيّ بالغرق !
سقطت أرضا ً .. يدي ّ فوق ركبتي ّ ..

وأنا أنظر بحزن غريب ..
فلم أتوقع أن تمر من خلالي هكذا .. من دون حتى أن تبتسم لرؤيتي !
سقطت دمعــة يتيمة من دون أن أعلم .. على صدري
وأنا لا أكاد أعلم ماذا يجري من حولي ..

شعرت ببلل ٍ يجري بين أضلعي !
تلمست مكانها فذا بيدي تخترق جسدي أيضا ً .. كانت ممن اخترقوني بكل قسوة

كانت ..
كل ملامحي مشوهه آن ذاك
وكان ..
كل من حولي لا يراني !
وكانت ..
الشمس ذاهبة مع أهلها .. سعيدة
علمت وقتها !
بان جسدي على سرير غرفتي .. وأنها ما هي إلى روح التقت الشمس بحلم جميل !




يسلمووووووو



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.