التصنيفات
منوعات

عرس هاري بقلم دانا الديك

عرس هاري
عـــــــــــــرس هـــــــــــــــاري

تلك الحروف تخبئ في طياتها ذكريات منها الحلوة والمريرة..منها ما يقال ومنها ما لا يقال..
فأي امرئ منا عاش مراحل حياته.. لا ينفك يذكر منها شرارة من الأحداث.. تلك التي لا يمكن للقلب ولا للذاكرة أن تمحوها..
تعود الذاكرة لسنين طويلة عفر عليها غبار الزمان.. لذكريات ربما نسيتها وكادت تصبح طي الكتمان.. ما زلت أذكر عرس هاري أيام كنت في الثانية عشر من عمري.. حيث ظللت أسرد إعجابي بتلك العرس لسنتين أو يزيد..
ربما كان ما يميزه عن غيره من الأفراح أنه كان العرس الأول التي ارتديت فيه الثوب الأبيض..
لكني رقصت وحدي على خلاف العروس وقت ذاك.. ما زلت أذكر صديقتي في المدرسة أيام كنا نتبادل الحديث عن هذا العرس.. وعن شعوري وأنا أرتدي الثوب الأبيض لأول مرة.. ربما كان هذا النوع من الحديث كبيرا على فتيات من عمرنا.. لكن وقع الحدث أحيانا يجتاز الحدود.. ويحطم أسقف اللاءات..
هاري أيضا هو للمرة الأولى التي ينكح فيها ويتقلد بخاتم الزواج.. ربما كان البعض يزعجهم ذلك الخاتم على عكسه.. فهو لطالما ظل متمسكا ذلك الخاتم..ويتحسسه غالبا من الأوقات…
كنت مغرمة بهواء الفجر.. وقت تكون الشمس لم تشرق بعد، ما زلت أذكر تلك الهواء..
لطالما ضحيت بغفوة الصباح لاستنشاقه .. لغاية اللحظة لم استنشق هواء أطهر منه..
وكثيرا ما حلمت بتلك الشخص الذي استنشق منه تلك النوع من الهوا.. أو أكثر طهارة فأنا لا أخجل بأن أعلن طمعي بالعشق..
كان هاري مثال الزوج المخلص فهو لم يفكر يوما بأن يخون زوجته..
إذا أراد أن يلمحها يحاول ذلك في خفاء لئلا تحرج هي أو تخجل..
هو كان الأجدر بأن يتوَّج بتاج المحب بصمت..
كان متأكد أنه لن يجد مثل امرأته ولن يحب غيرها ولن يفكر بأخرى حتى ولو وافتها المنية..
كانت تسألني صديقتي، ترى هل سيحب غيرها؟!
كنت أجيبها مؤكدة أنه لن يفعل ذلك، فهو ليس مضطر لأن يقحم نفسه في صفة كالخيانة، فهو أسمى من أن يضيع محاسنه بتلك الصفة الخبيثة..
كانت تومئ لي بإشارات تفيد الشك في صحة كلامي..
أدرك تماما لم كان ذلك رأيي وقتها، فكل الأمور كانت تشير إلى أن لا وجود للخيانة في علاقتهما على الإطلاق..
أساسا ما تعريف الخيانة!!
أحتار مع نفسي في بعض الأوقات، وأتصارع مع المواقف محاولة إيجاد تعريف للخيانة..
لكنني وقتها كنت أصغر من أن أفكر أن كل إنسان يخون بغض النظر عن نوع الخيانة؛ كنت وقتها أنظر بطيبة للبشر وللحياة..
الخيانة: تلك الطبيعة البشرية التي لا مجال للنقاش في وجودها، ربما يتقن البعض فن التمثيل بالإخلاص.. أو ربما يعيش البعض حالة الوفاء بتصرف.. لكنه حتما سيأتي اليوم الذي يسقط فيه تلك القناع أو ذاك، فأنا أؤمن أن القناع زائل مهما صمد أمام الهزات..
لا أعي ما سبب جاذبية عرس هاري لي حتى هذه اللحظة، رغم أنه لم يكن كذلك بالنسبة لغيري من فتيات جيلي!!
رغم أن زوجته كانت تخفي وراء سواد بشرتها سمات من الطيش والطفولة، ورغم أنه كان صادقا معها مخلصا وفقا لما رأيته من مواقفه..
لست أدري إن كانت صديقاتي الغريبات أم أنا الغريبة بتفكيري!!
لا يهم فالموضوع واحد فأنا أضحيت أعلم أنني غريبة بفلسفتي ربما يعيق ذلك عملية الحوار معي، لكنني كنت تعلمت كيف أصل بنهاية الحوار لما أريد..
لطالما كنت الفائزة بمعركة الإقناع، رغم إخفاقي في بعض الأحايين، فتلك مهارة أملكها منذ نعومة أظافري..
مرت سنتين على عرس هاري ومع مرور كل يوم يفقد ذلك العرس تأثيره عليّ.. فقد كان في صيف كل عام تزفّ العديد من الأفراح التي غدت تمحي يوما بعد يوم ذلك الجاذبية التي رماها عرس هاري عليّ..
مرت سنوات وسنوات حتى فقد عرس هاري تأثيره نهائيا، وأضحت زوجته لا تثيره هو، فما بالكم أنا!!
بعد سبعة سنوات كانت قد مرت على عرس هاري زفت عروس جديدة..
لم يكن متوقع أن تزف في تلك اللحظة، فقد جاء خبر زواجهما بغتة..
صدمنا لأول وهلة من سماع خبر الزفاف..
كنت لشدة الصدمة فقدت السيطرة على حاسة الإدراك.. فقد أضحيت ضائعة في تفكيري غير قادرة على التحكم بزمام التفكير، كنت أصدق الخبر حينا.. وأرفض تصديقه أحيانا أخرى..
ربما كان سبب تكذيبي ذلك الخبر أنني كنت أخشى من نهاية لا تحمد عقباها من تلك الزواج..
للأسف توقعاتي صدقت وانتهت علاقة الزوجين بعد شهر فقط من زواجهما.. تلك نتيجة القرارات السريعة التي تأتي ك ردة فعل أو ما يشبه ذلك..
لكن فضولي دائما كان يحثني إلى أن ألتقي بتلك الفتاة لأشحذ منها بعض ما وددت أن أعرف من خبايا تختبئ وراء تلك العلاقة الغريبة.. يا ليت كنت أستطيع الحصول على بعض مما أريد، بقدر قد أروي بعض من تعطشي..
لكنني كنت أعلم أن الزوجة ما كانت تلك الفتاة التي يغريها الزواج، فهي من ذلك النوع التي لم تشبع رغباتها بعد من بحر العزوبية والطيش، فكيف لزواجها أن يطول أمده!!
أنا أعلم أن شخصا كزوجها كان جديا نوعا ما، لكن ليس ك جدية هاري..، لكنه كان جديا طالما أنه تحملها بصفاتها لمدة شهر..
وحقيقة أعرفها المخلوق الذكري يهوى الضعف في زوجته ويكره العناد.. ويعشقها أكثر يوم تحنو إلى حضنه تبكي له وتعلن له ضعفها.. تلك المشهد يحرك فيه مشاعر الرجولة والسلطان..
أذكر أنها كانت تكبرني بسنتين، لكنها لم تكن صاحبة العقل الواعي.. ربما نكساتها العاطفية هي من أطاحت بتفكيرها بأن لا تفكر ولو لوهلة أن تعطي الحياة بذرة من الجدية..
ها أنا أذكر أولى نكساتها العاطفية يوم كانت طفلة في الثانوية، كانت قد أحبت صديقها حبا كان حديث الطالبات آن ذاك.. يا إلهي كنا نطلق عليها دوما جوليت.. كانت تكشف عن ثغرها عندما ننده لها باسمه..
سنين مضى على تلك الأيام وهي ما زالت تسرد لنا ذكرياتها مع حبيبها الأول، وكيف أنها ما زالت تحبه رغم أنه تزوج غيرها..
وما زالت تندب الساعة التي فكرت فيها أن تسافر خارج البلاد، ظنها سافرت من أجل أن ترتبط بغيره، وما إن عادت حتى وجدته مرتبط بغيرها!!!
صرخت.. ونادت.. وحطمت ما حولها.. وكم عاتبته.. وكم رددت له كلمات الكره.. وعاودت لتقول له أنا أحببك ..
أرغب في البكاء عند سماع قصتها..
لكن الجميل أنه هو أيضا ما زال يحبها.. ولم يمر أسبوع على خطوبته حتى فسخ الخطوبة عائدا إلى أحضانها.. ينتظر بشغف استنشاق هوائها..
كانت تردد لنا لحظات اللقاء الثاني و آذاننا تنصت لها باحتراف خشية أن يضيع منا حرف أو كلمة قد تفسد حلاوة المشهد..
لكنها لم تستمتع طويلا بهذا اللقاء..
كنت قلت لكم الخيانة شيء مغروس في بني البشر بغض النظر عن نوعها..
مرت الأيام وأحب صديقتها أمقت تلك النهايات للقصص العاطفية، فأنا دائما في أحلامي أنسج قصصا أحرص دوما على أن تكون نهاياتها سعيدة..
وجه نظري كانت دائما تقول أن الحب تصرف لا واعي، تذكر هي حماقاتها السابقة في تصديقه وتكره نفسها لغبائها..
تعتريني الشفقة على من وقعوا أسرى في شباك الحب، أتمنى لو أستطيع أن أخلصهم منه، لكنهم متمتعين بأسره، يعبدونه بإخلاص.. كأنهم مغشي على وجوههم لا يرون أحد..
صدق من قال أن الحب أفيون، لطالما كنت أحرص على أن لا أقع أسيرة شباكه، بالرغم من أنه يغريني حال بعض العاشقين، لكنني أخشى نهاية الحب التي دائما تنتهي بالحزن أكيد، مهما طالت السنين…
لكنني أعود لأقول ربما حلاوة الوقوع في الحب تستحق مني أن أضحي بحياتي لأنني قد أموت دون أن أعيش السعادة، لكنها أفكار لحظية لا تدوم.. فقد علمتني قصائد حياتي أن أعزف على أوتار عقلي، ولقلبي بعدها أن يشاركه الغناء..
أقلت قلبي عن الحكم منذ زمن، فغنِ يا عقلي وأطربني بعذب الألحان..
بعد أربعة سنين عقدت قرانها على شاب كانت تقول أنها سعيدة معه، لم يجمعنا لقاء ولا صدفة منذ زمن ولم أعلم إن كانت تزوجته أم فسخت علاقتها معه هو الآخر..
كانت قد روت لي موقفا مع حبيبها الأول.. ذات يوم وهو ما زال مرتبط.. تواجهت مع خطيبته في منزل صديقتها فما كان من خطيبته أن بدأت بسرد الكلام الموجه بالألغاز إليها محاولة استفزازها، مثل خطيبي يفعل كذا ويقول لي كذا.. لكنها كانت أقوى من أن تنهار أمام تلك الكلمات.. لكن الكلام بلغ أشده.. فعلى صوتها الداخلي وتحدتها ووعدتها أن تسهر معه الليلة..وطرح رهان في الجلسة "صفعة كف".. اشتد الحماس والتلهف في المكان ترى من سيفوز بالرهان؟؟
ثواني ورن هاتفه..
المتصل الخطيبة.. بعد مقدمات العشق والشوق المصطنع.. طلبت منه بتودد مزيف _ما كاد يصدقه هو_ أن يخرجا ليسهرا الليلة في إحدى الأماكن..
هو لم يعارض الفكرة.. وهنا يكمن التحدي..
بعد لحظات هاتفه يرن..
المتصل الحبيبة..
كنت أحسده بيني وبين نفسي ..
حبيبته أيضا تتقن فن مداعبته بهمسها.. وتعي حقا كيف تغريه بكلماتها..
وبنعومة صوتها تلك الصوت التي يذكِّره بلقاءاتهم الغرامية أيام المراهقة الأولى..
سألته بحب.. أتحبني؟
بل أذوب فيك حتى أخمص قدميك..
تبسمت حتى بدا ثغرها الذي كان يعشق تقبيله.. وندب حظه أنه ليس معها ليقبله..
عرض عليها أن يصاحبها الليلة فهو مشتاق لها.. بالتأكيد لم ترفض.. لكنها تدللت بالرفض.. كم يشدني الشوق لأرى كيف بدا وجه خطيبته؟!
السؤال كيف يتدبر أمره بموعدين في نفس الوقت!!
ما هي إلا دقائق وإذا بهاتف الخطيبة يرن.. ترى من؟؟
خطيبها بالتأكيد..
افتتح القول ب كلمة حبيبتي وهو لا يعيها، اعتذر عن الموعد مبررا ذلك أن صديقه هاتفه وسيلتقي به الليلة.. كانت تلك الكلمات هي الكف التي فازت به المحبوبة..
ما كانت من تلك النوع التي يتمالك أعصابه..
نظرت إلى الأرض واستجمعت قواها وبكل ما أتاها الله من قوة انقضت عليها…
يا الهي أنا أتخيل كيف كان المشهد.. فوضى من اللعنات..
الصديقات تحاول الإصلاح.. ووجوه غاضبة ترتسم عليها إصابات لا أظنها كانت بسيطة ومؤكد نزفت دماء من بعض الخدشات ..
الله أعلم أين هي الآن وما حالها ومع من..
لا يهم فحتى قصتها فقدت جاذبيتها بعد فترة أقل من سنة..
فأنا أحرص على أن أجدد ذاكرتي عند النهايات.. فالذكريات عادة تؤرقني رغم حلاوتها أحيانا..
عرس جديد يثير الصخب في المكان، ليس ك غيره، فـ العروسان هنا بعلاقتهما الغريبة، حيث تزوجت روحاهما دون أن يدركا ذلك.. فكان حبهما أطهر من أن يفكرا بالعلاقة الحميمة..
لطالما غنى لها أغاني الصباح والمساء، لطالما عزف لها أجمل الكلمات، مجرد رسالة منه ترتسم بسمة على فاها فتكشف عن ثغرها الجميل..
وكم كان قلبه يخفق إذا ما رآها..
وكيف وهي تهمس له بهمساتها..
همساتها… ليس كأي همسات.. تلك التي تداعب المستمع ولو من وراء حجاب، فكيف وهما متقابلان!!
كان يشتهيها بصمت..
يخاف أن يمسها كان يعتقد أنها أطهر من أن يمسها رغم أنها زوجته..
عجيب أمره لكنها أحبته.. لأنه أثبت لها أنه ليس ذلك الرجل الشهواني..
ليس من الغرابة أن نجد زوجين بتلك العلاقة.. تلك كانت نتيجة لوعي متفتح لكلاهما بأن الزواج أسمى من تلك العلاقة الشهوانية.. فكانا مؤمنين أن الزواج التقاء الأرواح قبل التقاء الأجساد.. ولست ممن يؤمن بأن التقاء الأجساد يؤدي بالضرورة لتزاوج الأرواح.. فكم من أزواج ينجبون الأطفال لكن قلوبهم معلقة بحب قديم أو ربما جديد.. فينتحر الزواج..
زواج!
تلك الحروف المركبة لتشكل كلمة أضخم من نطقها أو حتى إعرابها.. كثيرا ما تسأل الفتاة نفسها، ترى أين نصيبي؟
ومن هو ؟ وكيف سألتقي به ؟؟؟
تلك الأسئلة التي ما كاد حلما من أحلامها يخلو من إجابة لإحداها..
لكنني أحببت ذلك الزواج الأخير..
مجرد التمعن في سطور العلاقة أتنفس هواء نظيف، أشعر بالأمان.. أننا ليس في غابة الذئاب..
أجدني محتارة لكنني على يقين أنني سأكون ملك للشخص الذي لا أخاف من غدره لا روحا ولا جسدا..غبي من يفكر أن أكون له جسدا دونما أن تمر روحه خلال روحي بسهولة أهضمها دونما عسر…
لطالما كنت محبة لعنادي.. وحريصة على أن لا يكون جسدي لغيري، فلست التي تبيع جسدها بمجرد ورقة مختومة يدَّعون أنها تبيحني..
مسرحية كهذه غير كفيلة بإقناعي بأن أكون جسدا لأحدهم.. ربما عليهم اختراع مسرحية أجدى وإلا فالأفضل الكشف عن مفتاح بوابة روحي..
متأكدة الطريق مليئة بالأشواك لكنني أؤمن أن رائحة زهرة أعالي الجبال أطهر من رائحة أزهار السهول والوديان..
ما يشد انتباهي في عرس هاري وما تبعه من أفراح، هذه الورقة السخيفة التي تجعل من اثنين في واحد، وهما غالبا ما يرضخا لهذا الواقع.. وإن تغير رأيهما فيما بعد..
أو ليس هذا الظلم بعينه!!
لا بأس علينا أن نكون أقوياء بما يكفل لنا التخلص من أي قيد حتى ولو كانت تلك الورقة المعدمة للحرية.. أو حتى لو كان مجرد عادة لا نطيقها..
وهكذا تمضي الأفراح المشلولة بالحسرات.. حتى نكاد لا ننعم ببسمة طاهرة أو ضحكة من كل قلب..
كلمة أقولها كن كما أنت وعش كما تريد، ودعك مما هم عليه وما يريدون.. فسعادتك تتحطم حينما يغتالك التفكير في كيف ترضيهم؟
فكن كما أنت…

منقول
دانا الديك




دآآم لنــآآإ هذآ آلذوق آلرفيع في آنتقـآإء آلموآضيــع
مووضــوع رآئــع وآكثر غآإليتي

,’
دآإم لكِ هذآ آلآبدآإإع وآلتــآإلق يَ رب

,’
ودي لـ روحك آلنقيه

,’
لآآ آله آلآ آلله




يسلمو على الرد
^_^



خليجية



يا حبيبتي مو انا اللي كاتبة هاي القصة
دانا الديك اللي كاتبتها



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.