لتذكروالنسيان في الحقيقة عملية جانبها الإيجابي هو التذكر ، وجانبها السلبي هو النسيان والتذكر عملية حيوية تبدو بوضوح في حياتنا ، وذلك لأن كل حادثة مهما كان شأنها لا بد أن تترك أثارها في شعورنا أو في لا شعورنا ويظل هذا الأثر قائما تحت الطلب وقتما نستدعيه ولكي ندرك ما للتذكر من قيمة نفترض وجود كائن حي يعيش في حاضره مقطوع الصلة بماضيه ، فماذا سيكون حاله ؟
إن هذا الكائن لو صح وجوده لا يمكن إلا أن يكون كالتائه أو الضائع في ميدان الحياة ، لأنه لا خبرة لديه يختزنها للاستعانة بها في تدبير أموره وقد أجريت على التذكر تجارب كثيرة يهمنا منها ما يفيد المعلم في عمله ، والمتعلم في دراسته ، ومن أهم النتائج التي تفيدنا في هذا المجال ما يلي :
أ يعتمد التذكر على مقدار التعلم ، فالشيء الذي تعلمناه جيدا نتذكره جيدا لمدة أطول ، ومن هنا تجيء أهمية التمرين والمراجعة اللذين يعززان التعلم
ب الوقت عامل مهم في التذكر ، فكلما طال الوقت بين تعلم شيء ما ومحاولة تذكره بعد ذلك زادت احتمالات نسيانه فالتلميذ ينسى تدريجيا الدرس الذي لا يعيد قراءته من وقت لآخر ، أو لا تت إشارة المعلم إليه ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن أكبر قدر من النسيان يحدث بعد تعلم المادة مباشرة ، ثم بعد ذلك تدريجيا حتى ننسى هذا الشيء تماما وهنا تظهر أهمية المراجعة وإعادة التمرين في فترات متقاربة حتى نحتفظ بما تعلمناه ونثبته
ج يختلف مقدار التذكر باختلاف درجات فهمنا للمادة التي نتعلمها
د يميل التلميذ إلى تذكر الأشياء التي لها خبرات سارة أكثر من التي لها خبرات سيئة
ه تؤثر رغبات التلميذ ودوافعه وميوله على مقدار تذكره للمواد التي يتعلمها
مراحل التذكر
أولا الحفظ
وهو القدرة على التحصيل وتخزين المعلومات ، وهو على ضربين : تلقائي ، ومتعمد
طرق الحفظ :
أولا طريقة التسميع : وهو أن تقرأ ما تريد حفظه بصوت عال ، أو صامتا مرارا ، ثم تطرح الكتاب من حين لآخر وتسمع لنفسك مختبرا مقدار ما حصلته وحفظته وتظل تعيد وتكرر وتراجع ذاكرتك إلى أن تتم العية ، سواء أكان ذلك في حفظ ألفاظ أو معان.
ثانيا طريقة التكرار الموزع بدل المستمر : ويقصد به أن الحفظ على فترات بدلا من الحفظ المستمر بدون انقطاع والحفظ الموزع أثناء التحصيل من شأنه تثبيت المعلومات ، بشرط أن يتدرب الإنسان عليه
ثالثا الطريقة الكلية والطريقة الجزئية : والطريقة الكلية تهدف إلى تكرار ما يراد حفظه دفعة واحدة دون تقسيم أما الطريقة الجزئية فيها تقسم المادة المطلوب حفظها إلى أجزاء ، ويحفظ كل جزء على حدة
ثالثا الطريقة الكلية والطريقة الجزئية :
وهو استحضار ما حفظه الإنسان وعاه في الماضي إلى الحاضر ، وهو كالحفظ نوعان : تلقائي ، ومتعمد والعامل الأكبر في سهولة الاسترجاع هو الربط فقوانين الترابط لها أكبر الأثر في الاسترجاع ، والروابط المنطقية تعتبر ذات أهمية ، وهذه أمثلة من الاسترجاع :
أ يسمي الناس أصدقاءهم بأسماء مستعارة ، يكون الغرض منها الفكاهة ، وتكون في الغالب مطابقة للشخص تمام المطابقة فتكون أقرب إلى الترابط بين الشخص وبين هذا الاسم المستعار.
ب بعض الكلمات قد تكون غريبة ويصعب تذكرها مثل كلمة ( لتريزون ) وهو اسم عقار لعلاج الكبد ، فيمكن ربط الاسم بالمقطع الأول منه وهو ( لتر ) ذلك المكيال المعروف للسوائل.
ج ربط تاريخ تجد صعوبة في تذكره بتواريخ معروفة لديك ، أو حوادث هامة وقعت في ذلك التاريخ.
ثالثا التعرف
هو معرفة أن ما نسترجعه سبق أن مر بنا حقيقة ، وأنه جزء من خبرتنا ، والتعرف أسهل من الاسترجاع الذي نجد صعوبة في استحضار ما حفظناه ولكن إذا عرض عليك الشيء فإنك تتعرف عليه بسهولة فمثلا إذا قدم لك زميل أحد أصدقائه في مناسبة من المناسبات وذكر لك اسمه وعمله وخدماته للمجتع ، وبعد ذلك بمدة من الزمن قابلت هذا الشخص ، فإذا أنت تذكرته باسمه وعمله فإنك تكون قد قمت بعملية استرجاعأما إذا نسيت اسمه وعمله وظروف مقابلته ، ولكنه ذكرك بذلك فتعرفت عليه ، فإنك تكون قد قمت بعملية تعرف وتأكدت فيها من مطابقة معلوماتك السابقة لما هو قائم أمامك
رابعا التحديد
في عملية التعرف التي مر شرحها يحصل التذكر ، ولكنه لا يبلغ حد الكمال إلا بعملية أخرى وهي التحديد ، أي تحديد الزمان والمكان الذي وقعت فيه التجارب والخبرات في الماضي
أنواع التذكر
ينقسم التذكر إلى عدة أنواع حسب موضوعاته وهي :
أ ذاكرة لفظية : تساعد صاحبها على تذكر الألفاظ وإعادتها ثانية دون اهتمام بمعانيها
ب ذاكرة عقلية : تهتم بالمعاني أكثر من اهتمامها بالألفاظ ، فهي تقدر على استعادة المواقف الماضية واسترجاعها ، كتذكر حوادث قصة وتسلسلها ، أو تلخيص عناصر محاضرة علمية من غير تذكر الألفاظ والعبارات التي قيلت
ج -ذاكرة حسية : يمكنها استعادة كل المؤثرات الحسية بصرية كانت أو سمعية أو ذوقية بكل تفاصيلها ومميزاتها
النسيان :
إن ما يتعلمه الفرد وما يحصل عليه من الخبرات والتجارب والمعلومات أثناء نموه العقلي شيء كثير جدا وهو يحرص على أن يحتفظ بكل ذلك في ذاكرته وهو يسمى بالوعي ولكن يحدث أن ينسى الإنسان الكثير مما تعلمه ومر به فما هي أسباب النسيان؟
أسباب النسيان :
اختلفت النظريات السيكولوجية المفسرة للنسيا وللإيجاز سأذكر ثلاثا منها وهي :
أ نظرية الضمور : وتهتم هذه النظرية ، بأن ذكرياتنا وخبراتنا السابقة تسجل في الدوائر الكهربائية والعصبية في المخ تماما كما تسجل الأغاني أو المحاضرات على شريط التسجيل ، وتضعف أثار الذاكرة بمرور الزمن.
ب نظرية التداخل : إن تداخل أوجه النشاط المختلفة أثناء النهار ، وكثرة الأعمال الحركية والذهنية من طبيعتها أن تؤثر على عملية التدعيم ، ومن ثم يسهل نسيان المواد المستذكرة.
ج نظرية الكبت : هذه تتبع نظرية التحليل النفسي في تفسيره لحتمية الأمور ، فنحن ننسى الحوادث التي إذا تذكرناها نشعر بألم نفسي شديد ، نظرا لترابط هذه الذكرى بحادث أو شخص أو نشاط سبب لنا في فترة سابقة ألما وقلقا شديدين والنسيان في هذه الحالة عملية دفاعية لا شعورية
م/ن