والإنسان الذي يجيد التعامل مع الناس تجده دائما محبوبا في الوسط الذي يعيش فيه ، وتجده أيضا يعيش حياة سعيدة ومليئة بالفرح والحبور.
إذن فكيف نجيد التعامل مع الناس ؟، وما هي الوسائل التي يجب أن نتبعها حتى نكون من الذين يتقنون فن التعامل مع الناس ؟
بداية ينبغي أن نبه أن الناس ليسوا سواء في طبائعهم وسلوكياتهم ، بل هم مختلفون باختلاف العوامل المؤثرة في تكوين شخصياتهم وفي تربيتهم .
وهذا الأصل يقره حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتفق عليه :" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " . وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والسهل والحزن والخبيث والطيب"
وفي هذا يقول بعضهم :
الناس كالأرض ومنها هُُمُ *** فمن خَشنِ الطبع ومن ليِّنِ
فجندلٌ تدمى به أرجلٌ *** وإثمدٌ يُوضع في الأعينِ
وهذا الأصل يجعلنا نراعي هذا التغاير في تعاملاتنا مع الناس، فالتعامل مع الإنسان الكريم الأصل الرفيق لن يكون كتعاملنا مع الإنسان العنيف أو الذي يعيش مشاكل نفسية ، وتعاملنا مع الصغير لن يكون كتعاملنا مع الكبير ، وتعاملنا مع الأستاذ لن يكون كتعاملنا مع الصديق. وهكذا.
إلا أن هذا التغاير والاختلاف لا يمنع من وجود قواعد مشتركة وعامة يمكن أن تكون أسا للتعامل مع الناس كلهم على اختلاف طبائعهم وسلوكياتهم ، وهذه بعض الأس والأساليب التي تفيد في ذلك :
1- إياك والأنا :
الناس يكرهون دائماً من ينسب الفضل لنفسه, فإذا حدث إخفاقٌ ألقى بالتبعة على الآخرين وإذا حدث نجاحٌ نسبه لنفسه.جاء في بحثٍ إحصائيٍ قامت به مصلحة التليفونات في نيويورك: أنَّ كلمة (أنا) هي أكثر كلمةٍ ترِّن بها أسلاك شبكتها التليفونية. ومعنى ذلك أن اهتمام الناس كُلٌّ بنفسه, هو الصفة المسيطرة على البشر, فإذا كنت تهتم بنفسك أولاً, ولا تحاول اجتذاب الآخرين بالاهتمام بهم, فكيف تنتظر منهم أن يهتموا بك إذن؟.
2- لا تركز على السلبيات وتهمل الإيجابيات :
خذ مثالاً: علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم, والتي يمكن أن يُعممَ مغزاها في كل قضايا التعامل، يقول – صلى الله عليه وسلم -:"لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" . فما أحدٌ يسلم من العيوب فلا زوجة بلا عيوب, ولا صديق بلا عيوب, ولا رئيس ولا مرؤوس, يقول سعيد بن المسيب:"ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب, ولكن من الناس من لاينبغي أن تُذكر عيوبه " فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله, ولاتذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
وكم من الناس نقدهم فإذا رأينا غيرهم حمدناهم.
بكيت من عمروٍ فلما تركته *** وجربت أقواماً بكيت على عمرو
الناس يكرهون من يعاملهم باحتقارٍ و استعلاءٍ مهما كان هذا الإنسان. روى هارون بن عبد الله الجمال, فقال: ( جاءني أحمد بن حنبل بالليل انظروا كيف يكون التصرف يريد أن يصح خطأً! ، فدقَّ علي الباب، فقلت: من هذا ؟ فقال: أنا أحمد، لم يقل: الشيخ أحمد فبادرت وخرجت إليه فمساني و مسِّيته. فقلت: حاجة أبي عبد الله ؟ ( أي: ما حاجتك ؟), قال: شغلت اليوم قلبي. فقلت: بماذا يا أبا عبد الله ؟, قال: جُزتُ عليك اليوم وأنت قاعدٌ تُحدِّث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر. لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس). انظر كيف كانت النصيحة والذي يرويها ليس الإمام وإنما ذلكم الشخص المتأثر بالنصيحة!.
4- احترم آراء الآخرين، ولا تقُل لأحدٍ: أنت مخطئ:
حين تبدأ كلامك مع رجلٍ بأن تقول له: (( أنت مخطئ )) أو(( اسمع يا هذا: سأثبت بطلان ما تقول))، أو باللهجة العامية: ((ما عندك سالفة )), أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: أنك أيها الرجل تعوزك براعتي و ينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلاً لكي أدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة؟ هذا هو المعنى بالضبط… فهل تقبل بأن يوجه إليك أحدٌ مثل هذا القول ؟ كلا طبعاً . إذن, فلماذا توجهه إلى الآخرين ؟ .
5- كن في حاجة الآخرين :
إن الناس يُقدِّرون من يسعى في حاجتهم ويشفع لهم, والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلمٍ ، تكشف عنه كرباً ، أو تقضي عنه ديناً ، أو تطرد عنه جوعاً ، ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحبُّ إليَّ من أن تعتكف شهراً ) .
ولو أدرك العامل والموظف عظم هذا الحديث لأنهى المعاملات في وقتها.
6-البراعة في الحديث:
إن الناس لا يريدون منك أن تتحدث عن تجاربك وخبراتك,فلهم خبرات أيضاً,وخير مُحدِّثٍ هو من يستمع بشغفٍ إلى الآخرين، اسأل مقابلك سؤالاً ودعه يتحدث في تخصصه، بذلك يشعر بالامتنان لك وتظفر بصداقته سريعاً، إذا أتحتَ له فرصة التحدث عن تجاربه وظللت مصغياً له باهتمامٍ، إن الاستماع المشغف هو أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك فالناس يحبون من يفتح لهم المجال لتحقيق ذواتهم .
7- ابتسم للآخرين يبتسمون لك :
إن قسمات الوجه خيرُ معبِّرٍ عن مشاعر صاحبه, فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلةٍ لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين، قال – صلى الله عليه وسلم – في الحث على البشر والتلاطف: (( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة )).
8 تفهَّم عواطف الآخرين، واستثر عواطفهم النبيلة:
كما أن لك عاطفة تسوقك في كثيرٍ من الأحيان إلى اتخاذ موقفٍ معينٍ، أو تبني رأيٍ خاصٍ, فإن للآخرين عواطف أيضاً، وكما يسرك بأن يراعي الآخرين عاطفتك، فإنهم يسرهم أن تراعي عواطفهم بنفس المقدار.
مهما بدا الناس عتاةً قساةَ القلوب أو لامنطقين، فإن طبيعتهم الإنسانية هي التي تسود آخر الأمر، إنهم ضعفاء، إنهم يطلبون التعاطف معهم بل والعطف عليهم فإذا قلت لمحدثك:إني لا أوجه إليك اللومَ، إذ إني سأفعل مثل ما فعلت، لو كنتُ مكانك. فإن هذا كفيلٌ بضمان انجذابه إلى جانبك، واستلالِ كل حقدٍ أو تصورٍ كان من الممكن أن ينشأ بينكما، إذا كنتما مختلفين على أمرٍ من الأمور.
إن استثارة العواطف النبيلة في قلوب الآخرين طريقةٌ ناجحةٌ تماماً في كسب الناس إلى وجهة نظرك، كما أنها لن تؤدي إلى مضرَّةٍ لو قُدِّر لها الفشل.
9- تهادوا تحابوا:
الهدية قد تكون بسيطةً جداً في قيمتها ولكنها تُدخل سروراً وتُظهر مدى الاهتمامِ بالمهدى إليه, في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه – عن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – :((تهادوا تحابوا)) .
وختاما :
كانت هذه بعض الأساليب العامة والوسائل المشتركة في فن التعامل مع الناس ، وإتقان هذه الوسائل وإجادة التعامل مع هذه الأساليب كفيلة بأن تجعل الإنسان يحسن التعامل مع الناس، وبالتالي يكون محبوبا عندهم ، مقربا لديهم ، يعيش حياة سعيدة ، وينشر فيمن حوله البهجة والسعادة.
تحياتي ايه
مشكورة أختى العزيزه على هذا الموضوع المتميز والمفيد
جزاكى المولى خيرا
فعلا أهم فن هو فن التعامل مع الآخرين
وفقكى الله لما يحبه ويرضاه
أختك فى الله تعالى / ام خالد
تسسلمي يالغلا ..
بارك الله فيك اختي الغاليه
و جزاك الله الفردوس الاعلى
و لا يحرمنا من تواجدك المميز
تحياتي
اسعدني مرورك