((قانون تأجيل الإشباع))
دراسة خطيرة أجراها المحاضر في جامعة ستانفورد
(Stanford University) مايكل والش
على مجموعة أطفال أعمارهم بين 4 و5 سنوات حيث خيرهم بين أخذ:
«قطعة بسكويت واحدة» الآن أو «قطعتين من البسكويت» بعد 20 دقيقة.
فاختار أغلب الأطفال أخذ قطعة واحدة من البسكويت مباشرة.
وبعد قرابة أربع عشرة سنة، تمت متابعة هؤلاء «الأطفال»، الذين أضحوا في السنة الأخيرة تقريبا من الثانوية فكانت النتيجة:
الذين اختاروا الانتظار وتحكموا بذواتهم وسيطروا على رغباتهم واخذوا قطعتين مؤجلة نجحوا في حياتهم وكانوا أكثر سعادة وأقل توترا وأكثر ثقة بالنفس وأكثر حزماً وأعظم تقديراً للذات وأقوى على التكيف مع الأزمات والتفاعل الايجابي معها وأكثر اعتمادا على أنفسهم وأكثر قوة وثباتا أمام الاستفزازات إضافة إلى قدرتهم الكبيرة على التحصيل العلمي وهو ما يعكس قوة مهارة الانتظار الاستراتيجي أو تأجيل الإشباع..
بعكس الفريق الأول حيث ضعف الثقة بالنفس وتوتر العلاقات مع الآخرين إضافة إلى تردي مستواهم العلمي مما يوحي بإرهاصات فشل في عام في الحياة.
إن ضبط هؤلاء لصغارهم لذواتهم قد كبر معهم ونمت قيمته في ذواتهم وصبغت به مكنوناتهم النفسية والسلوكية فانعكس ذلك على شخصياتهم.
لماذا تأجيل الإشباع؟
إن الصبر عن قطعة الحلوى والقدرة على مقاومة هوى النفس هي القدرة المطلوبة على ترك اللعب واللهو وإجبار النفس على المذاكرة وهي القدرة المطلوبة لضبط الانفعالات وعدم تفريغ الغضب بفعل أو قول سيئ وهي القدرة المطلوبة لكبح جماح النفس نحو شهوة الطعام وذلك في سبيل صحة جيدة وجسم رشيق إذن القاعدة تقول: أنه من المستحيل وجود نجاحات مبهرة وانجازات عظيمة دون أن يكون خلفها قوة إرادة وضبط نفس ويؤكد هذا دانيال جولمان في كتابه الرائع ذكاء المشاعر بقوله: لا توجد مهارة نفسية أعمق وأقوى من مهارة تأجيل الإشباع ومقاومة الاندفاع.
بضاعتنا ردت إلينا:
ولهذه المهارة الخطيرة أصل في ديننا الحنيف فالمسلم يصارع الشهوات ويقاسي المشاق في دفع الأهواء وردها وكذلك الصبر على الطاعات فهو يقدم ما أعده الله له في الآخرة على الدعة ومتع الحياة من وهذا ما جعله يغادر فراشه الوثير الدافئ مخبتا لربه ومستسلما له لصلاة الفجر وهي التي تمد الشاب بتلك الطاقة الجبارة نحو التصدي للمغريات المحيطة والفتن المتربصة فتجعله ثابتا كالجبل الأشم شعاره إني أخاف الله رب العالمين وقد أسس لهذه المعاني الراقية جملة من الآيات الكريمة منها:
يقول المولى عز وجل
ف (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (21) سورة الإسراء.
ويقول سبحانه وتعالى: (قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى) (77) سورة النساء.
?فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) (38)سورة التوبة،
وقوله تعالى في قصة طالوت: (فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) (249) سورة البقرة.
بشرى:
والخبر السار الذي أزفه لك أخي الكريم هو أن تلك مهارة (تأجيل الإشباع) أو الانتظار الاستراتيجي مهارة قابلة للتطوير ومن المعينات على تقوية الذات وضبط اندفاعها هي الاستعانة بالله أولا ثم استشعار عظم الجائزة التي ستنالها وجمال الشخصية الذي ستكتسبه وطمأنينة النفس التي ستغمرك عندما تشتري الآجل الثمين بقليل من الصبر والتجلد.
وفي هذا الشأن يحكى أن فتاة اقترب موعد زفافها دعيت لمناسبة كبيرة وعندما حان وقت العشاء وإذ بالموائد لا ترى أولها من آخرها قد عمرت بما لذ وطاب من المأكولات الشهية ومعه عشيق الأنثى الدائم وهو الحلويات الفاخرة وفي لحظة صراع صمدت الفتاة واكتفت بتناول شيئا من الفاكهة وعندما سئلت عن سر تلك القوة الجبارة قالت تخيلت نفسي وأنا أسير يوم زواجي بفستان الزفاف بكل رشاقة! كالفراشة.
ومضة قلم:
قال الشاب للمعلم:
كم من الزمن يستغرقه تعليمك إياك حسن السلوك وضبط النفس قال: عشر سنوات،
قال الشاب: كثير جداً!
رد عليه المربي: في حالتك إذن عشرون سنة!!