يعرّف الدكتور بكري اليمني الذكاء بـ «القدرة على التعلّم واكتساب المعرفة أو الخبرة الجديدة أو التكيّف مع البيئة أو أيّة أنماط سلوكيّة أخرى تدلّ على قدرة الفرد على التوافق مع معطيات جديدة والتطوّر والتغيّر مع تبدّل هذه المعطيات». ويقول: «يمكن فهم الذكاء في إطار عملية التفكير والمحاكاة العقلية وعلاج الموضوعات والمشكلات بصورة مناسبة، وكذلك في القدرة على الإدراك المجرّد للعلاقات والمتعلّقات».
ويترتّب على الأم مسؤولية كبيرة في تنمية ذكاء طفلها، تبدأ منذ اليوم الأول لولادته، من خلال إرضاعه في أركان مختلفة من البيت ما ينمّي حواسه المختلفة ويعزّز ملاحظته ويحثّه على إدراك الأنواع المختلفة من الأشكال، كما التحدّث إليه في مراحله العمرية الأولى، ولاسيّما في الثانية والثالثة.
وللتربية دور فعّال في تحقيق توازن الصغير النفسي، خصوصاً حين يستشعر الحب من أبويه حتى في حالات العقاب. فالتشجيع الدائم له عندما ينجز الأفعال الإيجابية واحتضانه والتصفيق له والاهتمام به يرفع من درجة ذكائه ويزيد من مهارات الذاكرة لديه. وفي هذا المجال، يمكن تشبيه الحنان بـ «مستودع ذكاء الطفل».
وبالطبع، يلعب الحوار الدائم مع الطفل وعدم الضجر من أسئلته دوراً في مضاعفة معرفته، فضلاً عن اختيار الألعاب المناسبة له والتي تساعد في إظهار قدراته وسرد القصص له وتعليمه كيفية فعل هذا الأمر بهدف تنمية خياله.
نموّ الذكاء
وتفيد الأستاذة أريج محرم «أن الذكاء ينمو تدريجياً إلى ما بعد سن العشرين بقليل، علماً أن سرعة نموّه تكون كبيرة في السنوات الأولى من حياة الطفل، ليثبت بعدها معدّل هذه السرعة». وتضيف: «يتأثر النمو العقلي عند الطفل حسب مستوياته، فهو يقف مبكراً عند ضعيف العقل ويعتدل عند العادي ويطول عند الممتاز».
وهناك عوامل أساسية تؤثر في ذكاء الطفل، أبرزها:
العوامل الوراثية: الذكاء استعداد يرثه الطفل، شأنه في ذلك شأن الخصائص الجسمية والانفعالية التي تنقلها الاستعدادات الوراثية (الجينات) من الأجداد إلى الآباء فالأبناء. وتؤكد الدراسات أن الضعف العقلي والعائلي لهو عيب وراثي يرجع إلى أحد الجينات المتنحّية التي يرثها الطفل في حال وجود قرابة وثيقة الصلة بين الوالدين.
العوامل البيئية: رغم أن الذكاء قدرة فطرية، فإن العوامل البيئية المختلفة تلعب دوراً كبيراً في إثارتها رغم أن هذا النمو يتحدّد بإمكانيات الفرد البيولوجية. كما يتأثر بالوسط الاجتماعي والاقتصادي، بالإضافة إلى أن نموه يرتبط بنمو الطفل الانفعالي. وتثبت الدراسات أن جوّ الأسرة، كما أنّه يؤثر على سعادة الفرد واستقراره النفسي، يلعب دوراً في نموّه العقلي، فمعاملة الوالدين السيّئة والحرمان العاطفي يعوقان تقدّم الذكاء عند الطفل، فقد يولد هذا الأخير مزوّداً بقسط كبير من الذكاء إلا أن الظروف البيئية والاقتصادية تحول بينه وبين الذهاب إلى المدرسة لاكتساب الخبرات والعلوم، ثم لا يتاح لهذه القدرة الظهور بالشكل المفروض أن تظهر به لو اختلفت هذه الظروف.
ومن بين العوامل البيئية المؤثرة على ذكاء الطفل: إصابات الولادة والتغذية السيئة والإصابة ببعض أمراض الطفولة وحجم الأسرة وعلاقة الوالدين بالطفل والفاصل الزمني بين الإخوة وعوامل المناخ واستخدام العقاقير ومكان النشأة والتدريب والتعلّم.
التغذية المناسبة
ويجدر بالأم أن تهتمّ بغذاء صغيرها، وخصوصاً مدّه بالفيتامينات (سي c وإي e) التي تساعد الذاكرة بصورة فعّالة في تسجيل المعلومات واسترجاعها عندما يريد الطفل. وتتواجد هذه الفيتامينات في الفاكهة والخضر الورقية والزيوت النباتية والمكسّرات التي تمتلك تأثيراً إيجابياً في تنشيط الخلايا المضادة للأكسدة. أمّا فيتامينات المجموعة «بي» b فتضبط وظائف الأعصاب عند الطفل، وتتواجد في اللحوم والحبوب الكاملة والزبادي. وتؤكّد البحوث أن الإكثار من تناول الحبوب الكاملة يولّد الصفاء الذهني ويرفع درجات النشاط، فيما نقصها يؤدّي إلى تأخّر النمو العقلي. ويساعد الفيتامين «بي b12» المتوافر في اللحوم والكبد والبيض والصويا على تكوين مادة «الميلين» التي تغطّي الأطراف العصبية وتحميها.
وتفيد الأطعمة التالية في تنمية ذكاء الطفل: زبدة الفستق لاحتوائها على الدهون المسؤولة عن النمو الذهني والمهارات الإدراكية والحليب كامل الدسم لغناه بالأحماض الدهنية و«الكوليسترول» الذي يحتاجه الطفل في عامه الثاني والبيض لاحتوائه على مادة «الكولين» التي تحسّن من عملية التعلم عبر تنشيط الذاكرة والسمك (التونا خصوصاً) لغناه بالأحماض اللازمة لسلامة العقل والجسم واللحوم الحمراء والبيضاء الغنيّة بعنصر الحديد.
هام للأمهّات
تفيد الرضاعة الطبيعية في تعزيز ذكاء الطفل.
يعزّز الحب والحنان من معدّل ذكاء الطفل، فيما تعوق المعاملة السيئة وحرمانه العاطفي نموّه.
الفاصل الزمني بين الولادات هام، ويرفع من معدل الذكاء من خلال الاهتمام الكافي بكلّ طفل.
ينمّي اختيار الألعاب المناسبة له مهاراته العقلية والذهنية.
تعزّز قصص ما قبل النوم جانب الخيال لديه.
ترفع ممارسة الرياضة من مستوى ذكائه، وخصوصاً الرياضات الجماعية.