التصنيفات
التعامل مع الزوج و العلاقة الزوجية

كيف نفهم الحياة الزوجية؟


انطلاقا من قوله تعالى( هو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )

نفهم أن العلاقة الزوجية هي في البداية و قبل كل شيء علاقة اندماج و تماه بين روحين و نفسين أرادا بملء اختيارهما و تراضيهما بناء حياة زوجية قائمة على أسس ثابتة و مستديمة ، و هذه الأسس أشار إليها القرآن الكريم و سماها السكنى و المودة و الرحمة، و التي عليها تقوم العلاقة الزوجية و تبقى الأمور الأخرى مجرد تفاصيل .

من هنا فانه لا بد قبل الإقدام على الزواج كمشروع مستقبلي و خيار مصيري أن يفهم كل من الذكر و الأنثى الثقافة التي تحكم الحياة الزوجية سواء في الدائرة الروحية أو في دائرة الحقوق و الواجبات ، و أن يدرك الشريكان أن الحياة الزوجية ترتب مجموعة من المسؤوليات المشتركة التي لا بد لكل منهما أن يتحملها بروح المسؤولية العالية ، كما لا بد لكل من الشريكين من أن يتمتع بروح الوعي و الإدراك بما يمكنه من إدارة حياته الزوجية إدارة ناجحة ، لان قلة الوعي أو عدم الإلمام بثقافة الحياة الزوجية من شأنه أن يدفع إلى تبني ثقافة بديلة تبتني على الجهل وتبني الموروثات الشعبية القديمة، التي تقدم الحياة الزوجية بصورة بدائية تبتعد بها عن كل معاني السمو الإنساني و تفرغها من أي مضمون روحي أو معنوي ، فعلى سبيل المثال تصبح الحياة الزوجية رهينة المعتقدات الخرافية التي تلبس الزوج صورة السيد الحاكم المطلق و تجعل من الزوجة أمة أو جارية ليس عليها إلا تقديم طقوس الولاء و الطاعة المطلقة للسيد الزوج ، و يصبح العنف و الإلغاء و السيطرة لغة تخاطب بين الزوجين و أسلوبا في التعامل اليومي بين الشريكين ، و على المقلب الآخر فان ثقافة الموروثات البديلة تدفع بالزوجة إلى توسل الخرافة و الشعوذة أسلوبا معتمدا في حل المشكلات أو الاختلافات الطبيعية التي تنشأ بين الزوجين انطلاقا من التسليم بالإثنينية و الاعتراف بالأخر والقبول به .

إن الزواج الذي اعتبره الله عز و جل أحب البناءات في الأرض إليه ، و أكد عليه الرسول الأعظم (ص) و اعتبره نصف الدين أو ثلثيه ، لا بد أن يكون مسبوقا بالتخطيط الكامل و الدقيق في كل مرحلة من مراحله و في كل مفصل من مفاصله ، و لا بد أن يكون هذا التخطيط مراعيا للخطوط الدينية و العقلية التي تضمن نجاحه و ديمومته، و هذا أمر في غاية الأهمية لأن التخطيط الواعي يجنبنا الكثير من الانتكاسات المستقبلية التي تنتهي بإعلان الفشل أو النهاية الحتمية للعلاقة الزوجية فيما نسميه الطلاق .

لا بد لنا أن نضع نصب أعيننا النهاية المرة لزواج فاشل لم يبن على أسس متينة ، و ما يترتب على هذه النهاية من مفاعيل وآثار سلبية تترك بصماتها على الزوجين أولا ومن ثم على الأولاد وبالتالي على المجتمع ، إن دراسة النتائج السلبية المترتبة على زواج فاشل تشكل دافعا وحافزا إضافيا على ضرورة إشراك العقل إلى جانب القلب في التخطيط المتمهل لزواج ناجح ودائم .

من هنا فإنني أدعو إلى مأسسة الوعي الزوجي و تعميمه وتنظيمه وذلك من خلال دعوة هيئات المجتمع كافة وعلى رأسها الدولة والجمعيات الأهلية والبلديات وغيرها، إلى تبني مشروع التوعية والتأهيل الزوجي وتوظيف الإمكانات اللازمة لذلك وإعداد الورش والأنشطة الداعمة ، واعتبار هذا المشروع مدماكا أساسيا من مداميك تحصين المجتمع وحفظ وحدته وترابطه وصونه عن التفكك والشرذمة ، كما أن تبني هذا المشروع لا يقل أهمية إن لم نقل أنه يفوق أي مشروع آخر يراد به خير الإنسان وسعادته والرقي به إلى مراتب الإنسانية الفضلى.




بارك الله فيكي



يعطيك العافيه



يعطيكي العافية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.