أنا متزوجة منذ سنتين، ارتكبت في أول حياتنا بعض الأخطاء، لكني والله العظيم نادمة أشد الندم عليها، أكتب لك وأنا قلبي مليء بالحسرة، أريد إسعاد زوجي وإرضاءه وكسب قلبه، أريد له الراحة، أنا لا أملك الأسلوب الجيد في الحوار، هذا ما يقوله لي، وأنا أعترف لا أجد هذا الشيء عندي، لكني أحاول بشتى الطرق في تحسين طريقتي وأسلوبي، لكنه الآن لا يثق يقدرني، ويقول لي: أنا لا أحبك، ولولا الطفلة التي رزقناها لافترقنا، لكني والله أحبه من كل قلبي، وهو دائما يفهمني ويفسر تصرفاتي خطأ، فأنا تغيرت لكنه لا يعطيني فرصة، فإذا تقربت منه يبعد، وإذا أردت احتضانه يكون باردًا جدًا، ويفعل تصرفات علنية يبين لي أنه يكرهني وبشدة، نحن الآن في غربة حيث ندرس في بلاد الغرب، وهو الآن في غرفة وأنا في غرفة لا أستطيع رؤيته إلا وقت الأكل فقط، أريد أن أكسبه لكنه منعزل عني، لا أستطيع أن أركز في دراستي بسبب هذا الموضوع، ودائما يهددني بقول: هناك الكثير غيرك يمكن أن أرتبط بغيرك: صرت أشك في جلوسه أمام النت لفترات طويلة.. هو بالنسبة لي كل حياتي وهو طيب وحنون ويخاف الله في لكن كيف أرجعه لي؟ أفيدوني مأجورين..
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ابنتي الفاضلة.. عليك بالصبر ثم الصبر ثم الصبر.. لأنك في بداية الحياة الزوجية، سنتان مدة قصيرة في الحياة الزوجية.. أنت في بداية السلم وتحتاجين للصبر حتى تصعدي كل السلم، لأن في بداية الحياة الزوجية يظهر الزوجان على حقيقتهما، وتذهب الأحلام الوردية التي كان يتخيلها كل شريك عن شريك حياته، ففي هذه الفترة يخفي كل واحد عيوبه عن الآخر ويظهر أحسن ما عنده، وتكون الرومانسية وكلمات الحب هي اللغة الغالبة، وهي الحاكمة للعلاقة بين الخطيبين، ثم بعد الزواج تظهر حقيقة كل منهما، ويظهر ما كان أخفاه في فترة الخطوبة؛ فتظهر الاختلافات وتظهر الفوارق، وهذا شيء طبيعي في بداية الزواج؛ لأن كل منهما يتعرف على الآخر، وقد يكتشف فيه أشياء لا يحبها قد يتأقلم معها ويحاول تقبلها، وقد يكون العكس لا يتقبلها ويحاول تغييرها، وقد ينجح وقد لا ينجح، وهنا تبدأ الخلافات ويحاول كل من الزوجين أن يغير الآخر ويبين له أنه على حق، وهذا أمر طبيعي.. إن هذا ما يحدث في الأعوام الأولى من الزواج، فعلاً هي مرحلة تعارف كل من الزوجين على بعضهما، وأنتما في هذه المرحلة، ثم إنكما في حياة دراسية، أي لكل منكما همومه، وكل مشغول بدراسته، فليس لديكما الوقت الكافي للتعرف على بعضكما قد يكون هذا سبب الخلاف.. حاولي أن تبدئي من جديد.. فوجودكما في الغربة وبعدكما عن الأهل وبحكم وجودكما مع بعضكما سيتكون لا محالة جو من الود والحب، ومع الأيام سيتكون الإحساس بالقرب من بعضكما، وستتحول العلاقة من الود إلى حب ورغبة صادقة في الحياة مع بعض، ثم تزداد المشاعر بحسن التعامل إلى مودة ورحمة، ثم يتحول هذا الشعور إلى الحب الذي يظلل الحياة الزوجية.. لتبدأ مرحلة جديدة من الحياة الزوجية لا يستغني أحدكما عن الآخر بعد عدة سنوات فستكون بينكما حياة رائعة يملؤها الحب والوفاء والسكينة خاصة مع وجود الأولاد.. لا تستعجلي النتيجة، توكلي على الله وابدئي من جديد.. على سبيل المثال وليس ملزمًا لك مجرد رأي ممكن أن تأخذي به أو لا.. مثلاً: أعدي جلسة رومانسية لزوجك، والبسي أجمل ما عندك واجلسا مع بعضكما.. أخبريه بحبك له، وأنك لا تستغنين عنه، وأنك مستعدة أن تعملي له كل ما يرضيه، واعتذري عما بدر منك في السابق، وأنك تعاهديه ألا يرى منك إلا ما يحب، وأنك لم تقصدي الإساءة أبداً، وأخبريه أن هذه جلسة مصارحة، واطلبي منه أن يعلمك كيفية الحوار والمناقشة، ويعلمك الأسلوب الذي يحبه، وقولي له سأكون الطالبة المطيعة، وفعلا ليكن ذلك وليس مجرد كلام.. ويخيل إلي أنه سيسعد بذلك لأنك تشعريه برجولته وذكائه، ولكن بشرط أن يكون هو كذلك بالمقابل يفعل ما يرضيك، ويترك ما يزعجك. عزيزتي: ضعا النقاط على الحروف في كل ما ترقبان به، وكل ما يحبه كل منكما من شريكه وما لا يحبه، فيحرص كل واحد منكما على فعل ما يرضي صاحبه.. ويتخلى عما لا يرضيه من الأقوال والأفعال..
تتفقان على طريقة معاملة كل منكما لصاحبه.. مثلاً: تقولين له إذا أخطأت في حقك أعتذر لك، وإذا أخطأت في حقي تعتذر لي، وكيفية تربية أولادكما، وهكذا تضعان مجموعة من القواعد الحياتية بينكما وتلتزمان بها.. قد تكون هناك إشكاليات ولكن مع الأيام ستتغيران ليحرص كل منكما على ما يحبه الآخر.. أنتما لا زلتما في بداية الحياة الزوجية، ولكن إن شاء الله ستعود المياه إلى مجاريها، امدحيه دائماً، كوني كما أوصت الأعرابية ابنتها يوم زفافها.. قالت لها: (كوني له أمة يكن لك عبداً).. لا تستعجلي فقط ابدئي ولا تيأسي.. قولي له ليس لي غيرك أنت كل شيء في حياتي، أنت حبيبي وأهلي وكل شيء لي في الدنيا، وابكي بين يديه وأريه ضعفك، وتذكري أن أقوى ما في المرأة ضعفها، وأنك بضعفك ورقتك ودموعك تستطيعين أن تحققي ما تريدين أكثر من العناد والعنف.. صدقيني لن يقاوم زوجك ضعفك، فالرجل حنون، وأنت تقولين إنه حنون وطيب ويخاف الله فيك.. استغلي طيبته وحنانه في رجوعه إليك، لا تدعيه ينام في غرفة أخرى اذهبي ونامي معه في سريره، وكما علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم وبما معناه (ضعي يدك في يده وقولي لا أذوق غماً حتى ترضى..) عزيزتي: نصيحة: إذا كنت من اللاتي يجعلن الأولاد ينامون معهم في نفس الغرفة فغيري هذا الأسلوب، واجعلي ابنتك تنام في الغرفة الأخرى وليس معك في نفس الغرفة وهذا شيء مهم جداً.. ابتكري كل فترة شيئًا جديدًا حتى تشغليه عن الجلوس أمام النت لفترة طويلة بنفسه.. أو اجلسي معه أمام النت وقولي له أحب الجلوس معك وبقربك.. إذا كان النت في غرفته فاقنعيه بهدوء بإخراجه إلى الصالة أو غرفة الجلوس.. إذا لم تستطيعي الكلام معه اكتبي له رسالة حب، ووضحي فيها كل شيء، ففي أحيان كثيرة تكون الكتابة أجدى نفعاً لأننا نقول فيها مالا نستطيع قوله في الواقع وجهاً لوجه.. بين كل فترة وأخرى أرسلي له مسجات ورسائل حب وغرام وكلام جميل يفيض حباً وغراما، وحاولي بكل الطرق إرجاع الحياة بينكما كما كانت.. فإن كيد المرأة عظيم كما وصفه سبحانه في كتابه الكريم (إن كيدكن عظيم) وكما قال حبيبنا (ما رأيت أذهب للب الحكيم من إحداكن).. كل حياة زوجية لا تخلو من المشاكل، مهما كان الحب يسودها.. فلا تضخمي المشاكل ولا تجعليها عائقاً في سبيل سعادتكما.. بالهدوء والصبر سيتغير الحال إن شاء الله تعالى.. ولا تنسي أن تتوجهي بالدعاء إلى الله سبحانه أن يصلح لك زوجك وأن يصلحك له.. وأن يزيل سوء التفاهم بينكما ويربط بين قلبيكما..
أسأله تعالى أن يسعدكما ويجمع بينكما بخير، ويرزقكما السعادة وراحة البال..
سلمت اناملك