التصنيفات
منتدى اسلامي

متى تخشع يا قلب ؟>>>

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

الحمد لله وكفى ،والصلاة والسلام على من اصطفى ، وبــعد :

أخوتـي:

إن كل ما خلق الله من مخلوقات تـــدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى

ومن المخلوقات العظيمة التي خلقها الله سبحانه وتعالى

الجـــــبال

التي جعلها رواسي وثوابت للأرض حتى لا تميل بنا وتضطرب..

اي والله إنه لمخلوق عظيم ،فسبحان من خلقه وسواه

أخوتــــي:

أتدرون مـــــاذا قال الله عن هذا المخلوق العظيم وهو (الجبل)؟

يقول الله جل وعز:

(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (21) الحشر .

سبحان الله هذا الجبل المخلوق العظيم لو أنزل القرآن عليه لكان خاشعاً!متصدعاً!

لماذا؟

قال الله تعالى (من خشية الله)

فكيـــــــــــف بهذا القلب..!

المخلوق الضعيف الذي هو أضعف من ذاك الجــبل بكثير….؟!

القـــلب الذي لم يخلق من طين متحجر كالجبل ،وإنما هو قطعة من دم!!

قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره (854 ) لهذه الآية : ( ولما بين تعالى لعباده مابين وأمرهم ونهاهم في كتابه العزيز ، كان هذا موجبا لأن يبادروا إلى مادعاهم إليه وحثهم عليه ، ولو كانوا في القسوة وصلابة القلوب كالجبال الرواسي ، فإن هذا القرآن لو أنزله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله أي لكمال تأثيره في القلوب ، فإن مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق ، وأوامره ونواهيه محتوية على الحكم والمصالح المقرونة بها … ) أ .هـ

واعلـــمي يارعاكــِ الله:

أن القـــرآن لن يؤثر في قلبك ما دمتِ تقولين:

هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى..

هذه الآية في كفار قريش..

هذه الآية في فــــلانة..

هذه الآية في كذا وكذا..

إذا كنتِ تقولين ذلك، فمن المخاطــب بالقرآن إذاً!؟

أليس أنا المخاطـــبة به و أنتِ والكل بعينه..

أليس مما يؤسف أننا نبكي ونتأثر عند المصيبة..!

ولانعلم أن المصيبة ألا نبكي ونتأثر عند تلاوة القرآن ..!

وهذا هو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع القرآن .

(1)عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ عليَّ القرآن , قال : قلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : إني أشتهي أن أسمعه من غيري , قال : فقرأت النساء حتى إذا بلغت { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } رفعت رأسي أو غمزني رجل إلى جنبي فرأيت دموعه تسيل .

قال ابن بطال :

وإنما بكى – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عند هذا لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة ، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به ، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف ، وأهواله ، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن .

وقال الألبيري – رحمه الله – :

ولا تضحكْ مع السفهاءِ يومـاً *** فإنّك سوف تبكي إن ضحكتا !

ومَن لك بالسرور وأنتَ رهنٌ؟ *** وما تدري أتُفْدى ؟ أم غُلِلْتا ؟!
ولو بكت الدّما عيناك خوفاً ! *** لذنبـك لم أقل لك قـد أمِنْتا !

ومَن لك بالأمان وأنتَ عبـدٌ *** أُمِرْتَ فما ائتمرتَ ولا أطَعْتا!

(2)يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين : قطرة من دموع خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله ، وأما الأثران : فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله "

(3)عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل : " ما لي لا أرى ميكائيل ضاحكاً قط ؟ " قال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار .

(4)وعن أبي سفيان عن أشياخه قال : قدم سعد على سلمان يعوده ، قال : فبكى ، فقال سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك ، فقال : ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهداً قال :
" لتكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب " وحولي هذه الأساود قال وإنما حوله إجانة وجفنة ومطهرة فقال يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت وعند يديك إذا قسمت وعند حكمك إذا حكمت .

وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ الجاثية / 21 ] فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي.

بكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه . فقيل له : ما يبكيك ؟! فقال : " أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ، ولكن أبكي على بُعد سفري ، وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار ، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي !! " .

وكان فضالة بن صيفي كثير البكاء ، فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته ما شأنه ؟ قالت : زعم أنه يريد سفراً بعيداً وماله زاد .

قال ابن القيم :

إن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى ، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى وذكر حماد بن زيد عن المعلى بن زياد أن رجلا قال للحسن : يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي ، قال : أذبه بالذكر ؛ وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار ، فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله عز وجل.
" الوابل الصيِّب " ( ص 99 ) .

قال مكحول رحمه الله : " أرقُّ الناس قلوباً أقلهم ذنوباً " .

نسأل الله تعالى أن يجعل قلوبنا وجلة ، وأعيننا دامعة من خشيته .

والحمد لله أولاً وآخـــراً..

ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

(1) رواه البخاري ( 4306 ) ومسلم ( 800 ) .

(2) رواه الترمذي ( 1669 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1363 ) .

(3) رواه أحمد ( 12930 ) ، وقال المناوي في " فيض القدير " ( 5 / 452 ) : … قال الزين العراقي إسناده جيد ، وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3664 ) . [ تنبيه : هذا الحديث من الأحاديث التي تراجع الشيخ الألباني من تضعيفه إلى تحسينه ] .

(4)رواه الحاكم ( 4 / 353 ) وقال صحيح الإسناد – قال المنذري – : كذا قال .
قوله " وهذه الأساود حولي " قال أبو عبيد : أراد الشخوص من المتاع وكل شخص سواد من إنسان أو متاع أو غيره ، وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3224 ) ، وقال معلقاً تحت هذا الحديث : بُلْغَة : بضم الموحدة ، ما يُتَبَلَّغ به من العيش ، إجانة : شيء تغسل فيه الثياب ، والجفنة : كالقصة ، والمطهرة : إدواة الماء ، ذكرها الجوهري بفتح الميم وكسرها ثم قال : والفتح أعلى

منقول




بارك الله فيكي



بارك الله فيك يا غاليه و جزاك الله الجنه



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.