يعد ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم أول سبب للإصابة بتصلب الشرايين، الذي يؤدي إلى وفاة آلاف الأشخاص عبر العالم سنويا، سواء بالذبحة الصدرية أو بمشاكل لها علاقة بالأوعية الدموية الدماغية.
يعد الكوليسترول ضروريا جدا للكائنت الحية، غير أننا نميز صنفين منه: البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة أو الكوليسترول السيئ الذي ينقله الدم من الكبد إلى الأنسجة، حيث يتم القضاء عليه أو استرجاعه، أو البروتينات الدهنية عالية الكثافة أو الكوليسترول الحميد.
وبينما تتسبب البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة في انسداد الشرايين، تقوم البروتينات الدهنية عالية الكثافة بحمايتها من التصلب.
البروتينات الدهنية
وتعتبر البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة العامل الرئيسي وراء تكدّس الشحوم، وهي عملية تستمر طوال العمر.
وكلما كبر حجم طبقات الشحوم، تقلصت نسبة وصول الدم إلى الشرايين، ما يؤدي إلى الإصابة بالذبحة الصدرية.
ويقول البروفيسور ميشال كرامبف إن عدم استقرار هذه الطبقات من الشحوم سيؤدي إلى تخثر الدم، ما يؤدي بالتالي إلى انسداد الشرايين وحدوث الذبحة الصدرية.
وعليه ينصح البروفيسور ايريك برانكرت من مستشفى باريس، بتقليص نسبة البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة لحماية القلب، مادامت هناك علاقة بين ارتفاع نسبتها والإصابة بمختلف أنواع أمراض القلب والشرايين، حيث يزاد هذا الخطر وفق عدة عوامل، أبرزها العمر والجنس والضغط الدموي والسوابق المرضية التي تخص إصابة القلب والتدخين والسكري.
احتياطات واجبة
ويتفق المختصون أيضا على أهمية خفض نسبة الكوليسترول لدى الأشخاص الذين يعانون خطر الإصابة بأمراض القلب كما يتفقون أيضا على أنه لا حاجة لمتابعة المرضى الذين تقل نسبة خطر إصابتهم بأمراض القلب والشرايين عن %10.
وعليه يقول البروفيسور برانكرت «يبدو منطقيا البدء في علاج ستيني مصاب بالسكري، وإن كانت نسبة الكوليسترول في دمه غير مرتفعة، وعدم علاج ثلاثينية لا تعاني إلا من ارتفاع نسبة الكوليسترول».
يعتبر الأطباء أن نسبة الكوليسترول في الدم مقبولة عند مستوى 2 غرام في الليتر، وحين يكون حجم البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة عند مستوى 1.30 غرام في الليتر، غير أن الأمر يختلف حين يتعلق بشخص يواجه خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، حيث لا ينبغي أن تزيد نسبة الكوليسترول السيئ عن 1غرام في اللتر و0.70 غرام في اللتر بالنسبة لأولئك الذين تعرضوا لذبحة صدرية.
دعت مؤخرا المجلة العلمية كوشران إلى التزام الحذر عند وصف أدوية مخفضة لنسبة الشحوم في الدم للمرضى الذي لا يعانون من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ما فتح النقاش مجددا حول الموضوع.
ويقول البروفيسور بروكرت بان هذه الدراسة انتهت إلى ما كان الأطباء يرددونه منذ مدة وهو أن خطر هذه الأدوية يرتفع لدى المرضى الذين لا يعانون من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، رغم أنها تسمح بخفض نسبة الكوليسترول السيئ وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بنسبة 30 في المائة لدى المرضى الذين يواجهون خطرا كبيرا للإصابة بهذه الأمراض، مقابل المعاناة من الام عضلية.
غيروا نظامكم الغذائي
لقد بينت التجارب بان ارتفاع نسبة الكوليسترول الحميد يحمي القلب لكن عملية استقلابها معقدة أكثر مقارنة بالكوليسترول السيئ ويبدو بأن النتائج الأولى لدواء اناسيترابيب الذي يتم اختباره حاليا واعدة للغاية، ذلك انه يسمح برفع نسبة الكوليسترول الحميد في الدم ويحول دون تحوله إلى كوليسترول سيئ.
ورغم ما يبذل من مجهودات وأبحاث علمية، تبقى الحمية والنظام الغذائي المدروس بنظر الأطباء، أهم طريقة للتكفل بالمرضى الذين يعانون من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
ويقوم هذا النظام على خفض نسبة الأغذية الغنية بالدهون المشبعة وعلى الخصوص الدهون الحيوانية كالزبدة والاجبان واللحوم باستثناء الأسماك واستعمال الزيوت النباتية، الغنية بالدهون غير المشبعة.
في الواقع يبدو هذا النظام الغذائي، ابرز إستراتيجية، ينبغي اتباعها منذ الطفولة حتى نتجنب لاحقا ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وما يترتب عنها، غير أن ظاهرة السمنة يقول البروفيسور بروكرت تقف عائقا أمام تخلص البشرية من هذه الأمراض، ذلك انها ترفع نسبة الكوليسترول السيئ في الدم وتزيد خطر الإصابة بمرض السكري، ما يستدعي سياسة وطنية وقائية للحيلوة دون انتشار هذه الأمراض التي بات من أمراض الصحة العامة .
تحياتي