موجات من الحر اجتاحت مناطق مختلفة من العالم حتي استحق أن يكون عام 2022 أكثر الأعوام سخونة علي مدي قرون، ولم يجد سكان العالم إزاء هذه الحرارة غير المعهودة سوي اللجوء إلي أجهزة التكييف حتي أصبح اقتناء هذه الأجهزة ضرورة وليس رفاهية، ولا يكاد يخلو منزل من جهاز أو أكثر، وقد نبّه الأطباء إلي أن درجة الحرارة العالية التي ترافق موجات الحر قد تؤدي بالذين يعانون أصلا من هبوط في الضغط إلي توسع في الأوعية الدموية الجلدية من أجل الحصول علي كميات أكبر من البرودة وازدياد كميات العرق وحدوث حالات من جفاف الجسم بسبب نقص السوائل، ونصحوا بالإكثار من شرب السوائل لتعويض ذلك، وعلي الرغم من أن جهاز التكييف يعد من التقنيات الحديثة ذات الفائدة الكبيرة التي وفرها العلماء للبشرية لتسهل عليهم حياتهم إلا أنها إلي جانب فوائدها الكبيرة حملت معها الكثير من السلبيات والأضرار، حيث أصبحت أجهزة التكييف سببا للكثير من الأمراض التي أصبحت شائعة لدي مستخدميها.
– وفي دراسة علمية نشرتها مجلة "توب سانتيه" أثبتت أن التكييف يسبب أمراض العيون والمفاصل والجهاز التنفسي، وذكرت الدراسة أن المكيفات تنتج هواء باردا يحمل معه الرطوبة ويؤدي بدوره إلي حدوث التهابات رئوية وخصوصا لمن يعانون من أمراض رئوية سابقة ومرضي الربو، وتبين الأبحاث أن البرودة الناجمة عن أجهزة التكييف تؤدي إلي ضيق في القصبات الهوائية سواء كان المتعرض لها نائما أو مستيقظا، وأن النوم لساعات طويلة في غرف مكيفة يؤدي إلي تعب وإرهاق وإعياء وشد عضلي خصوصا في أجزاء الجسم التي كانت عرضة أكثر من غيرها لبرودة المكيف المباشرة، وتنشط بعض أنواع الجراثيم المسببة لأمراض الجهاز التنفسي في درجات الحرارة المنخفضة التي توفرها أجهزة التكييف.
كما يؤكد العلماء أن التعرض المباشر لهواء أجهزة التكييف يؤدي إلي تبخر الدموع وتزداد هذه المشكلة أساسا في فصل الصيف حتي دون استخدام أجهزة التكييف وتتفاقم مع استخدامها وتظهر أضرار أجهزة التكييف علي العين في صورة حكة وشعور بوجود جسم غريب بها، وأن من يعانون من التهيج التحسسي في العين يكونون عرضة لأمراض حساسية العين واحمرارها وزيادة في إفراز الدموع.
وتؤكد الدراسة أن أكثر الأجزاء عرضة للتأثر بهواء أجهزة التكييف الباردة أو الساخنة. هي الرقبة والظهر، وذلك لغياب الطبقة الدهنية السميكة التي تحمي العضلة، مشيرة إلي أن الاختلاف المفاجئ والمباشر في درجات الحرارة يحدث تقلصا في الألياف العضلية، مما يؤدي إلي اختلاف طول العضلة لتصبح مشدودة وتسبب ألما كبيرا لدي الإنسان.
كما تحذر الدراسة من الأضرار الكبيرة التي تسببها أجهزة التكييف للمفاصل بسبب تأثر المنطقة الغضروفية اللزجة التي تتأثر بالاختلاف في درجات الحرارة، مما يتسبب بإحداث تيبس في المفاصل، وتؤكد الدراسة التأثيرات السلبية للمكيفات علي الجهازين المخي والعصبي للإنسان، حيث تؤثر المكيفات بشكل عام بالسلب علي مقاومة الجسم بسبب الفارق الكبير في درجة الحرارة بين المكان المكيف وغير المكيف، مما يؤدي إلي الإصابة بآلام شديدة في العظام والعضلات، وقد تتفاقم الآثار السلبية فتصل إلي الإصابة بشلل الوجه أو العصب السابع، ولكل ما سبق ينصح الأطباء بتجنب الاستعانة بالمكيفات إلا في حالات الضرورة القصوي ولأقل عدد ممكن من الساعات وينصحون باللجوء إلي الوسائل الطبيعية للهروب من حرارة الشمس الحارقة بدلا من استخدام المكيفات بصورة مفرطة، ولأن ذلك معناه الإصابة بالأمراض المزمنة والإحساس بالصداع وعدم التركيز وينصحون كذلك في حالة النوم في مكان مكيف بأن يحرص الفرد علي التغطية بغطاء للوقاية من الإصابة بالبرد.
كذلك عند تشغيل أجهزة التكييف في المنزل لفترة طويلة أثناء نوم الأطفال، فإن عدم توقف أجهزة التكييف وعدم تجديد الهواء بفتح النوافذ، فإنه يؤدي إلي إصابة الأطفال وكبار السن بالتهاب الجيوب الأنفية وحالات الربو.
ولا تقتصر أضرار التكييف علي الأجهزة المنزلية فقط، فقد أكدت دراسة طبية ألمانية أن الإفراط في استخدام مكيفات السيارات قد يؤدي إلي حدوث مشاكلات صحية للإنسان خطيرة للغاية، فقد يؤدي التعرض الطويل للهواء البارد إلي الإصابة بالصدمة الجسمية، والتي تتمثل في أوجاع العضلات وآلام في الجسم وصداع والتهاب في الجهاز التنفسي والقصبة الهوائية والحنجرة وتيبس في الرقبة، وقد استندت الدراسة إلي أن عددا كبيرا من الناس يلجأون في الأيام الحارة إلي الدخول في سياراتهم وغلق النوافذ وتشغيل جهاز التكييف بأقصي طاقة، مما يعرضهم لتيار هوائي بارد جدا يؤدي إلي إصابتهم بأعراض مرضية خطيرة، ولذلك يوصي الباحثون بضرورة أن يتم تشغيل جهاز التكييف في السيارة علي الدرجة الأقل مع إبقاء نوافذ السيارة مفتوحة قليلا لخروج الهواء الساخن، ثم يتم زيادة درجة التبريد علي ألا تنخفض درجة الحرارة في داخل السيارة عن درجة الحرارة في الخارج أكثر من ست درجات لكي لا يتعرض ركاب السيارة للصدمة الحرارية عند الخروج من السيارة.
– قاتل البيئة
ويبدو أن أضرار نظم تكييف الهواء بالسيارات لا تقتصر علي صحة الإنسان فقط، فقد ثار الجدل داخل الأوساط العلمية حول تزويد السيارات بنظم تكييف الهواء خصوصا أن العلماء يؤكدون أن هذه الإضافة قد تساهم في تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري ووفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية لا تساهم مكيفات الهواء في زيادة استهلاك الوقود فحسب بل إنها تحتوي علي سائل تبريد اصطناعي يطلق عليه A 134 R
ويطلق عليه علماء البيئة وصف "قاتل البيئة". ووجدت هيئة الاختبار الفني الألمانية أن نسبة استهلاك السيارات من الوقود تزداد في المتوسط ما بين 10 و15% عند تشغيل مكيف الهواء في السيارة، ويتضاعف هذا الاستهلاك أثناء القيادة داخل المدن عندما يتكرر وقوف السيارة وانطلاقها.
ولذلك فإن جميع السيارات الجديدة التي ستنتج في أوروبا بدءا من عام 2022 سيسمح لها بـ 150 وحدة كحد أقصي من انبعاث الغازات التي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري.
أما في مصر فقد قامت الدكتورة أماني قنصوة الأستاذة بقسم الميكروبيولوجي بالمركز القومي للبحوث بدراسة مهمة عن خطورة تأثير بكتريا وفطريات أجهزة التكييف علي صحة الإنسان.
تقول الدكتورة أماني: إن تجديد الهواء ضروري في المنازل والأماكن المغلقة لأن التشغيل الدائم للمكيفات في جو محكم الإغلاق يساعد علي تدوير الأمراض ويسبب حساسية للجهاز التنفسي، علاوة علي التهاب الجيوب الأنفية المزمن وحالات الربو وقد يصل الأمر إلي الإصابة بسرطان الرئة.
وتضيف: إن هذا الجو يؤدي أيضا إلي تجمع الفطريات علي جهاز التكييف نفسه، وعلي الأسطح المعدنية المدهونة للجهاز وعلي الريش المتحركة به والخاصة بالتهوية وداخل جهاز التهوية نفسه.
وتؤكد الدكتورة أماني أنها خلال دراستها التي قامت بها توصلت إلي أن الفطريات المعزولة من أجهزة التكييف لها القدرة علي إنتاج إنزيمي السليلوليز والبروتييزر بنسبة عالية أثناء فصل الخريف يليه فصل الصيف والربيع ثم الشتاء، بينما كان للفطريات المعزولة من ورق الحائط القدرة علي إنتاج الإنزيمين السابقين في الخريف والربيع، وهذه الإنزيمات تنتجها فطريات معينة توجد بهذه الأماكن، وهذه الإنزيمات لها تأثير ضار علي المواد السليلوزية المختلفة وغيرها مما يؤدي إلي تقليل جودة وقيمة الأثاث أو المقتنيات بالمكان سواء من الناحية الجمالية أو المادية.
وتطالب الدكتورة أماني قنصوة بضرورة الاهتمام بالصيانة الدورية للمنازل لتنظيف الحوائط من الفطريات خصوصا تلك الملصق عليها ورق حائط، بالإضافة إلي التنظيف الدوري لأجهزة التكييف وأكدت أنه يجب أن يعتمد نظام التهوية في الأماكن المهمة التي تحتوي علي مقتنيات أثرية وثمينة ومخطوطات ولوحات مائية علي تكييف مركزي مع وجود وحدة لتغيير الهواء بنسب معينة تتدرج حسب أهمية المقتنيات الموجودة بهذا المكان وقيمتها.
ومن جانبها تقول الدكتورة أمل سعد الدين "أستاذة صحة البيئة والطب الوقائي بالمركز القومي للبحوث" إنها قامت بعمل رسالة ماجستير تتناول العوامل البيئية التي تؤثر علي زيادة نسبة حساسية الصدر لدي الأطفال في الحضر والريف، فوجدت من أهم الأشياء الموجودة في الحضر الفطريات، وكان مصدرها المفروشات ومنها الموكيت وأجهزة التكييف.
وتقول إنها قامت بجمع عينات من الأتربة الموجودة في المنازل الخاصة بالأطفال المصابين بالحساسية، فوجدت أن نسبة الفطريات بها مرتفعة عن منازل الأطفال الذين ليس لديهم حساسية، وكان من الملاحظ أن النسبة أعلي في الحضر عنها في الريف، وكان من أسباب الحساسية في الريف المبيدات وأنواع معينة من الزراعة والفطريات لم تكن نسبتها مرتفعة في الأتربة في المنازل الريفية، ومن كل ذلك توصلنا إلي أن التكييفات غير المصانة لها دور في ارتفاع نسبة الفطريات في الحضر وتوصي الدكتورة أمل سعد الدين بضرورة تغيير الفلتر الخاص بجهاز التكييف كل شهرين أو تنظيفه خصوصا في المناطق التي بها نسبة أتربة مرتفعة، لأن الفطريات وجد أنها تنمو علي هذه الفلاتر إذا لم تنظف بانتظام ورطوبة التكييف تساعد علي تكاثر هذه الفطريات.
وتنصح أيضا من لديه حساسية من الأطفال بعدم النوم في حجرة بها تكييف، ويفضل لهم استخدام المروحة السقف لتوزع الهواء بينما المتحركة ركز الهواء في اتجاه واحد مما قد يضر بصحتهم أيضا.
مشكوررررررررررررررررررررر ة