و الصلاة و السلام على حبيبنا المصطفى خير الانام
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
1-تعريف الصوم:
لغةً : الإمساك والكف عن الشيء ، يقال : صام عن الكلام أي أمسك عنه.
قال تعالى إخبارًا عن مريم :{ إني نذرت للرحمن صوماً }(26 : مريم)؛ أي صمتاً عن الكلام.
وشرعاً : هو الإمساك نهارًا عن المفطرات بنية من أهله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، أي أن الصيام امتناع فعلي عن شهوتي البطن والفرج ، وعن كل شيء حسي يدخل الجوف من دواء ونحوه.
2-زمن الصوم:
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، ويؤخذ في البلاد التي يتساوى الليل والنهار فيها ، أو في حالة طول النهار أحياناً كبلغاريا بتقدير وقت الصوم بحسب أقرب البلاد منها.
3-انواع الصوم:
لواجب
إما يوجبه الله ابتداء على العبد هو صوم رمضان
وإما أن يكون العبد سبباً في إيجابه على نفسه ويشتمل على ما يلي :
1- صوم النذر . 2- صوم الكفارات . 3- صوم البدل في الحج . 4- صوم الفدية في الحج . 5- صوم جزاء الصيد.
أما الصوم غير الواجب
فهو كل صوم استحب الشارع فعله.. ومن ذلك :
صوم الاثنين والخميس.. صوم الأيام البيض .. صوم ثلاثة أيام من كل شهر .. صوم عاشوراء. .. صوم يوم عرفة .. صوم داوود عليه السلام. .. صوم الشاب الذي لايستطيع الباءة.
4-مكانته في الاسلام:
صوم رمضان فريضة ، لقوله تعالى :{ فمن شهد منكم الشهر فليصمه }(185: البقرة). وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة لقوله – صلى الله عليه وسلم – :" بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ".
5-الحكمة من مشروعية الصوم:
للصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها،
واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى
كما قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)
البقرة
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الصوم جنة )
وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح، ولا قدرة له عليه بالصيام، وجعله وجاء هذه الشهوة.
والمقصود: إن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة؛ شرعة الله لعباده؛ رحمة بهم؛ وإحساناً إليهم؛ وحمية لهم، وجُنة.
ولما كان فطم النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق الأمور وأصعبها، تأخر فرضه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة لما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة، وألِفَت أوامر القرآن فنقلت إليه بالتدريج.
6-على من يجب الصوم:
جب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم خالٍ من الموانع.
فخرج بقولنامسلم : الكافر
وخرج بقولنا بالغ عاقل : الصغير الذي لم يبلغ، والمجنون
لقوله عليه الصلاة والسلام (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق)
أخرجه ابن الجارود.
وخرج بقولنا صحيح : المريض
وخرج بقولنا مقيم : المسافر
وخرج بقولنا خالياً من الموانع : الحائض والنفساء فإنهما لا يجب عليهما الصوم وتقضيان.
7-أركان الصوم:
1- الإمساك عـن المفطرات من طلوع الفجر ﺇلى غروب الشمس ؛ لقوله تعالي "فالأن باشرهن وابتغواما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثـم أتموا الصيام ﺇلى الليل " [البقرة :187]
و المراد الخيط الأبيض و الأسود : بياض النهار و سواد الليل .
2- النية : لقوله صلي الله عليه وسلم :" ﺇنما الأعمال بالنيات , و انما لكل امرﺉ ما نوي "
وفي صيام الفرض لا بد من تبيت النية من الليل , لقوله صلي الله عليه وسلم :" من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له "
8-مستحبات الصيام:
– السحور : فعـن أنس بـن مالك رضي الله عنه قال : قا ل صلي الله عليه وسلم :" تسحروا
فإن فى السحور بركة" [متفق عليه]
يستحب تأخيره ﺇلى آخر اللـيل ، وهـو مستحب بالإجماع ، فلا ﺇثم على من تركه .
2- تعجيل الفطر : وشرطه : ﺇذا تحقق من غروب الشمس .
فعن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن النبى صلي الله عليه وسلم قال:" لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " [متفق عليه] .
وعن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء.
2- الدعاء عند الفطر و أثناء الصيام : قا ل صلي الله عليه وسلم :"ثلاثة لا ترد دعوتهم :الصائم حتى يفطر " . و قا ل صلي الله عليه وسلم :"إن للصائم دعوة عند فطره ما ترد"
فكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – راوى الحديث – إذا أ فطر قال" اللهم إنى أسألك برحـمتـك التى وسعـت كـل شئ أن تـغــفـر لي "
3- السواك : فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قا ل صلي الله عليه وسلم :"لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالـسـواك عند كل صـــلاة" [متفق عليه]
فيستحب للصائم أن يتسوك اثناء الصيام ولا فرق بين أول النهار و آخره .
تنبيه هام
على كل صائم الكف عما يتنافى مع الصيام : فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلي الله عليه وسلم قال :"من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه"
وقال النبى صلي الله عليه وسلم "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع و رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر "
1- الاكـل و الشرب عـمدآ : لقوله تعالي" واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثـم أتموا الصيام ﺇلى الليل " [البقرة :187]
أما إن أكل أو شرب ناسيآ أو مكرهآ فلا قضاء عليه و لا كفارة , فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلي الله عليه وسلم قال :"من نسى و هو صائم فــأكـل أو شـرب فليتم صومه إنما أطعمه الله و سقاه" [متفق عليه]
2- القئ عـمدآ : لقوله صلي الله عليه وسلم " من ذرعه القئ فليس عليه قضاء و من استقاء
فليقض"
3- الحيض أو النفاس : ولو فى اللحظة الأخيرة قبل غروب الشمس , و هذا مما أجمع عليه
أهل العلم . ويجب عليها قضاء هذه الأيام
عن عائشة رضي الله عنهما قالت" كنا نحيض على عهد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم
فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"
4- الاستمناء : سـوء كان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه أو كان باليد فهذا يبطل
الصيام ويوجب القضاء و تجب الكفارة أيضآ فى قول بعض العلماء.
5- نيت الفطر : من نوى الفطر و هو صائم , بطل صومه , و إن لم يتناول مفطرآ , فإن النيه ركن من أركان الصيام ,فإن نقضها قاصدآ الفطر انتقض صيامه لا محالة
6- تناول ما لا يتغذى به عن طريق المنفذ المعتاد و وصوله إلى الجوف .
مثل أكل الملح أو التراب أوغيره .
7- الجماع : و هو موجب للقضاء و الكفارة.
فعن أبى هريرة رضي الله عنه :جاء رجل إلى النبى صلي الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله قال" وما أهلكك" , قال :وقعت على امرأتى فى رمضان . فقال "هل تجد ما تعتق به رقبة ؟ "
قال : لا ,قال "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ ", قال " هل تجد ما تطعم به ستين مسكينآ؟" قال :لا, قال : ثـم جـلس فأتى النبى صلي الله عليه وسلم بعرق فيه تمر ,
فقال "تصدق بهذا ", فقال :هل على أفقر منا ؟ , فضحك النبى صلي الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه و قال :"اذهب فأطعمه أهلك "
10-امور لا تفسد الصوم:
1- الأكل أو الشرب ناسيا أو مخطئا أ مكرها ,فلا قضاء عليه ولا كفارة لقوله صلى الله عليه وسلم "من نسى وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " (متفق عليه) ..
ولقوله"إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما أستُكرهوا عليه " (صحيح رواه الحاكم)
لكن إذا أكل او شرب أو جامع ظاناً غروب الشمس وعدم طلوع الفجر ,فظهر خلاف ذلك فعليه القضاء عند جمهور العلماء ,ومنهم الأئمة الأربعة .
2-القىء بدون تعمد لقوله صلى الله عليه وسلم "من ذرعه القىء وهو صائم فليس عليه قضاء " (صحيح رواه الحاكم).
3- إستعمال السواك فى كل وقت ومثله فرشاة الأسنان والمعجون .والسواك افضل و أطهر .
4- المضمضة والإستنشاق بغير مبالغة فعن لقيط إبن صبرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " فإذا أستنشقت فأبلغ إلا أن تكون صائما" (رواه أصحاب السنن).
5- الإكتحال والقطرة فى الأذن والعين ,وإن وجد الطعم فى الحلق .
6- تذوق الطعام بشرط أن لا يدخل شيئا الى جوفه .
7- القبلة للزوجة للشيخ والشاب إذا لم يؤد للجماع ,لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة وهو صائم (متفق عليه).
8- الحقن بجميع أنواعها ,لأنها وإن وصلت للجوف فإنها تصل من غير المنفذ المعتاد.
9- بلع الريق والنخامة وما لا يمكن الإحتراز منه كالغبار ونحوه .
10- إستعمال الدواء الذى لا يدخل الى الجوف كالمرهم وبخاخ لمرض الربو .
11- خلع السن وإنزال الدم من الأنف والفم .
12- إذا طلع الفجر والإناء فى يده فلا يضعه حتى يقضى حاجته لقوله صلى الله عليه وسلم"إذا سمع أحدكم النداء والإناء فى يده فلا يضعه حتى يقضى حاجته منه" (صحيح رواه أبو داود)
13- تأخير غسل الجنابة أو الحيض أو النفاس من الليل بعد طلوع الفجر . والأفضل تعجيله للصلاة .
14- إذا نام أثناء النهار وأحتلم فلا شىء عليه ..
15- التطيب فى نهار رمضان سواء كان بالبخور او الدهن او الطيب .
16- الإغتسال للتبرد والعطش والحر وغيره .
17- الحجامة :لأن النبى صلى الله عليه وسلم أحتجم وهو صائم . (رواه البخارى)
أما حديث "أفطر الحاجم والمحجوم " (صحيح رواه أحمد) فهو منسوخ للحديث الذى قبله وغيره من الدلة .