إن مقياس تقدم الأمة هو نهضتها الإقتصادية والاجتماعية والصناعية والتي يؤدي – في حال تحقيقها – إلى فرض إرادنها وهيمنتها على المجتمع المحيط بها ، و يكون لها دورها المؤثر والفعال في المجتمع الدولي ، لذا إنصب إهتمام الأمم في القديم والحديث – على مختلف مذاهبها الدينية والسياسية والإقتصادية – إلى بناء الأمة عن طريق إنشاء نظام تعليمي وتربوي سليم بالإضافة إلى توفير جميع الخدمات الأساسية مدعوما بنظام إجتماعي يغرس إيثار المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والذي يساعد أفراد المجتمع على التفرغ من أجل التفكير ومن ثم الإبداع ، وعلى أن تكون الحكومات تركز على المصلحتين العامة والخاصة – والخاصة في النهاية تتحقق من إنجاز العامة وهي جزء من العامة – و من خلال سن قوانين وظيفية تقود الموظف إلى الإطمئنان على مستقبله الوظيفي والتقاعدي وتحصيل الخدمات الأساسية مدى الحياة كعضو في المنظومة الإجتماعية ، فيسلب منه الخوف من المستقبل وعلية ومن ثم التفرغ للمساهمة في بناء الأمة وسبر غور االحضارة والتنقيب عن مكنونها وجوهرها وبالتالي تطبيقها على أرض الواقع بما يخدم الأمة وهو ما فطنت له –على سبيل المثال – اليابان على مستوى المجتمع ككل في منتصف القرن الفائت فأنشأت نظام تعليمي وتربوي أعاد بناء الأمة اليابانية ونجحت في تحقيق أهدافها التنموية وإنجاز خططها الإقتصادية أو كما حصل لسنغافورة عام 1960م بعد الإنتخابات الشهيرة التي خاضتها ومن بعد ذلك بدأت إنطلاقتها نحو المقدمة ، وكذلك ماليزيا على المستوى العام وعلى مستوى المرأة العاملة فقد وضعت نظاما جعل المرأة عضوا فعالا في العملية التنموية بسن القوانين المناسبة لها ولدورها في المجتمع مثل تخفيض ساعات الدوام اليومي لها وتوفير دور حضانة لأبنائها إما مجانية أو شبه مجانية فتحققت أهدافها التنموية ، وهو ما غفلت عنه كثير من الدول العربية والإسلامية فجعلها في مؤخرة الدول وفي هذا المقام سوف نتطرق إلى التعليم كأحد أهم العناصر التي يعزا إليه التنمية و نظرا لكثرة الحديث عنه في هذا الوقت فهل فعلا أن العملية التعليمية تحقق الأهداف المرجوة منها أو المنوطة بها أم أن العملية التعليمية لا تتعدى "ضرب زيد عمر" أو ho2 أو الجواب من النقطة إلى النقطة وكله فل على ياسمين و عدد طلابنا وصلت الملايين !!!!
إن الهدف الأسمى للعملية التعليمية هو بناء الأمة عن طريق النهوض بالأركان الأساسية لرفاهية المجتمع وتتمثل في الجوانب الإقتصادية والاجتماعية والصناعية ولنجاح العملية التعليمية لابد من بذل قدرا من الجهد والمثابرة والتفاعل من قبل المؤدي والمستقبل ولا يمكن أن ينجح أحدهما دون الآخر مع تفاعل العوامل الأخرى مثل المنزل ، والبيئة المحيطة بالفرد مثل الأسرة بشكلها الواسع والجيران (الشارع ) ويجب ألا نغفل دور المسجد في القديم ودوره الآن رغم إنحصاره ، فالتعليم ليس عملية حشو العقول بكم هائل من المعلومات التأريخية والأرقام الحسابية والحقائق العلمية والمعادلات الكتابية ، وجعل المتلقي عبارة عن " ببغاء " يقول ما يحشى عقله ويردد أمامه دون تفكير بما يحتويه ويدل عليه هذا القول وما مدلوله وجعل عقله وتفكيره منحصرا على ماتدركه العين دون البحث فيما وراء ذلك ، ولا يكون فوق طاقته الفكرية والإستيعابية ، وما مدى مناسبته لسنه أومرحلته الدراسيه على أن يكون من البيئة المحيطة به قدر الإمكان ليتمكن الطالب من معايشة الموضوع المطروح فيتسنى له تمحيصه عن قرب وكثب ، ،و إلا سوف يكون النظام التعليمي " إسطوانة " تعاد ونكرر فيخلق نوعا من الجمود الممل والغير واقعي ، وما درسه الأباء يدرسه الأحفاد فيخلق نوعا من الملل – وأريد أن أنوه هنا بأن المقصود النظام التعليمي العلمي أما العلوم الموروثة مثل العلوم الدينية واللغوية فهو محل فخر وإعتزاز ويجب التركيز عليها في حدود ما تسمح به التخصصات ولاريب في فتح مساحة التفكير واامناقشة لتوسيع مدارك الطالب في هذا المجال عوضا عن جعلها مادة جامدة لأن ديننا يأمرنا بذلك – أما من يقول بعملية الحشو هذه لا يعدو أن يكون تفكيره ساذجا ضيقا وجامدا وغير واقعي 0 فمثلا قد نثني على شخص لقدرته على حفظ المعلومات وتمكنه من الإلمام بقدر كبير من الحقائق العلمية ، ولكن مالم يستطع هذا الشخص أن يتفهم هذه الحقائق فهما صحيحا وأن يدرك معانيها وأن يستوعب مدلولاتها فإنه يكون من غير شك في مسيس الحاجة إلى أن يتعلم تعليما سليما وهذا الذي يعانيه كثير من أبنائنا فكثير من المدارس – وربما الكليات وبعض الجامعات – إن لم يكن جلها تفتقر إلى المختبرات والمعامل فيسمع الطالب عن المعادلات الكيميائية والفيزيائية لكن ذلك لا يتعدى الكتاب فقط تلقين وترديد لا يغني ولا يسمن من جوع فصارت العملية نقل من صف إلى صف آخر دون النظر إلى التحصيل العلمي العملي والذي هو أهم من التلقين النظري الذي يعتمد عليه في مدارسنا، وهناك من يسمع عن الحاسب الآلي من خلال الماده المقررة دون أن يشاهده مجرد المشاهده وهنا أريد أن أعود قليلا إلى الوراء إلى أيام الجامعة فمن ضمن المتطلبات كانت مادة الحاسب الآلي فكان أستاذ المادة يرفض رفضا باتا مجرد لمسنا للكمبيوتر نظرا لحساسية الجهاز ولا نعرف كيف نتعامل معه !!! فهل هذا هو نمط التعليم ؟؟؟!! ومما يجدر ذكره هنا أن إبني وعمره ثمان سنوات يدرس في إحدى المدارس البريطانية في بريطانيا وقد وفر لهم عدد كبير من الحاسب الآلي مع الطابعات و يحضر معه يوميا العديد من الصفحات المطبوعة والتي قام برسمها أو كتابتها داخل الفصل ولم يمنع ولم يحاسب ولم يقال له إن البند رقم "000" لا يسمح أو أنه لايغطي !!!، يأتي بتجارب إلى المنزل مثل زراعة بعض النباتات ومن ثم مراقبتها حتى نهاية الفصل الدراسي ويكتب عنها تقرير مبسط ، وكيف يتعامل مع الألوان من تركيب ومزج وقد وفر ذلك كله من و في المدرسة ، وفي حالة دراسة الحيوانات فإنهم يذهبون في رحلات إلى أماكن تواجدها سواء في المزارع أو حدائق الحيوانات أوا لمستشفيات وهناك الكثير ، أتدرون لماذا ؟!! لأن العملية التعليمية إذا لم يتم التخطيط لها تخطيطا سليما طويل الأجل آخذا بعين الإعتبار كل المفاجآت التي قد تحدث في المستقبل ، و الإنفاق عليها بسخاء وأكرر الإنفاق عليها بسخاء ، و متايعتها بجلاء ، وأخذها مأخذ الجد ، والنظر إلى الكيف قبل النظر إلى الكم فلن يكون هناك إنتاجية كيفية بل ستكون إنتاجية كمية عالة على المجتمع تتكدس من خلالها الشهادات عديمة الجدوى والفائدة على المستوى الإجتماعي والأممي وعلى الفرد نفسه، ومن ثم لا تحقق العملية التنموية مرادها بل سوف تؤدي إلى فشل الخطط التنموية ، وتكون عملية تعليمية فاشلة من الناحيتين المعنوية والمادية ، لذلك قال أحد خبراء التعليم بأن التعليم في حقيقته هو " تنمية الذوق الجيد عن طريق المعرفة وتنمية الأنماط السلوكية الحميدة " وتتحقق هذه التنمية من خلال عملية التعليم تلك العملية الطويلة الواعية الدؤوبة ومن خلال الإرتقاءالمعنوي والصقل وغرس القيم وحتى يحصل الفرد على هذا التدريب المعنوي والذوق الرفيع والقدرة على فهم المواقف وتحليلها والتعامل معها ، يجب أن يسبر أغوار العملية التعليمية التي قد تستغرق حياته بأكملها فالتعليم لابد أن يحقق الأهداف التربوية ، من خلال المناهج التي يجب أن تتسم بالبساطة وعدم التعقيد بشرط أن تحصل على إثارة إهتمام المتلقي وأن تكون مطابقة للواقع ومتناسبة مع الوقت والجهد ا لمتاح والمهم هنا هو الكيف وليس الكم!!!!!!! 0