.كمال.أ.حنش
الالتهابات البولية حالات منتشرة في العالم تصيب حوالي 30% من النساء بين سن 20و 40سنة، وخصوصاً المتزوجات منهن، وتزيد نسبتها مع التقدم في العمر. وقد أظهرت الإحصاءات في الولايات المتحدة ان حوالي 50مليون امرأة تجاوزن 20سنة من العمر قد أصبن بالتهاب بولي على الأقل مرة واحدة كما أوردها المركز القومي للصحة NIH سنة 1997م وكانت أعلى نسبة لدى النساء الناشطات جنسياً. وتشمل تلك الإلتهابات عدة فئات مع تفاوت في شدة الأعراض وخطورتها على الكلى والصحة العامة منها الإلتهاب الجرثومي للمثانة وإلتهاب أنسجة الكلية والحويضة والالتهابات البولية المتعاودة او المستمرة رغم العلاج بالمضادات الحيوية وتواجد جراثيم في البول عند النساء المسنات بدون أية أعراض بولية. ولكل من تلك الفئات معالجة خاصة كما ورد حديثاً في مقالة للدكتورة بوش والدكتور كليمنس نشرت في "المجلة الأمريكية المعاصرة" وحسب خبرتنا على الألوف من تلك الحالات المزعجة والمنغصة لجودة حياة تلك النساء والتي قد تسبب أحياناً مضاعفات خطيرة لهن وتؤدي نادراً الى وفاتهن اذا لم تشخص وتعالج بدون أي تأخير وبالوسائل الصحيحة والسليمة. وسنحاول في تلك المقالة مناقشة كل من تلك الفئات انفرادياً لإتاحة الفرصة لقرائنا وزملائنا الأعزاء من استيعاب أحدث المستجدات حول تلك الحالات.
1- التهاب المثانة الجرثومي
إن الأعراض التقليدية لإلتهاب المثانة الجرثومي تشمل الإلحاح والتكرار البولي المتكرر والآلام فوق العانة وأحياناً البيلة الدموية وتغيير لون ورائحة البول. وقد يحدث بعد المجامعة أو بعد إلتهاب جرثومي سابق أو عند استعمال مبيد النطاف وأحياناً بدون أي سبب معروف نتيجة غزو الجراثيم المهبل من البراز ومنه الى المثانة. وكما أوردنا سابقاً فإن حوالي 30% من النساء ما بين سن 20الى 40سنة تصبن بهذا الإلتهاب، وقد يزيد هذا المعدل الى حوالي 50% الى 60% عند النساء اللاتي تجاوزن سن الخمسين سنة خصوصاً اذا ما كن ناشطات جنسياً. ومن أبرز الجراثيم المسببة لتلك الإلتهابات E. Coli بنسبة 75% الى 80% وغيرها مثل Staphylo***cus Saprophyticus وفي حوالي 11% من تلك الحالات Klebsiella Proteus و Entero***cus في ما تبقى منها. ويتم تشخيص تلك الحالات حسب الأعراض السريرية وتحليل البول اذا ما أظهر بيلة قيحية أو دموية أو جرثومية وأحياناً القيام بمزرعة رغم أن العديد من الخبراء يباشرون في العلاج بدون إجراء مزرعته أو انتظار نتائجها التي قد تستغرق 48ساعة على الأقل والذي تثبت وجود ونوع الإلتهاب وحساسية الجراثيم لبعض المضادات الحيوية. وتتم المعالجة بالمضادات الحيوية التي قد تشمل Trimethoprim أو Trimethoprim-Sulfamethoxasole (TMP-SMX) أو Nitrofurantion أو مضادات من عائلة Quinolones التي قد تعطي أفضل النتائج في تلك الحالات. ان متابعة تلك الحالات عادة غير ضرورية إلا عند النساء اللاتي تجاوزن 65سنة من العمر أو إذا كانت معرضة للإلتهابات المتكررة. وتكون عادة مدة العلاج 3أيام فقط إلا في حالات تواجد داء السكري أو آفات أخرى تشريحية أو استقلابية قد تعرض تلك النساء لمضاعفات وخيمة، حيث يتم العلاج لمدة 7أيام مع معاودة زرع البول حوالي 3الى 7أيام بعد الإنتهاء من المعالجة.
2- الإلتهابات البولية المتعاودة
إن نسبة تكرار الإلتهاب البولي بعد إزالته بالمضادات الحيوية قد تصل الى حوالي 45% مما يشكل إزعاجاً شديداً وقلقاً وقنوطاً لبعض تلك النساء. وقد يكون سبب معاودة الإلتهاب البولي الإصابة بجراثيم مختلفة عن الجراثيم الأولية أو استمرار الإلتهاب الأولي بنفس تلك الجراثيم والتي يمكن تمييزها حسب نتائج المزرعة البولية ومعاودة الإلتهاب بعد فترة من الزمن ونوع الجراثيم وحساسيتها للمضادات الحيوية الخاصة. إن أسباب معاودة الإلتهاب البولي قد يعود الى تغيير في التنبيت الجرثومي المعوي والمهبلي الذي قد يحتاج المعالجة بالهرمون الأنثوي في المهبل والتأكد من عدم وجود بول ثمالي كبير الحجم الذي قد يحتاج الى المعالجة الدوائية او الجراحية لمعالجته مع الامتناع عن استعمال مبيد النطاف للتمكن من القضاء عليه. وفي معظم الحالات عندما تتمتع النساء بصحة جيدة بدون أية عوامل قد تسبب معاودة الإلتهاب البولي، فلا حاجة الى القيام بأية تحاليل إضافية قبل العلاج. وأما في حال اشتباه وجود التهاب كلوي او بيلة دموية أو أعراض بولية انسدادية او مثانة عصبية نتيجة الإصابة بداء السكري او بأمراض عصبية، فمن المستحسن إجراء أشعة فوق صوتية أو مقطعية وتنظير المثانة لتشخيص سبب معاودة الإلتهابات البولية. واذا ما تكررت تلك الإلتهابات أكثر من 3مرات في السنة فيجب معالجتها أولاً بالمضادات الحيوية المناسبة لمدة 3أيام أو اسبوع يليها علاج وقائي لمضادات حيوية مثل TMP-SMX أو Trimethoprim أو Nitrofurantoin أو Cephalexin ونادراً بالمضادات من عائلة Quinolones ، وذلك لمدة 6أشهر الى سنة أو معاودة المعالجة لمدة 3أيام من قبل المريضة نفسها عند حصول نكس للإلتهاب البولي.
3- التهاب الكلية الجرثومي
إن التهاب الكلية والحويضة الجرثومي يتميز بارتفاع درجة الحرارة والقشعريرة وآلام وإيلام في الخاصرة مع أحياناً حصول غثيان وتقيؤ واسهال وأعراض بولية تهيجية مع وجود قيح في التحليل البولي وجراثيم في مزرعة البول وأحياناً دم واسطوانات دموية او قيحية في البول وارتفاع نسبة تثفل الكريات الحمر والبروتين المتفاعل من فئة س ومعدل الكرياتنين في الدم. وتتم معالجة تلك الحالات، إما في المستشفى اذا ما كانت المريضة تشكو من الأعراض السريرية الشديدة وحالتها حادة أو أنها مصابة بالغثيان والتقوء، وذلك بالمضادات الحيوية عبر الوريد من عائلة Quinolonesأو Aminoglycoside أو Cephalosporins فئة 3وأما في البيت بالمضادات الحيوية الفموية من عائلة Quinolones لمدة أسبوعين على الأقل مع إعادة فحص وزرع البول بعد المعالجة. وقد تتطلب بعض تلك الحالات القيام بالاشعة فوق الصوتية أو المقطعية اذا لم يتجاوب الالتهاب للمضادات الحيوية بعد 3أيام من المعالجة او اذا ما اشتبه الطبيب المعالج بوجود آفات في الجهاز البولي. والجدير بالذكر أن حوالي 30% من الإلتهابات قد تتعاود بعد الإنتهاء من المعالجة وقد تتطلب تكرار العلاج لمدة أسبوعين.
4- الإلتهاب البولي المستمر
عندما يستمر الإلتهاب البولي رغم المعالجة بالمضادات الحيوية فقد يعود ذلك الى وجود آفات تشريحية في الجهاز البولي أو مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية أو توقف المريضة عن تناولها أو ظهور جراثيم جديدة مقاومة أو فشل كلوي مع انخفاض تركيز المضادات الحيوية في البول. تحتاج تلك الحالات إجراء التحاليل البولية والأشعة فوق الصوتية او المقطعية وأحياناً تنظير المثانة والقيام بفحوصات إضافية لإستثناء وجود ناسور بولي او حصيات كلوية ملتهبة أو نخر في حليمة الكلية أو رتج في الجهاز البولي أو كلية ضامرة ملتهبة. ويقوم العلاج حسب السبب المشخص ويتم بالمعالجة الدوائية واستئصال أو تفتيت الحصوة الملتهبة وتصحيح الآفات في الجهاز التناسلي جراحياً.
5- الإلتهابات البولية المضاعفة
قد تحصل الإلتهابات البولية الحادة مع حدوث ارتفاع في درجة الحرارة والقشعريرة وآلام الخاصرة والأعراض البولية الإلحاحية والتهيجية نتيجة انسداد الحالب بحصوة وإلتهاب البول فوق موقع الإنسداد مع حصول إلتهاب حاد في الكلية والحويضة. وعندما تكشف الأشعة المقطعية عن هذا الإنسداد الحالبي فإن المعالجة الفورية تستدعي تمرير قسطرة بواسطة تنظير المثانة ام عبر جلد الخاصرة لتفريغ البول الملتهب والراكد فوق الحصوة وتفادي حصول مضاعفات خطيرة كالخرّاج في الكلية والانتان الدموي. ويتم العلاج الدوائي بالمضادات الحيوية عبر الوريد حسب نتائج مزرعة البول وحساسية الجراثيم يتبعها في المستقبل استئصال او تفتيت الحصوة. وفي حال ظهور خراج في الكلية او حصولها فإن ذلك يستدعي نزع القيح بالإبرة تحت المراقبة الاشعاعية او جراحياً.
6- تواجد جراثيم بولية بدون أعراض سريرية
إن حوالي 20% الى 60% من النساء اللاتي تجاوزن 65سنة من العمر قد يشتكين من وجود جراثيم في البول بدون أية أعراض بولية أو سريرية. وقد أظهرت عدة دراسات عن عدم جدوى معالجة تلك الجراثيم التي لا تشكل أي خطر على المريضة مع ما قد ينتج من تلك المعالجة من أعراض جانبية ومناعة لاحقة للمضادات الحيوية ونسبة عالية من معاودة ظهور الجراثيم في البول لاحقاً رغم نجاح العلاج الأولي. فلتلك الأسباب لا نحبذ معالجة تلك الحالات إلا اذا ما اقترنت بأعراض بولية او ارتفاع درجة الحرارة او تغييرات ذهنية أو مزاجية أو أعراض هضمية او ارتفاع معدل الكريات البيضاء في الدم، حيث تتم المعالجة بالمضادات الحيوية لمدة أسبوع الى أسبوعين حسب نتائج المزرعة البولية.
——————————————————————————–
دعواتكم