هل يصح أن يقال في الرجل المسلم أنه مخير ومسير ؟
فأجاب فضيلته الجواب التالي :
ما ينبغي أن يطلق في الرجل المسلم أنه مخير ومسير لأن هذه الألفاظ غريبة بالنسبة لسلفنا الصالح ولم يتلفظوا بها فتركها أحسن من ذكرها, لكنها جاءت عن بعض الخلف من أهل السنة وقد قصدوا بقولهم مخير ومسير الرد على فرقتين ضالتين الأولى الجبرية وهم القائلون إن الإنسان مجبور بفعل الخير والشر, وقالوا : لا قدرة للعبد .
والثانية القدرية وهم نفاة القدر الذين قالوا بأن العبد خلق قدرته وأن الله لا قدرة له بالنسبة لأفعال العباد تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا .
فرد على الطائفتين بعض الخلف من أهل السنة فقالوا بل الإنسان مخير ومسير.
مخير فيما كان تحت مقدوره وإرادته التي تخضع لإرادة الله عزوجل فله التخيير فيما يظهر له وفي حقيقة ذلك أنها قدرة لا تخرج عن ما قدَّره الله له بدليل قوله تعالى : " فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى "([1]) .
ومعنى ذلك أن من أعطى واتقى وتصدق باختياره فإنه ميسر لذلك ولا يخرج عن كونه من تدبير الله لأنه هو الذي يسره له سبحانه وتعالى .
وكذا قوله: " مَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ "([2]) .
ومعناه أنه لا إيمان ولا كفر إلا وقد قدر الله له ذلك فهو مخير فيما يظهر له, والأصل أن الآية وردت في سياق التهديد والتحذير .
وحقيقة ذلك أنها قدرة لا تخرج عن ما قدره الله له فهو مخير فيما كان تحت مقدوره, وقولهم مسير أنه مهما عمل من الأعمال فلا يمكن أن تكون بإرادته المحضة بل بإرادة الله وحده إن شاء سيره وإن شاء منع .
والحاصل أن للخلق قدرة على أعمالهم من حيث مباشرتهم لذلك الفعل والله هو الخالق لهم ولقدرتهم؛ وبالله التوفيق .
كتاب المنتقى من فتاوى الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني رقم السؤال (23)
([1]) سورة الليل, الآية [5 : 7].
([2]) سورة الكهف, الآية (29).