(دعوة الأنبياء)
من الواجب على الداعية أن يكون قدوة حسنة لغيره بالعزوف عن الدنيا غير متطّلع لها يريد ما عند الله ، ويريد نفع الخلق ويعطيهم من كل ما يقدر على ذلك ، وهذه هي طريقة الأنبياء والرسل وطريقة أتباعهم فالأنبياء والرسل قد أخبر الله عنهم في كتابه الكريم أنهم كانوا في قمة العفة عن أموال الناس ، وهكذا كانوا في إقبال عظيم على ما عند الله لا يريدون من الناس جزاءا ولا شكورا مهما دعوهم وعلموهم وصبروا عليهم ، وتحملوا في سبيل ذلك .
فرّبنا قال في كتابه الكريم مخبرا عما قاله نوح عليه السلام لقومه :
(( قل ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين )) ، وهكذا أخبر الله عن هود عليه السلام أنه قال هذا ، وعن صالح ولوط وشعيب عليهم السلام فهذه سلسلة من سير الأنبياء وإخبار من الله أنهم كانوا يطمئنون أقوامهم أنهم لا يريدون منهم جزاءا ولا شكورا لا يريدون مالا من أقوامهم ولا يريدون جاها من أقوامهم ؛ بل من المواقف العظيمة التي ذكرها القرآن الكريم موقف سليمان النبي عليه السلام .
فملكة سبأ لما جاءها كتاب سليمان انزعجت له أيّما انزعاج ورأت أن ذلك لأمر عظيم فاحتالت بحيلتها على أنها تغري سليمان بالمال فقالت (( وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون )) .
فلما جاء الرسول منها إلى سليمان عليه السلام قال سليمان كما أخبر الله عنه في كتابه (( أتمدونني بمال فما أتاني الله خير مما أتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون )) .
فما كان شيء أشد عليها من هذا الرّد علمت أن هذا نبي من أنبياء الله لا يشترى بالمال ولا يُجر بالمال ولا يُخدع بالمال هكذا ينبغي أن يكون حال العلماء و الدعاة إلى الله وطلاب العلم ألا يجعلوا دينهم ولا علمهم ولا دعوتهم ألا يجعلوا ذلك لغرض من أغراض الدنيا وألاّ يسهل عليهم أن يستجيبوا لمن يريد أن ينال من دينهم ومن علمهم ومن مكانتهم ورسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قدوتنا جميعا وأسوتنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أخبر الله عنه أنه قال (( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى )) وأخبر الله عنه أنه قال ( قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا )) ولقد كان عليه الصلاة والسلام يُستهدف من قبل المشركين أن يُغرى بالمال
لكي يتحطم ويتوقف عمّا هو عليه من القيام بالدعوة إلى الله فقد عرضوا عليه أن يكون رئيسا لهم وأن يكون أكثرهم مالا فأبى عليه الصلاة والسلام .
بل أعظم من هذا ما جاء من حديث أبي هريرة عند أحمد وغيره أنه قال : " جلس جبريل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل من السماء قال جبريل لم ينزل منذ خلق إلا الساعة قال : فقال الملك : يا محمد إن ربك يقول أملكا رسولا تريد ؟ أم عبدا رسولا ؟ يعني يخيره الله بين
أن يعطيه الملك حتى يصير ملك رسولا كشأن داود النبي وسليمان النبي كانوا ملوك وأنبياء فقال جبريل : يا محمد تواضع لربك .فقال عليه الصلاة والسلام :" أكون عبدا رسولا " فاختار العبودية واختار الفقر المادي والغنى القلبي لأن العبرة بغنى القلوب لا بغنى الجوارح أو بغنى ذات اليد فهذا من مواقفه عليه الصلاة والسلام العظيمة مع أنه كان يجوع تارة ويشبع تارة ما كان يعني المال عنده مقبولا للإختزان والإكتناز والتوسع كانت الأموال تأتي إليه عليه الصلاة والسلام فينفقها في سبيل الله وهذا شأن من عظمت غيرته على دين الله وعظمت شفقته ورحمته بالخلق فإنه يريد إنقاذهم بكل ما يستطيع ولهذا بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام مدى ما يمكن أن يبذله من المال لوأعطي له .
لقد جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي ذر أنه قال عليه الصلاة والسلام : " لو أن لي مثل أحد ذهبا لأنفقته في ثلاث ولا أرصد شيئا إلا شيئا أدخره لدين " . فانظر كيف أن المال نعمة لمن صرفه في طرق الخير ،
وفي سبل الخير وهو يعد نقمة ويعد وبالا لمن فتن به وما أكثر المفتونين . فالرسول يبين أن المال إذا جاء إلى الشخص إنما ينبغي أن ينفقه في أبواب الخير هكذا وهكذا هذا مما ينبغي أن يحرص عليه أرباب الأموال ، وقد جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال : " نعم المال الصالح للعبد الصالح أو للرجل الصالح " . فالمال الصالح هوالمال الذي يُكتسب من حلال والذي لا يحصل في وقت اكتسابه وحال اكتسابه تضييع للدين وتأخرعن أداء أوامر الله رب العالمين هذا مال صالح ، والرجل الصالح هو الذي يكتسبه من أبوابه وينفقه في أبوابه أي في الأبواب التي دعت الشريعة المحمدية إلى الإنفاق فيها فهنا نعم المال الصالح للرجل الصالح ،وقلّ أن يوفق أرباب الأموال لأن يكونوا صالحين ،
ولأن تكون أموالهم صالحة فمن كان كذلك فهنيئا له ، هذا اصطفاء خاص من الله يختص به من يشاء من العباد وهم أقل من القليل وهم أقل من القليل ، وأيضا حال الصحابة رضي الله عنهم .
فالصحابة قد اقتدوا برسولنا اقتداءا شاملا كليا في كل مجال فاقتدوا به في زهده وفي ورعه وفي تقواه وفي حبه لما عند الله وفي كرهه واحتقاره للدنيا وتنفيره عن الدنيا فاقتدوا به صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي الله عنهم فما عرف التاريخ قوما أصفى وأنقى وأبعد عن الطمع في الدنيا واللهث وراءها من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وهذا معلوم كم في الآيات القرآنية الواردة في هذا من بيان لعظيم إقبالهم على ما عند الله وكم في الأحاديث النبوية وكم في كتب السيّر والتواريخ في بيان ما رزقهم الله من الإقبال على الآخرة والقناعة بالحلال الطيب ولو كان قليلا ولو لحقهم شيء من الضر والجوع فلم يكن ذلك ليدفعهم ليتنكروا لما هم عليه من خير بل إن الصحابة رضي الله عنهم تركوا الدنيا من أجل الدين فالمهاجرون تركوا أموالهم وهاجروا في سبيل الله والأنصار قدّموا أموالهم لنصرة الله ولنصرة رسوله ولمواساة المهاجرين فرضي الله عن المهاجرين و الأنصار ،
ومما يدلنا على ما قلنا من باب العموم لا من باب التفصيل ما جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال :" ليهلكن كسرى وقيصر ولتنفقن كنوزهما في سبيل الله " من الذي سينفقها في سبيل الله ؟ أليسوا الصحابة ؟ الجواب بلى لأن الفتوحات هذه إنما كانت في عهد الصحابة فقاموا رضي الله تعالى عنهم بالإنفاق للأموال في سبيل الله أنظروا إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي هؤلاء الخلفاء الراشدون الذين جاءتهم أموال الدنيا فهل جعلوها مكتنزة أو جعلوا منها ما هو مكتنز لهم أو شققوا الأنهار أو أكثروا من بناء الدور والقصورلم يحصل هذا بل أنفقوها في سبيل الله رب العالمين سبحانه وتعالى .
فهذا يدل على عظيم ما أنعم الله به على الصحابة رضي الله عنهم وعلى عظيم الإكرام لهم من الله فإن الله إذا أحب العبد استعمله في طاعته وفي الإقبال على ما عنده ،نعم ولهذا لما أراد نساء النبي شيئا من التوسع في الدنيا وليس التوسع كما نفهم الآن بل توسع ضئيل جدا في ذلك الوقت طلبن زيادة النفقة فأنزل الله كما في البخاري ومسلم .
قال الله ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتّعكنّ وأسرّحكنّ سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما )).
فكانت كلمتهن قولا واحد أنهن يردن الله ورسوله والدار الآخرة رضي الله عنهن ما كان أعظم تقواهن وأعظم تعقلهن في هذا الأمر، نعم . فعلى الدعاة إلى الله من الرجال والنساء أن يكونوا مقتدين بالأنبياء والرسل وكذلك أيضا بأتباع الأنبياء والرسل والداعي إلى الله إنما يكون قدوة حسنة ويفتح الله عليه ويجعل الله له من الخير والقبول عند الناس بقدر ما يكون بعيدا عن التطلّع وعن البحث عن المال والجاه قال الله في كتابه الكريم : (( اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون )) .
فالذين يصلحون أن يتبعوا من كانوا مستقيمين على شرع الله رب العالمين ظاهرا وباطنا ومن كانوا بعدين وعازفين عن الدنيا الفانية الغرارة التي تغر وتخدع من كان ذا طيش ومن كان ذا جهل وحمق . فربنا أمر باتباع من لا يسأل الناس أجرا على دعوته وعلى تعليمه وعلى خطبه وعلى محاضراته ، وإنما يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله رب العالمين سبحانه . فهذا الصنف يُحرص على تلقي العلم على يديه وعلى أن يكون داعيا وإماما وكذلك أيضا يحرص على إعانته والتعاون معه والإنتصار والمناصرة له مادام أنه هكذا .
ولقد جاء عن العلامة ابن العثيمين رحمه الله أنه قال حينما سئل : على يد من نتعلم ؟ قال : تعلم على يد من صح معتقده وسلم منهجه وحسن مقصده " والشاهد وحسن مقصده إلى جانب ماسبق . فالشخص إذا كان يحس أن من وراء التعليم ، ومن وراء الدعوة إلى الله جمع الأموال والتوصل إلى المال فهذا لا يُفرح به هذا الصنف وهذا الشخص لا يفرح به فإنه يستخذم الدين لأغراضه ومصالحه نعوذ بالله وهذه حقارة للشخص معناه أنه ما عرف قدر نفسه حتى يحافظ عليها بل أهانها بهذا ،
وعلى كل يا رجال لقد بين العلماء خطر الدنيا على الدعاة والعلماء وطلاب العلم إن لم يجاهدوا أنفسهم في تجنبها ، وفي البعد عن حبائلها فقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه القيّم ( الفوائد ) قال : واعلم أن كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلابد أن يقول على الله بغيرحق في فتواه وفي حكمه وفي خبره وفي إلزامه ،أنظروامصيبة على الشخص يعني إذااستولى عليه حب الدنيا والرغبة في الدنيا يقول على الله بغيرحق في فتواه إن سئل وفي حكمه إن حكم وفي خبره إن أخبر وفي إلزامه فيما يلزم به قال : وإن كثيرا ما تأتي الشريعة على خلاف أغراض الناس وصاحب الدنيا يريد من الناس أن يقبلوه حتى يعطوه ، حتى يعطوه وهكذا أيضا أخبرنا الله عز وجل في كتابه الكريم ( وأتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه )) .
فحب الدنيا فتنة وأي فتنة لكل مسلم ولكل مسلمة وكذلك يفتن بها أيضا أعني بحب الدنيا والرغبة فيها أوالرضا بها يفتن بها العلماء والدعاة وطلاب العلم إلا من سلّم الله ومن حفظ الله . فيفتنون بها ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن كعب بن عياض أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال :" لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال " يعني أن الأمة ما تفتن بالكبر ولا بالغرور ولا بالأشر والبطر كما تفتن بالمال ولما رأى أعدائنا من اليهود والنصارى أن هذه الأمة مفتونة بالمال أغدقوا على من يرون أن افتانهم بالمال سيؤدي لهم أغراضهم وسيوصلهم إلى ما يريدون من إفساد المسلمين وإلحاق الضرربهم والفتك بهم والقضاء عليهم وعلى دينهم هذا أمر لا ينكر بل أمر مشهور معلوم فالحذر ثم الحذرمن التطلع إلى الدنيا فانظروا على سبيل المثال ذلك الملك الذي أرسل إلى كعب بن مالك أن قال له إننا أخبرنا أن صاحبك قد قلاك يعني بصاحبه : الرسول ، قد قلاك يعني قد هجرك وتركك فألحق بنا لنواسيك فلست بأرض هوان .
فالدعاة وطلاب العلم أيضا يمكر بهم من قبل من لهم مآرب يريدون أن يتوصلوا إليها فيغرون بالمال لكي يصيروا بعد وقت من الأوقات قد تركوا ماهم عليه من خير وأقبلوا على أمر الدنيا فما أحوجنا إلى مجاهدة أنفسنا فإننا جميعا مبتلون بهذه الغريزة وهي غريزة الحب للجاه والحب للملك والحب للمال هذه غرائز وإنما تخف وتضعف هذه الغريزة ويخف هيجانها بقدر ما يجاهد الشخص نفسه ويطلع نفسه ويعرفها بما عند الله (( وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )) فما اكثرما تشاهدون من الدعاة و العلماء وطلاب العلم من يفتن في الدنيا بالمال وغير ذلك فكان هذا الأمر ينبغي أن يكون حافزا وداعيا لنا إلى اليقضة والحذر من أن نقع فيما وقع فيه من فتن بالدنيا والله المستعان .ألا و إن هنالك من يشوهون بهذا الدين ويشوهون بدعوة الله ورسوله وهي دعوة أهل السنة والجماعة بسبب الجري وراء المال واللهث وراء التزود من المال فمن أولئك صنف وهم الذين يجعلون الخطب والمحاضرات والإجتماعات لغرض أخذ المال من الناس وهذه الطريقة فيها مخاطر كثيرة هذا فتح باب لمن يتطلعون إلى المال ويريدونه بسرعة وبسهولة وباسم الدين .
فتجد من هذا الصنف من ، يعني يذهب و يرى أنه لا يحتاج إلى أكثر من أن يحفظ له كذا موعظة في الموت في عذاب القبر وفي أحوال يوم القيامة وهكذا ومن تم يدندن بها هنا وهناك وبعد أن يسمعها للناس ، يعني إما بالتصريح وإما بالتلميح وإما بدفع أشخاص أن هذا الرجل يحتاج إلى مساعدة أو هذا الرجل معه جمعية أو هذا الرجل عليه ديون وهكذا فهذه طريقة كما سمعت تفتح المجال للتسابق لجمع المال والبحث عن المال باسم الوعظ وما الوعظ وباسم الدعوة إلى الله و هكذا فحذار من سلوك هذا الطريق حذار من سلوك هذا الطريق فتصير إجتماعات المسلمين حقيقتها لجمع المال ما إن ينتهي هذا المحاضر أوالخطيب أو كذا إلا وقالوا : يا رجال عندنا كيت عندنا كذا يا رجال المطلوب أن تتعاونوا, وأن تتساعدوا فالطريقة هذه لا نرتضيها ولا نراها طريقة مفيدة ولا طريقة نافعة بل إنها من الطرق التي ذمها الشرع ذمها شرع الله .
…استشرتم فأشارعليكم بالرشد لا يريد منكم أجرا أي دنيويا فهذه الطريق الأولى المطلوب أن يجتنبها وأن يبتعد عنها الدعاة إلى الله وطلاب العلم والعلماء أما الحزبيون كالإخوان المسلمين ومن على شاكلتهم فهم يستعملون وسائل كثيرة وطرق كثيرة لاصطياد أموال الناس وسحبها من الجيوب وغيرها فهم في هذا الباب ماهرون فلا يقتدى بهم وإنما ينفر عن هذه الطرق .
يكفي يا عبد الله أن تدل على الخير ، دل أرباب الأموال من تجار ومن غيرهم أن ينفق ماله في كذا في فعل خير كذا دله على ذلك وأنت مشكورعلى ذلك أما أن تحرص على أخذ ماله إليك وعن باعتبارالذي ستقوم بهذا فهنا النفس طماعة للمال قلّ أن يسلم الشخص من أن يحتال على هذا المال نسأل الله اللطف بنا جميعا وأن يجبنا الإفتتان بالمال والجاه والدنيا وكما سمعتم الطريق الأولى هذه المطلوب اجتنابها لا تشوه بدعوة الله وبدعوة رسوله عليه الصلاة والسلام ليعلم هذا القاصي والداني أننا لا نرضى بهذا الطريق ولا نوافق عليه ومن علمنا أنه يسلك هذا المسلك يعني سنحذر منه ونبين أنه على خلاف ما دعى إليه شرع الله رب العالمين سبحانه وتعالى
كذلك أيضا الشخص قد يعطى شفاعة قد يكون عند الشخص ما يحتاج إلى أن يُشفع له عند فاعل الخيريتساعد معه في أمرمن الحاجيات و الضروريات من زواج أوهكذا فالخطر الذي يحصل من هذاالصنف هو الآتي فبعضهم يستغل الشفاعة هذه والتزكية هذه يستغلها ليذهب بها عند أكثر من واحد ويطلب أكثر مما ، يعني كان مما شُفع له فيه بعضهم وعلم أنه متضرر بسبب كذا فيفتح له أبوابا لجمع الأموال وهو في نظره أنه منصور لأن معه شفاعة يعني أنه قدجاء من جهة كذا،فالشخص لا ينبغي أبداأن يستخدم هذا الطريق فليكن صادقا فيما يقول حينما يطالب بالشفاعة وفي نفس الوقت لا يتجاوز ما شُفع له فيه .لا يتجاوز ذلك ولا يستغل هذا إلى التوصل إلى أمور دنيوية أخرى فالحذر أيضا من هذا الطريق الذي سمعته.
فما أكثر ما يحصل من بعض الناس يعني بهذه الصورة بل بعضهم يُعطى شفاعة إلى جهة معينة إلى شخص معين أو هكذا فيذهب ويعلن أنها شفاعة له عند غيرمن ذكروا في الشفاعة إذا قرأها أحدهم افتضح هذا إذا قرأها وقال أعطيني الشفاعة أنظر فيها إذا قرأها أو قرأالتاريخ افتضح على أن التاريخ هذا قديم يدل على أن هذا يتكسب بهذه الشفاعة وعلى أنه يعرضها على أشخاص ماهي إليهم و إنما هي من باب التوسع فهذا أيضا من الأمورالتي يجب أن يترفع عنها كل من شُفع له في قضية من القضايا .
فالمطلوب الإبتعاد عن هذه الأمور كما سمعتم التي فيها دخول وولوج في الأكاذيب فالشخص يتق الله في نفسه ولا يدخل فيما فيه الكذب أنا وأنا وعندي وعندي وشأني وشأني الخ كما سمعت فلا ينبغي سلوك هذا الطريق ولسنا نخالف رسولنا عليه الصلاة والسلام فيما جاء به فقد جاء في البخاري ومسلم عن عمر أن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطاه مالا فقال عمر : يا رسول الله أعطيه من هو أفقر إليه مني فقال له الرسول :" يا عمر إذا جاءك من هذا المال .
وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وتمول به ومالا فلا تتبعه نفسك " فالمطلوب يعني العمل بمقتضى هذا الحديث أن الشخص لا يتطلع إلى أموال الناس هذا عنده مال كثير…ليش ما أعطاني ؟ليش ما ينظر إلى حالي ؟ الخ لا قال الله : و(( اسألوا الله من فضله )) إن كان عليك ديون إن كان الشخص عليه ديون عنده فقر يسأل الله الذي بيده خزائن الملك كما سمعت قال الله : (( واسألوا الله من فضله )) (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ))
فلا ينبغي التطلع إلى أموال الناس والثاني لا يسأل الناس إلا بقدرما أذن به الشرع إلا بقدرما أذن به شرع الله رب العالمين سبحانه وتعالى أما أن الشخص يسلك المسلك الذي منع منه شرعا فهذا لا ينبغي ,
فالدعاة والعلماء وطلاب العلم إن أكرمهم شخص أو أشخاص بمال بدون إهانة لهم وبدون إهانة لدعوتهم وبدون شروط باطلة فلهم أن يقبلوا هذا المال ومتى كان الذي يعطي المال له مطالب كمثل بعضهم يعطي المال لكنه يشترط أن الشخص يدخل في الحزبيات أو أن الشخص لا يقول كذا يعني يترك كذا من الحق وأنه يفعل كذا مما فيه شبهة أومما فيه حرام فهذا لا يقبل منه المال رأسا ومباشرة فمتى كان المال فيه إهانة للدعوة إلى الله أوللعلم أو فيه إدخال للشخص في الحزبيات وما أشبه ذلك من الفتن فلا حاجة في هذا المال ولا حاجة لدعوتك في هذا المال فاصبر والله عز وجل هو الذي ييسر الأمور من عنده وما أكثر الذين يبذلون الأموال لكن لهم مطالب وشروط يعود الضرر على من قبل ذلك المال واستسلم لتلك الشروط فكما سمعتم يحذر الشخص يبقى رافعا رأسه ويبقى شريفا كريما لا يرضى أن يذل نفسه كما سمعت فالحديث هذا حديث طيب حديث عمر وقد جاء من مسند ابن عمر كما سمعت يبين أن الشخص لا يتطلع إلى أموال
الناس وإن جاءه مال وليس من المال المشتبه المال الذي فيه شبه وليس من المال الحرام فما هنالك أي شيء في أخذه بالضوابط التي سبق ذكرها .
كذلك أيضا من الأمورالتي ينبه عليها يعني بعضهم قد يجد شخصا يتعاون معه ويتساعد معه فهذا يستغله يستغل هذا الشخص ويكثر من المطالب هات وهات وهات وعندنا وشأننا وقد يكون فعلا عنده بعض الحاجيات وكذا لكن أيضاالمطلوب المراعاة والمطلوب الصبر والعفاف لا الإستغلال لأموال الناس فإذا وجد من يتساعد مع طالب العلم مع الدعوة مع كذا فلا ينهك بكثرة المطالب ويوقع في إحراج وما أشبه ذلك مما لا ينبغي فيترك المجال له متى عنده نشاط أنفق وتعاون مع الدعوة مع طالب العلم مع طلاب علم ومتى فلا، يعني ،يدفع إلى الوقوع في الإحراج هذا مما ينبغي أيضا أن يكون معلوما .فعلى
كل لا يُقتدى في عصرنا بمن فتنوا بالدنيا بصورة وبأخرى قال الرسول عليه الصلاة والسلام :" تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش "رواه البخاري وغيره ومعنى تعس أي هلك دعاء عليه بالهلاك فلا تستعبدنا هذه الدنيا وقد خلقنا الله أحرارا فليكن العلم داع لنا و نكون راضين وقابلين إلى ذلك إلى العفاف وإلى الزهد والورع والترفع عما يشين الشخص من أمورالدنيا ،أيضا طالب العلم إذا ضاقت عليه الأموروكثرت عليه الديون وهكذا فله أن يبحث له عن عمل ويشتغل وفي ذلك خير أن يقضي ديونه ولا يجعل السبيل والطريق أنه يذهب باسم الدعوة يبحث له عن قضاء ديونه بطرق وبأخرى مما فيه إهانة له فكما سمعت يبحث له عن عمل ويشتغل والحمد لله فإن وجد فرصة للإستمرارية في
الدعوة عاد واستمر وإن لم ، كما سمعت على حسب الضروف والأحوال .المطلوب المحافظة على الدعوة وعدم تعريض الدعوة للتشويه بها أيضا بعض الأشخاص ولو لم يجلس عندك إلا مدة قصيرة يذهب ويعلن أنا من طلاب فلان وأنا وأنا وشأني والخ وهكذا فليحذر الشخص من فساد نيته ومن سوء مقصده أنه يطلب العلم أو يتعلم للعلم والخطابة والمحاضرة وما أشبه ذلك لغرض أن يتوصل إلى دنيا فهذا العلم وبال على صاحبه فليخلص طالب العلم والعلماء والدعاة نياتهم لله رب العالمين وليكن مقصدهم فعل الخير كما يريد الله لا يريدون من وراء ذلك جزاءا ولا شكورا فكم كره أناس العلم وطلاب العلم والدعوة والدعاة إلى الله بسبب من شاهد من بعض الأشخاص من الجري واللهث وراء الدنيا قال الشاعر : [ولو أن أهل العلم صانوه لصانهم ـ ـ ـ ولو عظموه في النفوس لعُظّم ]
[ ولكن أذلوه جهارا ودنسوا ـ ـ ـ محيّاه بالأطماع حتى تجّهم ]… (أي حتى تقبّح ) .
فالعلم والدين والدعوة إلى الله تقبُح في نفوس بعض الناس بسبب سوء تصرف من يسيء إليها فقضية المال فتنة عظيمة للناس كما سمعتم .
فالمطلوب الحذرمن الإقتداء بمن فتنوا بها فالشخص ندعوه إلى أن يتق الله ويراقب الله ويحافظ على ما عنده من خير ومن علم ومن دعوة وأن لا يعرّضها لمثل هذه الأمور يبقى حريصا على ذلك ما وجد إلى ذلك سبيلا .
نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يزيدنا هدى وتقى وأن يصلحنا ويجنبنا شرور أنفسنا ولا حول ولا قوة إلا بالله .
لفضيلة الشيخ محمد الإمام حفظه الله