صفة التواضع
كلنا يعرف أن الصفات الحميدة للناس جميعاَ ؛ وعلى الجميع أن يمسك بأستارها حتى يصل بها إلى رضوان الله سبحانه وتعالى .
لكن دعونى أقول أن بعض الصفات لها طعم أحلى ومذاق خاص مع بعض الناس ,إن هناك صفات أسميها " صفات الكبار" فهى صفات لا تبين وتضح إلا مع كبير المقام ذى الشأن من الناس .
ومن هذه الصفات صفة التواضع .
عن أنس رضي الله عنه قال: " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لِما يعلمون من كراهيته لذلك "،.[1]
"كان يزور الأنصار، ويُسَلِّم على صبيانهم ، و يمسح رؤوسهم "،.[2]
ما أخبر به صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بقوله: ( يا عائشة ! لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني مَلَك، فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إن شئت نبيًا عبدًا، وإن شئت نبيًا ملكًا، قال: فنظرت إلى جبريل، قال: فأشار إلي، أن ضع نفسك، قال: فقلت: نبيًا عبدًا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئًا، يقول: آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد )[3]
وفي رواية عند الترمذي قالت: ( كان بشرًا من البشر، ينظف ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه ).
أخرج الحاكم في المستدرك برقم : [ 4366 ] فقال : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن صاعد ثنا إسماعيل بن أبي الحارث ثنا جعفر بن عون ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن أبي مسعود أن رجلا كلم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فأخذته الرعدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
وأخرج ابن ماجه برقم ( 2149 ) فقال : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَاعِيَ غَنَمٍ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا كُنْتُ أَرْعَاهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ قَالَ سُوَيْدٌ يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ
أخرج الحاكم في المستدرك برقم : [ 3735 ] فقال : عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه رضى الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
كل هذا فى السيرة النبوية دلالات وعلامات على تواضعه صلى الله عليه وسلم وأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم علم اليقين أن الدنيا ليس فيها ما يتكبر المرء به , فهى لا تساوى عند الله جناح بعوضة فكيف يتكبر بها ؟!
وإن كانت الدنيا كذلك عند الله فهى كذلك عند رسوله صلى الله عليه وسلم .
وبعضنا يتكبر بعلمه وبدينه وبخلقه ويرى نفسه فوق الناس وخيرهم وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون كذلك فهو بعلم أيضاَ علم اليقين بأن الدين والخلق والعلم بل والنبوة من عند الله سبحانه وتعالى الذى أعطى وهب والذى لو أراد لأخذ وسلب فله الحمد فى الأولى والآخرة وما يسع المؤمن بله النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن يشكر النعمة ويعرف قدرها ثم يكون متواضعاَ مع من حرم منها
[1] رواه أحمد والترمذي بسند صحيح
[2] حديث صحيح رواه النسائي
[3] رواه الطبراني