التصنيفات
ادب و خواطر

فاطمة في قطار الحزن

خليجية

يُمطرُ عليَّ كحلكِ الحجازي
و أنا في وسطِ ساحةِ ( الكونكورد ) فأرتبكُ
و ترتبكُ معي باريس
تسقطُ حكومة
و تأتي حكومة
و تطيرُ الجرائدُ الفرنسيةُ من أكشاكها
و تطيرُ الشراشفُ من فوقِ طاولاتِ المقاهي
و تطلبُ العصافيرُ اللجوءَ السياسي
إلى عينيكِ العربيتين

أيتها العربيةُ الداخلةُ كالخنجرِ
في صباحاتِ باريس
يا من ترتشفينَ القهوةَ بالحليبِ
و ترتشفينَ معها كرياتي الحمراء و البيضاء

أيتها العربيةُ التي تتكسَّرُ على أرصفةِ ( المونمارتر )
فتافيتَ ياقوتٍ و غاباتِ سيوف
يا منْ تتصالحُ في عينيها
الضوءُ و العتمةُ
و الماءُ و الحريقُ
ما كانَ في حسابي أنْ أدخلَ في جدليةِ اللونِ الأسود
و اشكاليةِ العيونِ الواسعةِ كخواتمِ الفضة

يا فاطمةَ ساحة ( الكونكورد )
يا فاطمةَ الفاطمات
يا أيها السيفُ المرصَّعُ بأجملِ الآيات
أيها الخصرُ الذي يقولُ القصائدَ و الغنيات
أيتها اللغةُ التي ألغتْ جميعَ اللُغات
يا ذاتَ الشفتينِ الممتلئتينِ كحبتيْ فاكهة
كم هوَ استفزازيٌّ نوعُ العطرِ الذي تضعينه
و كم هوَ رائعٌ إفطارُ الصباحِ معكِ
و أنتِ تنقرينَ قطعةَ ( الكروسان ) كعصفور
و تنقرينَ فمي كعصفور

أيتها العربيةُ التي يُنقِّطُ العسلُ الأسودُ منْ عينيها
نقطة
نقطة
و يُنقِّطُ الشِعرُ من شفتها السفلى
قصيدة
قصيدة
و يرنُّ حلقها الطويلُ صباحَ يومِ الأحدِ كناقوسِ كنيسة
صباحُ الخير

صباحُ الخير
يا بستانَ الزعفران
يا سجادةَ الكاشان
صباحُ الخير
على أصابعكِ النائمةِ بين أصابعي
و على معطفِ المطرِ الذي كنتِ تلبسينهُ معي
صباحُ الخير
على الكافترياتِ التي ثرثرنا فيها
و على المرايا التي دخلناها معا
ثمَّ سافرتِ طويلاً و تركتني الآنَ مرسوماً عليها

فاطمة
يا ذاتَ الشفتينِ المعطرتينِ بحبِّ الهال
و القدمينِ المرسومتينِ بالأكواريل
لم يكنْ في حسابي
أنْ أكونَ أشهرَ العشاقِ بتاريخِ العرب
لم يكنْ في حسابي أنْ أدخلَ باريسَ بجوازِ سفرٍ عربي
و أخرجَ منها رئيساً للجمهورية الخامسة

خليجية




خليجية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.