مع د. سهير عبد العزيز
حوار- فاطمة عوض
الوصول لعلاقةٍ زوجيةٍ دافئة ومتناغمة تفيض بالحب والحنان وتبتعد عن الملل والخرس الزوجي حلم المقبلين على الزواج، وهي في نفس الوقت السهل الممتنع الذي يفشل كثيرٌ من الأزواج في تحقيقه.
من أين يبدأ الطريق إلى علاقة زوجية متناغمة، وكيف يتم الوصول لهذه العلاقة؟ الطريق يبدأ بلحظة الاختيار وما يسبق ذلك من أسس الاختيار، فكلما كان الشاب أو الفتاة موفقًا عند اختياره لشريك حياته كانت احتمالات نجاح العلاقة الزوجية ونسبة صحتها أعلى وللاقتناع والرضا والتكافؤ قبل الزواج دور مهم في نجاح الزواج.
وفي هذا الحوار ترسم د. سهير عبد العزيز- أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية ومدير مركز دراسات الأسرة- الطريقَ لكلِّ زوجين للوصول إلى هذا الهدف.
* ما أسس الاختيار وحدود التكافؤ بين الزوجين؟ وما دور ذلك في نجاح العلاقة بين الزوجين؟
** وجهنا ديننا الإسلامي إلى الأساس الأول الذي ينبغي أن نعتمد عليه عند اختيار شريك الحياة، وهو اختيار صاحب الدين والخلق في الأساس، فالدين والخلق والتربية الإسلامية السليمة للشاب والفتاة يجعلهما أفضل الشخصيات وأكثرها نجاحًا في الحياة، فالشخص الذي يتقي الله ويخشاه يحب أن يعطي كل ذي حق حقه، وينفذ أوامر الله وكذلك فإن للتكافؤ وخاصةً الديني والثقافي دورًا مهمًّا في امتزاج الشخصيات وسرعة اندماجها فكلما اقتنع عقل الإنسان بأن شريك حياته هو الأنسب له وأنه أحسن اختياره وأنه شخص مكافئ له في الدين والخلق والثقافة كان الطريق إلى القلوب والمشاعر الدافئة أسرع، وكذلك فإن للصراحةِ والوضوحِ من بدايةِ التعارف والخطبة ووضع النقاط فوق الحروف والاتفاق من البداية يغلق الكثير من الأبواب بعد ذلك.
علاقات مرفوضة
* تحدثت عن التعارف والوضوح.. فما رأيك فيما يحدث بين الشباب والفتيات هذه الأيام من علاقات قبل الارتباط الرسمي؟
** أنا لا أعرف بيتًا مستقرًّا ولا أسرةً سعيدةً بدأت علاقاتها بهذه العلاقات التي هي نوعٌ من التسلية وتضييع الأوقات، وقد أثبتت الدراسات أن أنجح الزيجات تلك التي تتم عن طريق الزواج الشرعي الإسلامي وهو ما يهاجمه البعض ويسمونه الزواج التقليدي، وقد أثبتت الدراسات أن نسبة الطلاق مرتفعة جدًّا بين هؤلاء الأزواج الذين يرتبطون بعلاقاتٍ عاطفيةٍ قبل الخطوبة والسبب في ذلك هو طغيان المشاعر على صوت العقل فيرى كل منهما أن حبيبه إنسان مثالي ليس به عيوب ويرسم المستقبل معه أنه صورة وردية لا مشاكلَ فيها، في حين أنه بعد الزواج يُفاجأ كل منهما أن حبيبه إنسان عادي به مميزات وعيوب يراها لأول مرةٍ وربما لا يستطيع تحملها فتنفجر الخلافات في السنة الأولى، وربما ينتهي الأمر بالطلاق، ونحن إذا كنا نرفض أمثال هذه العلاقات التي نراها في الشوارع وتمتهن كرامة الفتاة بالدرجة الأولى وتؤدي إلى مشاكل وخيمة وتجعل من الفتاة والفتى مجرَّد كائنات لاهثة وراء غرائزها، إلا أن التعارف المحترم في إطار الزمالة في العمل مثلاً والذي يؤدي إلى ارتباطٍ دون مراوغات يمكن أن تكون بدايةً مقبولةً للارتباط.
* هل يؤثر ماضي الشاب أو الفتاة على نجاح علاقتهما الزوجية بعد ذلك؟
** هذه مسألة نسبية تختلف من حالةٍ لأخرى وبدرجات مختلفة؛ فهناك حالات تتأثر بشكلٍ سلبي بهذه العلاقات مثل أولئك الشباب الذين فقدوا الثقةَ وأُصيبوا بداء الشك بسبب علاقاتهم الماضية المتعددة والتي أفقدتهم الثقة بأن هناك فتياتٍ على قدرٍ عالٍ من الخلق والدين ويرفضن التخلي عن أخلاقهن ومبادئهن من أجل نزوات عاطفية عارضة، وكذلك فإن الفتيات اللاتي يرتبطن بعلاقات عاطفية صادقة في أحيان كثيرة يصدمن في هذا الشخص الذي يحاول التغرير بهن وإيقاعهن في شباك الخطيئة فيمثل لهن ذلك صدمةً قويةً تُؤثِّر عليهن على المدى القريب والبعيد.
وبشكلٍ عام أنصح كل شاب وفتاة- وبالذات الفتيات- بالابتعاد عن هذه العلاقات اللاهية التي لن تؤدي لارتباطٍ شرعي؛ لأنها الضحية الأولى والراسية في نظر المجتمع إذا عرف الناس هذه العلاقة.
* وما دور مرحلة الخطبة في التقريب بين الزوجين؟ وما تأثيرها على مستقبل العلاقة الزوجية؟
** بدايةً أود أن يتعرف الخطيبان على حقيقة الخطبة وفائدتها، فهي مرحلة مخصصة لاكتشاف ومعرفة كل طرفٍ بالآخر من خلال تحاور ومواقف ولقاءات عائلية يحضرها الأهل ليعرف كل منهما كيف يُفكِّر الآخر، وما خطته للمستقبل، وكيف ينظر لحياته، وما خطوط تفكيره؛ ولذلك أنصح الخطيبين ألا يتركا العنان للعواطف بحيث تمرُّ مرحلة الخطوبة دون أن يعرف كل منهما حقيقة شخصية الآخر ومزاياه وعيوبه ودرجة قدرته على التأقلم والتحمل لعيوب الآخر حتى لا يُفاجأ بها بعد الزواج ويشعر أنه يعيش مع شخصٍ غريبٍ لم يعرفه قبل، وأود أن ألفت الانتباه إلى أن فترة الخطوبة ينبغي أن تخلو من الكذب والتصنع الذي يفعله الكثيرون؛ حيث يخفون حقيقة شخصياتهم ويحاولون الظهور والتصرف بشكلٍ مثالي، وهذا نوعٌ من الخداع سيؤدي حتمًا إلى فشل العلاقة الزوجية.
سنة أولى زواج
* بعد ذلك إذا انتقلنا من مرحلة الخطبة إلى السنة الأولى من الزواج لماذا تكثر فيها الخلافات وترتفع نسبة الطلاق بها رغم أنها المرحلة التالية لمرحلة من أجمل مراحل العمر وهي الخطبة؟
** الخطبة في واقع الكثير من الفتيات والشباب قاصري التفكير هي الحلم الجميل بالعش الهادئ دون مشكلات والزواج، وخصوصًا في السنة الأولى هو الواقع وقطعًا الاحتكاك اليومي والمعاشرة الزوجية لا بد أنها ستكشف لكلٍّ من الطرفين أشياء كان لا يعرفها عن الآخر ربما أشياء جميلة تدعم العلاقة بينهما وربما عكس ذلك، ولا بد أن يدرك الزوجان وخصوصًا مع بداية زواجهما أن كل منهما جاء من أسرة ومن بيئة مختلفة وقد تعود على أسلوب حياة معين، وقد يؤدي ذلك إلى بعض الخلافات في بداية الحياة والتي ستزول بعد ذلك بشيء من الحب والود والعشرة حتى ينسجم الطرفان مع بعضهما البعض؛ ولذلك أنصحهما بالصبر وسعة الصدر في هذه المرحلة حتى تسير سفينة الحياة.
* كيف يكسب كلٌّ من الزوجين قلب الآخر ويضمن ألا تتحول مشاعره إلى غيره؟
** إضافةً إلى ما سبق وقلناه عن أسس الاختيار أقول للزوجة اعرفي زوجك جيدًا ما يحبه وما يكرهه، واحترميه أمام نفسك وأمام الناس.. تواضعي له وأجليه يرفعك إلى السماء، وكما قالوا "كوني له أمة يكن لك عبدًا، وكوني له أرضًا يجعلك سماءً"، اعرفي أن زوجك جاء من بيئةٍ مختلفةٍ فحاولي الفهم والتأقلم مع شخصيته ولا داعي لاستخدام أسلوب فرض السيطرة بين الزوجين؛ لأن صراع السيطرة من البداية سيجعل الحياة جحيمًا لا يُطاق وينتهي بالطلاق.
وكذلك أقول للزوجة كلما كنتِ ذات فيضٍ في المشاعر والحنان وحسنة الفهم وجدت مردود ذلك عليك فسيبادلك زوجك حبًّا بحب وحنانًا بحنان، وأقول للزوجة اشبعي غرور زوجك وأشعريه دائمًا أنه كل حياتك، وتنضج العلاقة كلما كان هذا الشعور صادقًا من قلبك فسيصل بسهولةٍ إلى قلب الرجل ولا بد أن تعلم المرأة أن قلب الرجل ترمومتر سريع التأثر بدرجة حرارة زوجته العاطفية؛ فكوني مُحبةً دائمًا، وكذلك حاولي تبسيط متطلباتك المنزلية والشخصية ولا تثقلي كاهله بما لا يطيق.
وأقول للزوج إذا بادلتك زوجتك بعض المشاعر فلا تبخل عليها بكلماتك الرقيقة الحانية وكلمات الحب والغزل التي تنمي الحب، وأظهر لها حبك وتقديرك لجهدها وتعبها من أجلك كلما صنعت شيئًا جميلاً.
على الموضوع الرااائع
موضوووع جميل جدا جدا ياقمر
الله يعطيكي الف الف عاافيه
مواضيعك دائما رائعه
تسلم ايدك