إذن أين نجد المنطق في علاقة مستمرة بين زوجين عصبيين تثور أعصابهما لأصغر الأمور وأتفهها؟.
تقول الخبيرة "نورالهدى التركستاني" -مدربة ومستشارة في التنمية البشرية- بكل بساطة هذا النوع من الزوجين تعودا التعبير بهذه الطريقة لأجل ذلك هما يتقبلان بعضهما البعض، وفي قرارة نفس كل طرف قناعة تامة بضرورة استمرار العلاقة، فالتعبير بهذه الطريقة لا ينفي وجود قيمة عليا في قرارة كل منهما وقناعة تامة بذلك، وهناك خطوط وحدود في منظور كل منهما يجب أن تبقى بعيداً عن تلك الخلافات وتلك الانفعالات لأجل ذلك نرى الاستمرار في العلاقة يتوّج ذلك الرباط وقبل كل شيء هي إرادة الله وتوفيقه، مشيرة إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي حد يصل بهما هذا الغضب؟، والإجابة تكمن في البحث عن تاريخ الأسرة والبيئة الحاضنة لهذا الشخص أثناء اتخاذ قرار الزواج وما هو مفهوم الغضب لديهم..هل هو مجرد تعبير عن المشاعر والانفعالات؟، أم إنه يجعل الشخص يتلفظ بكلمة الطلاق ويستسهلها؟، أم الغضب عندهم قد يصل إلى حالات من العنف، وقد جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه لزوجته: "إذا غضبت فرضني، وإذا غضبتِ أرضيك"، وهذا يدل على أن الغضب موجود، ولكن المسألة نسبية فإذا كانت العصبية تصل لحد الضرر فالأفضل أن يعالج الشخص نفسه بعد ذلك يقرر الارتباط، فالمسؤول الأول عن الحالة هو الشخص نفسه وليس الطرف الآخر، والحل لا يتوقف على امتصاص الغضب فحسب، بل على الابتعاد عن المسببات والمسألة تستدعي تعاون الطرفين.
تمارين ذهنية
وأضافت: "إذا استبعدنا الأسباب الصحية العضوية وراء العصبية؛ يأتي دور التمارين الذهنية التي هي في الغالب مرتبطة بطريقة التفكير الذي كلما كان إيجابياً كلما كان الأمر أكثر سهولة في ضبط النفس"، مشيرة إلى أن المرء يبدأ بمعرفة ما الذي يثير غضبه.. هل هو سلوك معين من الطرف الثاني أو كلام أو مواقف معينة؟، فيبدأ توجيه تفكيره بطريقة مختلفة بحيث يأخذ المعنى بشكل إيجابي، وأن هذا الشخص لا يقصد مضايقته إنما هذا طبعه؛ لذا عليه أخذ الأمور ببساطة ويحدّث نفسه أن هذه هي الحياة أستمتع بها رغم كل شيء؛ فدوماً هناك الوجه الأجمل في كل حدث وفي كل شيء، كما أن تغيير وضعية الجسم خطوة هامة للتخلص من العصبية كما جاء في الحديث الشريف (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)، وهناك أيضاً تمرين التخيل الإيجابي، حيث يستحضر الشخص الموقف الذي يغضبه في عقله، ويتخيّل ردة الفعل الإيجابي الذي سيقوم به، ويقوي الصورة ويجملها في ذهنه، ويستشعر الراحة النفسية التي حصل عليها، وعززها بتكرارها وربطها بالمشاعر الإيجابية الجميلة، ويكثّف تلك المشاعر ويعززها مع أخذ أنفاس عميقة شهيق بقوة وزفير بهدوء!.
فلذات أكبادنا
وأشارت إلى أن الدراسات أكدت على أنّ هناك علاقة قطعية بين شخصية الطفل وبين الصراخ الغاضب أمامه، وهو ما أكده "د.فرانك ترايبر" -من الكلية الطبية بجورجيا- "انّ هؤلاء الأطفال قد يدمّرون أنفسهم إذا لم تقدم لهم المساعدات منذ صغرهم، وأن الطفل منهم لا يعرف كيف يوجّه طاقته هذه للوصول إلى هدف مفيد، بل لوحظ أنه يستخدمها في عراك أو لعب عدواني مع إخوته أو أصدقائه، وربما والديه أيضاً"، مضيفة أن نتائج الدراسة أظهرت أن تأثير غضب الأم أقوى من تأثير غضب الأب على تكوين شخصية الطفل.
عشر خطوات للعلاج
ولتخفيف حدة التوتر في بيوت الأزواج العصبيين تقترح المدربة "نور الهدى التركستاني" الأخذ بعشر خطوات، هي:
1- تعميم رسالة إيجابية لجميع أفراد العائلة مفادها أن الغضب مشاعر سلبية لابد من المجاهدة والتعاون للتخلص منها والابتعاد عن مقولة أنا عصبي.
2- نشر الطاقة الإيجابية في البيت عن طريق عدة سلوكيات منها: (تجديد التهوية يومياً، التقليل من شرب المنبهات، الإكثار من شرب الماء، الاستحمام اليومي، عدم لبس الملابس المستعملة بعد الاستحمام لأنها لا تزال محتفظة بالطاقة السلبية، عدم الجلوس في مكان قد قام منه صاحبه لتوه، الخروج من المنزل ودفن الأقدام بلا احذية في الرمال لتخرج الطاقه السلبيه من الجسم، عند انزعاج أحد الأفراد لدرجة الاكتئاب بإمكانه كتابة كل ما يدور في فكره وخاطره وتكراره حتى الملل وبعد الانتهاء تمزق الورقة إلى قطع صغيرة جداً وترمى بعيداً في النفايات مع أخذ أنفاس عميقة، جعل وقت النوم ثابتا ومنتظما قدر المستطاع، ترديد الرسائل الإيجابية قبل النوم وتخيل الصورة التي يريدها لنفسه، عند الصباح يأخذ أنفاساً عميقة).
3- التغافل والابتعاد عن كل ما يسبب الغضب، وعن التفكير فيما يؤدي إليه.
4- الاهتمام بالصحة النفسية والعضوية والتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تسبب الغضب وأخذ العلاج المناسب في حالة وجودها.
5- اللجوء إلى الله تعالى والتضرع له بالدعاء (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
6- اتباع سنة نبينا وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بهذا الجانب فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "أوصني"، فردّد، قال: (لا تغضب) رواه البخاري.
7- التعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين يستبّان، فأحدهما احمرّ وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة، لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد).
8- الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار علاج للغضب والصلاة على النبي تُذهب الهمّ.
9- الانشغال بأهداف محببة ومهام وهوايات وممارسة المشي والرياضة خاصة ساعة الغضب .
10- القناعة التامة بأن المواقف التي تحدث لن تتغيّر (هي كما هي لا تنتهي) لكن نظرتنا لها هي التي تحدد إن كانت مزعجة أم لا.
جد رائع
منورة