الناس مواهب وطاقات، والبعض مفضل على البعض بما أمده الله تعالى من عنده واختصه به، كما قال تعالى:(والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ في الرزق) [ النحل : من الآية71 ] .
وليس الرزق مقصورا فقط على المال، كما يظنه البعض بل هو أعم وأشمل من ذلك كما قال الشوكاني في تعقيبه على الآية السابقة : "وكما جعل التفاوت بين عباده في المال، جعله بينهم في العقل والعلم والفهم وقوّة البدن وضعفه، والحسن والقبح ، والصحة والسقم ، وغير ذلك من الأحوال".
ولقد أثبتت البحوث والدراسات العلمية أن هناك نسبة ما بين 2 : 5 % من الناس يمثلون الموهوبين والمتفوقين حيث يبرز منهم صفوة العلماء والمفكرين والقادة والمبتكرين والمخترعين، والذين اعتمدت الإنسانية منذ أقدم عصورها في تقدمها الحضاري على ما تنتجه أفكارهم وعقولهم من اختراعات وإبداعات وإصلاحات.
و من الأمور المتفق عليها تربويا: أن الطفل تتبلور سلوكياته، ويكتسب عاداته وقيمه، وتتكون شخصيته، وتنمى مهاراته في المراحل الأولى من حياته، أي منذ الطفولة المبكرة، وبالتالي تكون الأسرة هي المنبع التربوي الأول الذي يستقي منه الطفل صفاته الشخصية وعاداته وقيمه ، ومهاراته الاجتماعية، وسلوكياته الحياتية.
ولم لا ؟ والأسرة هي المحضن التربوي الأول التي ترعى البذرة الإنسانية منذ ولادتها، ومنها يكتسب الكثير من الخبرات والمعلومات، والمهارات، والسلوكيات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي – إيجابا وسلبا – وهي التي تشكل شخصيته بعد ذلك، وكما قال الشاعر:
وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
و الحديث عن ظاهرة الموهبة والموهوبين ووجود أفراد يتميزون بقدرات غير عادية يتفوقون بها على الغالبية العظمى من الناس ليست من مكتشفات القرن الحالي، وإنما هي ظاهرة استرعت اهتمام المفكرين والفلاسفة منذ أقدم العصور، وحاولوا أن يقدموا لها تفسيرات مختلفة.
ولكن الذي يحسب لعلماء هذا القرن أنهم حاولوا تفسير ظاهرة الموهبة تفسيرا علميا، أرجع فيه المواهب والقدرات غير العادية إلى استعدادات وإمكانات في التكوين الذهني للفرد وفي بنية جهازه العصبي وفي خصائصه وسماته الشخصية.
تعريف الموهبة
إن الباحث – في موضوع الموهبة – يواجه بمشكلة التعريفات والمصطلحات المستخدمة في هذا الموضوع حيث لا يوجد اتفاق حقيقي بين الباحثين والمتخصصين لمفهوم الموهبة والموهوبين، وإنما يوجد العديد من المفاهيم والتعريفات التي نمت وتطورت مع نمو وتطور البحوث والدراسات العلمية في مجال التكوين الذهني والقياسي العقلي وتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتقنية خلال مائة عام الأخيرة.
مفهوم الموهبة في اللغة
معناها كما ورد في المعاجم العربية مأخوذ من الفعل "وهب" أي أعطى شيئا بلا مقابل. وهي العطية التي تعطى بلا عوض.
مفهوم الموهبة في الاصطلاح
هناك الكثير من التعريفات التي تناولت مفهوم الموهبة من منظور اصطلاحي، على أن الكثير من تلك التعريفات خلطت بين مفهوم الموهبة والكثير من المفاهيم الأخرى، مثل: مفهوم التفكير، أو مفهوم الإبداع، أو مفهوم العبقرية … وغير ذلك من المفاهيم الأخرى المقاربة لمفهوم الموهبة.
على أن هناك تعريفا لقي قبولا واهتماما لدى عدد كبير من الباحثين هو التعريف الذي طوره الدكتور (رونزولي1978م) مصمم البرنامج الإثرائي الثلاثي الأبعاد والذي يؤكد أن الموهبة تتكون من التفاعل بين ثلاثة مكونات للسمات الإنسانية وهي:
1) قدرات عقلية عامة فوق المتوسطة.
2) مستوى عال من المثابرة .
3) مستوى عال من التفكير الابتكاري(الإبداع).
" والسبب في استخدام التعريف المتعدد المعايير واهتمام العلماء بهذا التعريف هو: أن أي موهوب من الضروري له في أي مجال من المجالات أن يستخدم الخصائص الثلاثة وهي: قدرة عقلية عالية، وقدرة ابتكارية مرتفعة، ودافع قوي للإنجاز والمثابرة .
ثم ظهر لنا تعريف أعم وأشمل تبنته بعض الدراسات التي تمت في بعض الدول العربية،
وعرفت فيه الطالب الموهوب بأنه: الذي يوجد لديه استعدادات فطرية، وقدرات غير عادية أو أداء متميز عن بقية أقرانه في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع، وخاصة مجالات التفوق العقلي ، والتفكير الابتكاري، والتحصيل العلمي والأكاديمي والمهارات والقدرات الخاصة.
هل هناك علاقة بين الموهبة والوراثة؟
إن قدرات الموهوبين تعتمد بشكل أساسي على الأنماط الوراثية "الجينية" والبناء التشريحي للفرد الموهوب.
بيد أن الوراثة ليست هي العامل الوحيد في إنتاج الموهوب، بل إن الظروف والعوامل البيئية تساهم أيضا بشكل كبير في تنمية تلك الموهبة و ازدهارها، فالموهوب هو الفرد الذي يملك استعداداً فطرياً وتصقله البيئة الملائمة. حيث يرتبط النمو العقلي والوجداني للطفل الصغير بكثير من العوامل بعضها موروث، والبعض الآخر تشكله البيئة التي يعيش فيها الطفل بما في ذلك الأسرة والأصدقاء، ثم الاهتمام بالتعليم واكتشاف الموهبة التي تحتاج إلى رعاية.
وربما يولد الإنسان موهوبا، ونتيجة لتعرضه لعوامل بيئية قاسية مثل: الحرمان، والفقر، وعدم اكتشاف موهبته مبكرا، وما شابه ذلك ربما قتلت تلك العوامل البيئية موهبة الإنسان، وقضت عليها.
ويمكن لنا القول إن الموهبة هي عملية أو نتاج تفاعل ديناميكي بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية. و لا يمكن إهمال دور أحدهما .
موقف الإسلام من الموهبة والموهوبين
لقد عُني الإسلام أشد العناية بالموهوبين، واكتشاف مواهبهم وقدراتهم، ولم يقف عند ذلك، بل اهتم أيضا بتنمية مهارات الموهوبين و عمل على استخدامها فيما يعود على الأمة الإسلامية بالنفع، بل وأفسح المجال لانطلاق تلك المواهب والقدرات الكامنة لدى أتباعه.
القرآن الكريم والموهوبين:
هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تحدثت عن أصحاب المواهب والقدرات الخاصة ومن ذلك:
1) الثناء على صاحب الموهبة وأمر نبي الله موسى بأن يتعلم منه ، قال تعالى " فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا " . [سورة الكهف آية 65 ].
2) اختيار واصطفاء أصحاب المواهب والقدرات الخاصة ليكونوا في موضع القيادة ومن ذلك اصطفاء طالوت على سائر بني إسرائيل لعلمه وقوته ، قال تعالى " قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ " .[البقرة:247].
3) استغلال أصحاب المواهب واستثمار قدراتهم في القيام بالمهام الصعبة .
و من ذلك قصة سليمان – عليه السلام – حينما أراد حمل عرش بلقيس . قال تعالى : "قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) " . [ سورة النمل ].
عناية الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأصحاب المواهب:
ومن صور اكتشاف النبي صلى الله عليه وسلم لمواهب الصحابة وقدراتهم ما يرويه أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ " رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين.
وكذلك اكتشافه – صلى الله عليه وسلم لمواهب لأهل اليمن، وما يمتازون به عن غيرهم ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً . الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ " رواه مسلم.
ويثني – صلى الله عليه وسلم – على صاحب الموهبة فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ " اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ. فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ : اهْجُهُمْ. فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حَسَّانُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَقَالَ والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَفْرِيَنَّهُمْ بلساني فري الأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : لاَ تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا – وَإِنَّ لِى فِيهِمْ نَسَبًا – حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِى. فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَخَّصَ لي نَسَبَكَ والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لاَ يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى " رواه مسلم .
ومن ذلك أيضا دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – لصاحب الموهبة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا مِنْ اللَّيْلِ قَالَ فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَضَعَ لَكَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ فَقِّهُّ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ" . [مسند الصحابة في الكتب التسعة ].
السلف الصالح والتعامل مع الموهوبين:
إن الناظر في سيرة السلف الصالح يرى الكثير من النماذج التي ظهر فيها تقديرهم لأصحاب المواهب والقدرات الخاصة ، وتقديمهم على غيرهم من الناس حتى وإن كانوا أسن منهم كما يقول الشاعر :
إنّ الحَداثَةَ لا تُقَصِّرُ بالفَتَى المَرزوقِ ذِهنا
لكن تُذَكِّي عَقلَهُ فَيَفُوقَ أكبَرَ مِنهُ سِنَّا
أقول إن هناك نماذج في تعامل السلف الصالح مع أصحاب المواهب، ومن تلك النماذج:
– عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال إنه ممن قد علمتم قال فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم قال وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال ما تقولون في إذا جاء نصر الله والفتح . ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا حتى ختم السورة فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وقال بعضهم لا ندري أو لم يقل بعضهم شيئا فقال لي يا ابن عباس أكذلك قولك ؟ قلت لا قال فما تقول ؟ قلت هو أجل رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلمه الله له {إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة فذاك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا . قال عمر ما أعلم منها إلا ما تعلم. [رواه البخاري].
– عن إسماعيل بن عياش، قال : " كان ابن أبي حسين المكي يُدْنِيني، فقال له أصحاب الحديث: نراك تقدم هذا الغلام الشامي وتؤثره علينا ، فقال : "إني أؤمله، فسألوه يوما عن حديث حدث به عن شهر، إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل، فذكر ثلاثا ونسي الرابعة ، فسألني عن ذلك ، فقال لي : كيف حدثتكم ؟ فقلت: حدثتنا عن شهر أنه إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل: إذا كان أوله حلالا، وسمي عليه الله حين يوضع، وكثرت عليه الأيدي، وحمد الله حين يرفع، فأقبل على القوم فقال: " كيف ترون " . [ الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي]
وهناك الكثير والكثير من النماذج سواء في القرآن الكريم أو السنة المطهرة وكذلك سيرة السلف الصالح يتضح من خلالها الاهتمام بأصحاب القدرات والمواهب الخاصة لو أردنا أن نحصيها لطال بنا المقام، بل ربما استعصى وشق ذلك علينا.
———————
المراجع والمصادر :
1. القرآن الكريم .
2. السنة النبوية المطهرة .
3. تفسير فتح القدير للشوكاني .
4. رؤية مستقبلية للتربية والتعليم في المملكة العربية السعودية .
5. برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم . أ . د / عبد الله النافع ، و آخرون.
6. لسان العرب لابن منظور.
7. المعجم الوجيز.
8. مهارات الموهوبين ووسائل تنمية قدراتهم الإبداعية . د/ ماهر صالح.
9. مقدمة في الموهبة والإبداع . د/ يوسف قطامي.