كيف نتعامل مع الله إذا قرأنا كتابه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد،
يروى أن شاباً وسيماً جميلاً كان يعيش في قبيلة عظيمة وكان محبوباً بين أهله وعشيرته، القبيلة كلها تحبه
وكان دائماً يصعد إلى إحدى المرتفعات بقرب القرية يجلس هناك ويتأمل
وفي يوم الاثنين الموافق للعاشر من شهر أغسطس سنة ستمائة وعشر ميلادية وفي أثناء الليل سمع هذا الشاب صوتاً يناديه فنظر
فإذا هو ملك من الملائكة كبير وعظيم يقوله له:
إقرأ
فقال: ما أنا بقارئ يعني أنا لا أعرف القراءة والكتابة
فقال: اقرأ
فقال: ما أنا بقارئ
فقال
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} سورة العلق نعم أخواتى الحبيبات
لقد كان هذا الملك هو جبريل عليه السلام وأما الشاب فهو رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم
وهنا انطلقت القصة .. هنا بدأت الحكاية وبدأ الوحي في النزول واستهل القرآن العظيم على قلبك يا نبيي يا رسول الله يا عيد عمري و يا فجري و يا أملي
لقد تعب النبي صلى الله عليه و آله وسلم 23 سنة حتى نقل إلينا القرآن كاملاً فلما وصل إلينا القرآن ماذا سنفعل الآن؟ هل سنقرأ الرسالة أم سنهملها؟
تخيلي أختى الحبيبة لو أن أحد أحبابك الذين يحبونك كثيراً رآكِ في هموم الدنيا وتعبها فأراد أن يوصل إليك رسالة في سر يزيل عنك هذه الهموم ويجلب لك السعادة أيضاً فكتب كتباً عجيباً فيه سر السعادة وكلف أعز إنسان عليه ليوصل لك هذه الرسالة فلما بدأ هذا المبعوث به إيصال الرسالة إليكِ جن جنون أعداءه فحاولوا أن يمنعوا وصول هذا المبعوث إليك بشتى الطرق
مرة يحاصرونه في شعب أبي طالب،
مرة يطردونه من بلده
حاولوا قتله أكثر من مرة
وهذا المبعوث يصر على أن يوصل رسالة حبيبك إليك .. لدرجة أن الأعداء حاربوه في معركة بدر … وشجّوا رأسه في معركة أحد حتى سال الدم منه … وافتروا حتى على زوجته العفيفة
وهو لا يزال مصراً على أن يوصل هذه الرسالة إليك.
وبعد كل هذه الأهوال وبعد كل هذا التعب فتح مكة ونجح في إيصال هذه الرسالة إليك.
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3
الآن وصلت الرسالة … وصل القرآن الذي هو رسالة الله إليك فماذا سنفعل بعدما وصلتنا الرسالة؟
هل من المعقول أن نهجر هذه الرسالة ونتركها بعد كل هذا التعب الذي تعبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أوصلها إلينا؟
والله إنا لنستحي منه هل هذا جزاؤه صلى الله عليه وآله وسلم ؟ هل هذه مكافأته؟
القرآن بين أيدينا ونحن نلتهي عنه بمتابعة فلان في التلفاز
أو نلتهي مع فلان في الإنترنت،
أو نخرج مع فلان ولا نترك وقتاً للقرآن !
أتدرون أنه صلى الله عليه وآله وسلم يشتكي منا لله يشتكي يوم القيامة أننا لم نهتم بهذه الرسالة التي أوصلها إلينا .. هيا أختى وحبيبتى إستمعى معى وانصتى لكلام ربك وشكوى الحبيب صلى الله عليه وسلم له منا وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً{28} لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً{29} وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً{30} سورة الفرقانوا حياءاه منك يا حبيبي يا رسول الله ، بعد كل تعبك هذا نهجر رسالتك الغالية !!
نهجر القرآن فلا نقرؤه .. وإذا قرأناه لا نتدبره ولا نخشع فيه
وحتى لو تدبرناه لا نطبق ما فيه !!
بأي وجه نقابلك يوم القيامة يا حبيبي يا رسول الله !! والله اخواتى الحبيبات إن هذا الموقف محرج يوم القيامة محرج جداً
طيب عندى إقتراح .. ما رأيكنّ أخواتى الحبيبات نبدأ من اليوم علاقة أخرى مع القرآن ربما لا تأخذ من وقتك أكثر من ربع ساعة في اليوم
هكذا على الأقل حتى لا يشتكي منا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة
وليس هدفي فقط ألا يشتكي منا الرسول عليه الصلاة والسلام .. لا ليس هذا فحسب بل الطموح أن نصل إلى مرحلة يوم القيامة نكون فيها من هؤلاء الذين مدحهم الله فقال:
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }البقرة121وإذا كان ربك مدحك يوم القيامة فماذا تريد أكثر من ذلك
طيب كيف أصل إلى هذه المرحلة؟
أولاً: اقرأي القرآن وأنت تحبينه ، لا تقرأي فقط لكي تفعلي شيئاً لابد أن تسعى له بل تحبين قراءته .. تشتاقين لهذه القراءة ( تفتقدى مصحفك ويوحشك )
بعض الناس إذا لم يقرأ القرآن كل يوم لا يتحمل .. يشعر بنقص في نفسه إلى أن يقرأ فيرتاح بعد ذلك
لابد أن نحب قراءة كتاب الله ، طيب كيف أحب قراءته ؟
الجواب:
1- إذا علمت أن القرآن الذي أقرأه يدافع عني يوم القيامة ولا يرضى أن أعذب فسوف أحبه .. طبعاً سأحبه حباً شديداً
قال صلى الله عليه وآله وسلم فى صحيح الجامع
"اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه" والنفوس مفطورة دائماً على حب من يدافع عنها ويحميها … القرآن يفعل ذلك إنه يدافع عنك يوم القيامة
قال صلى الله عليه وآله وسلم:
"ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل ؛ فشفعني فيه"إذا استشعرتى أختى الحبيبة هذا المعنى جيداً فسيختلف إحساسك بالقرآن وستختلف علاقتك به إلى علاقة قوية جداً .. علاقة حب لمن سيشفع فىّ يوم القيامة .. وكلما قرأتيه أكثر سيشفع أكثر
2- وسيزيد حبك للقرآن إذا تأملت أيضاً الحسنات التي ستحصلين عليها عند قراءتك له فكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها
تخيلى معي الآن وأنت تقرأين القرآن الحسنات وهي تتزايد من حولك تزيد حسنة حسنة كل حرف من القرآن بعشر حسنات ، هااااا .. مستشعرة ؟؟ هل ترين جبال الحسنات من حولك الآن ؟؟
سورة الكوثر مثلا فيها تقريباً خمسمائة حسنة،
الفاتحة فقط تحتوي على ألف وخمسمائة حسنة .. هيا إحسبي ما تريدين من بقية المصحف.
والله والله لو أن كل حرف كان بعشرة دولارات نقداً لما بقي من أحد إلا وبيده مصحف .. أليس كذلك ؟؟
طيب أليست الحسنات أغلى !!!
والله إنه لشعور رائع يغير طعم قراءتك للقرآن إذا استشعرتي جبال الحسنات من حولك مضيئة … نورها يوم القيامة سيسعى بين أيدينا وبأيماننا إن شاء الله ونحن نقول:
{ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التحريم8أمر آخر يعين على تدبر القرآن .. تابعي معي هذا المشهد ….
(عندما تصلك رسالة فإنها تستولي على اهتمامك حتى وإن لم تعرف المرسل وإذا عرفته أصبحت الرسالة تخصك أكثر وكلما كان المرسل غالياً أكثر كانت الرسالة غالية أكثر، فكيف إذا كان المرسل هو الله عز وجل القرآن رسالة من الله إليك )
نعم
القرآن رسالة من الله إليك فاستشعري أنه يخاطبك أنتِ لأن الله سبحانه يحب أن نتأمل ماذا يقول لنا في رسالته إلينا .. فهو لا يريدك أن نتجاهل معاني هذه الرسالة كما أننا أيضاً لا نحب أن يتجاهل أحد رسائلنا !!
طيب تخيلى معى أختى الحبيبة لو أنك مديرة ووزعتي رسالة مكتوبة عممتها على جميع الموظفين ووقع كل موظف على أنه قد استلمها ثم بعد ذلك طلبت أحد الموظفين وسألته:
هل قرأت رسالتي إليك؟
قال: نعم،
فقلت له هل فهمت ما أردت منك أن تفعله؟
يقول: لا كنت سرحاناً،
طيب هل عرفت ماذا أردت منك أن تتركه؟
يقول: لا كنت أفكر في أشياء أخرى
ما رأيك بهذا الموظف؟ طبعاً سيسقط من عينك.
نحن نرى بعض الناس يقرأ القرآن ربع ساعة ثم بعد أن ينتهي من القراءة نسأله فنقول له بماذا أمرك الله؟ يقول: لا أدري،
نقول له طيب، عن ماذا حذرك الله؟ يقول: لا أعرف،
طيب، هل مرت بك قصة أو موعظة يقول: ما أتذكر كأنها قصة موسى أو قصة عيسى، آدم لست متأكداً
لماذا يقرأ القرآن إذاً !!؟
يقول الله تعالى :
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24استشعري أختى وحبيبتى أن القرآن يكلمك أنت.
نعم ،
تخيلي عند القراءة أن هذ القرآن نزل لأجلك أنت وحدك ولم ينزل لأحد غيرك وكأن الله يريد ان يكلمك أنت بهذا الكلام فقط يريدك أنت
كوني يقظة إذا فعلتي ذلك فلن يكون همك أن تنتهي من الجزء المخصص لهذا اليوم في القراءة لن يكون همك الآن أن تصل إلى آخر السورة بل ستستمتعين بكل حرف يمر عليك في القرآن
بل إذا لم تفهمي كلمة ستفتحين التفسير بسرعة لتتعرفي ماذا يريد الله مني؟ ماذا يقصد ربي بهذه الكلمة؟ ما هي الأشياء التي يحبها ربي لكي أفعلها؟
أختي الحبيبة
إياكِ إياكِ أن تقرئى القرآن وأنت شاردة الذهن همك كله أن تتلفظى بالحروف والكلمات
لا حبيبتى بل تأملي المعاني، لن نجد شيئاً ألذ من معاني القرآن لنتفكر فيها فلماذا نشرد أصلا ؟؟؟
قيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن هل تحدث نفسك بشيء؟ فقال: وهل هناك شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي !!
وعلى هذا
فلا يكون همك أن تقرأي أكثر، الأهم أن نقرأ أفضل
اقتراحي:
نريد أن نتدبر القرآن ونحن فى شهر القرآن .. رمضان فرصة عظيمة لكسب الحسنات .. فما رأيك أختى حبيبتى أن نبدأ سوياً فى تدبر معانى القرآن فى كل يوم آية واحدة فقط لنفهم كلام الله تبارك وتعالى ونقرأ من خلاله الرسائل الربانية لنا
يقول أحد الصالحين لي في كل جمعة ختمة وفي كل شهر ختمة و في كل سنة ختمة ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما انتهيت منها بعد
اختي الحبيبة الغالية .. ما رأيك الآن نلخص ما تكلمنا عنه حتى ننتفع أكثر به ؟
تعلمنا ثلاث نقاط أساسية .. هى
الأولى: قبل أن أقرأ القرآن يجب أن أستشعر أني أحب قراءة القرآن لكثرة ما يعطيني من الأجر والثواب. ولأنه سيشفع لى عند ربى يوم القيامة
الثاني: أن أستشعر أيضاً أن القرآن يكلمني أنا الآن يكلمني النقطة الثالثة: أن أطبق كل آية تمر علي في القرآن وحتى لو لم أعرف معنى الآية أفتح تفسيراً ميسراً واكتشف معناها أختى الحبيبةأليس من الخسارة أن تكون الساعات الطويلة التي قرأنا فيها كتاب الله لم يكن فيها استطعام للمعاني ولا تطبيق لرسالة الله كما أراد الله
يمكننا أن نغير قراءتنا للقرآن من اليوم وأن نبدأ قراءة مختلفة تماماً من الآن
نتدبر فيها المعانى – نستشعر أنى مخاطبة والآيات تخصنى وتوصف حالى فى بعض أحيان – نحتسب جبال الحسنات التى نفوز بها عند التلاوة
نحن الآن أخواتى الحبيبات فى شهر القرآن .. فما هو حالك معه ؟
إنقضى من رمضان يوماً كاااملاً .. منتبهه ؟؟ أم هناك تشويش ؟؟
أين وصلتى فى التلاوة ؟؟ هل توبتى أمس كما إتفقنا ؟؟
تدبرتى معنا أمس أول آية من آيات سورة صاد ؟؟
هيا هيا أختى الحبيبة راجعى نفس وحاسبيها حتى نعوض ما فاتنا إن شاء الله تعالى
واجب عملى
ممكن تحكي لنا كيف قضيتى أول يوم من أيام رمضان ؟ يا ترى كم ساعة قضيتى اليوم فى المطبخ ؟؟؟ وياترى راضية عن نفسك اليوم أم نحتاج إعادة ترتيب لبعض أشياء حتى أرضى أكثر .. هيا شاركونا أول يوم فى رمضان المبارك لنستفيد من بعضنا البعض
كيف نتعامل مع الله إذا قرأنا كتابه
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب هموماً وغمومنا وسائقنا وقائدنا إلى جناتك جنات النعيم
اللهم ألبسنا به الحلل وأسكنا به الظلل وادفع به عنا النقم واجعل القرآن العظيم لقلوبنا ضياءا ولأبصارنا جلاءا وعن الهموم ممحصا ومن النار مخلصا
برحمتك يا ارحم الراحمين
منقول للافادة