على مر الأزمان والعصور، تغنى الشعراء للعيون الكواحل وسحرها ، واعتبروها مصدرا للإلهام ، ورمزا للجمال، وأسهبوا في وصفها ، هذا السحر لا يكتمل من دون الكحل، فقد تستغني المرأة، خصوصا العربية، عن جميع أدوات التجميل إلا قلم الكحل الأسود، الذي لا زال صامداً أمام أقلام الكحل المستوردة الملونة الزرقاء والخضراء.
وقد كان الكحل يدخل في معظم الوصفات الخاصة بالعيون في عهد الفراعنة، كما كان شائع الاستعمال عند العرب رجالا ونساء، وجاء تعريف الإثمد على أنه حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة موجود في بلاد الحجاز، وأجوده ما يؤتى من أصفهان. ومن خصائصه أنه يقوي رموش العين ، فيحفظ الرموش فتطول أكثر، وبذلك تزداد قدرتها في حفظ العين من أشعة الشمس، والغبار والأوساخ، فتزيد الرؤية وضوحا وجلاء، أكثر منها في استعمال الكحل الخالية من الإثمد. ويوصف أيضاً أنه معدن هش سريع التفتت، لامع له تركيب رقائقي بلون أبيض فضي، وفي المغرب، حيث توجد أنواع جيدة من حجر الإثمد، ما زالت كثيرات من النساء لا يتخلين عن الكحل المعد على الطريقة التقليدية، رغم انتشار أقلام الكحل وسهولة استعمالها.
أضرارالكحل الصناعي
والدكتور محمد السقار عيد -ماجستير وأخصائي جراحة العيون وعضو الجمعية الرمدية المصرية – كتب عن الحكل يقول " ظهر الكحل العربي في الجزيرة العربية منذ العصر الجاهلي وهو عبارة عن حجر يؤتى به من المملكة العربية السعودية, ويمر بعدة مراحل قبل أن تكحل به المرأة عيونها وهولا يصنع لدى خبراء متخصصين أو في معامل كيميائية معينة, بل انه كان ومازال يصنع في المنازل وتتوارث طريقة صنعه البنات عن الأمهات والجدات.
أجود الأنواع:
ومن أجود أنواع الكحل الطبيعي الإثمد, ويتحدث عنه العلامة ابن القيم رحمه الله فيقول في زاد المعاد:
إثمد: هو حجر الكحل الأسود، ، ويؤتى به من جهة المغرب أيضا، وأجوده السريع التفتيت الذي لفتاته بصيص، وداخله أملس ليس فيه شيء من الأوساخ.
ومزاجه بارد يابس، ينفع العين ويقويها، ويشد أعصابها ويحفظ صحتها، ويذهب اللحم الزائد في القروح ويدملها وينقى أوساخها، ويجلوها ويُذهب الصداع إذا اكتحل به مع العسل المائي الرقيق.
وهو أجود أكحال العين لا سيما للمشايخ، والذين قد ضعفت أبصارهم إذا جُعل معه شيء من المسك.
وهناك ما يطلق عليه اسم الكحل البلدي وهو الكحل المصنوع من( اللبان الذكر) وهو من أفضل الوسائل الطبيعية لتجميل العينين والرموش أو المصنوع من( نوى التمر) وهو يقوى رموش العينين.
طريقة صنع الكحل:
أصل الكحل هو حجر “ الإثمد “ ويعالج بإحدى الطرق التالية:
1- الطريقة القديمة وفيها يوضع حجر الإثمد على الجمر حتى ينفجر ويتناثر منه الحصى الناعم ثم ينقع في خليط من الماء والقهوة العربية لعدة أيام ثم يصحن في الهون حتى تتفكك حباته ويتحول إلى مسحوق ثم ينخل في قماش ناعم وبعد ذلك يعبأ في المكاحل ويكون جاهزاً للاستعمال.
2- وهناك طريقة أخرى وهى أحدث من السابقة ولكنها لا تختلف عنها كثيرا, فالكحل يمر خلالها بنفس المراحل إلا أنه ينقع في مزيج من الماء وورق الحناء بدلا من الماء والقهوة .
3- أما الطريقة الثالثة فتتم بوضع حجر الاثمد في خليط يطلق عليه “ النجعة “ مكون من ماء ورد + زعفران أو ماء ورد + ماء لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر حتى يلين الحجر, ثم ينتشل من هذا الخليط, ويدق حتى يصبح ناعماً مثل البودرة ثم ينخل كي يتخلص من الشوائب ويكرر ذلك أكثر من مرة حتى يصبح نقيا صالحا للاستعمال.
الكحل الصناعي:
ولم يعد الكحل الطبيعي هو الموجود علي الساحة فقد ظهرت أنواع عديدة من الكحل منها الكحل الملون و (الماسكرا).
وخبراء التجميل ينصحونك بعدم استعمال الماسكرا بصورة متكررة للحفاظ علي سلامة العينين ، ويجب تجنب استعمالها تماماً في حالات ظهور أي أعراض تشير للحساسية من مستحضرات الماكياج مثل احمرار العينين أو تهيج الجفون.
وكانت دراسة سعودية قد حذرت من أن الكحل الصناعي يضر بعيون النساء ويؤذي البصر وخصوصا تلك الأنواع الشائعة في المنطقة العربية والخليجية، لاحتوائها على نسبة كبيرة من الرصاص.
فقد وجد الأطباء في مستشفى الملك فيصل التخصصي بعد تحليل عينات عشوائية من الكحل، الذي يباع عند العطارين، والمتوافر في الأسواق والأنواع الهندية على الأخص أن نسبة الرصاص فيها تتراوح بين 85% إلى 100% في كل جرام من الكحل. وأوضح الأطباء أن هذه النسبة من الرصاص تضر بالعيون وخصوصا عند الأطفال بعد أن تبين وجود علاقة بين استخدام الكحل وتسمم الرصاص عند الأطفال، وما يسببه من اعتلالات دماغية مشيرين إلى أن مثل هذه الاعتلالات تسبب زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال إلى 25%.
لذلك يجب ألا يستعمل الكحل للأطفال عامة والرضع خاصة وذلك لعدم تمكن الطفل من إفراز الدموع التي تغسل العين من التلوث الخارجي؛ ويمكن أن يؤدي ذلك إلى التهابات حادة في العين .