التصنيفات
قصص الأطفال

إنما المؤمنون إخوة

سلام
عساكم بخير
جبتلكم قصة أتمنى إنها تنال إعجابكم
وأبى أشوف ردودكم العسل
خليجية

إنما المؤمنون إخوة
خليجية
كان سامي من أكثر الأولاد المشاغبين في المدرسة, فقد كان يظلم الأطفال الصغار ويأخذ طعامهم ويضربهم حتى أصبحت المدرسة كلها تكره

سامي وتقي شره, بالإضافة إلى أنه تلميذ غير نشيط يأتي متأخراً إلى المدرسة ودائماً يتعرض إلى عقاب المعلمة لأنه كسول ومشاغب, وعلى

العكس كان أحمد تلميذاً مجتهداً يحفظ دروسه وينهض نشيطاً إلى مدرسته, وقد نال تقدير المعلمة ورفاقه.

في يوم من الأيام كرمت المعلمة أحمد لأنه نال أعلى الدرجات وأعطته وساماً كي يضعه على صدره لأنه تلميذ نشيط, فرح أحمد وشكر المعلمة

ولكن سامي لم يسر لما فعلته المعلمة مع أحمد وأعجبه الوسام وقر أن يأخذه عنوة من أحمد, وعندما كان أحمد عائداً من المدرسة, إذا بسامي

يعترض طريقه ويطلب منه أن يعطيه الوسام الذي على صدره, ولكن أحمد قال له :هذا الوسام أعطته المعلمة لي لأني أنجزت واجباتي, ولكن

سامي هاجمه وضربه وأخذ الوسام, فحزن أحمد أشد الحزن
خليجية
ومرت أيام متتالية لم يأت فيها سامي إلى المدرسة, وفرح معظم الأولاد لعدم قدومه وتمنوا لو يغيب عن المدرسة إلى الأبد, لكن

أحمد قلق عليه لتغيبه الطويل وقال لرفاقه: يجب أن نزور سامي في بيته حتى نطمئن عليه لعله مريض فأجابه رفاقه: سامي لا يستحق منا أن

نزوره, ونحن على ثقة أنه يهرب من المدرسة ليقضي الوقت في التسكع هنا وهناك, فقال لهم أحمد: ولكني سأذهب, فقال له عامر: سأذهب معك يا أحمد

وفعلاً توجه أحمد وعامر إلى بيت سامي, وعندما طرقا الباب فتحت لهما أم سامي وهي تبتسم وعندما سألاها عن سبب تغيب سامي عن المدرسة

أجابتهما بحزن أن سامي مريض ولا يستطيع النهوض من السرير من شدة الإعياء, فطلبا منها أن يزوراه, فرحبت بهما وأدخلتهما إلى غرفة سامي
خليجية
كان سامي متعب ويبدو عليه المرض وعندما رأى أحمد وعامر بدأ يبكي ويقول لهما أرجو أن تسامحاني على ما فعلت بكما فقال له أحمد: الحمد

لله على سلامتك, لا تقلق إني أسامحك لأننا مسلمون والمسلم يسامح أخاه المسلم حيث يقول

الله تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) وتعانق الأصدقاء, وعندما أراد سامي

أن يعيد الوسام إلى أحمد, رفض أحمد وقال له: بل أنت ستضعه لأنه وسام الصداقة التي تجمعنا




نسيت أقلكم انو (منقول)



جزآآك اللة خير
قصة مفيدة جداآآ
نتظر جديدك ياعسولة



أشكر مرورك سوسو



يسلموؤوؤوؤ



التصنيفات
قصص الأطفال

إنما المؤمنون إخوة

إنما المؤمنون إخوة

كان سامي من أكثر الأولاد المشاغبين في المدرسة, فقد كان يظلم الأطفال الصغار ويأخذ طعامهم ويضربهم حتى أصبحت المدرسة كلها تكره

سامي وتقي شره, بالإضافة إلى أنه تلميذ غير نشيط يأتي متأخراً إلى المدرسة ودائماً يتعرض إلى عقاب المعلمة لأنه كسول ومشاغب, وعلى

العكس كان أحمد تلميذاً مجتهداً يحفظ دروسه وينهض نشيطاً إلى مدرسته, وقد نال تقدير المعلمة ورفاقه.

في يوم من الأيام كرمت المعلمة أحمد لأنه نال أعلى الدرجات وأعطته وساماً كي يضعه على صدره لأنه تلميذ نشيط, فرح أحمد وشكر المعلمة

ولكن سامي لم يسر لما فعلته المعلمة مع أحمد وأعجبه الوسام وقر أن يأخذه عنوة من أحمد, وعندما كان أحمد عائداً من المدرسة, إذا بسامي

يعترض طريقه ويطلب منه أن يعطيه الوسام الذي على صدره, ولكن أحمد قال له :هذا الوسام أعطته المعلمة لي لأني أنجزت واجباتي, ولكن

سامي هاجمه وضربه وأخذ الوسام, فحزن أحمد أشد الحزن

ومرت أيام متتالية لم يأت فيها سامي إلى المدرسة, وفرح معظم الأولاد لعدم قدومه وتمنوا لو يغيب عن المدرسة إلى الأبد, لكن

أحمد قلق عليه لتغيبه الطويل وقال لرفاقه: يجب أن نزور سامي في بيته حتى نطمئن عليه لعله مريض فأجابه رفاقه: سامي لا يستحق منا أن

نزوره, ونحن على ثقة أنه يهرب من المدرسة ليقضي الوقت في التسكع هنا وهناك, فقال لهم أحمد: ولكني سأذهب, فقال له عامر: سأذهب معك يا أحمد

وفعلاً توجه أحمد وعامر إلى بيت سامي, وعندما طرقا الباب فتحت لهما أم سامي وهي تبتسم وعندما سألاها عن سبب تغيب سامي عن المدرسة

أجابتهما بحزن أن سامي مريض ولا يستطيع النهوض من السرير من شدة الإعياء, فطلبا منها أن يزوراه, فرحبت بهما وأدخلتهما إلى غرفة سامي

كان سامي متعب ويبدو عليه المرض وعندما رأى أحمد وعامر بدأ يبكي ويقول لهما أرجو أن تسامحاني على ما فعلت بكما فقال له أحمد: الحمد

لله على سلامتك, لا تقلق إني أسامحك لأننا مسلمون والمسلم يسامح أخاه المسلم حيث يقول

الله تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) وتعانق الأصدقاء, وعندما أراد سامي

أن يعيد الوسام إلى أحمد, رفض أحمد وقال له: بل أنت ستضعه لأنه وسام الصداقة التي تجمعنا




يسلمو ايديكي



يعطيك العافيه ’’’




خليجية



خليجية



التصنيفات
منوعات

وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون

أيها المؤمنون : من تدبر في صفات الله وأسمائه وآلائه ونعمائه يحصل له في قلبه معرفة حقيقية بالرب الرحيم الرؤوف الغفور سبحانه ،وإن مما تكاد النفوس أن تطيربه فرحاً ،وتمتلىبه القلوب أنساً ، هو معرفة حال الرب سبحانه الخلق الرازق مع عبده الضعيف المذنب ، ربنا يدعوه ليتوب ويستغفر وينيب والعبد معرض ،فسبحان من وسعت رحمتك الوجود ياغفور ياودود ،اسمع يا من عصى الله يامن ترك فرائض الله يا من غرق في الشهوات يامن عاقر الخمر والمخدرات يامن وقع في الفواحش والزنا واللواط والموبقات يا من أكل الحرام وتعامل بالربا ولم يخف جبار السموات اسمع لنداء مولاك 🙁 وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )

أيها المؤمنون : خطاب من ربنا يهز الوجدان والضمير إليك يامن آمنت ورضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا يا من آمنت بكتاب ربك وسنة نبيك منهجا ومرجعا
ربنا الرحيم الغفور يقول ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) ولنا مع هذه الدعوة من ربنا إلى التوبة وقفات وبشارات وقفات لنتعرف على حقيقة التوبة وبشارات إلى كل مؤمن مقبل يريد التوبة فأسرع وحث الخطا ولا تتردد فإن الباب مفتوح وابشر برب يفرح بتوبتك وإقبالك عليه فإنك إن تقربت شبراً تقرب منك باعاً وأن أتيته تمشي أتاك هرولة سبحان من لاحدود لكرمه ولا لحلمه لنا مع هذه الآية وقفات :

فأما الوقفة الأولى : إن أعظم ما يتقرب العبد إلى ربه ومولاه هو التوبة إلى الله التوبة إلى الله في كل وقت لا تفارقنا في طاعتنا ومعاصينا في إقبالنا وإدبارنا في غفلتنا وصحوتنا في برنا وبحرنا في كل وقت وكل مكان ، فالله سبحانه هو التواب الرحيم ويقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ِ)،واعلم أن هذه العبادة من أعظم وأفضل العبادات التي يحبها ربك ومولاك كما سوف نذكره فلا تتردد في التوبة والإقبال عليه .

الوقفة الثانية : اعلم أيها الموفق والمسدد إذا أردت أن تكون توبتك صادقة وخالصة ومقبوله فعليك بثلاثة أمور إذا تحققت فإن التوبة بإذن الله مقبوله: أولاً : الإقلاع على الذنب وتركه والثاني : الندم على الفعل فمن فعل المعصية ثم تاب بقوله وهو في قرارة نفسه فرح مسرور لم يندم على فعله المشين وتعرضه لسخط ربه فإنها توبة غير كاملة ثالثا :العزم الصادق على أن لايعود إليها مطلقاً ، فإن ربك يعلم ماتوسوس به نفس وهو أقرب إليك من حبل الوريد لا تخفى عنه خافية فإن من صدق التوبة أن لاتتركها وفي قرارة نفسك العود إليها بعد تحسن حالك أو عند التمكن من المعصية مرة أخرى .

الوقفة الثالثة : إليك أيها التائب يامن أقبلت على ربك يا من أسرفت على نفس بالمعاصي أزف إليك هذه البشائر التي بشرك بها مولاك وسيدك وحبيبك وقدوتك :

البشارة الأولى : أن الله عز وجل يقبل التوبة من العبد ويغفر ذنبه وزللَه وإجرامه مهما بلغ عظم ذلك الذنب حتى لو كان كفراً وشركاً بالله يا من أسرفت على نفسك بالمعاصي إسمع إلى الكريم سبحانه الحليم ماذا يقول لك : ( قل ياعبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) (إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) (إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) هنيئاً لك يامذنب ياعاصي بتوبة الله عليك إذا أقبلت عليه .

البشارة الثانية : -أبشر ياصاحب التوبة بأن التوبة طريق الفلاح والرشاد كما قال ربك ومولاك (فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين) فلاح عام في دنياك وأخراك في كل مأمورك تفلح وترشد وتسدد فهذا كله من بركات التوبة (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) ، التوبة مجلبة للخيرات ورضارب الأرض والسموات يقول سبحانه (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله ) ويقول ربنا جل وعلا عن هود عليه السلام : (وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوةً إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ) .

البشارة الثالثة: ابشر ياصاحب التوبة ان باب التوبة مفتوح لايغلق في وجهك أبداً فأنت تتعامل مع الكريم الغني الذي لا يرد يدي عبده صفراً ليلا ونهارا سرا وجهارا لا تحتاج إلى وسائط بل ارفع يديك إلى مولاك وأعلنها مدوية في الملاء الأعلى أستغفر الله وأتوب إليه فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وربنا ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة ويقول ( هل من مستغفر فأغفر له )،واعلم ان الأمم السبابقة قبلنا كبني أسرائيل كانت أذا ارادت ان تتوب كانت تقتل نفسها حتى تتوب إلى الله فاللهم لك الحمد ما أكرمك وما أحلمك عن عبادك .

البشارة الرابعة : أبشر ياصاحب التوبة أن من بركات التوبة أن الله يبدل كل عظائمك وجرائمك ومعاصيك وفواحشك ولياليك التي بارزت الله فيها بالحرام يبدلك الله عنها حسنات يا الله ما اكرمك ما اكرمك ياكريم ياحليم ما أعظمك وما اشد تقصيرنا في حقك (والذين لايدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً).

البشارة الخامسة :- التوبة تجب ما قبلها وتهدم ماقبلها و لا عيب عليك بعدها وقد تكفل الإسلام بحفظ حقك وتمارس حياتك بكل شموخ وإباء ولا خجل ولا حياء بل تعيش مرفوع الرأس عزيزاً كريماً لأن حياة المعصية حياة الذلة والمسكنة وحياة الطاعة حياة الرفعة والعزة فقد جاء في البخاري :ِ (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
-وجاء في البخاري عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبْزَى سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَقَوْلِهِ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ حَتَّى بَلَغَ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَى قَوْلِهِ غَفُورًا رَحِيمًا.
-وأيضا جاء في البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ) الله أكبر لماترك المعصية وتاب لم تمنعه توبته من أن يشارك في الغزو ويعمل الصالحات بل كانت من أكبر الدوافع على الاستمرار مع أنه قتل مسلما قبل ذلك.

البشارة السادسة : إذا صدقت توبتك ييسر الله لك أمرك ويحسن ختامك على الخير وعلامة صدقك ترك رفاق السوء وكل ما يذكرك بالمعصية فإن الله عزوجل إذا علم صدقك ألان لك الحديد وسخر لك الجبال الرواسي وكل الكون معك أيها التائب الحبيب
فقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ.

البشارة السابعة : أبشر يا صاحب التوبة يا من اقبلت على الله أن من وقع في الموبقات نزع منه الإيمان فإن تاب عاد إليه إيمانه الذي في القلب ، فيا لله ما أعظمها من نعمه ولو افتديت بها كل ما تملك ،فقد جاء في الحديث في البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ

البشارة الثامنة : أن الله الغني الكريم يفرح فرحاً عظيماً بتوبتك ، والله لو لم يكن فضل وشرف للتوبة إلا فرح الله بها لكفى بها لك حافزاً للمبادرة إلى التوبة ،فقد جاء في البخاري ومسلم واللفظ له عن أنس بن مالك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ.
البشارة التاسعة : ابشر يا صاحب التوبة أنت حبيب الله قال سبحانه ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) وقال سبحانه (والله يريد أن يتوب عليكم ).

الوقفة الرابعة : أن هذه العبادة أيها الموفق أعني عبادة التوبة اعتنى بها وطبقها وعمل بها صفوة الخلق وانبياء الله الكرام كما قال جل وعلا عن آدم عليه السلام (فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ) وقال عن موسى (فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم لا تفارقه التوبة والاستغفار لا حضرا ولا سفرا كما جاء في البخاري قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً .
وجاء في مسلم عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْأَغَرَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ، وكانت التوبة في كل أحواله حتى في سفره فقد جاء في البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، وهكذا أصحابه ونسائه ومن حوله من الأبرار الأطهار
جاء في البخاري عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ قُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ)أ.هـ ،و جاء في البخاري َقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ

الوقفة الخامسة : من هدي السنة التصدق الإنفاق عند التوبة والإقلاع عن الذنب جاء في البخاري: (وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ)،وجاء في الموطأ وغيره( أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وَأُجَاوِرُكَ وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ).

الوقفة السادسة: قال ابن القيم –رحمه الله – ما ملخصه : "فالتوبة الصحيحة لها علامات منها :أن يكون بعد التوبة خيراً مما كان قبلها ، ومنها :لا يزال الخوف مصاحباً له لايأمن مكر الله طرفة عين ، ومنها :انخلاع قلبه وتقطعه ندماً وخوفاً وهذا على قدر عظم الذنب وصغرها ، ومنها تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة قد احاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحاً ذليلاً خاشعاً كحال عبد جان آبق من سيده فأخذ فأحضر بين يديه ولم يجد من ينجيه من سطوته .."أ.هـ بتصرف واختصار.

الوقفة السابعة : قوله تعالى (وتوبوا إلى الله جميعاً ) لايخرج منها أحد من البشر الصالحين منهم والمفسدين البررة والفجرة كل مأمور بالتوبة والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله وهو أفضل الخلق وشرع لنا الاستغفار عقب العبادات إشعارا للعبد بالتقصير وأنه محتاج إلى مغفرة ربه ، فلا تغتر بعبادتك أيها الطائع لله وكلما أطعت الله أكثر من التوبة ولا يدخلنك العجب والرياء فرب معصية تعقبها توبة وندم وانكسار وخشوع وخضوع خير من طاعة يعقبها عجب وغرور .
فاللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وتب علينا يا أرحم الراحمين

د.ناصر بن يحيى الحنيني




التصنيفات
منتدى اسلامي

انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخوايكم

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)أرسل الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم, رحمة للعالمين؛ ليجمع على الإيمان قلوب المؤمنين، ويزيل من قلوبهم كل أسباب الشحناء، ويطهر نفوسهم من كل أسباب البغضاء، ليكونوا إخواناّ متحابين، قال تعالى(وأصلحوا ذات بينكم ) أي أصلحوا ما بينكم من أحوال الشقاق والافتراق حتى تكون بينهم محبة واتفاق, تعرض الأعمال في كل يوم خميس وإثنين فيغفر الله ,عز وجل ,في ذلك لكل عبد لا يشرك بالله شيئاّ إلا رجلاّ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال, أنظروا هذين حتى يصطلحا),ولقد اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين حفاظاّ على وحدة المسلمين، وسلامة قلوبهم، وإن الإصلاح يعتبر من أعظم وأجل الطاعات، وأفضل الصدقات، فالمصلح بين الناس له أجر عظيم، وثواب كريم، إذا كان يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى، فأجره يفوق ما يناله الصائم القائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا, بلى، قال, إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة) ومعنى الحالقة, أي تحلق الدين,والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة, ولأهمية الإصلاح بين الناس رخص فيه الكذب، وذلك إذا كان سبيلاّ للإصلاح ولا سبيل سواه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراّ أو يقول خيراّ)ويرخص الكذب في ثلاث, الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته ,وحديث المرأة زوجها، فأما الكذب في الحرب فإن الحرب خدعة، ومن ثم فإن الأمر يستدعي التمويه على الأعداء، ويتحدث بما يقوي به أصحابه ويكيد به عدوه مثل أن يقول جيش المسلمين كبير وجاءهم مدد كثير,وأما الكذب في الإصلاح بين الناس، فمثل أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل من المتخاصمين وأقوالهما بما يحقق التقارب، ويزيل أسباب الشقاق والخلاف، وأحيانا ينفي بعض أقوالهما السيئة فيما بينهما، وينسب إلى كل منهما من الأقوال الحسنة في حق صاحبه مما لم يقله مثل أن يقول, فلان يسلم عليك ويحبك، وما يقول فيك إلا خيراّ ، وأما الكذب بين الزوجين، والمراد بالكذب في حق المرأة والرجل, فمثلاّ لكل واحد منهما أن يخاطب الآخر بمعسول القول ما يزيد الحب، ويسر النفس،وإن كان ما يقال كذباّ، وكذب الرجل على زوجته مثل أن يعدها ويمنيها ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه؛ ليستديم بذلك صحبتها، ويصلح بها خلقها,إن أطيب حياة يعيشها المؤمن والمؤمنة في هذه الدنيا، حينما يكون مراقباّ لله ,فأصلح,ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس، واحذر أسباب الشحناء والبغضاء،وإذا جاء إليك أخوك معتذراّ فأقبل معذرته ببشر وطلاقة؛ بل ينبغي أن تسعى أنت إلى إنهاء الشحناء وإن كان لك الحق، وقال الحسن بن علي ,رضي الله عنهما , لو أن رجلاّ شتمني في أذني هذه واعتذر إلي في أذني الأخرى لقبلت عذره,وإذا علمت أن بين اثنين من إخوانك أو قرابتك أو أرحامك أو أصحابك أو جيرانك شحناء أو قطيعة، فعليك أن تبذل وسعك في الإصلاح بينهما، فالصلح خير وذلك رحمة بهما وطمعاّ في فضل الله ورحمته ,لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلقد كان يسعى بنفسه للصلح بين المتشاحنين مؤكداّ بذلك أهمية الإصلاح بين الإخوة المؤمنين،

أسأل الله أن يجعلنا من الصالحين المصلحين، وأن يوفقنا لحسن العمل وصالح الأخلاق،




خليجية



التصنيفات
منتدى اسلامي

من سلم المؤمنون من لسانه ويده.

بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

المعنى الذي أراده النبي عليه الصلاة والسلام من الحديث التالي :
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت:
((يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من سلم المسلمون من لسانه ويده))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي موسى الأشعري]
قد يتبادر إلى الذهن المعنى الظاهري لهذا الحديث أن المسلم الذي لا يؤذي المسلمين, لا بلسانه, ولا بيده, هو أفضل المسلمين عند الله, إلا أنه قد ينشأ معنى آخر, سماه العلماء: (المعنى المخالف), أو (المعنى المعاكس), بمعنى أن غير المسلمين لا يسلمون من لسانه ويده, ممنوع أن يؤذي المسلمين وحدهم بلسانه أو بيده, ولا يتجه المنع إلى غير المسلمين.
هذا المعنى ما أراده النبي عليه الصلاة والسلام, لعل المعنى الذي أراده النبي أن سمعة المسلمين لا تُخدش من خلال تصرفات هذا الإنسان, فلو أساء لغير المسلمين يُتهم الإسلام كله, لو أكل المسلم مالاً حراماً على غير المسلم لاتهم هذا الذي هو غير مسلم المسلمين.
ودائماً وأبداًً إذا أساء إليك مسلم, تنظر إليه وحده, أما إذا أساء مسلم إلى غير مسلم, غير المسلم لا ينظر إلى أنه شخص أساء, ينظر إلى أنه دين قد أساء؛ فقبل أن تؤذي غير المسلم, وقبل أن تحتال عليه, وقبل أن تأكل ماله, وقبل أن تخدشه, عد للملايين, لأنه سيتهم الإسلام كله.
على كلٍّ؛ ينبغي أن يسلم المسلمون من لسان المسلم ويده, وينبغي أن يسلم الناس جميعاً من لسان المسلم ويده, إن كان إسلامه صحيحاً, وإن كان حريصاً على سمعة المسلمين, وإن كان حريصاً على أن يبقى اسمهم متألقاً, فعليه أن يستقيم مع الناس جميعاً.
يؤكد هذا المعنى قول النبي عليه الصلاة والسلام:
((من غش فليس منا))
[أخرجه مسدد بن مسرهد في مسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى]
من غش؛ أي إنسان كائناً من كان.

الحالات التي استثناها العلماء من أحكام الغيبة هي :
1 ـ التظلم :
أما أذى اللسان فهناك ست حالات استثناها العلماء من أحكام الغيبة: الحالة الأولى هي التظلم: الإنسان لو رفع أمره إلى القاضي, وﺇلى السلطان, أن فلاناً فعل معي كذا وكذا, فهل هذا من الغيبة؟ الجواب: لا, وإلا التغى العدل.
يمكن للمسلم أن يرفع أمره إلى القاضي, وأن يقول له: يا سيدي, فلان فعل معي كذا وكذا, فلان اغتصب مالي, فلان نهش عرضي, هذا لا يعد غيبة, إذا تظلمت إلى السلطان, وذكرت الفعل الشنيع الذي فعله أخوك معك, هذه حالة.

2 ـ أن تستعين بإنسان على إزالة منكر :
الحالة الثانية: أن تستعين بإنسان على إزالة منكر: لو أن هناك محلاً, أو بيتاً يبيع خمر سراً, وأنت ذهبت إلى إنسان قوي بإمكانه أن يمنع هذا المنكر, وذكرت له أن فلاناً الفلاني يبيع الخمر سراً من هذا البيت, فأنت إذا استعنت بإنسان قوي على أن تزيل هذا المنكر, لك أن تحدثه بما فعل هذا الإنسان, وليس هذا من الغيبة أيضاً, هذه الحالة الثانية.

3 ـ أن تستفتي المفتي في موضوع :
الحالة الثالثة: أن تستفتي المفتي في موضوع: أي فلان فعل معي كذا وكذا, ما الحكم الشرعي؟ أفعل معه كذا أم أسامحه أم ماذا أفعل؟
أخ كريم سألني قبل يومين, قال لي: بينما أنا نائم في غرفة النوم أنا وزوجتي, دخل لص إلى البيت, طبعاً ألقي القبض عليه, وأودع في السجن, قال لي: بإمكاني أن أعفو عنه, وأخفف عنه, وبإمكاني أن أضاعف له المدة, فماذا أفعل؟ قلت له: الحكم الشرعي إذا كان عفوك عنه يقربه إلى الله فينبغي أن تعفو عنه, وإذا كان عفوك عنه يزيده انحرافاً فينبغي أن تزجره, وهذا عائد إليك, وعائد إلى اجتهادك, والدليل قول الله عز وجل:
﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾
[سورة الشورى الآية:40]
أي من ابتغى الإصلاح بعفوه, إذا غلب على ظنك أن عفوك عنه يصلحه قال:
﴿فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾
[سورة الشورى الآية:40]
أما:
﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾
[سورة الشورى الآية: 39]
الأصل أن تنتصر, أما إذا غلب على ظنك أن عفوك عنه يقربه إلى الله فينبغي أن تعفو عنه, وعندئذ أجرك على الله.
يجوز التعيين في التظلم وفي الاستعانة على إزالة منكر أما في الاستفتاء فممكن ألا تعين:
يوجد رأي آخر هنا فرعي: إذا الإنسان استفتى مفتياً في موضوع, وقال: يوجد رجل فعل معي كذا وكذا, لا يوجد داع أن يثني, ولا يعين, أما في موضوع التظلم فيجب أن يعين, فلان بن فلان فعل معي كذا وكذا, وفي موضوع الاستعانة بشخص قوي على إزالة منكر, ينبغي أن يقول: فلان يبيع الخمر في بيته سراً, وفي هذا البيت دعارة, وفي هذا البيت كذا و كذا.
يجوز التعيين في التظلم, وفي الاستعانة على إزالة منكر, أما في الاستفتاء فممكن ألا تعين, فلان فعل كذا وكذا, ماذا أفعل أنا؟ أو عفواً: رجل فعل مع رجل هكذا.
وأنا أرتاح كثيراً لبعض الأخوة الذين يستفتون دون أن يعينوا الأشخاص, وهناك إنسان يستحي, ويخجل أن يفضح نفسه, يقول لي: سألني صديق, ماذا أفعل؟
أكثر الأسئلة تأتي أحياناً بصيغة: أن صديقه سأله وكلفه أن يستفتي, فلا يوجد مانع؛ هذا نوع من الحكمة, ونوع من حفظ ماء الوجه, والله عز وجل ستار, وساتر, ستار العيوب.
التَّائب من الذَّنب كمن لَا ذنب له :
نحن لا يوجد عندنا في الإسلام اعتراف إطلاقاً, إسلامنا فيه ستر؛ فإنسان فعل معصية لا ينبغي أن يفضح نفسه, بل إن الله عز وجل إذا ستر على عبد من الذنب الكبير, من الكبيرة أن يفضح نفسه.
أذكر قصة قديمة, من عشرين أو ثلاثين سنة, أخ هكذا في ساعة صفاء قال لي: ارتكبت الفاحشة, وقد تاب, وأصلح, وارتقى إلى الله, لكن سبحان الله! كلما نظرت إليه تذكرت فعله, كان عليه ألا يقول هكذا, لا يوجد داع, لا يوجد داع لأن تكون صريحاً بالموضوع, شخص الله عز وجل ستره, اقبل ستر الله عز وجل.
وأنا أذكر قرأت مرة: امرأة زنت أقيم عليها الحد في عهد سيدنا عمر, – وإذا أقيم الحد على إنسان, أو على امرأة, وتابت, فحدها كفارتها, وهي عند الله بريئة-, فبعد حين جاء من يخطب هذه الفتاة, ولا يعلم ما كان منها, فجاء أخوها لسيدنا عمر, وسأله, قال له: " أأذكر له ما كان منها؟ قال له: والله لو ذكرت له لقتلتك" أي لأوجعتك.
((التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ))
[أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود]
((التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ))
[أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود]
هناك إنسان يحب أن يستقصي ماضي الإنسان.
والبارحة فوجئت بسؤال: أن رجلاً شاباً تزوج من فتاة مستقيمة, ودينة, وملتزمة, إلى آخره, بعد حين علم أنها لم تكن كذلك من قبل, كانت طالبة جامعية, وكان لها أصدقاء, هو متألم جداً, وفي ضيق شديد, قلت له: هذا الضيق من الشيطان, لأن هذه الإنسانة تابت, انتهى الأمر, الإسلام يجب ما قبله, طبعاً: لا يوجد فاحشة لكن لا يوجد التزام سابقاً؛ الإسلام يجب ما قبله, يهدم ما كان قبله, الحج يهدم ما كان قبله, الهجرة تهدم ما كان قبلها.
وأنا أرى من الكمال إذا الإنسان له جاهلية, ثم صلح حاله, ألا تُذكّره بعمله السابق إطلاقاً. وموقف سيدنا يوسف لما قال:
﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾
[سورة يوسف الآية:100]
أيهما أخطر؟ الجب أخطر, الإنسان بالسجن حياته مضمونة, وأكله مضمون, و له مأوى, لكن ليس له مفتاح, أما بالجب فخطر الموت جوعاً, أو هلاكاً, فما ذكر أخوته بعملهم، قال:
﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾
[سورة يوسف الآية:100]
وما ذكر أنهم كادوا له, الشيطان دخل بيننا, أي لم يجعلهم مسيئين في نص هذه الآية, هذا أيضاً من كمال الإنسان.

4 ـ النصيحة :
الرابع هو النصيحة: إنسان يشارك شخصاً نصاباً, إنسان خطب من أسرة, وهذا الخاطب كذاب, شارب خمر, إنسان يريد أن يشتري بيتاً, وهذا البيت له إشكال بأساساته, وهناك أمر بإخلاء البيت، إنسان يريد أن يعقد صفقة مع إنسان, والصفقة لها مشكلة, فهذه نصيحة لا يُقصد منها الإفساد إطلاقاً, فالنصيحة مباحة.
صار التظلم, والاستعانة على إزالة منكر, والفتوى, والنصيحة, والمسلم يجب أن ينصح المسلمين.
أحياناً يكون هناك بيت فيه مشكلة كبيرة, يوجد عليه رهونات, يقول لك: سيأتيني زبون الآن, البيت أعجبه, أي يريد من الذي أعجبه البيت أن يعمل عقداً, يدفع عربوناً, و يمنعه من الكشف على سجله العقاري, قد يكون عليه حجوزات, أو عليه رهونات, أو إشكالات كبيرة جداً, فهو استغل رغبته بالبيت, ومنعه أن يبحث عن ماضيه, وتعلم أنت ما كان من هذا الموضوع, فهذا ليس من باب الغيبة, من باب النصيحة.

5 ـ أن يكون الإنسان مجاهراً بالفسق :
النوع الخامس لإباحة الغيبة أن يكون الإنسان مجاهراً بالفسق: هناك أشخاص يزني, ويتباهى بالزنا, يشرب الخمر, ويتباهى بشرب الخمر, فالمجاهر بالفسق لا غيبة له, هو زكى عن نفسه, هو فضح نفسه, فلا غيبة لفاسق, لفاسق مجاهر, ومن هو الذي يجاهر؟ هو الفاجر.
تجد شخصاً شرب الخمر, وستر نفسه, وشخصاً شرب الخمر, وفضح نفسه, الساتر لنفسه فاسق, أما الذي جهر بفسقه ففاجر, لا غيبة لفاجر؛ إنسان يتباهى بالمعاصي, يتباهى بأكل أموال الناس بالباطل, يتباهى بشرب الخمر, يتباهى بالزنا, هذا لا غيبة له, ذكروا الفاسق بما فيه, يحذره الناس.

6ـ التعريف :
آخر شيء: التعريف: كنت تقول: الجاحظ, أي جحظت عيناه, تقول: الأعمش, تقول: المتنبي مثلاً, فهناك صفات للأشخاص لا يُقصد منها الغيبة إلا التعريف.
العلماء قالوا: "إذا أمكنك أن تعرفه باسم آخر, فالأولى أن تفعل ذلك".
أحياناً يكون الإنسان له اسم, وله كنية, المعلمون في المدارس يعرفون هذا الشيء, لو فرضنا اسمه أحمد, اسم ثان غير مناسب, يدعو للضحك, فإذا أنت ذكرت الاسم الأول فذلك أرقى.
كان عليه الصلاة والسلام: يغير أسماء أصحابه، قال له: "من أنت؟ قال له: أنا زيد الخيل, قال له: بل زيد الخير".
فالكمال أن تنادي الإنسان باسم محبب إليه.
بالمناسبة من حق الابن على أبيه أن يحسن تسميته، والاسم دقيق جداً، الآن هناك إنسان اسمه عدوان.
كنت مرة في محافظة, مدير التربية اسمه عدوان, عدوان والله اسم غير جميل, هناك أسماء قاسية, أسماء زاجرة.
فالإنسان عليه أن يحسن اختيار اسم ابنه, أما لو سماه اسماً خاطئاً, وأنت بإمكانك أن تسميه اسماً آخر فسمهِ.
أنا أعرف مدير مدرسة ابتدائية, رجل صالح جداً, إذا طفل له اسم يثير الضحك, يغير له اسمه المتداول أثناء العام الدراسي, أما بالسجلات فاسمه الحقيقي..
فالمؤمن ينضبط, لا يتكلم إلا بالنصيحة, أو التعريف, أو التحذير, والنصيحة, أو الاستعانة على إزالة منكر, أو الفتيا, أو التظلم.
هذه الحالات الست التي وردت في كتب الفقه, والتي يباح فيها أن تقول كلاماً يسيء إلى إنسان, لأن هذه الغيبة:
((ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته))
[ مسلم عن أبي هريرة]
البهتان أن تقول شيئاً لم يقع, أما الغيبة فأن تقول شيئاً وقع.

من يسيء لغير المسلمين يسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين :
لذلك:
((أي المسلمين أفضل؟ قال عليه الصلاة والسلام: من سلم المسلمون من لسانه ويده))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي موسى الأشعري]
المعنى الأكمل والأعمق أن سمعة المسلمين ككل تسلم من تصرفات هذا المسلم, ومن لسانه, ومن يده, أي إذا أساء إلى غير المسلمين يسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين.
مثلاً إذا إنسان أساء لإنسان, ولهذا المسيء أب محترم, فهذا الإنسان الثاني رأساً يسب أباه, يكون هذا الابن سبب مسبة لوالده, ووالده كامل, ووالده لا يستحق هذا اللوم, لكن لأن ابنه أخطأ خطأ, , جر للأب مذمة.
دائماً المسلم عندما يسيء لغير المسلمين يسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين.
سمعت عن رجل, ذهب إلى أوروبا, ودرس الطب, أحب فتاة, وتزوجها, وهي أحبته حباً جماً, وقدمت له خدمات لا تقدر بثمن, سكن في بيتهم, وأكرموه, وتزوج منها, وأعانته على تعلم اللغة الأجنبية, وأعانته على الأطروحة, فلما أخذ الدكتوراه اختفى فجأة, لا يوجد مبرر لأن يختفي, فعلمت أنه عاد إلى بلده سراً, فلحقته, لم تجده في بلده, علمت أنه ذهب إلى بلد آخر بعقد, هو صار طبيباً, فانتقلت إلى البلد الآخر, وما زالت تبحث عنه, وتتصل بالمسؤولين, حتى وصل الأمر إلى ملك هذا البلد, فطرده من المملكة, وجاء في حيثيات القرار: إنك أسأت إلى مجموع المسلمين, تقول: ليقل ماذا فعلت معه حتى تركني؟
أحياناً الإنسان يسيء لمجموع المسلمين وهو لا يشعر, إذا أسأت إلى إنسان غير مسلم تسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين.
والحمد لله رب العالمين




جزاك الله خيرا

خليجية




وياك يارب



جزاك الله خيرا



جزاك الله خير



التصنيفات
مصلى المنتدى - تفسير وحفظ القران - ادعية و اذكار

قوله تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون

قوله تعالى : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) دائماً نستخدمها وخاصةأيام الدراسة في الحث على العمل ووجوبه وما إلى ذلك ، ولكن تفاجأت البارحة عند قرائتي لتفسيرها الصحيح في كتاب ابن سعدي رحمه الله أن المقصود بها هم المنافقون , أياعملوا أيها المنافقين سرا وأخفوا فسيفضح الله عملكم .
فما حُكم الاستدلال بها ؟
الجواب :
في سورة التوبة آيتان حول هذا المعنى :

الأولى :
(َوسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

والثانية :
( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )

وبين الآيتين فَـرْق

وذلك أن الآية الأولى في المنافقين ، إذ جاء قبلها : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ )

والآية الثانية في المؤمنين ، فقد جاء قبلها : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)

فالأولى في المنافقين ، والثانية في المؤمنين ، ولذا يجوز الاستشهاد بها على عمل الناس .

قال الخطيب الإسكافي في " درّة التّـنْزِيل وغرّة التأويل " :

للسائل أن يَسأل عن شيئين :
أحدهما : ذِكره المؤمنين في الآية الأخرى ، وتَرْكه في الأولى ؟
والسؤال الثاني : قوله في الآية الأولى : (ثُمَّ تُرَدُّونَ ) وفي الآية الثانية : (وَسَتُرَدُّونَ) ، وهل لاختلافهما معنى يُوجِبه ويُخصِّصه بالمكان الذي يختص به ؟

الجواب عن الأول : أن يُقال : إن المخاطَبين في الآية الأولى هم المنافقون ، والمخاطَبون في الثانية هم المؤمنون ، لأنه قال في الأولى : (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ) ، والثانية : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ ) ثم قال : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) وإذا اختَلَف المخاطَبون بما بيّنا في الآيتين كان قوله : (َوسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) بعد قوله : (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ) معناه أن الله قد أخبرنا بأخباركم التي تُخفونها في أنفسكم وتُجاهِرون بها مَن كان مِن المنافقين مثلكم ، والله يَرى ما سيكون منكم بعد ، ويَرى رسوله بإطْلاع الله له عليه ، وأعمالهم التي لأجلها يُحكم عليها بالنفاق يَراها الله تعالى ويَطّلع عليها رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما كل مؤمن يعلمها ، فلذلك لم يَقُل في هذا المكان : (وَالْمُؤْمِنُونَ) بعد قوله : (َوسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) .
وأما الآية الثانية فإنها فيمن أمر الله تعالى نبيّـه صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي أوجب عليهم الصدقات بأن يقول لهم : اعملوا ما أمركم الله به من الطاعات كالصلوات والصدقات ، فإن الله ورسوله والمؤمنين يَرون ذلك ، وهذه الأعمال مما تُرى بالعين خلاف أعمال المنافقين التي تقتضي لهم النفاق لإضمارهم ، وهو مما لا يُرى بالعين ، وإنما يَعلمه عالِم الغيب ، فلذلك لم يُذكر المؤمنون في الأولى ، وذُكِروا في الثانية .

الجواب عن المسألة الثانية :
إن معنى قوله للمنافقين : (لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) أي : سيَعلم الله حقيقة عملكم ، وأنه من غير صحة اعتقاد منكم ، وأن اعتذاركم قول بلسانكم لا يُطابِقه منطوى ضميركم ، وهذا ظاهر بكون الجزاء عليه خلافه ، ففصَل بينه وبين ردّهم إلى الله تعالى للجزاء عليه بقوله : (ثُمَّ تُرَدُّونَ) أي : عَملكم يَعلم الله مِن باطِنه خلاف ظاهره ، وقد أُمِرنا بالرضاء به ، وحَقْن دمائكم له ، ثم إن الْحُكم إذا رُددتم إلى الله تعالى في الآخرة بخلافه ، فلِبُعد ما بين الظاهر من عملهم وما يُجازون به دَخَلتْ " ثم " ، وليست كذلك الآية الأخيرة ؛ لأن ما قبلها بعثا على عمل الخير ، لقوله : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) وهذا وعْد ، والأول وَعيد ، وبعده (وَسَتُرَدُّونَ ) لأنه وَعْد مما يُشاكِل أفعالهم ، ويُطابِق أعمالهم من حُسن الثواب وجميل الجزاء ، ولم يَبْعُد عنها كَبُعْد جزاء المنافقين عما هو ظاهر من أعمالهم التي يُراؤون بها ، ويَعلم الله تعالى خلافها منهم ، فَجَرى الكلام على نسق واحد ، فقال : فَسَيَرى الله عملكم وستُردّون ، ولم يُدخِل " ثم " التي هي للتراخي والتباعد ، فاختصاص كل موضع بما اختصّ به من اللفظ لما ذَكَرْنا . اهـ .

والله تعالى أعلم .




خليجية



جزاكى الله كل خير

خليجية




خليجية



مشكورة على الطرح الرائع



التصنيفات
مصلى المنتدى - تفسير وحفظ القران - ادعية و اذكار

تفسير سورة المؤمنون

تفسير سورة المؤمنون

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيات 1 ـ 11

( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

يقول الله تعالى مبشرا المؤمنين بأنهم هم الفائزون الذين سعدوا فى الدنيا والآخرة
الذين من صفاتهم أنهم خاشعون لله فى صلاتهم ويحافظون عليها
وهم يبتعدون عن الكلام الذى لا فائدة ولا طائل منه ويبعدون عن الكلام المؤدى للشرك والظلم
ويؤدون زكاة أموالهم ، ويزكون أنفسهم من صفات الشرك

والذين يبتعدون عن الزنا ويحفظوا فروجهم من الحرام ولكن على أزواجهم أو ما احل الله لهم من السرارى فليس عليهم حساب ولا مجازاة

أما من أراد ما حرم الله من زنا ولواط ووتعدى حدوده كا لإستمناء باليد فذلك من البغى والظلم .

ومن صفاتهم المحافظة على المواثيق والعهود والإلتزام بها
ولا يضيعون صلاتهم بل يحافظون عليها فى مواعيها ومناسكها

فهؤلاء الذين كانت تلك صفاتهم هم الوارثون للجنة خالدين فيها أبدا .




الآيات 12 ـ 16
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ )

يخبرنا الله عن خلق الإنسان فبدأ خلق آدم من الطين ( الطين اللازب المنتن الذى جف فأصبح صلصالا ونفخ فيه الروح )
ثم جعل خلق ذرية آدم من نطفة من ماء الذكر وماء الأنثى ليكون مستقرا فى رحم الأنثى ثم يتحول إلى علقة تتعلق بجدار الرحم ثم تتحول المضغة إلى عظاما ويكسوه اللحم ويتشكل إلى أجهزة وأعضاء ويتكون خلق جديد ، فسبحان الله الذى خلق وقدر كل شئ بأحسن خلقة وأعظم من شكّل.

وبعد أن تقضون ما قدر الله فى الحياة الدنيا لكم تموتون وتصبحون ترابا
ويوم القيامة يعيد الله خلق الإنسان ويبعثه من جديد .
الآية 17

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ )

يقول سبحانه وتعالى : لقد خلقنا فوقكم سبع سموات طبقات
ونعلم كل ما فيها من خلق ونعلم ما يدخل الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يصعد فيها والله معكم أينما تكونوا ويعلم سركم ونجواكم وعلانيتكم والله يبصر بدقة ما تعملون ولا يحجب عنه شئ فى السموات أو فى الأرض .

الآيات 18 ـ 22

( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ * وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ *وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ )

إن نعم الله على عباده كثيرة لا تحصى ، فهو الذى أنزل من السحاب فى السماء مطرا ب بقدر حسب الحاجة فلا هو كثير يغرق الزروع والعمران ولا هو قليل لا يكفى لإنبات الزرع .
فأسكناه فى الأرض : وجعله يستقر فى الأرض منه ما ينبت ما بها من بذور ومنه ما يستقر فى الطبقات ليخرجه الناس عيونا وآبارا ليشربوا ويشرب أنعامهم ويستفيدوا به .
وإنا على ذهاب به لقادرون : والله قادر على أن يصرفه بأن لا ينزل المطر أو يضيع فى طبقات الأرض أو يذهبه إلى مكان بعيد عن الناس

وبهذا الماء ينبت الله به جنات من نخيل وعنب وبساتين فواكه كثيرة مختلفة الأنواع ويأكل منها الناس .

وينبت شجرة الزيتون ذات الفوائد الكثيرة فى سيناء عند جبل الطور الذى كلم الله فيه موسى ليجئ للناس بالفضل الكثير
وهذه الشجرة يستخرج منها الزيت والدهن وينتفع به للأكل و فى الأصباغ

كما خلق الله لكم الأنعام ومنها منافع كثيرة ، تشربون لبنها وتستفيدون بأوبارها وأشعارها وتأكلون لحومها وتركبونها وتحملون عليها أثقالكم .




الآيات 23 ـ 25

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ )

وليتخذ الناس العبرة :
فهذا نوح عليه السلام لما أرسله الله لينذر قومه قال لهم اعبدوا الله فليس لكم غيره إله ، ألا تخافون عذابه وبأسه

قال له القوم الكافرين إن نوحا بشرا مثلكم ويريد أن يتعاظم عليكم ويترفع عنكم بدعوى الوحى
ولو أراد الله أن يخبركم لكان أنزل لكم ملائكة
فما سمعنا ببعثة البشر من قبل فى آبائنا القدامى
إنه رجل مجنون فانتظروا حتى يأتيه الموت وتستريحوا منه .

الآيات 26 ـ 30

( قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ * فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ )

• اشتدت الناس فى المعاصى ورسول الله يدعوهم ويناله الأذى ويسب ويقال مجنون، وإمرأته تصفه كما وصفه الناس بالجنون ، وهو لايمل الدعوة لتوحيد الله والطاعة ، هو يكبر فى السن والناس لم تكن كلها من مثل عمره ، فكانت تأتى أجيال وتموت أجيال وهو على دينه يدعوالناس، ولكن إزداد الطغيان
• شكى رسول الله نوح لربه عناد الناس
• فأمره وحيا بأن يزرع فى الصحراء شجرا ويقطع أخشابه ويبنى به سفينة ضخمة ، وبعضا من أبنائه المذكورين أعلاه آمنوا به وأحفاده عاونوه فى ذلك ، وصنع مسامير ضخمة من الخشب ليمسك بها أجزاء السفينة
• كلما مر به أحد يسخر منه ومن معه ويقولون مجنون ، فهل من المعقول أن يبنى أحد فى الصحراء سفينة ويصبر على نمو الأشجار وأين الماء الذى تسير فيه السفينة؟
• وصبر نبى ورسول الله على الأذى ومن معه

• حتى إذا انتهى البناء ، وفار التنور ( قيل أن التنور هو عين ماء بالهند ، وقيل بالكوفة ، وقيل بالجزيرة العربية ، ـــــــــــ أما علىّ بن أبى طالب فقال معناها فلق الصبح وظهور النهار ، وعند الجمهور أن التنور فلق سطح الأرض وخروج البراكين من كل مكان حيث معناها فى اللغة نار الفرن ، ومن المعروف أن بعد البركان تخرج الماء والفيضانات من البحور لتغطى الأرض ) وانهمرت السماء بالمطر الغزير ، وانفجرت العيون ، وارتفع الماء والسفينة تعلو على سطحه
• وأمر الله رسوله نوح أن يجمع المؤمنون معه وكانوا من أهله إلا إبن له يسمى يام ، وزوجته أمر بتركهم حيث أخذ ينادى عليه ولم يستجب وأصر الكفر والعصيان وقال سأحتمى بالجبل ولكن الماء غطى الجبل وغرق يام
• أمر الله نوحا أن يأخذ من كل نوع من المخلوقات نبات ، وحيوان ، زوجان ذكر وأنثى ، لتستمر الحياة بعد ذلك

وأمره الله بأن لا يشفع لمن كفر من أهله ولا تأخذه رأفة عند نزول المطر بالكافرين ، فقد قدر الله لهم الغرق مع من غرقوا بسبب كفرهم

ويأمر الله نوحا إذا ركب ومن معه فى السفينة أن يحمد الله على نجاته من الكفار ومن الغرق وأن يدعوا الله أن ينزله مكانا مباركا
وفى هلاك الكفار آية على صدق نبيه
وإن كنا لمبتلين : والله يبتلى الناس ويختبرهم بإرسال الرسل .




الآيات 31 ـ 41

( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ * فَأرسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )

ثم جعل الله من بعد قوم نوح قوم عاد وتلاهم قوم ثمود
أرسل الله فيهم الرسل لينذرونهم بعبادة الله وحده ولا يشركون به عبادة شئ آخر وأمروهم بالتقوى وخشية الله
ولكن الكافرين منهم المكذبين بيوم القيامة الذين أنعم الله عليهم بكل وسائل الترف والنعم فى الدنيا ، قالوا كيف نصدق لبشر مثلنا يأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب
لو أطعتم بشرا مثلكم ستخسرون فهم يريدون أن يتفضلوا عليكم
كيف يعدونكم بالعودة للحياة بعد الممات وبعد أن تبلى أجسادكم وعظامكم

هيهات ، هيهات : فبعيدا بعيدا أن يحدث ذلك أبدا .
فهى حياتكم الدنيا تعيشون وتهرمون ثم تموتون ولا عودة للحياة ثانيا
إن من ادعى الرسالة رجل مجنون يدعى الكذب والإفتراء على الله ولا نؤمن له

وكان عاقبتهم أن أهلكهم الله وأخذتهم الصيحة بما فعلوا وكذبوا وهذا العدل والحق معهم فأصبحوا كغثاء السيل وكأن لم تقم لهم قائمة
فلهم الهلاك بظلمهم وبعدا لهم .

الآيات 42 ـ 44

( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ * ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لّا يُؤْمِنُونَ )

وبعد هؤلاء القوم جاءت أقوام وأقوام وأمم وأجيال ، وكل أمة من هؤلاء تؤخذ على قدر ما قدر الله لها فى اللوح المحفوظ فلا تتقدم ولا تتأخر عما قدر لها .
وأرسل الله الأمم تتلوا بعضها البعض وأرسل لهم الرسل فكانوا يكذبونهم فأهلكهم الله وجعل منهم أحاديث وقصص تروى بين الأجيال لتكون عبرة للناس
فالبعد والهلاك لمن كذبوا .




الايات 45 ـ 49

( ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ * فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ )
وبعث الله موسى وأخاه هارون بالدلائل والحجج الواضحة إلى فرعون وقومه ، ولكنهم استكبروا عنها وعلوا فى الأرض
قالوا كيف نؤمن لبشرين مثلنا وقومهما تحت إمرتنا وسيطرتنا أذلاء
وكذبوا، وما كان مصيرهم إلا الهلاك مثل من كذبوا قبلهم
مع أننا أرسلنا موسى بالتوراة فيها تبيانا لكل شئ ليهتدوا ولكن بلا فائدة فم كافرون .

الآية 50

( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ )

وهذا عيسى ابن مريم ، جعله الله آية للناس وحجة على قدرة الله تعالى فى خلق ما يشاء فقد خلق آدم من أب ولا أم ، وخلق حواء من غير أم ، وخلق عيسى من غير أب ، ثم يخلق باقى الناس من أب وأم
واسكن الله مريم وابنها عيسى عليه السلام فى مرتفع من الأرض وهو بيت المقدس حيث النبات فى أحسن ما يكون وفيها الماء الجارى العذب فى النهر والأرض الخصبة .

الآيات 51 ـ 56

( يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لّا يَشْعُرُونَ )
ثم يأمر الله رسله وعلى مثيلتهم المؤمنين بأن يأكلوا مما خلق الله حلالا طيبا ويعملوا الصالح
وهذا يدل على أن الأكل من طيبات ما أحل الله تعين على العمل الصالح ، وأن من يأكل الحرام لا يستجاب له ولا يهتدى سبيلا

ويطمئنهم بأنه يعلم سبحانه أعمالهم الصالحة ويعينهم عليها

ويقول لرسله أن دينهم جميعا هو دين واحد أساسه الدعوة لتوحيد الله لا شريك له ويأمرهم بالتقوى .

والأمم التى بعثت إليها أنبياء كل جماعة منهم يفرحون بما هم عليه من ضلال وكفر ويحسبون أنهم مهتدون
فدعهم يا محمد يفرحوا كما يريدون واتركهم فى ضلالهم حتى يأت هلاكهم فى الوقت المحدد لهم

هم يظنون أن ما نعطيهم من أموال وبنين إنما هذا لكرامتهم ومعزتهم عند الله
لا فليس الأمر كذلك وهم لا يشعرون أن هذا ابتلاء لهم لنمدهم فى الغى ثم نعذبهم بما يظلمون بها .