الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد :
فإننا نحن النساء الموقعات على هذا الخطاب من نساء المملكة العربية السعودية قد غاظنا كثيراً ما نسمعُ ونشاهدُ مما تـُستهدف به المرأة المسلمة في بلادنا الطاهرة من مشاريع التغريب وما يجري من تفعيل تلك المشاريع في واقع التعليم العام والجامعي، وكذلك الحال في مجالات العمل الأخرى التي يتم فيها الاختلاط بين الجنسين، كما لاحظنا ما دأبت عليه بعض الأقلام من الهجوم على الحجاب والعفاف واصفة لهما بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور ….. إلخ
هادفين من وراء ذلك إلى إخراج المرأة السعودية من حشمتِها وعفافِها الذي عُرفت به عبر العصور، لتلحق بنساء الغرب الذي أصبح أهله ينوؤون تحت وطـْأة المآسي التي جرّها عليهم الاختلاط .
هذا وإننا إزاء ما يجري نـُذكـّر بالأمور التالية :
أولاً: لقد أكرمنا الله بهذا الدين وأخرجنا به من الظلمات إلى النور ، ونحن نتشرف بالعيش في ظل شريعتنا الخالدة حيث أعطانا الله حقوقنا كاملة غير منقوصة ، بعد أن كانت المرأة تعاني من الحرمان والاضطهاد تحت المبادئ الأخرى من النـُظم الأرضية والأديان المحرفـّة ، ومما أكرمنا الله به الحجاب وصيانة العفاف فالمرأة في بلادنا دُرّة مصونة بعيدة عن الامتهان والحرمان ، مع قيامها بالأعمال مع بنات جنسها في كلّ المجالات اللائقةِ بها ، فمع كون عملها الأساسي هو تربية الأجيال وحراسة ثغور أسرتها فإن ذلك لم يمنعها عن المساهمة في كل عمل شريف لا يُعرضُها للفتنة ، إلا أنّ المتحدثين عن حقوق المرأة _ كما زعموا _ ينادونها للخروج من حشمتها ووقارها إلى التبرج والاختلاط ونبذ الحجاب .
ثانياً: إننا نؤيد ولاة أمرنا الذين يقفون في وجه دعاة الفتنة الذين لم يرُق لهم أن يروا بلادنا مستقرة آمنة في ظل شريعة الإسلام وما فيها من العدل والمبادئ والمثل العظيمة التي لا تدانيها فضلاً عن أن تساميها أية حضارة أخرى ، وإننا في الوقت الذي نشكر فيه ولاة أمرنا فإننا نتطلع منهم إلى المزيد من الحزم الذي لا يلين ضد كل من يريد ببلادنا الضياع والذين يريدون زرع بذور الفتنة في بلادنا عن طريق إخراج المرأة من حجابها وعفافها وجعلها عرضة للعيون النهمة والنفوس المريضة مع التذكير بأن بلادنا لها خصوصية عظيمة لا تسمح لها باتباع الآخرين أو الإصغاء لمطالبهم على حساب سيادتنا وأمن بلادنا التي هي مهبط الوحي ومهد الرسالة ومنطلق الدعوة الإسلامية إلى أقطار الأرض وذلك سرّ قوتها وأمنها وتماسك مجتمعها .
ثالثاً: إنّ ما يقوم به بعض المنسوبين إلى العلم الشرعي من إصدار الفتاوى الخاطئة والقول على الله بغير علم ممن يُهوِّنون من شأن الحجاب والتقليل من خطر الاختلاط في سابقة لم يعرفها تأريخ العلم والعلماء من قبل ، وفي المذاهب الإسلامية المعروفة كما قال سبحانه:" فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ … الآية " آل عمران . ولم نعلم بمثل تلك الأقوال الشاذة والمنكرة في بلادنا إلا بعد وفاة الشيخين الجليلين (الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين) رحمهما الله تعالى ، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) متفق عليه . فإن ما يصدر من قبل أولئك المتساهلين نرفضه رفضاً قاطعاً وندعوهم – نحن نساء المسلمين – أن يتقوا الله فلن يغنيهم ما يسعون إليه من الدنيا وسوف يسألهم الله عن التألـِّي عليه سبحانه ونسأل الله أن يردهم إلى الحق قبل أن يلقوا ربهم " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ " الزمر .
رابعاً: يتعين علينا في هذا المقام أن نذكر بعضاً من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب الحجاب :
الدليل الأول : قال الله تعالى:" وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ … الآية" النور
قالت عائشة _رضي الله عنها_ : (يرحم الله نساء المهاجرين الأُول لما أنزل الله :" وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ .."شققن مروطهنّ فاختمرن بها ) رواه البخاري
وقال الشيخ محمد بن عثيمين _رحمه الله_ :(الخمار ما تـُخمر به المرأة رأسها وتغطيه به ، وإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورةً بستر وجهها ، إما لأنه من لازم ذلك ، أو بالقياس ، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى ، لأنه موضع الجمال والفتنة) أ.هـ .
الدليل الثاني : قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً " الأحزاب ،
والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار.
ورُوي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال :(ذلك أنْ تـَلـْويَهِ المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها) وفي صحيح مسلم عن أم عطية :(قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها ") تفسير القرطبي .
وقال ابن عباس – رضي الله عنهما – أيضاً :(أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ) .
قال الشيخ ابن عثيمين _رحمه الله_ :(وتفسير الصحابي حجة ، بل قال بعض أهل العلم :إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) وقال السيوطي _رحمه الله_ :(هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ففيها وجوب ستر الرأس والوجه ..)
الدليل الثالث : قوله تعالى :" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى … الآية" الأحزاب
والمراد:(لا تبرجن أيتها المسلمات بعد إسلامكن تبرجاً مثل تبرج الجاهلية التي كنتن عليها وكان عليها من قبلكنّ) فتح القدير للشوكاني .
الدليل الرابع : قوله تعالى :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ …. الآية" الأحزاب ، قال العلامة ابن باز _رحمه الله_ :(فالحجاب أطهر لقلوب الرجال وقلوب النساء ، وأعظم ما في المرأة من الزينة وجهها، فالواجب ستره بالحجاب الساتر حتى لا تـَفتِن ولا تُفتـَن) .
و جاء في السنة المطهرة من الأحاديث الدالة على وجوب الحجاب عدة أحاديث صحيحة ، نعرض في هذا المقام بعضاً منها :-
1- عن ابن مسعود _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المرأة عورة" رواه الترمذي وصححه الألباني .
2- وعن ابن عمر _رضي الله عنهما _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " فقالت أم سلمة _رضي الله عنها_ :(فكيف يصنع النساء بذيولهنّ )؟ قال : (يرخين شبراً) فقالت : إذاً تنكشف أقدامهنّ ،قال : (يرخين ذراعاً لا يزدن عليه ) رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح .
وقال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_ في (الفتح) : (لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب) أ.هـ
3- وروى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث أنس _رضي الله عنه_ قال : قال عمر _رضي الله عنه _ قلت 🙁 يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب ) .
4- وعن أسماء بنت أبي بكر _رضي الله عنها_ قالت : (كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنّا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ) رواه ابن خزيمة والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي .
5- وعن عائشة _رضي الله عنها_ قالت :(كنّ نساء المؤمنين يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهنّ ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس)متفق عليه
كما نستعرض فيما يلي أدلة تحريم الاختلاط والتبرج من الكتاب والسنة وأقوال العلماء :-
الدليل الأول : قال الله تعالى :" وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى " الإسراء وقوله تعالى :" وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ " الأنعام
فالنهي عن القرب نهي عن كل ما يكون سبباً لذلك ، ولا شك أن الاختلاط من أهم الأسباب المؤدية إلى تلك الويلات .
الدليل الثاني : قال تعالى :" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى … الآية " فيدخل في معنى التبرج :1- كثرة الخروج 2- إظهار الزينة والمفاتن 3- أن تمشي بين الرجال كما فسرها مجاهد .
ثم لا يخفى ما تعنيه نسبة البيوت إليهنّ ، وكانت عائشة _رضي الله عنها_ إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبُل خمارها .وقد امتدح الله نساء الجنّة بأنهنّ" حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ " الرحمن
وقد علل الله تعالى البعد عن مواطن الاختلاط بقوله" إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً " الأحزاب ، وليس ذلك خاصاً بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإذا كان الله يريد ذهاب الرجس عن بيت النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك يريدُ ذهاب الرجس عن بيوت المؤمنين أجمعين .
الدليل الثالث : قال الله تعالى :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ … الآية " الأحزاب
وإذا كان الخطاب بذلك أول مرة للصحابة الكرام فكيف بمن بعدهم ؟! .
الدليل الرابع : وقال سبحانه :" وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ … الآية" النور
الدليل الخامس: وقال تعالى: " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ … الآية" النور
قال الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ _رحمه الله_ :(فإذا نهى الشارع عن النظر إليهنّ لما يؤدي إليه من المفسدة التي تحصل مع الاختلاط فكذلك الاختلاط يُنهى عنه لأنه وسيلة إلى مالا تُحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو اسوأ منه) .
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز _رحمه الله_ :(فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال ، والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير ، وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي ؟! ).
وأما الأدلة من السنة المطهرة فمنها :-
1- قال النبي صلى الله عليه وسلم :(إياكم والدخول على النساء) فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت . رواه البخاري ومسلم .
2- حديث ابن عباس _رضي الله عنه_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم …. الحديث ) متفق عليه
3- حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلونّ بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان) أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني
4- حديث معقل بن يسار _رضي الله عنه_ مرفوعاً :(لأن يُطعن أحدكم بمخيط في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) .
ولا يخفى أن سبب الملامسة والمصافحة هو الاختلاط .
وقد قالت عائشة _رضي الله عنها_ 🙁 إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة )
مع كوننا نرى في الواقع بنت تسع أو أكثر تمشي في الطرق والأسواق بدون حجاب ساتر لجسمها ووجهها وشعرها بل إننا نستطيع التمييز بين الذكور والإناث من أطفالٍ يلعبون في شارع أو ميدان وذلك بلباس الأولاد الساتر ولباس البنات القصير وشبه العاري ! لاشك أن تعويد الصغيرة على عدم التستّـّر يعوّدها ذلك عند الكبر والله المستعان .
5- نهى النبي صلى الله عليه وسلم – المرأة عن التطيب إذا خرجت لحديث أبي موسى الأشعري _رضي الله عنه_ مرفوعاً "إذا استعطرت المرأة فخرجت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ، وكل عين رأتها زانية " رواه أحمد
بداية السفور والاختلاط ونبذ الحجاب في بلاد المسلمين
لقد أخذت حركة تغريب المرأة طريقها إلى بلاد المسلمين عبر بوّابتين رئيستين هما :
الأولى : الاستعمار المباشر لبعض بلاد المسلمين كبلاد الشام وشمال إفريقيا وغيرهما ، ويلحق بذلك ما أحدثته حركة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا الذي أطاح بالخلافة الإسلامية ثم عمِل على محو كل ما يمت للإسلام بصلة وحوَّل تركيا إلى دولة علمانية على الطراز الأوربي . فعمل الاستعمار بكل وسيلة على مسخ أخلاق المسلمين عامة ونساء المسلمين بشكل خاص ، حيث أدخل معه كثيراً من نساء الغرب السافرات المتبرجات كما يقول الجبرتي في تأريخه عندما ذكر الاحتلال الفرنسي لمصر ، حيث وصف تلك المشاهد بقوله :(يمشون في الشوارع مع نسائهم وهنّ حاسرات الوجوه …. إلخ ) من كتاب عجائب الآثار جـ3 صــ262-263 كما أن المستعمرين قاموا بافتتاح المدارس الأجنبية وأقروا فيها الاختلاط ، فدخلها كثير من أبناء وبنات عِلـية القوم في تلك المجتمعات ، فقام أولئك الأعداء على إعدادهم وتربيتهم تربية لا تمت للإسلام بصلة ، ولا يفوتنا أن نذكر في هذا الصدد ما قامت به (هدى شعراوي)و(صفية زغلول) حيث قادت الأخيرة مسيرة نسائية عبر شوارع القاهرة ، وعندما وصلن إلى ما سُمِّي _فيما بعد_ بميدان التحرير ألقت صفية زغلول حجابها ثم تبعتها باقي النساء فألقت كل واحدة حجابها حتى تكوّن تلٌّ من الملابس الساترة ثم صببن عليها البترول وأشعلن فيها النيران ثم عدن إلى بيوتهن سافرات متبرجات .
ونعود إلى ما ذكره الجبرتي حيث يقول :(فمالت إليهن نفوس أهل الأهواء من النساء الأسافل ، فتداخلن معهم – أي مع المستعمر …. إلخ)
البوابة الثانية للتغريب : البعثات التعليمية المتعاقبة إلى بلاد الغرب ، فقد انبهر الكثير من أبناء تلك البعثات بما رأوه في الغرب من المنجزات المدنية والبهرج الزائف ، وما شاهدوه من العادات والتقاليد الغربية وأنظمة التعليم ومناهجه ، واختلاط الجنسين في التعليم وغيره ، فعادوا من تلك البلاد وهم لا يفكرون إلا بعقول أعداء المسلمين ، ولا يَخْطـُون إلا حيث رسم لهم الأعداء من تطبيق ما رأوه وانبهروا به ، مطالبين باستنساخ تلك المدنية بحذافيرها مما يخالف عقيدتنا وقيمنا، فأخذوا يزينون الاختلاط ، ونبذ الحجاب باسم التقدم واللحاق بركب التطور ، وباسم إعطاء المرأة حقوقها – وكأنّ الإسلام قد نقصها تلك الحقوق حتى يأتي أولئك المتحدثون عن حقوق النساء في الوقت الذي لم نفوضهم لكي يتحدثوا باسمنا ؟!!
ثم تقدم أولئك خطوة أخرى ، فأخذوا يطبقون تلك المشاريع في الواقع حيناً ، وعملوا على الحصول على قرارات رسمية تدعم مشاريعهم أحياناً أخرى فأصبحوا يمثلون رؤوس جسور يعبر فوقها الأعداء بأفكارهم وعاداتهم إلى بلادنا .
يقول الشيخ علي الطنطاوي _رحمه الله_ عند وصفه بداية الاختلاط في بلاد الشام :(بدأ الاختلاط من رياض الأطفال …. إلى أن قال : ثم سلموا التعليم في المدارس الأولية لمعلمات بدلاً من معلمين ، وذلك ذريعة إلى الحرام وطريقاً إلى الوقوع فيه في مقبل الأيام ـ وإذا كان سدّ الذرائع من قواعد الإسلام ، وإذا كان الصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكرته فيخرجها من مخزنها ولو بعد عشرين سنة… ثم قال : هذا هو باب الشهوات وهو أخطر الأبواب عرف ذلك خصوم الإسلام فاستغلوه وأول هذا الطريق هو الاختلاط ، ثم يقول أيضاً : إن وكيلة ثانوية للبنات جاءت إلى المدرسة سافرة ، فأغلقت دمشق حوانيتها ، وخرج أهلها محتجين متظاهرين حتى روّعوا الحكومة فأمرتها بالحجاب وأوقعت عليها العقاب مع أنها لم تكشف إلا وجهها ) من كتاب الذكريات للشيخ علي الطنطاوي يرحمه الله .
ويقول الشيخ بكر أبو زيد _رحمه الله _ :(ولابد من التنبيه هنا إلى أن دعاة الإباحية لهم بدايات تبدو خفيفة ، وهي تحمل مكايد عظيمة : في وضع لبنة الاختلاط ، يبدؤون بها من رياض الأطفال ـ وتقديم طاقات وليس (باقات) الزهور من الجنسين في الاحتفالات . ثم قال : إذا كان الاختلاط في رياض الأطفال مرفوضاً لأنه ليس من أعمال المسلمين على مدى تاريخهم الطويل في تعليم أولادهم في الكتاتيب وغيرها ، ولأنه ذريعة إلى الاختلاط فيما فوقها من مراحل التعليم .
فالدعوة إلى الاختلاط في الصفوف الأولى من الدراسة الابتدائية مرفوضة من باب أولى ، فاحذروا أن تخدعوا أيها المسلمون .. وهكذا من دواعي كسر حاجز النُُفرة من الاختلاط ، بمثل هذه البدايات التي يستسهلها بعض الناس ، فليتق الله أهل الإسلام في مواليهم ، وليحسبوا خطوات السير في حياتهم ، وليحفظوا ما استرعاهم الله عليه من رعاياهم ، والحذر من التفريط والاستجابة لفتنة الاستدراج إلى مدارج الضلالة ، وكل امرئ حسيب نفسه … ثم قال أيضاً : وأحمد لطفي الهالك سنة 1382هـ هو أول من أدخل الفتيات المصريات في الجامعات مختلطات بالطلاب ، سافرات الوجوه لأول مرة في تاريخ مصر ، يناصره في هذا عميد التغريب طه حسين الهالك سنة 1393هـ ). من كتاب حراسة الفضيلة .
وقال المنفلوطي _رحمه الله _ :(لقد كنّا وكانت العفـّة في سِقاءٍ من الحجاب موكوء، فما زالوا به يثقبون في جوانبه كل يوم ثقباً ، والعفة تتسلل منه قطرة قطرة حتى تقبّض وتكرّش ، ثم لم يكفهم ذلك حتى جاؤوا يريدون أن يحلـّوا وكاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة ) . من كتاب العبرات
ويقول الدكتور / أحمد محمد جمال :
(إن السبب الحقيقي في جميع مفاسد أوروبا ، وفي انحلالها بهذه السرعة هو إهمال النساء للشئون العائلية المنزلية ، ومزاولتهن الوظائف والأعمال اللائقة بالرجال في المصانع والمعامل والمكاتب جنباً إلى جنب) . من كتاب مكانك تـُحمدي
وهنا نقول : إن الخطوات التي ذكرها كل من الشيخ علي الطنطاوي والشيخ بكر أبو زيد والكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي كانت هي البدايات ولكنها خطوات الشيطان التي يجر بعضها بعضاً ويمهّد بعضها لبعض وتلك الخطوات هي – بعينها- التي بدأنا نلاحظها الآن في بلادنا .
ونعرض هنا نماذج قليلة من مئات الصيحات والتحذيرات التي أطلقها مشاهير ومفكروا الأمم الأخرى التي اكتوت قبلنا بنار الاختلاط ، وما نتج عنه من الانحرافات السلوكية ، وتدنّي القدرات العقلية وضعف النتائج الدراسية ، وانتشار الأمراض الجنسية في المدارس المختلطة .
1- لما اجتمع سفير الدولة العثمانية في بلاد الإنجليز مع كبراء الدولة ، قال أحد كبراء الإنجليز :(لماذا تصرون أن تبقى المرأة المسلمة في الشرق الإسلامي متخلـّفة معزولة عن الرجال محجوبة عن النور ؟ فأجاب السفير العثماني بذكاء : لأن نساءنا في الشرق لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهم ، فخجل الرجل الإنجليزي وسكت ) . من كتاب الفتن للبيانوني.
2- ولما زار عظيم الألمان الأستانة (اسطنبول) أثناء الحرب العالمية الأولى _وكان ذلك بعد قصة السفير العثماني السابقة بمدة_ فلما رأى عظيمُ الألمان النساء التركيات سافرات متبرجات عاتب مضيفـَهُ التركيَّ (طلعت باشا) وذكر له ما في ذلك من المفاسد الأدبية والمضار الاقتصادية التي تئن منها أوروبا وتعجز عن تلافيها وقال له : (إنّ لكم وقاية من ذلك كله ، ألا وهو الدين الإسلامي ، أفتزيلونها بأيدكم ؟!).
3- ويقول الكاتب الأمريكي (روبرت تايلور) في مقالته المنشورة في 27/6/1430هـ وعنوانها: (البنات يتحصلنّ على درجات أعلى في التعليم غير المختلط ويحقّقن إنجازاً أكاديمياً أفضل)
ثم يقول :(إن هناك اهتماماً نامياً يزداد أكثر فأكثر بقضية فصل الذكور عن الإناث في التعليم كاستراتيجية لتحسين مستوى أداء الجنسين) .
4- وتقول الكاتبة الإنجليزية (آني رود) :
(… ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ؛ فيها الحشمة والعفاف والطهر ولا تمس الأعراض بسوء ، نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطتهن للرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت ، وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها ).
5- وتقول الباحثة (راشيل بريتشرد ) :
(التعليم المختلط يشجع على العلاقات بين الأولاد والبنات ، وإذا أحصي عدد المراهقات الحوامل من مدارس مختلطة ، ومن مدارس بدون اختلاط ، خصوصاً المدارس الإسلامية لوجدنا _في الغالب_ أن نسبة الحوامل في المدارس المختلطة تكون 57% على الأقل ، من بين عدد الطالبات مقارنة بالمدارس التي تطبق الفصل بين الجنسين ؛ حيث يكون عدد المراهقات الحوامل 5% في حين سنجد أن النسبة في المدارس الإسلامية هي 0% الصفر . كما أنني اعتقد أن اختلاط الجنسين يؤدي إلى عدم تركيزهم من الناحية الدراسية ؛ لأن اهتمامهم سيكون متوجهاً للجنس الآخر …).
6- ويقول دكتور فرنسي متخصص في جراحة الأمراض النسائية :
(إن أغلب الأمراض الجنسية التي نعاني منها سببها الاختلاط غير المشروع بين الرجل والمرأة "أي بما يجرّه كل واحدٍ منهما على الآخر من عدوى الأمراض الخطيرة " ، وإذا عدنا إلى أصول هذه المشكلة نجد أن سببها تخّلي المرأة والرجل عن حيائهما الذي جعله الله عز وجل في كل رجل وامرأة ، وبخاصّة لدى المرأة ؛ فالمرأة بعد أن تخلـّت عن حيائها ، وخالفت بذلك طبيعتها الإنسانية راحت تختار الألبسة التي تكشف عن مفاتنها ، فانتشرت الفتنة في المجتمع ، وانتشرت الأمراض بعد ذلك ) من كتاب الاختلاط بين الجنسين في الميزان للدكتور خالد السبت
7- كما كشفت الدراسة التي أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين :
أنه يوجد تلميذ مصاب بالإيدز في كل مدرسة نتيجة الاختلاط ، بل أن في دولتي : (بتسوانا) و (سوازيلاند) بلغت النسبة فيها 40% (أي حوالي نصف السكـّان) وأصبح متوسط الأعمار عند الوفاة في (بتسوانا)33 سنة فقط وأصبح عدد السكـّان يتناقص ، وكلّ هذا بسبب انتشار مرض (الإيدز) عن طريق الفواحش المتفشية في سكـّانها. عن منظمة الصحة العالمية .
8- ويقول أحد الطلاب من بلد عربي يسود فيه الاختلاط :
(إن أهم سلبيات الاختلاط في التعليم الجامعي _من وجهة نظري_ أن البنت فيه تفقد حياءها ، وهذا أهم ما يميز الفتاة : الحياء والخجل ، لكنك في المجتمعات المختلطة تجد الفتيات يضحكن ويقهقهن بصوت عالٍ ويتحدثن مع الشباب في كل الموضوعات ، كالحب والعمل والزواج والطلاق ، وبشكل صريح ، وهذا ما يجعل الفتيات أكثر جرأة وأكثر إقبالاً على حياة اللهو) . عن مجلة البيان الإماراتية.
9- وهذا أحد دعاة إفساد المرأة وهو قاسم أمين يصرّح قائلاً:
(لقد كنت أدعوا المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر الترك بل الإفرنج في نحو تحرير نسائهم ، وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق الحجاب وإلى إشراك النساء في كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم …. ولكنّي أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس … فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهنّ ، وماذا يكون شأنهم معهنّ إذا خرجن حاسرات ، فرأيت من فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي ، رأيتهم ما مرّت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا إليها بألسنة البذاء ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرّت بهم امرأة أو فتاة إلا تناولتها الأيدي والألسن جميعاً )عن جريدة الظاهر المصرية العدد الصادر في رمضان عام 1324هـ .
ولهذا نقول نحن نساء المملكة العربية السعودية :
فكيف يكون الأمر في مجتمعنا المحافظ لو انفـَلـَتَ زمام الفضيلة _لا قدّر الله _بنبذ الحجاب والاختلاط أو قيادة المرأة للسيارة ؟! كيف يتحول المجتمع إلى دَرْكٍ سافل من الفساد والفوضى والرذيلة !! وإن السعيد من اعتبر بغيره والشقّي من اعتبر بنفسه .
والخلاصة: مما ذكرنا في هذا الخطاب من الأدلـّة الشرعية من الكتاب والسنّة وأقوال العلماء والمفكرين المسلمين وأقوال مشاهير ومفكري الأمم الأخرى ممن خاضوا مآسي الاختلاط والسفور وما تجرعته شعوبهم من الويلات وما أطلقوه من صيحات الندم والثبور ،
فإننا نحن الموقعات أدناه نناشد ولاة أمرنا أن يعملوا على إبقاء بلادنا بمنأى عن كل ما يخالف الشرع ويجلب لبلادنا المحن التي حصلت لغيرنا ، وأن لا يُمكـِّنوا دعاة الفتنة والفوضى من تسويق باطلهم ، فضلاً عن تمكينهم عن طريق الحصول على أي قرار رسمي يدعم مشاريعهم الإفسادية كما يحصل في بعض فعاليات الوزارات والجهات الرسمية.
ونطالبُ بكـُلِّ إلحاح بالأمور التالية :
1- نطالب بتفعيل توصيات مؤتمر المرأة السعودية ما لها وما عليها المقام في مدينة الرياض تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة / صيته بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – وفقها الله – ونخصُّ بالذكر الآتي :
أ- التأكيد على رفض التدخلات الخارجية في قضايا المرأة السعودية ؛ باعتبار ذلك انتهاكاً للسيادة.
ب- توفير بيئات عملٍ آمنة للمرأة – بعيداً عن الرجل – يتحقق فيها الأمن النفسي والاجتماعي والصحي لها .
جـ – إجراء الدراسات المسبقة على الاتفاقات الثنائية التي تبرمها الجهات الحكومية مع بعض الهيئات الدولية ؛ لتفادي أي آثار سلبية على حقوق المرأة الشرعية والنظامية ،
وإعادة النظر فيما تم التوقيع عليه من الاتفاقيات الدولية.
د- اعتماد الجهات الحكومية المختصة لعمل المرأة عن بُعد، وسَنُّ الأنظمة واللوائح التي تنظمها.
هـ – اعتبار ربة المنزل امرأة عاملة؛ لما تقوم به من عمل جليل في حفظ استقرار الأسرة وتنمية
المجتمع، وصرف مخصص مالي شهري مناسب لها؛ لتفرغها لذلك.
2- إلغاء كل لائحة أو قرار يـُشرِّع للاختلاط بين الجنسين.
3- إقالة كل مسئول يسعى لإحداث الاختلاط بين الجنسين في وزارته أو من تحت إدارته.
4- نطالب بإيقاف كل من ثبت أو يَثبُت دعوته أو اقراره للاختلاط أو يعمل على إفساد المرأة – بقول أو فعل – وإيداعهم السجون وتطبيق الحدود والتعازير الشرعية بحقهم وإحالتهم للمحاكم الشرعية وترحيل المقيمين الذين لم تطِب نفوسُهم بالالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية التي قامت عليها هذه البلاد.
5- الأخذ على أيدي المتنفذين الذين يسعون لتجاوز الشرع الحنيف بقول أو فعل من الذكور والإناث مهما بلغت مكانتهم .
واللهَ نسأل أن يرد ضالّ المسلمين إلى الحق وأن يجنّب بلادنا كل مكروه وأن يُبقِيَها حصْناً للإسلام وموئلاً للفضيلة والطهر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .
الموقعات من نساء المملكة العربية
[/IMG]
الحمد الله لازال هناك خير في نساء المسلمين
وهذا عشمنا في ولاة امرنا وفقهم الله فهم دائما
حريصين على ما فيه حفاظ على المراءة المسلمة
لله درهن بناتنا واخواتنا
انهن جواهرٌ مصونة ودررٌ مكنونة
بارك الله فيهن وزادهن حرصاً وستراً ومن الله قرباً
مشكور ه غاليتي
لك ودي