التصنيفات
منوعات

والآخرة خير وأبقى

المال له بريقٌ ولمعان، وسحر وفتنة، وقدرتُه على خطف القلوب لا تخفى على أحد، وطبيعة النفس البشريّة مركبة على الشغف بالمال واستهواء خضرته، كما قال سبحانه وتعالى: {وتحبون المال حبا جما} (الفجر:20) أي: حبّاً كثيرا شديداً، وجاء فيما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم أفسد لها من حرص المرء على المال) رواه الترمذي.

وقد وصل هذا الافتتان بالبعض أن يكون عبداً للمال: (تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يُعْط لم يرضَ) رواه البخاري، وليست هذه بعبوديّة الركوع والسجود، ولكن عبوديّة القلب، وجَعْلُ المال منطلقاً للمحبّة والرجاء والخوف.

إذن فهذا الموقف من المال هو المتوقّع من ابن آدم، ألا يدع فرصةً يستكثر فيها من المال إلا وانتهزها، ولا يملأ جوفه إلا التراب، فإذا سمعنا بعد ذلك عن أحدٍ عُرضت عليه الأموال بالمكاييل، والذهب والفضّة والمجوهرات بالمثاقيل، فلم يلقِ لها بالاً، ولم يلتفت إليها أصلاً، علمنا أن شأناً استجدّ فاستدعى هذه المغايرة في الطباع، وهذا الانقلاب في الموازين، ومثل هذا يكون قبيل قيام الساعة.

هذه هي الحقيقة، ولها جانبان سنجد حضورهما وتجلّياتهما في عددٍ من أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم-، أما الأوّل: فطغيان المال وكثرته، والثاني: فإعراض الناس عن قبوله وأخذه، ومع أوّل الأحاديث التي تذكر ذلك: عن أبي هريرةرضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يُهِمّ رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه، فيقول الذي يعرضه عليه: لا أِرَب لي) رواه البخاري.

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فيفيض)، بمعنى أن يزيد عن الحاجة، وهذه الكلمة مأخوذةٌ من الفيض وهو زيادة الماء عن امتلاء الإناء، ومعنى (يُهِمّ) يحزنه ويقلقه ويشغل قلبه، ورب المال صاحبه، ومعنى: (لا أِرَب لي) أي لا حاجة لي بالمال .

فأخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق بكثرة المال في آخر الزمان، وأنه سوف يصل الحال بالإنسان ألا يجد من يقبل صدقته، حتى يحصل له من ذلك هم، وما ذلك إلا لكثرة المال واستفاضته.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحداً يأخذها منه) رواه مسلم.

والمشهد السابق يتضمّن حالةً تكون في آخر الزمان، حين يتردّد الإنسان بالمال بين الناس ويطوف به، فلا يجد من يقبلها، هذا إذا كان حال الذّهب أعز المعادن وأكثرها قيمةً اقتصاديّة: لا يقبله أحد، فكيف الظّنّ بغيره من الأموال؟.

وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه؛ قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تصدقوا؛ فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته؛ فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس؛ لقبلتها، فأما اليوم؛ فلا حاجة لي بها) رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تقيء الأرض أفلاذ كبدها، أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثم يَدَعونه فلا يأخذون منه شيئاً) رواه مسلم.

والمقصود بقوله –صلى الله عليه وسلم-: (تقيء الأرض أفلاذ كبدها) أن تخرج الأرض ما في الأفلاذ جوفها من الكنوز المدفونة فيها، كما قال جل ذكره: {وأخرجت الأرض أثقالها} (الزلزلة:2)، وتكون هذه القِطع عظيمةً وكبيرة، ولذلك عبّر عنها النبي عليه الصلاة والسلام بالأسطوان،وهي السارية والعمود ونحوهما، ويقف أمام تلك الكنوز فئاتٌ من البشر وقفةَ اتعاظ، تشمل القاتل الذي قتل لأجلها، والسارق الذي قُطعت يده بسببها.

ومن دلائل الاستفاضة والكثرة، ما بشّر به النبي –صلى الله عليه وسلم- من الفتوحات، وذلك قوله: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض) رواه مسلم، و المراد بالكنزين: الذهب والفضة.

ونحن نشهد تجلّيات هذه النبوءة في التاريخ، وستظهر أكثر في آخر الزمان، أما أوّل تلك التجلّيات: فما حدث في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من فتوحات فرس والروم، فحينما فُتحت المدائن وجدوا في خزانة كسرى ثلاثة آلاف ألف ألف ألف دينار –هكذا جاء التعبير في كتب التاريخ بتكرار كلمة ألف ثلاث مرات!- فأخذوا من ذلك ما قدروا عليه، وتركوا ما عجزوا عنه، وحين دخل سعد رضي الله عنه إيوان كسرى تلا قوله تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون* وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك* وأورثناها قوماً آخرين} (الدخان: 22-25)، ومثل هذه الكنوز العظيمة تُقال عن فتوحات الروم.

وحينما تولّى الخليفة الراشد المهدي: عمر بن عبدالعزيز، وأقام في الناس ميزان الشريعة، وحكم بين الناس بالعدل، استطاع في في أقل من ثلاث سنين أن يملأ خزانة الدولة، حتى أن الرجل كان يعرض ماله للصدقة فلا يجد من يقبل صدقته.

ومنه ما سيحدث في آخر الزمان من كثرة المال، زمن المهدي المنتظر وعيسى النبي عليه السلام، ودلائل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويُعطى المال صحاحاً) رواه الحاكم في المستدرك وصححه الإمام الذهبي، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن في أمتي المهدي، يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً ، فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي، أعطني أعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله) رواه الترمذي في السنن وأحمد في المسند.

وأما عن زمن عيسى عليه السلام، فقد جاء في صحيح مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: (..ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم صلى الله عليه وسلم حكما مُقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) رواه مسلم.

وبعد سماع هذه الأخبار عن الصادق المصدوق، لا ينبغي للمسلم أن ينسى أن استفاضة المال أو حتّى قلّته إنما هو محض اختبارٍ من الحكيم العليم، أما الحياة الحقيقيّة الدائمة فهي دار القرار، والتي قال الله سبحانه وتعالى فيها: {والآخرة خير وأبقى} (الأعلى:17).


مما راق لى




والاخرة خير وابقى
ربنا ردنا اليك ردا جميلا



التصنيفات
منتدى اسلامي

أشوه النساء في الدنيا والآخرة

والله!
إن هذه المرأة التي تتكشف وتتبرج..وتتزن للناظرين وتعرض نفسها سلعة للعيون.
وتحاول أن تقدم نفسها في صورة بهية -على زعمها-
لهي من أشوه النساء في الدنيا والآخرة…

وتجتنب الأسود كذلك ورود ماء إذا كانت الكلاب مرت به..

فهل عرفت المرأة أن زينتها في حفظ عرضها ونفسها ودينها وعفافها وتربية بنيها..

نسأل الله العظيم أن يرزق بناتنا الستر والعفاف




اااامين يارب العالمين

بارك الله فيكي




شكرا لمرورك



الله يجزاك خير



آآآآآآآآآآآآمين يا رب
يعطيكي الف عافيه حبيبتي
تقبلي مروري المتواضع



التصنيفات
منتدى اسلامي

قلت كفرت، وأحس أني خسرت الدنيا والآخرة، فكيف أرجع إلى الله؟

قلت: كفرت، وأحس أني خسرت الدنيا والآخرة، فكيف أرجع إلى الله؟.فتاوى في الرقائق.سؤال وجواب

سؤال

لقد قلت: كفرت، وأحس أني خسرت الدنيا والآخرة، ولا أعرف كيف أرجع إلى الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتويين: 170251، 168237 أن باب التوبة مفتوح، فإن صحت توبتك، وُفقت – إن شاء الله -، ولم تخسري الدنيا والآخرة, فبادري الى التوبة، ولا تقنطي من رحمة الله تعالى.
والله أعلم.




جزاكي الله خيرا
يسلموووووو يا قمر



وياك اخيه



اللهم توب علينا لنتوب
بارك الله فيك



التصنيفات
منوعات

حياتنا بين هموم الدنيا والآخرة

بسم الله الرحمن الرحيم

حياتنا بين هموم الدنيا والآخرة

1- لكل منا همّ بل هموم يحملها في صدره، إذ الدنيا هي دار الهموم كما قال الشاعر:
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأكدار

2- الهموم بعضها دنيوي، وبعضها أخروي، فمن الهموم الدنيوية وما أكثرها: همّ الدراسة، الرزق والوظيفة، حاجات الأسرة، أعطال السيارة، مشاكل الأبناء، أخبار الفريق الكروي . . .
ومن الهموم الأخروية: أحوال المسلمين، عذاب القبر، أهوال القيامة، المصير إلى الجنة أو إلى النار، تربية الأبناء، كيفية القيام بحقوق الوالدين، هم الدَين وسداده للخلوص من حقوق العباد. . .

3- الإنسان يعيش في وسط هذه الهموم، إذ الدنيا معاشنا، والآخرة معادنا، فكل منها مصلحة للإنسان يود لو كفيها، لكن ينبغي على المسلم أن يعطي كلاً من الدنيا والآخرة قدرها، فيتخفف من شواغل الدنيا وهمومها، ويجعل همّه وشغله في مسائل الآخرة، وهذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من جعل الهموم همّاً واحداً هم المعاد كفاه الله همّ دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك)) [ابن ماجه ح4106]. وفي رواية: ((من كان همه الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا فرّق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له)) [أحمد ح21080]. وفي رواية: ((من جعل الهموم هماً واحداً هم آخرته كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك)) [ابن ماجه ح257].
عن الحسن قال: (فمن تكن الآخرة همه وبثه وسدمه يكفي الله ضيعته ويجعل غناه في قلبه، ومن تكن الدنيا همه وبثه وسدمه يفشي الله عليه ضيعته ويجعل فقره بين عينيه، ثم لا يصبح إلا فقيراً ولا يمسي إلا فقيراً) [الدارمي ح331].

4- السؤال الذي يطرح نفسه: ماهو الهم الأول الذي يسيطر على حياتنا، وهو الهم الذي يسميه النبي صلى الله عليه وسلم الهم الأكبر، وذلك في قوله: (( ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا)) قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب. [الترمذي ح3502].
هل هذا الهم من هموم الدنيا أم من هموم الآخرة؟ حاول أن تكتب الهموم التي تهمك في ورقة، وانظر أهمها لديك، وأكثرها شغلاً لبالك، ثم انظر كم من هذه الهموم للدنيا وكم منها للآخرة، قال علي بن أبي طالب: (ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل) [رواه البخاري في باب الأمل وطوله]

5- من أراد أن يعرف الهم الأكبر الذي يشغله فلينظر في أحواله: ما الذي يفكر فيه قبل نومه أو في صلاته؟ ما الذي يفرحه ويحزنه؟ وما الذي يغضبه؟ما هي أمنياته؟ وبماذا يدعو الله في سجوده؟ وما الذي يراه في منامه وأحلامه؟ ما الأمر الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في قراراته كاختيار الزوجة ومكان السكن، هل هو الجمال وإيجار الشقة أم الدين والجوار من المسجد؟ وهكذا. . .
إن التبصر في ذلك كله يدلك على الهم الأول أو الأكبر في حياتك، فتعرف حينذاك أنك ممن أهمته دنياه أو أخراه.

هموم الأنبياء عليهم السلام:
أنبياء الله هم أصدق الناس طوية، تجردوا عن حظوظ أنفسهم وعاشوا من أجل بلاغ دينهم، فكانت الآخرة همهم.
هذا نوح عليه السلام يمكث في دعوة قومه قرابة الألف عام، وهو يدعوهم إلى طاعة الله وعبادته، وليس له من هم إلا ذاك {قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً}، {ثم إني دعوتهم جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً}.
وهكذا نبينا عليه الصلاة والسلام فقد عاش يحمل هم أمته عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك أن ربه عاتبه هون عليه ما يجده من هم وحزن لعدم إيمان الكفار بدعوته، ومنه قوله تعالى: {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين} [الشعراء:3]. {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً} [الكهف:6]. {ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون} [النحل:127]. {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} [الأنعام:33]. {ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون } [النمل:70]. {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون} [فاطر:8]. وقد وصفه الله بقوله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:128].
ونرى في حياته صلى الله عليه وسلم هم الدعوة – وهو من هموم الآخرة – جلياً واضحاً ومن ذلك أنه لما ذهب إلى الطائف يدعوا أهلها إلى الإسلام كذبوه وأغروا به السفهاء فضربوه وأدموه، لكنه عليه الصلاة والسلام شغله هم الدعوة عن جراحه، فعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)) [البخاري ح3231، مسلم ح1795]. ولو كان همه صلى الله عليه وسلم لنفسه لطلب العجلة في قتلهم وعذابهم، لكنه مشغول بهدايتهم، فقد جاء في تمام الحديث: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً))، وفي سيرة ابن هشام أنه صلى الله عليه وسلم دعا فكان مما قال: ((إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله)) [سيرة ابن هشام2/420].
وبقي همه الدين صلى الله عليه وسلم حتى آخر حياته فعن علي رضي الله عنه قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)) [أبو داود ح5156، ابن ماجه ح2698].
وطوال حياته صلى الله عليه وسلم كان فرحه للآخرة وحزنه وغضبه كذلك:
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها) [البخاري ح3560، مسلم ح2327].
وكذلك كان غضبه صلى الله عليه وسلم للدين فعن أبي مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضباً منه يومئذ ثم قال: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين فمن أم الناس فليتجوز فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة)) [البخاري ح704، مسلم ح466]. فأشد ما يغضبه صلى الله عليه وسلم هو الدين.
وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه قالت: يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال: ((يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هذا عارض ممطرنا})) [البخاري ح4829، مسلم ح899].
وقال له أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله قد شبت! قال: ((شيبتني هود والواقعة والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)) [الترمذي ح3297]. قال أبو الطيب: وذلك لما في هذه السور من أهوال يوم القيامة والمثُلات والنوازل بالأمم الماضية. [تحفة الأحوذي 9/131].

هموم السلف الصالح:
ثم ورث هموم الآخرة الصالحون من أمة محمدصلى الله عليه وسلم، ويظهر ذلك في أمانيهم وأحلامهم وتتبع أحوالهم، ومن ذلك
أن عمر قال لأصحابه يوماً: (تمنوا، فقال رجل منهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله عز وجل، فقال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله عز وجل وأتصدق به،ثم قال: تمنوا، قالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين. قال عمر: لكني أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح) [صفوة الصفوة1/367].
وعندما يحلمون فإنما يحلمون بهموم الدين، لذا تتوافق أحلامهم، ومن ذلك ما رواه أبو داود بإسناده إلى بعض الأنصار قال: اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنع يعني الشبور، وقال زياد شبور اليهود فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود، قال: فذكر له الناقوس فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت، فأراني الأذان، قال وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً، قال: ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ((ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت)). [أبو داود ح498].
وقال عمر رضي الله عنه: (إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة) [رواه البخاري في باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة].
وهم الإسلام والآخرة في صدورهم حتى الرمق الأخير من حياتهم، لما كان يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يأتيني بخبر سعد بن الربيع الأنصاري)) فقال رجل: أنا يا رسول الله فذهب الرجل يطوف بين القتلى فقال له سعد بن الربيع: ما شأنك فقال له الرجل: بعثني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك قال: (فاذهب إليه فاقرأه مني السلام، وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة وأني قد أنفذت مقاتلي، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد منهم حي) [الموطأ 1013].
وهذا عمر بن عبد العزيز لما مرض جيء له بطبيب فقال: به داء ليس له دواء، غلب الخوف على قلبه. [سير أعلام النبلاء 5/137].
ويقول ابن مهدي عن سفيان الثوري: كنت أرمق سفيان في الليلة بعد الليلة ، ينهض مرعوباً ينادي : النار النار ، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات.
لما حضرته الوفاة ذهبوا ببوله إلى الطبيب فقال : هذا بول راهب ، هذا رجل قد فتت الحزن كبده ، ما له دواء [سير أعلام النبلاء 7/270، 274].
وهذا الإمام البخاري أرقه العلم وتدوينه فحرمه لذة الرقاد،قال محمد الوراق: كنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري ناراً ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلِّم عليها. [سير أعلام النبلاء 12/404].

فضل الاهتمام لشئون الآخرة:
عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)) [البخاري ح5642، مسلم ح2573].
وعن عائشة قالت سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من الله حارس)) [أحمد ح25655].
أما الذين لا يهتمون إلا بدنياهم التي شغلت عليهم جل حياتهم فهؤلاء في إيمانهم دخن وفيهم من صفات المنافقين كما ذكر أبو طلحة، فعن أنس أن أبا طلحة قال ذاكراً حال المنافقين في غزوة أحد: (والطائفة الأخرى: المنافقون ليس لهم همّ إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه وأخذله للحق) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. [الترمذي ح3008]. وهو قول الله: {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} [آل عمران:154].

ما يذهب الهموم ويعين عليها:
1- دعاء الله عز وجل:الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال: ((يا أبا أمامة ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك، قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني)) [أبو داود ح1555].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)) [أحمد ح3704].
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال: ((سبحان الله العظيم وإذا اجتهد في الدعاء قال يا حي يا قيوم)) [رواه الترمذي ح3436، وقال: هذا حديث غريب].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش)) [البخاري ح6345].
عن ابن عمر قال: فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه ((اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا)) [رواه الترمذي ح3502، وقال هذا حديث حسن غريب].
2- الاستغفار:
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب)) [أبو داود ح1518، ابن ماجه ح3819، أحمد ح2234].
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم – سبع مرات – كفاه الله ما أهمه صادقاً كان بها أو كاذباً) [أبو داود ح5081].
3- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أبي بن كعب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: ((يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك)) [رواه الترمذي ح2457، وقال: هذا حديث حسن].
4- الصلاة:
وعن حذيفة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى) [أبو داود ح1319]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)) [أبو داود ح4985].




جزاك الله خير



كتبت فاحسنت

جزاك الله خيرا ونفع بك




جزاك الله الف الف خير



التصنيفات
منتدى اسلامي

الفرق بين خمر الدنيا وخمر الآخرة

قال العلامة عبدالعزيز بن باز:
" خمر الآخرة طيب ليس فيه إسكار ولا مضرة ولا أذى، أما خمر الدنيا ففيه المضرة والإسكار والأذى، أي أن خمر الآخرة ليس فيه غول ولا يُنزف صاحبه وليس فيه ما يغتال العقول ولا ما يضر الأبدان، أما خمر الدنيا فيضر العقول والأبدان جميعا، فكل الأضرار التي في خمر الدنيا منتفية عن خمر الآخرة."



خليجية



شكرا جزيلا..
اللهم انا نسألك الجنة ونعيمها..
جزاك الله خيرا..
"♥اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ♥"
"♥سيد الاستغفار♥"




التصنيفات
منوعات

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، أهل هو أن يعبد، وأهل هو أن يحمد، وأهل هو أن يشكر، فله الحمد كله، وله الشكر كله، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره، وأشهد أن لا إله إلا الله ، خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا إلى الخير محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه ما أظلم ليل وأشرق النهار، وعلى آله وصحابته الأبرار.. أما بعد :
فيقول الله تعالى: " وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " وقال تعالى: " إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ".
ولقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بالسوق والناس كنفيه ( عن جانبيه ) فمر بجدي أسك (صغير الأذن) ميت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: " أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟ " قالوا: ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به؟ ثم قال: " أتحبون أنه لكم ؟ " قالوا : والله لو كان حياً كان عيباً، إنه أسك فكيف وهو ميت؟! فقال : " فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم " رواه مسلم .
فها هي الدنيا في كامل زينتها، وأبهى حلتها، وأجمل بهجتها تعرض نفسها لخاطبيها ومشتريها، وحق لها ذلك: لكثرة الغافلين واللاهين والعابثين، وإقبال الخاطبين والمشترين، فكم نشاهد اليوم من تهافت كثير من الناس على هذه الدنيا الفانية، وزهدهم في الآخرة الباقية، وما ذاك إلا لبعدهم عن معرفة الحقيقة، والبعد عن منهج الله تعالى والخوف منه سبحانه.
تهافتوا وتنافسوا وتصارعوا من أجل الدنيا وبهرجتها، واشرأبت نفوسهم حب الدنيا والركون إليها، فتاقت لها قلوبهم، وهويت إليها أفئدتهم، فأصبحت محط أنظارهم على اختلاف أجناسهم وطباعهم، رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، فكانت الويلات والنقمات هنا وهناك.
أصبح الكثير من الناس لا يحب ولا يكره إلا من أجل الدنيا، أما الله الواحد القهار فلا يوالون ولا يعادون فيه أبداً، وهذا هو الجهل العظيم والخطب الجسيم ، نسوا الله فنسيهم وأنساهم أنفسهم، تركوا الآخرة والعمل لها ، وركنوا إلى الدنيا وعمارتها، عندما سلّ علي رضي الله عنه سيفه لقتل عدوه بصق ذلك العدو في وجه علي رضي الله عنه فما كان منه إلا أن أعاد سيفه ، فلما قيل له في ذلك، قال : ( خشيت أن أنتقم لنفسي ).
فلله در أولئك الرجال الذين عرفوا لماذا خلقوا، ومن أجل أي شيء وجدوا. فأين رجال اليوم (إلا ما رحم ربي) من رجال الأمس؟ أولئك الرجال الذين رغبوا فيما عند الله والدار الآخرة، تركوا الدنيا في كامل زينتها وأبهى حلتها، وأقبلوا على ربهم ـ سبحانه ـ راجين مغفرته ورضوانه، تركوا الفاني وأقبلوا على الباقي، أتعلم لماذا؟ لأنهم عرفوا الحق من الباطل، عرفوا ما ينفعهم وما يضرهم، قال تعالى: " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً "، أولئك الذين اعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله الذين عرفوا الله حق معرفته، فلم يخشوا أحدا إلا الله، والله أحق أن يخشى، صدقوا مع الله فصدقهم الله عز وجل، إذا عملوا فلله، وإذا أحبوا فلله، وإذا أبغضوا ففي الله، أعمالهم وأقوالهم خالصة لله دون سواه.
أمّا من ركنوا إلى الدنيا وأحبوا أهلها، وزهدوا في الآخرة وبقائها فأولئك محبتهم وعداؤهم وولاؤهم من أجل الدنيا، وأهلها، ومناصبها، وما يحصلون عليه من كراس، ومراتب، ودرجات، فكانت المفاجآت أن حلت بهم النكبات، ودارت عليهم الدائرات، وجعل الله بأسهم بينهم شديدا، فإذا اجتمعوا أظهروا خلاف ما يبطنون، وإذا تفرّقوا أكل بعضهم بعضا، قال الله تعالى: " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين "، وما حصل كل ذلك إلا لبعدهم عن منهج الله القويم، وانحرافهم عن صراطه المستقيم، فضلوا وغووا وركنوا إلى ما لم يؤمروا به، فاتبعوا الهوى والشهوات، وحصلت بينهم المنافسات على المناصب الكاذبات، فلا إله إلا الله ، رب الأرض والسموات ، كل من أولئك يريد البقاء له وله وحده، وكأنه لم يخلق إلا للبقاء والخلود في هذه الدنيا وعمارتها، والله تعالى يقول في محكم التنزيل: " كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ "، ويقول تعالى: " وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ "، وقال تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "، هذه هي والله الغاية السامية التي من أجلها خلق الله الخلق، خلقهم من أجل العبادة، عبادته وحده، لا شريك له في ذلك فهو سبحانه المستحق للعبادة دون سواه، فهل عقل ذلك كثير من الناس؟ وكل ما عدا العبادة فهو وسيلة لا غاية، وعجبا لمن بدّل الغاية إلى وسيلة والوسيلة إلى غاية، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد انعكست المفاهيم، وانتكست الفطر عند أولئك الناس فاستحقوا قول الله تعالى: " أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً "، وقال صلى الله عليه وسلم : " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً " رواه الترمذي وهو حديث حسن ، وقال عليه الصلاة والسلام: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
فهذه هي حقيقة الدنيا التي يطلبها ويخطب ودها كثير من الناس كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي مبغوضة، ساقطة لا تساوي ولا تعدل عند الله جناح بعوضة، وكم يساوي جناح البعوضة في موازين الناس؟ أم لعله يسمن أو يغني من جوع؟ فكل ما يبعد عن طاعة الله تعالى ملعون مبغوض عنده سبحانه. قال تعالى: " اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"، يحذر المولى عز وجل عباده من الانجراف في مزالق الحياة الغادرة وعدم الإخبات اليها أو الإذعان اليها أو اتخاذها وطناً وسكناً وأنها غادرة ماكرة ما لجأ إليها أحد أو رجاها من دون الله إلا خذلته ، وتخلت عنه ، فهي حقيرة عند الله عز وجل كحقارة الميتة عند الناس، وإنما جعلها الله فتنة للعباد؛ ليرى الصابر والشاكر، والمغتنم لأوقاته لما فيه رضا ربه سبحانه، ممن عكف عليها وأقام وأناب إليها ومن قضى أيامه ولياليه من أجلها، فلا يستوي الفريقان عند الله أبداً، قال تعالى: " فريق في الجنة وفريق في السعير "، وقال تعالى: " وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ "، والأعمى هو من ضل عن منهج الله تعالى وركن إلى الدنيا واطمأن لأنه عاش في هذه الدنيا أعمى وفي الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، ولذا قال الله عز وجل: " فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ "، وذلك لإعراضه عن ذكر الله تعالى فالأحياء هم المؤمنون والأموات هم الكفار، فالحياة حياة إيمان والموت موت كفر والعياذ بالله، قال تعالى: " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى "، وأما من باع الدنيا واشترى الآخرة فهو البصير المبصر العارف تمام المعرفة لم خلق، وهذا حق معلوم لا ينكره إلا جاهل أو فاقد عقل، قال صلى الله عليه وسلم : " أبشروا وأمّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوا، فتهلككم كما أهلكتهم } متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء " رواه مسلم ، وهذا تحذير آخر من نبي الرحمة والهدى لأمته من عدم الركون إلى الدنيا أو الاستئناس بها، وعدم الانخراط في سلك اللاهين المحبين لها ولزخرفها وزينتها، والحذر كل الحذر من الانجراف وراء مغريات الحياة الزائفة، وعدم الاهتمام بها أصلا إلا لمن ابتغى بها وجه الله تعالى والدار الآخرة.
ولكن ومع كل هذه التحذيرات من رب الأرض والسموات ومن نبي الهدى والرحمات، لا تجد إلا قلوبا ميتة، وعقولا مسلوبة، لشغوف أهلها بحب الدنيا وبهرجتها الزائفة الزائلة، خربوا آخرتهم الباقية وعمّروا دنياهم الفانية، تنافس كثير من الناس من أجل الدنيا، وتقاطعوا، وتدابروا من أجلها، فضاعت حقوق بعضهم بين بعض، فكم من ضعفاء ومساكين ضاع حقهم من أجل أن يأكله غني مستكف، وكم من صاحب حق ذهب حقه أدراج الرياح من أجل محاباة المسؤول لخصمه، وكم وكم نرى من خصومات وتعديات من أجل الصراع للبقاء على وجه هذه البسيطة التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ "، لقد أصبحت الدنيا، وعمارتها، والعيش فيها، وجمع الأموال، والأولاد، والأزواج، والكسب الحرام هي الشغل الشاغل الذي ملأ قلوب الكثير من الناس اليوم، بل أصبحت الدنيا هي همهم الأول الذي خلقوا من أجله في اعتقادهم الفاسد الباطل ، فانتشرت بينهم أمراض القلوب وأدواءه فها هو الحسد، والحقد والكذب، والبغضاء، وها هي الغيبة، والنميمة، والكراهية، والشحناء، سادت بين أولئك الناس، بسبب حبهم للدنيا وشهواتها وزينتها وزخرفها، فأصبح العداء والولاء من أجل الدنيا ، والحب والبغضاء من أجل الفناء. قال تعالى: " إنما المؤمنون إخوة "، وقال تعالى: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم "، فلا تفاضل بين العباد إلا بالتقوى التي هي أساس الإيمان بالله ، فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى ، أما من أجل القرابة ، والجماعة، والقبيلة فهذه أمور جاهلية أتى الإسلام فقضى عليها ، فلا تفاخر بالأنساب والأحساب فالناس سواسية عند الله عز وجل ، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم : " اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت "رواه مسلم ، وإني أتساءل أين أولئك الذين يتفاخرون بأنسابهم وأحسابهم؟ وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرع نعلي بلال بن رباح رضي الله عنه في الجنة، ذلك العبد الحبشي الذي أكرمه الله بالإسلام . فمدار النظر وضابطه عند الله تعالى هي القلوب والأعمال، فإذا صلح القلب صلحت النية وكانت خالصة لله في كل أمورها، وبذلك سيصلح الجسد كله بإذن مولاه سبحانه، أما فساد القلب وموته فيتوقف عليه فساد الجسد كله، فلا ينكر منكرا، ولا يعرف إلا حب الدنيا وزينتها والصراع من أجلها، وهذا وللأسف الشديد هو ديدن كثير من الناس اليوم، وكل ذلك من دعوى الجاهلية والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية " متفق عليه.
لقد أنسى الناس حب الدنيا والتشاغل بها طاعة الله عز وجل الخوف منه، ألا يعقل أولئك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما لي وللدنيا؟ ما أنا إلا كراكب، استظل تحت شجرة ثم راح وتركها وتركها؟ " رواه الترمذي، وهو حسن صحيح ، وقال صلى الله عليه وسلم " ليس الغنى من كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس " متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء، من الشاة القرناء" رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ: " وكذلك أخذ ربك القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد "متفق عليه.
وهذه هي النتيجة الحتمية لكل ظالم، ولا مناص عنها ولا مفر منها، والجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، وما ربك بظلام للعبيد ـ حاشا وكلا ـ ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
فيا ليت شعري لو أنّ الناس تركوا الخلق للخالق سبحانه واتقوا الله جل وعلا حق التقوى، ورضي كل منهم بما قسم الله له في هذه الحياة، ولم ينظر بعضهم إلى ما وصل إليه غيره من النعم والخيرات التي امتنّ الله بها على عباده.
ويا ليت شعري لو أنّ الناس لم ينظروا إلى ما منّ الله به على غيرهم، فيحسدوهم، ويحقدوا عليهم، ويطمعوا بما في أيديهم لعاش الناس إخوة متحابين متعاونين على البرّ والتقوى، متناهين عن الإثم والعدوان، آمرين بالمعروف، متناهين عن المنكر.
قال تعالى: " الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ".
وكان الواجب على المؤمن تجاه الدنيا ودناءتها ألا ينظر إلى من هو فوقه وأعلى منه منزلة، بل ينظر إلى من هو دونه، حتى لا يزدري نعمة الله عليه فيقع في الإثم والمعصية، أمّا في أمور الدين والآخرة ففي ذلك فليتنافس المتنافسون بلا حقد، ولا حسد، ولا كراهية، ولا تقاطع، ولا تدابر. فلو ترك الناس بعضهم بعضا بما أنعم الله على كل منهم لساد الحب، والفرح، والإخاء، ولعم الأمن والسلام، والرخاء لأن: " ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "، ولكن لما لم يدخل الإيمان قلوب الكثير منهم استساغوا ذلك الفضل من الله على بعضهم البعض، بل تجرّعوا الغصص والآهات، وطغت عليهم الحضارة المادية الزائفة بكل ما تعنيه الكلمة من معان، فأصبح الصراع والقتال من أجل متاع الدنيا الزائل، فإلى الله المهرب والملتجأ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فلنتق الله عباد الله، ولنعلم أننا ما خلقنا وما وجدنا على هذه البسيطة إلا لعبادة الواحد الديان الذي له ملك السموات والأرض، وبيده خزائن كل شيء، وعلينا أن نتسابق ونتسارع إلى جنة الخلد وملك لا يبلى، جنة عرضها كعرض السموات والأرض، أعدها الله للمتقين الذين آمنوا بالله ورسله، قال صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إنّ سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، فأين المشمرون؟ وأين المشترون؟ وأين المتقون؟.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " متفق عليه ، ودونك يا من أحببت الدنيا وزينتها، وركنت إليها، وقاتلت من أجلها، واهتممت بالمناصب ..أقول: دونك هذا الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا الله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة، فيقال له: يا بن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا الله ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط " رواه مسلم.
فيا بشرى لمن اشترى الآخرة بالدنيا ، ويا حسرة على من اشترى الدنيا بالآخرة.
قال تعالى: " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ".
اللهم اجعلنا من عبادك المتقين الخائفين الوجلين، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا،، ولا إلى النار مصيرنا، اللهم اجعلنا نخشاك حق خشيتك، اللهم حبب الينا الإيمان، وزيّنه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، الله حبب المؤمنين إلى قلوبنا، واجعلنا اخوة متحابين فيك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم طهر قلوبنا وألسنتنا من كل فاحشة ورذيلة يا حيّ يا قيّوم، اللهم تقبل دعاءنا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
آمين يا رب



خليجية



العفووووووووووو



خليجية



خليجية



التصنيفات
منوعات

أنهار تطهرنا فى الدنيا قبل الآخرة

قال ابن القيــم -رحمه الله- :
"لأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا فإن لم تف بطهرهم طهروا في نهر الجحيم يوم القيامــة:
-نهر التوبة النصوح .
-ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطـة بها .
-ونهر المصائب العظيمة المكفـرة .
فإذا أراد الله بعبـده خيرا أدخلـه أحد هذه الأنهار الثلاثة فورد القيامة طيبا طاهرا فلم يحتج إلى التطهير الرابع



بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا
لااله الا الله محمد رسول الله
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
استغفرالله الذي لااله الا هو الحي القيوم وأتوب اليه
سبحان الله الحمدلله الله أكبر لااله الا الله
لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

استمع للقران الكريم
http://www.tvquran.com/Abdulbasit_Mojawwad.htm

واستمع للأذان الحزين

نسألكم صالح الدعاء

لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله لااله الا الله محمد رسول الله
لااله الا الله محمد رسول الله




اسعدنى مرورك الطيب
نورتى

خليجية




شكرا جزيلا على موضوعك الجميل.
جزاك الله الجنة من غير حساب ولا سابق عذاب.

"♥♥سبحان الله وبحمده♥♥سبحان الله العظيم♥♥"




التصنيفات
منتدى اسلامي

دعاء عظيم للدنيا والآخرة

الســــلام عليكم ورحمة الله وبركااااتة
كيفكم
انشالله تكونون بخــــــــــير….
هذا الدعاء للدنيا والآخرة أتمنى من الجميع أنهم يستفيدون منه…
قال محمد بن حسان : قال لي معروف الرضى: ألا أعلمك عشر كلمات خمس للدنيا وخمس للآخرة من دعاء الله عز وجل بهن وجد الله تعالى عندهن؟ قلت: أكتبها لي ، قال :لا، ولكن أرددها عليك كما رددها علي بكر بن خنيس رحمه الله ..
حسبي الله لديني
حسبي الله لدنياي
حسبي الله الكريم لما أهمني
حسبي الله الحليم القوي لمن بغى علي
حسبي الله الشديد لمن كادني بسوء
حسبي الله الرحيم عند الموت
حسبي الله الرؤف عند المسألة في القبر
حسبي الله الكريم عند الحساب
حسبي الله اللطيف عند الميزان
حسبي الله القدير عند الصراط
حسبي الله لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
((تم بحــــــــــــــــــــــــــــ ــــمد الله))



خليجية



خليجية



خليجية



التصنيفات
منوعات

فضل دعاء ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين
بالله نستعين والصلاة والسلام على رسول الله محمد الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آل بيته الطاهرين وأصحابه الأبرار المكرمين رضوان الله عليهم أجمعين والتابعين ومن تبعهم بأحسان الى يوم الدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضل دعاء (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
وهو من جوامع الدعاء، وهو أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخير من الدعاء أجمعه كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك. رواه أبو داود، قال في عون المعبود: وهي ما كان لفظه قليلا ومعناه كثيرا، كما في قوله تعالى: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
وفي صحيح البخاري وغيره عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
مع أن من أهل العلم من فسر الحسنة في الدنيا بالمرأة الحسناء الصالحة، ومنهم علي رضي الله عنه كما ذكر القرطبي، وقيل الآية عامة في جميع نعيم الدنيا، ومن نعيمها المرأة الصالحة الحسناء، وممن مال إلى ذلك الطبري وابن كثير وغيرهم من أئمة التفسير.ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الإنسان يمكنه أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، وقد صرح أهل العلم بأن الدعاء مستحب مطلقا سواء كان مأثورا أو غير مأثور.

(( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)) والمقصودُ التنفيرُ عن التشبه بمن هو كذلك، قال سعيدُ بنُ جبير عن ابن عباس رضي الله عنه : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيثٍ وعام خصبٍ وعام ولادٍ حُسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً، فأنزل الله فيهم هذه الآية، وكان يجيءُ بعده آخرون فيقولون: ((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) .

فأنزل الله: ((أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (البقرة:202).

عباد الله : تأملوا كيف ترتبط الدنيا بالآخرة في نظر الإسلام، وكيف يصحح الإسلامُ المفاهيم الخاطئة في هذا الدعاء الشامل الذي كثيراً ما نردده بألسنتنا وقد لا تستحضره قلوبنا: (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).

فإن الحسنة في الدنيا تشمل كلَّ مطلوبٍ دنيوي من عافيةٍ ودار رحبةٍ، وزوجةٍ حسنة، ورزق واسع، وعلمٍ نافعٍ وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين.

وأما الحسنةُ في الآخرة فأعلاها دخولُ الجنة وتوابعهُ من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة.

وأما النجاةُ من النار فهو يقتضي تيسير أسبابهُ في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام

أن الله سبحانه وتعالى قريب مجيب لمن دعاه، وقد تعهد بذلك ولم يقيده بلفظ؛ كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله، وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء.

انشر تؤجر
دعواتكم

منقول جزى الله من كتبها ونشرها كل خير




خليجية[/IMG]

خليجية[/IMG]




خليجية



التصنيفات
منوعات

ماذا أفعل لأنجو من عذاب الآخرة ؟

خباب بن مروان الحمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرغب في الاستفسار عن أشياء تحصل معي في أمور الدنيا ، أنا بصراحة كنت عاصياً لربي لا أصلي الصلاة بوقتها ، وعملت كل شيْ بحياتي ماعدا شرب الخمر والعياذ باله . ومن فترة بسيطة حكم عليَّ القدر وقعت مريضاً ، وتقربت من ربى كثيراً ، وأصبحت أصلي الصلاة بوقتها في المسجد حتى الفجر وإذا فاتني أي صلاة أندم عليها ، وأنا الآن في حيرة من الأمر ؛ لأني أتصور الموت أن يأتيني بأي وقت وأنا لم أعمل لحياتي شيئاً ينجيني من عذاب الآخرة ؛ علماً بأني تبت عن كل المعاصي والذنوب ، عسى ربي أن يتوب علي ويتقبل توبتي وطاعتي وإياكم إن شاء الله ، فأنا في كل مكان وبأي وقت يطري عليَّ الموت . وأنا لست خائفاً من الموت لأن الموت حق ولكن خوفي من ربي سبحانه وتعالى بأني لهيت في الدنيا وتركت عبادته جل شأنه ، فأرجو منكم إفادتي : ما معنى تصوري للموت ؟ دائماً أفكر في أولادي وبيتي لم أفكر بالموت ؟مع أني أذكر الله على طول وأقرأ القرآن والأذكار كلها ، وأحاول بقدر الإمكان تحصيل شيء ينفعني في آخرتي أعاذني الله وإياكم من عذاب الآخرة وعذاب القبر ، فما تفسير هذه الأشياء والوساوس التي تدور في بالي وقلبي ؟حيث أني دائماً أفكر في الآخرة ، وأقول : أجلي قريب! فأرجو منكم الإفادة جزاكم الله خيراً.
………………………… ……..

الجواب :
أخي الحبيب : عبد الرزَّاق حفظه الله وبارك فيه
لا أكتمك سرِّاً بأنَّني كنت أغالب دمعاتي فرحاً بتوبتك ، وابتهاجاً لما أراه من خلال رسالتك من صدق في التوبة ، وندم على ما فات من أيام الجاهلية والمعاصي أحسبك كذلك والله حسيبك ولا أزكي على الله أحداً
وحقاً عزيزي عبد الرزَّاق : ما أحلى التوبة ، وما أحلى نسائم الإيمان التي تهبُّ على العبد التائب ، من انشراح بالصدر ، وابتهاج بحلاوة الإيمان ، ورقَّة في القلب والفؤاد !

ولي معك عدَّة وقفات علَّ الله أن ينفعك بها ، ويجعلها سباً في تسلية ما بنفسك من هموم وساوس :
1 إنَّ من طبع الإنسان الخطأ والمعاصي ، ومن الذي سلم من الذنوب والمعاصي ، ولم يقترف ما حرَّم الله ؟ ورسول الهدى حَسَمَ ذلك بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : ( كلُّ بني آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوَّابون) أخرجه أحمد والترمذي ، وانظره في صحيح الجامع : (4391).
2 أنَّ المؤمن السَّوي إذا عصى ربَّه واقترف ما حرَّمه ونهى عنه ، فإنَّه يجب عليه التوبة إلى الله من هذه الذنوب والمعاصي ، كيف والله سبحانه يقول :(وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلَّكم تفلحون)، فهو سبحانه يقبل من عباده توبتهم ، كما قال:(وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات) الشورى(25) ، كما أنَّه يحبُّ من عباده أن يستغفروه ويتوبوا إليه ، بل يدعوهم إلى المسارعة بالتوبة فيقول 🙁 يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنَّ الله يغفر الذنوب جميعاً ) كما أنَّه يفرح فرحاً يليق بجلاله عزَّ وجلَّ إذا تاب عبده المقصِّر في حقوقه فقد أخبرنا صلَّى الله عليه وسلَّم قائلاً :(له أشدُّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلت منه ، وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلِّها ، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ، ثمَّ قال من شدَّة الفرح : اللهم أنت عبدي ، وأنا ربك . أخطأ من شدَّة الفرح) أخرجه مسلم (2747) وعليه فإنَّ توبتك إلى الله من أحبِّ القُرَبِ والعبادات إلى الله ، فأبشر أخي بقبول التوبة من ربٍّ كريم برٍّ رحيم .
3 أنَّ الله لا يجازي عبده المؤمن إذا تاب إلاَّ بالحسنى والغفران ، بل يكفِّر الله سيئات من عصاه إلى حسنات ، وهذا فضل من الله وإنعام منه على عباده ، وتشجيعاً لهم في طرق أبواب التوبة و الانطراح بين يدي الله تعالى وسؤاله المغفرة والعفو والرضوان ، ومن كرمه تعالى على عباده أن يبدِّل سيئاتهم إلى حسنات ، ولهذا يقول سبحانه وتعالى : ( إنَّ الحسنات يذهبن السيئات) هود(114) ، ويقول :(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفِّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً) النساء (31).
إنَّ هذه الآيات يا عزيزي بشائر مفرحات ، تجعل النفس العاصية لربِّها تتفاءل بما عند الله من غفران ، وتمضي قدماً إلى العمل الصالح والمزيد من البر والعمل الصالح.
4 لهذا فإنَّه تعالى يقول:(لا تقنطوا من رحمة الله ) ، وذلك لأنَّ المسلم قد يأتي بالذنوب الكثيرة ، ثمَّ إذا همَّ بالتوبة قالت له نفسه الأمَّارة بالسوء : كيف يغفر لك ربك هذه المعاصي والفواحش التي اقترفتها وأنت الذي فعلت كيت وكيت ، فيستحيل أن يغفر لك ربك هذه المعاصي ! ولكن لسعة رحمة الله تعالى فإنَّه يقول:( لا تقنطوا من رحمة الله ) ، وهذا خطاب للمذنبي والمقصِّرين في حقوق ربِّهم أن لا يقنطوا من رحمته ، ولا يأسوا من غفرانه وعفوه ، فإنَّ لله الرحمة المطلقة ، فليعمل الصالحات وليبشر بفضل الله فقد قال تعالى :(وإنِّي لغفَّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى) طه (82)
5 بعد هذا الإيضاح أنصحك ألاَّ تلتفت إلى الوساوس التي توسوس لك بأنَّك على باب الموت ، وأنَّ شبح الموت يطاردك ، ويجعلك كئيباً ومهموماً وحزيناً …. نعم أخي الموت حق ، وكلٌّ يخاف منه ولا يحبُّه ، وكلٌّ منَّا سيلج مدخله ، كما قيل:
الموت باب وكلُّ الناس داخله *** يا ليت شعري ! بعد ذاك ما الدار؟
والرسول عليه الصلاة والسلام أوصانا بكثرة تذكره فقال 🙁 أكثروا ذكر هادم الذات) أخرجه الترمذي وحسَّنه ، ولكنَّ الإكثار من ذكر الموت يجعلنا نزيد سرعة في الجوء إلى الله ، والعمل لمرضاته ، والتقرب إليه بسائر أنواع العبادات .
فلا تكن أيَّها الحبيب وساوس الموت قاطعة لك عن العمل الصالح ، ومشغلة لك عن الطاعات ، وتبقى تدور في دائرتها ، إلى أن تكون مريضاً بالوساوس والهموم ، ومن ثمَّ تنتقل من المعاصي إلى العجز والكسل والتفكير السلبي الذي لا يفيد شيئاً ، بل يودُّ الشيطان لو ظفر من المسلم بذلك ، والرسول عليه السلام يقول:(احرص على ما ينفعك ولا تعجز ) أخرجه مسلم ، ويقول (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) أخرجه مسلم.
إذاً اجعل توبتك هذه محفِّزة لك في المضي في درب الهداية ، والابتعاد عن طريق الغواية ، واعلم أنَّ الموت طريق الكل في هذه الدنيا ، ولكنَّ المسلم يستغلُّ لحظات الحياة بكلِّ ما يرضي ربَّه ويسارع إلى مرضاته ، وإن لقي ربَّه فمات فيا سعادته بلقاء ربِّه !

وأخيراً أحب أن أوصيك وأذكرك ونفسي بهذه النصائح:
أولاً: أكثر من الدعاء بأن يشرح الله صدرك ، ويرزقك حلاوة الإيمان ، وأن يثبتك على دينه ، ويكون لسان حالك بين يدي ربِّك :
التائبون إلى رحابك أقبلوا *** عافوا بحبِّك نومهم فتهجَّدوا
أبواب كل ملِّك قد أوصدت *** ورأيت بابك واسعاً لا يوصد
ثانياً: اعقد صداقاتك مع أهل الخير والصلاح ، وارتبط معهم وأشعرهم بحبك لهم ، فإنَّ المرء يحشر مع من أحب كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ورحم الله مالك بن دينار حين قال:( إنَّك إن تنقل الحجارة مع الأبرار خير من أن تأكل الحلوى مع الفجَّار) ، وأصحاب السوء أيَّاً كانوا فإنَّه لا يجنى منهم إلاَّ العلقم المر ، ويكفي أنَّهم لا يودُّون لك الاستمرار في التوبة ، بل يحاولون صرفك عنها بشتَّى الأساليب ، لهذا يقول الحق جلَّ جلاله :(واله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)النساء(27)
فسر في طريق الله مستمسك العرى *** فطوبى لمن لله عاش وأخلصا
وإيَّاك أن ترضى بصحبة فاجر *** تقمَّصه إبليس فيمن تقمَّصا
تراه غريقاً في الضلال كأنَّما *** تخرج تلميذاً له وتخصَّصا
ومن سار في درب الردى غاله الردى *** ومن سار في درب الخلاص تخلَّصا
ثالثاً: تفاءل في حياتك ، واعقد العزم على المضي في العمل الصالح من : الصلاة ، والصدقة ، والصوم ، وخدمة الناس ، وكفالة الأيتام ، والمشاركة في المشروعات الإسلامية الدعوية والإغاثية والخيرية ، وتأمَّل في حال الصحابة فإنَّهم كانوا كفَّاراً فحين هداهم الله ، لم يبقوا يتذكَّروا ما كانوا عليه من الكفر والفسوق والمعاصي ، بل أقدموا على العمل لهذا الدين بكلِّيَّتهم و نصروا الله فرضي الله عنهم وأرضاهم.
رابعاً : اجعل لك عملَ سرٍّ لا يعلم به أحد إلاَّ الله ، وستشعر بعد ذلك كم هي حلاوة الإيمان التي ستخالط قلبك ، وتجد بشاشتها في صدرك.
خامساً: أحسن الظنَّ بربِّك ، وابق على خشيتك له مع رجاء رحمته ، والله تعالى يقول:(ولمن خاف مقام ربه جنتان) ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم 🙁 لا يموتنَّ أحدكم إلاَّ وهو يحسن الظنَّ باله) أخرجه مسلم.
سادساً : استمرَّ في توبتك وجد العهد بربِّك كلَّ حين وسيفتح الله عليك بالخير والمتاع الحسن ، وهذه بشرى أزفُّها إليك من كتاب الله حيث يقول سبحانه : (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتِّعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمَّى ويؤت كلَّ ذي فضل فضله وإن تولَّوا فإنِّي أخاف عليكم عذاب يوم كبير) هود(3) يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله :(والظاهر أنَّ المراد بالمتاع الحسن سعة الرزق ، ورغد العيش ، والعافية في الدنيا ) أضواء البيان(2/170)
سابعاً: أكثر من تلاوة القرآن فستجد اطمئناناً ويقيناً وسعادة ، ويكفيك أنَّه كلام الرحمن ، وكفى بربك هادياً ونصيراً.

وأخيراً أنصحك بمطالعة هذه الكتب :
1 منزلة التوبة من كتاب مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين للإما ابن القيم.
2 برنامج فعلي في التوبة إلى الله للدكتورة نوال العيد.
3 الوسائل المفيدة في الحياة السعيدة للشيخ عبد الرحمن السعدي .
4 برنامج تائب للكاتب مالك سيف سعيد

سائلاً المولى أن يحفظك ويرعاك ويسد على درب الهدى والخير خطاك ، ويبارك في مسعاك ، ويرزقك الحياة السعيدة ، ويختم لنا ولك بالحسنى ، إنَّه أعظم مأمول ، والسلام.

منقول




بارك الله فيك



خليجية



خليجية



جزاك الله خير