انتشر عبر الإنترنت قصة الملحد الروسي الذي قال : لقد كنت في مهمة في سيبيريا و عند الحفر رأيت منظرا تمنيت أن أقطع رقبتي قبل رؤيته رأيت نساءا ورجالا عراة يحترقون في النار و أصواتهم مرعبة و أشكالهم أشد رعبا !!
وكان ذلك عندما اخترقت آلة الحفر الخاصة بتفحص طبقات الأرض فجوة في باطن الأرض فخرجت حرارة شديدة ثم كان هذا الصوت والمشهد المرعب…
وكثر الجدل حول صحة هذه القصة من ناحية منطقية والأهم من ذلك من ناحية المنظور الشرعي…
والغريب أنها أتت من رجل ملحد لا يوجد مبرر منطقي يجعله يختلق مثل هذه القصة فيكذب بها اعتقاده بعدم وجود حساب وعذاب !
وهذه هي الفتوى والتي أجاب عليها فضيلة الشيخ / حامد العلي وفقه الله :
سمعنا في أحد مواقع الانترنت أن رجلا ملحدا سمع اصوات معذبين في القبر ، وهذه الاصوات مرعبة جدا ، كما سمعناها في الشريط ، والسؤال هو هل يمكن سماع عذاب القبر؟!! ، نرجو الايضاح في أسرع وقت ممكن ، فنحن في حيرة من أمرنا !!
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
بعض النظر عن صحة هذا الشريط الذي سمعناه ، ومدى صدق دعوى من ادعى أنه رآى وسمع ما فيه ، ثم سجله ، وقد عرض على قناة أمريكية في شيكاغو ، وجعل دليلا على أن ذلك الشخص في سيبريا انفتح له ثقب إلى الجحيم ـ عذاب القبور ــ فسمع أصوات المعذبين ورآهم ، بغض النظر صحة الشريط الذي أذاعته القناة الامريكية ، فقد يكون كذبا ويكون الشريط المسجل مركبا غير حقيقي .
بغض النظر عن ذلك كله ، فالجواب على سؤال السائل عن إمكانية رؤية أو سماع عذاب القبر ، ننقل ما ذكره شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في هذا الشأن :
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى : ( كان هذا مما يعتبر به الميت في قبره ، فإن روحه تقعد وتجلس وتسأل وتنعم وتعذب وتصيح وذلك متصل ببدنه ، مع كونه مضطجعا في قبره ، وقد يقوى الأمر حتى يظهر ذلك في بدنه ، وقد يرى خارجا من قبره والعذاب عليه وملائكة العذاب موكلة به ، فيتحرك ببدنه ويمشى ويخرج من قبره ، وقد سمع غير واحد أصوات المعذبين في قبورهم ، وقد شوهد من يخرج من قبره وهو معذب ، ومن يقعد بدنه أيضا إذا قوى الأمر ، لكن هذا ليس لازما في حق كل ميت ، كما أن قعود بدن النائم لما يراه ليس لازما لكل نائم ، بل هو بحسب قوة الأمور ) مجموع الفتاوى 5/526
ومما يدل على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا ، هذا الأثر :
عن العوام بن حوشب ـ إمام محدث حدث عن إبراهيم النخعي ومجاهد تلميذ بن عباس رضي الله عنها ـ قال (نزلت مرة حيا ، وإلى جانب الحي مقبرة ، فلما كان بعد العصر انشق فيها القبر ، فخرج رجل راسه راس الحمار ، وجسده جسد إنسان ، فنهق ثلاث نهقات ثم انطبق عليه القبر ، فإذا عجوز تغزل شعرا أو صوفا ، فقالت امرأة : ترى تلك العجوز ؟ قلت : ما لها ؟ قالت : تلك أم هذا . قلت : وما كان قصته ؟ كان يشرب الخمر ، فإذا راح تقول له أمه : يا بني اتق الله إلى متى تشرب هذه الخمر ؟ ! فيقول لها : إنما أنت تنهقين كما ينهق الحمار ! قالت : فمات بعد العصر . قالت : فهو ينشق عنه القبر بعد العصر ، كل يوم فينهق ثلاث نهقات ، ثم ينطبق عليه القبر ) رواه الاصبهاني وغيره ، وقال الاصبهاني حدث به أبو العباس الأصم إملاء بنيسابور بمشهد من الحفاظ فلم ينكروه . صحيــــــــــح الترغيب والترهيب للعلامة الألباني 2/665
والعجب كل العجب أن ما يقول هذا الكافر أنه رآه وسمعه وسجله ، من أنهم رجال ونساء عراة يصيحون من شدة العذاب ، ينطبق تماما على ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصف عذاب القبر الذي يعذب به الزناة والزواني ، وذلك في الحديث الطويل الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد أتاه آتيان ، فانطلقا معه ، وانه رأى عذاب المعذبين في حديث طويل ، ثم قال صلى الله عليه وسلم :
(فأتينا على مثل التنور – قال: فأحسب أنه كان يقول: -فإذا فيه لغط وأصوات. قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، قال: قلت: ما هؤلاء؟ ثم ذكر الحديث وفيه :
وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني ) رواه البخاري من حديث سمرة بن جندب .
وما أشبه صوت المعذبين في الشريط الذي يزعم هذا الرجل أنه سجله عندما أرعبته رؤية المعذبين وسماع أصواتهم في الجحيم ، ما أشبهه بهذا الحديث الذي قاله صلى الله عليه وسلم عن عذاب الزناة والزواني ،وأنه سمع (أصوات ولغط) ، وهو الصوت المرعب الذي يسمع من الشريط أجارنا الله وإياكم ونعوذ بالله تعالى من غضبه ، والعجب انه أذيع على قناة أمريكية ، وسجله شخص كافر لايعرف شيئا عن عذاب القبور ، ولا عما ورد في سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومن المعلوم أن سيبيريا قد دفن فيها ستالين الطاغية الملحد أثناء حكمه ملايين البشر الذين قتلهم وهجرهم فماتوا هناك ، فهي مقبرة عظيمة مليئة بقبور الكفار ، فسبحان الله تعالى ، ونعوذ بالله تعالى من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ونعوذ بالله تعالى من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وشر فتنة المسيح الدجال .
نسأل الله السلامة والعافية…
اخواني في الله لابد من محاسبة النفس واتقاء عذاب الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه فإن الأمر جلل لا تساهل فيه…
إنها لحظة قريبة جدا لكل واحد منا فمهما طالت بنا الأعمار فوالله ستأتي تلك اللحظة العظيمة عندما نسمع قرع نعال أهلينا وأصحابنا تذهب بعيدا عنا بعد أن عادت إلى أجسادنا الروح بعد أن كانت فارقتها في الدنيا ، ولكن ليس في الدور والقصور بل في قبر محفور ، ضيق ، مظلم ، موحش ، وعلى رؤوسنا ملكين عظيمين نظراتهما كالبرق وأصواتهما كالرعد أسودان أزرقا العينين لهما أنياب وشعرهما يجر في الأرض…
نسأل الله السلامة والعافية والثبات يوم يضل الأشقياء والله المستعان