مراتب الأسماء استحبابا وجوازاً
1 – استحباب التسمية بهذين الاسمين : عبدالله، وعبدالرحمن، وهما أحب الأسماء إلى الله تعالى ، كما ثبت الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه مسلم وأبو داود وغيرهما، وذلك لاشتمالهما على وصف العبودية التي هي الحقيقة للإنسا.
وقد خصهما الله في القرآن بإضافة العبودية إليهما دون سائر أسمائه الحسنى، وذلك في قوله تعالى: ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه ) [ الجن : 19 ]، وقوله سبحانه : ( وعباد الرحمن ) [الفرقان :63]، وجمع بينهما في قوله تعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) [الإسراء: 110].
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه عمه العباس : عبدالله رضي الله عنهما.
وفي الصحابة رضي الله عنهم نحو ثلاثمائة رجل كلاً منهم اسمه عبدالله، وبه سمي أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة إلى المدينة : عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما.
2 – ثم استحباب التسمية بالتعبيد لأي من أسماء الله الحسنى ،مثل : عبدالعزيز ، عبدالملك ، وأول من تسمى بهما ابنا مروان بن الحكم.
3 – التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله ، لأنهم سادات بني آدم وأخلاقهم أشرف الأخلاق وأعمالهم أزكي الأعمال ، فالتسمية بأسمائهم تذكر بهم وبأوصافهم وأحوالهم.
وأفضل أسماء الأنبياء : أسماء نبينا ورسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه من النبين والمرسلين أجمعين.
وبعد الإجماع على جواز التسمية باسمه صلى الله عليه وسلم اختلف العلماء في حكم الجمع بين اسمه وكنيته : محمد أبو القاسم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " والصواب أن التسمي باسمه جائز، والتكني بكنيته ممنوع منه، والمنع في حياته أشد، والجمع بينهما ممنوع منه ": انتهى
4 – التسمية بأسماء الصالحين من المسلمين، فقد ثبت من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم " رواه مسلم.
وصحابة رسول الله r هم رأس الصالحين في هذه الأمة، وهكذا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وقد كان لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرًا لطيفا في ذلك ، فهذا الصحابي الزبير بن العوام رضي الله عنه سمى ولده – وهم تسعة – بأسماء بعض شهداء بدر رضي الله عنهم، وهم : عبدالله ، المنذر، عروة، حمزة، جعفر، مصعب، عبيدة، خالد، عمر .
وهكذا يوجد في المسلمين من سمي أولاده بأسماء الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم : عبدالله ( أبو بكر )، عمر، عثمان، علي، رضي الله عنهم، ومن سمى بناته بأسماء أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا …
5 – ثم يأتي من الأسماء ما كان وصفاً صادقاً للإنسا بشروطه وآدابه .
الشرط الأول : أن يكون عربياً، فيخرج به كل اسم أعجمي، ومولد ودخيل على لسان العرب.
الشرط الثاني : أن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعاً، ويخرج بهذا كل اسم محرم أو مكروه، إما في لفظه أو معناه أو فيهما كليهما، وإن كان جارياً في نظام العربية، كالتسمي بما معناه التزكية، أو المذمة، أو السب، بل يسمى بما كان صدقاً وحقاً.
قال الطبري رحمه الله : " لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص، ولا يقصد بها حقيقة الصفة. لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم، فيظن أنه صفة للمسى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعى به صاحبه كان صدقاً ".
قال : " وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسماء " انتهى.
وللأسماء أيضا جملة آداب يحسن أخذها بالاعتبار ما أمكن :
1 – الحرص على اختيار الاسم الأحب فالمحبوب حسبما سبق من بيان لمراتبه في الأصل السادس.
2 – مراعاة قلة حروف الاسم ما أمكن.
3 – مراعاة خفة النطق به على الألسن.
4 – مراعاة التسمية بما يسرع تمكنه من سمع السامع.
5 – مراعاة الملائمة، فلا يكون الاسم خارجاً عن أسماء، أهل طبقته وملته وأهل مرتبته.
وإنما جهة الاختيار لذلك في ثلاثة أشياء :
منها : " أن يكون الاسم مأخوذاً من أسماء أهل الدين،من الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، ينوي بذلك التقرب إلى الله جل اسمه بمحبتهم وإحياء أساميهم والاقتداء بالله جل اسمه في اختيار تلك الأسماء لأوليائه، وما جاء به الدين ، كما قد روينا عنه في أن أحب الأسماء إلى الله عبدالله وأمثاله.
ومنها : أن يكون الاسم قليل الحروف، خفيفاً على الألسن، سهلاً في اللفظ، سريع التمكن من السمع،
فمراعاة أسماء أهل طبقته وقبيلته ربط أسري والتحام عائلي.
ومراعاة أسماء أهل ملته ربط ديني عقدي.
ومراعاة أسماء أهل مرتبته ربط أدبي بإنزال المرء نفسه منزلها، حتى لا يتندر به.
دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية :
1 – اتفق المسلمون على أنه يحرم كل اسم معبد لغير الله تعالى، من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك ، مثل : عبد الرسول، عبد النبي ، عبد علي، عبد الحسين …
ومن هذا الباب : غلام الرسول، غلام محمد، أي : عبد الرسول … وهكذا.
والصحيح في عبد المطلب المنع .
ومن هذا الغلط في التعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله تعالى وليست كذلك مثل : عبد المقصود، عبد الستار، عبد الموجود، عبد المعبود، عبد الهوه، عبد المرسل، عبد الوحيد، عبد الطالب … فهذه يكون الخطأ فيها من جهتين :
من جهة التسمية الله بما لم يرد به السمع ، وأسماؤه سبحانه توفيقية على النص من كتاب أو سنة.
والجهة الثانية التعبيد بما لم يسم الله به نفسه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .
2 – التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى فلا تجوز التسمية باسم يختص به الرب سبحانه، مثل : الرحمن، الرحيم، الخالق، البارئ … وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم ما وقع من التسمية بذلك.
وفي القرآن العظيم : ( هل تعلم له سمياً ) [مريم : 15]، أي لا مثيل له يستحق مثل اسم الذي هو الرحمن .
3 – التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم .
4 – التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله ومنها : اللات، العزى، إساف، نائلة، هبل…
5 – التسمي بالأسماء الأعجمية، تركية، أو فارسية أو بربرية أو غيرها مما لا تتسع لغة العرب ولسانها، ومنها : ناريمان، شيريهان، نيفين، شادي – بمعنى القرد عندهم – جيهان.
وأما ما ختم بالتاء، مثل :حكمت، عصمت، نجدت، هبت، مرفت، رأفت … فهي عربية في أصلها، لكن ختمها بالتاء الطويلة المفتوحة – وقد تكون بالتاء المربوطة – تتريك لها أخرجها عن عربيتها، لهذا لا يكون الوقف عليها بالهاء.
والمختومة بالياء مثل : رمزي، حسني، رشدي، حقي، مجدي، رجائي هي عربية في أصلها، لكن تتريكها بالياء في آخرها منع من عربيتها بهذا المبنى، إذ الياء هنا ليست ياء النسبة العربية مثل : ربعي، وحشي، وسبتي ( لمن ولدت يوم السبت )، ولا ياء المتكلم، مثل : كتابي، بل ياء الإمالة الفارسية والتركية.
6 – كل اسم فيه دعوى ما ليس للمسى، tyle="fo-iz:18;m’TrdAbc lang="AR-SA"> فيحمل من الدعوى والتزكية والكذب ما لا يقبل بحال. </span>
ومنه ما ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك …" الحديث، متفق عليه.
ومثله قياسا على ما حرمه الله ورسوله : سلطان السلاطين، حاكم الحكام ، شاهنشاه ، قاضي القضاة.
وكذلك تحريم التسمية بمثل : سيد الناس، سيد الكل، سيد السادات، ست النساء.
ويحرم إطلاق ( سيد ولد آدم ) على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم " رواه مسلم.
7 – قال ابن القيم : " التسمية بأسماء الشياطين، كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع
يمكن تصنيفها على ما يلي :
1 – تكره التسمية بما تنفر منه القلوب، لمعانيها، أو ألفاظها، أو لأحدهما، لما تثيره من سخرية وإحراج لأصحابها وتأثير عليهم، فضلاً عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء :
ومنها : حرب ، مرة، خنجر، فاضح، فحيط، حطيحط، فدغوش … وهذا في الأعراب كثير، ومن نظر في دليل الهواتف رأى في بعض الجهات عجباً !
ومنها : هيام و سهام، بضم أولهما : اسم لداء يصيب الإبل.
ومنها : رحاب وعفلق، ولكل منهما معنى قبيح.
ومنها : نادية، أي : البعيدة عن الماء.
2 – ويكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية، وهذا في تسمية البنات كثير، ومنها : أحلام، أريج، عبير، غادة ( وهي التي تتثنى تيهًا ودلالاً )، فتنة، نهاد، وصال، فاتن، ( أي : بجمالها )، شادية، شادي ( وهما بمعنى المغنية ) .
3 – ويكره تعمد التسمي بأسماء الفساق الماجنين من الممثلين والمطربين وعمار خشبات المسارح باللهو الباطل.
4 – ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية، كمثل ( ظالم بن سراق ) فقد ورد أن عثمان بن أبي العاص امتنع عن تولية صاحب هذا الاسم لما علم أن اسمه هكذا ، كما في " المعرفة والتاريخ " ( 3/201) للفسوي.
5 – وتكره التسمية بأسماء الفراعنة والجن : ومنها : فرعون ، قارون ، هامان …
6 – ومنه التسمية بأسماء فيها معان غير مرغوبة، كمثل: (خبية بن كناز)، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه قال عنه: "لا حاجة لنا فيه، فهو يخبئ وأبوه يكنز" كما في "المؤتلف والمختلف" (4/1965) للدارقطني.
7 – ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة، ومنها التسمية بما يلي : حنش، حمار، قنفذ، قنيفذ، قردان، كلب ، كليب… والعرب حين سمت أولادها بهذه، فإنما لما لحظته من معنى حسن مراد : فالكلب لما فيه من اليقظة والكسب، والحمار لما فيه من الصبر والجلد، وهكذا … وبهذا بطل غمز الشعوبية للعرب كما أوضحه ابن دريد وابن فارس وغيرهما.
8 – وتكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مشبهة مضافة إلى لفظ ( الدين) ولفظ ( الإسلام ) مثل : نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام … وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين ( الدين ) و ( الإسلام ) فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم والأكثر على الكراهة، لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه، وكانت في أول حدوثها ألقاباً زائدة عن الاسم ، ثم استعملت أسماء.
وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهياً عنه من جهتين مثل : شهاب الدين ، فإن الشهاب الشعلة من النار، ثم إضافة ذلك إلى الدين، وقد بلغ الحال في إندونيسيا التسمية بنحو : ذهب الدين، ماس الدين!.
وكان النوي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحي الدين، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بتقي الدين، ويقول " لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر "
9 – وتكره التسمية بالأسماء المركبة ،مثل : محمد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلاً فهو الاسم، محمد للتبرك … وهكذا.
10 – وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام ! مثل : جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.
أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، فظاهر الحرمة ، لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم للملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم.
وقريب من هذا تسمية البنت : ملاك، ملكة.
11 – وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم، مثل : طه، يس ، حم … " وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فغير صحيح "
بتصرف من كتاب : تسمية المولود للشيخ / بكر أبو زيد