خلق الله المرأة وأكد اختلافها مع الرجل جسدياً، فقال في محكم آياته "وليس الذكر كالأنثى"، وفطرة المرأة التي تهيئها لدورها في الحياة زوجة وأم وشريكة للرجل في حياته، فقال سبحانه وتعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة".
بيد أن للأسف هناك بعض الرجال يجهلون كيفية التعامل مع المرأة في الأعذار الشرعية، ويعدونها "رجساً" يجب اجتنابه، ويرتكبون أفعال الجاهلية، فيهجرون البيت، ويمتنعون عن الطعام في البيت، وغير ذلك من الأفعال التي تتنافى مع الدين الإسلامي.
وقد ضرب رسولنا الكريم أروع أمثلة الحنان والرفق في تعامله الراقي مع زوجاته وقت الأعذار الشرعية قبل أن تثبت الدراسات الحديثة أن وجود الرجل مع زوجته وقت العذر الشرعي يؤدي إلى شعورها بالهدوء النفسي.
"سبق" ترصد قصصاً واقعية لزوجات يشعرن بالإهانة والألم النفسي إزاء سلوكيات أزواجهن، وتتساءل هل المرأة شريكٌ لحياة الرجل أم متعة للفراش فقط ؟
لغة الأوراق في البداية عبّرت نورة عن أسفها قائلة: في فترة العذر الشرعي تختلف شخصية زوجي كلياً، فهو يلتزم الصمت معي، ودائماً يتجنب النظر لي، وعندما اسأله في موضوعٍ ما، يجيب بالأوراق التي أضحت لغة التواصل بيننا في هذه الفترة، مبدية أسفها لهجر زوجها البيت لمدة طويلة، حتى بعد انتهاء دوامه وعودته إلى البيت في وقت متأخر من الليل. وتابعت: للأسف الشديد أشعر بأني كائن بلا روح ووظيفتي في الحياة فقط الإنجاب، مبيّنة أن هذا يؤثر عليها نفسياً، وبعد انتهاء العذر الشرعي، تلتزم الصمت مع زوجها، ولا تستطيع نفسياً التكيف معه، وتساءلت في ختام حديثها من أين أتى زوجي بهذه العادات الغريبة؟
مخلوق من الدرجة الثانية
وبنبرة حزن تحدثت أم فيصل قائلة: أشعر بأني مخلوقة من الدرجة الثانية، وزوجي لا يحتاج إليّ إلا وقت رغبته، معربة عن حزنها لسلوكيات زوجها وقت العذر الشرعي، وقالت: يتعصب عليّ زوجي، ويتعمد إهانتي أمام الأبناء، بالإضافة إلى أنه لا يتناول الطعام في المنزل، فقد علمت أنه يذهب إلى الفنادق لتناول الطعام.
أهواء شخصية
واستنكر أحمد العتيبي سلوكيات هؤلاء الرجال قائلاً: إن هذه عادات جاهلية يتمسك بها بعض الرجال؛ الذين يجهلون كيفية التعامل مع المرأة في هذه الفترة الذي أوضح الشرع الحنيف الطريقة المثلى للتعامل معها، بما يتوافق مع الفطرة الإنسانية، ودور المرأة في أسرتها.
ويوافقه الرأي ثامر عبد الله قائلاً: أعتقد أن من يهجر البيت في العذر الشرعي للمرأة يفتقد مشاعر المحبة مع زوجته، فهو يتربص بها، ويختلق الحجج الواهية ليترك البيت دون أدنى شعور بمسؤوليته الإنسانية والأسرية تجاه زوجته وأبنائه، لافتاً إلى أن بعض الرجال يفسرون الدين وفقاً لأهوائهم الشخصية ورغباتهم في المرأة.
انعكاس نفسي
في البداية أوضح عضو برنامج الأمان الأسري الوطني عبد الرحمن القراش أن الله خلق المرأة وجعل في تكوينها الجسدي مخرجاً للسموم المتراكمة في داخلها من خلال الدورة الشهرية، لافتاً إلى أنه يحدث لديها نقص في منسوب الدم الذي يصل إلى المخ، فيصبح لديها اضطراب نفسي، وتتحول إلى عصبية خاصة قبل فترة الدورة وتزيد مع بدايتها وتعود بالتدريج إلى طبيعتها في أواخر فترة الطمث.
ورأى أن كثيراً من الرجال لا يدرك أن فترة الدورة لدى المرأة خطيرة وتحتاج فيها إلى راحة وبعد عن مسببات المشاكل.
وتابع القراش : عندما يرى الرجل من زوجته عصبية أو تقلب في المزاج يتوقع أنها هي ذات الأمر والنهي، فيضغط عليها في تعامله ويطالبها بالقوة أن تلبي طلباته، رافضاً قسوة الرجل في معاملة المرأة، وما يحدثه من انعكاسات نفسية عليها، وربما يصل الأمر إلى الضرب أو الطرد، ولفت إلى أن بعض الأزواج يهجر زوجته في النوم، أو بالبقاء خارج المنزل لفترة طويلة، مما يزيد من هوة المشكلة بينهما فيزداد شعورها بالألم والوحدة وفقدان الأمان الأسري.
شريكة الحياة
وأبدى القراش أسفه لوجود فئة من الرجال يشعر بالاشمئزاز من زوجته أثناء دورتها، فلا يجالسها ولا يتناول الطعام معها، لأنها "نجسة" من وجهة نظره، لافتاً إلى الصراع النفسي الذي تشعره المرأة من زوجها، وما ينجم عنها من مشاعر كراهية له، وحمّل الأسرة في بعض المجتمعات القبلية مسؤولية تربية الرجل التي تحرم مجالسة النساء أثناء فترة الدورة، باعتباره ينتقص من رجولته، بل ويتفاخر بهجران زوجته بين مجالس الرجال .
ودعا القراش الرجل إلى مساندة زوجته بالابتسامة والتعامل الحسن، مشيراً إلى دراسة علمية خلصت إلى أن احتضان الرجل لزوجته أثناء الدورة يهدئ من روعها ويشعرها بالأمان النفسي، كما دعاه إلى الصبر على زوجته، وعدم تكليفها فوق طاقتها، وأكد في ختام حديثه أن الزوجة شريكة الرجل في الحياة، وليس في الفراش فقط.
عادات جاهلية استنكرت أستاذ الفقه المقارن دكتورة سامية حمبظاظة سلوكيات هؤلاء الأزواج قائلة: إن هذه من عادات الجاهلية، واليهود الذين كانوا يهجرون البيت أثناء العذر الشرعي للمرأة، رافضة هذه العادات التي لا تتناسب مع العصر الحالي، ووصفت الرجل الذي يهجر البيت بالمستهتر الذي لا يقدّس الحياة الزوجية، وعلاقته جافة بزوجته، فينتهز الفرصة لهجر البيت.
وضربت مثلاً بتعامل الرسول مع زوجاته أثناء العذر الشرعي قائلة: إن الرسول كان يعامل زوجته برفق وحنان، مستشهدة بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها : "كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي فيضع فاه على موضع في فيشرب. وأتعرق العرق وأنا حائض ثم أناوله النبي فيضع فاه على موضع في"، وأيضاً قولها رضي الله عنها "كان صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن"، وأوضحت المقصود في اعتزال النساء في الآية الكريمة "فاعتزلوا النساء في المحيض" قائلة: المقصود بالاعتزال هو العلاقة الجنسية بين الزوجين، وما عدا ذلك فكله مباح بين الزوجين، ويؤدي لدوام المحبة بينهما.