الاستشارات الزوجية تساعد على تقوية علاقتك الزوجية
إذا كان الزوجان يعانيان من مشاكل، عادةً ما يلجآن إلى أفراد الأسرة الأكبر سناً للتدخل، لكن هناك أزواج شباب الآن يرون أن اللجوء إلى استشارى زواج قد يكون أكثر نفعاً لعلاقتهما. يقول الاستشارى النفسى د. على مختار: “إن تدخل الأهل والأقارب فى المشاكل الزوجية يمكن أن يكون شئ مفيد للغاية، لكنه أمر يختلف عن الاستشارات المتخصصة. فى الاستشارت الزوجية المتخصصة، لا يقف الأمر عند التعامل مع مشكلة محددة، بل يتعدى ذلك. الفكرة هى محاولة مساعدة الزوجين على التواصل بشكل أفضل أو بشكل جديد. من خلال هذا التواصل الجيد، يمكن أن يستطيعا مشاركة بعضهما البعض فى المشاعر والأفكار التى لم يعتادا على مشاركتها معاً، ويمكن بالتالى أن يتعلما كيفية إقامة حوار صحى بدلاً من المشاجرات.”
يوضح د. على مختار أن الاستشارات الزوجية المتخصصة تهدف إلى مساعدة الزوجين فى التعرف على نمط سلوكياتهما والذى قد يكون هو السبب فى حدوث المشكلات. قد تكون هذه السلوكيات نابعة من عوامل معينة مثل تنشئة الزوج أو الزوجة وعلاقتهما بأبويهما على سبيل المثال، وهذه العوامل تؤدى إلى أن يكون لدى الزوجين توقعات معينة كما تؤثر على نظرتهما تجاه المواقف التى يتعرضان لها خلال حياتهما الزوجية.
بمعنى آخر، تتعامل الاستشارات الزوجية مع جذور المشكلة عن طريق التعرف على نمط سلوكيات الزوجين، تصرفاتهما، وأسلوبهما فى التواصل، وهى أشياء تدرب عليها الاستشارى على عكس أفراد الأسرة. قررت هند* – أم لطفل واحد – الذهاب إلى استشارى زواج متخصص بعد أن لجأت للأسرة لحل مشاكلها ولكن لم تجد المساعدة التى تحتاجها. تتذكر هند قائلة: “فى بداية زواجى، كنت أتشاجر كثيراً مع زوجى إلى أن جاء الوقت الذى شعرت فيه أن كل الأمور تسير بشكل خاطئ لكننى كنت حامل ولم يكن من الممكن اللجوء للطلاق فى ذلك الوقت. كان لى أحد المعارف يعمل أخصائياً نفسياً فقررت اللجوء إليه بعد أن باءت محاولاتى لطلب المساعدة من حماتى بالفشل حيث كانت هى الإنسانة التى ألجأ إليها دائماً عند حدوث مشاكل بينى وبين زوجى.”
يقول د. على مختار أن كثير من الأزواج الجدد يمكن أن يستفيدوا من الاستشارات الزوجية المتخصصة فى بداية الزواج عندما تبدأ المشاكل فى الظهور ويبدأ كل طرف يكتشف طباع الآخر وسلوكياته. لكن فى الواقع لا يذهب كثير من الأزواج إلى استشارى متخصص إلا عندما تصل العلاقة بينهم إلى مراحل حرجة. يقول د. على: “غالباً لا يذهب الزوجان إلى استشارى زواج إلا عندما يشعران أنهما قد وصلا إلى طريق مسدود.”
كان هذا ما حدث لمروة – أم لثلاثة أطفال – فتقول: “لقد لجأت للمساعدة المتخصصة لأننى وجدت نفسى ذات يوم فى موقف مؤلم وشعرت أننى غير قادرة على التعامل معه بمفردى ووجدت نفسى غير قادرة على التكيف حتى مع أبسط الأمور اليومية فى حياتى. لأول مرة منذ بداية زواجى شعرت أننى فى حاجة للتحدث مع إنسان، واتخذت قرار أن أهم شئ لعلاقتنا أن يكون هذا الإنسان غريب عنا ليس من الأهل أو الأصدقاء. لقد أردت أن أستعين بإنسان محايد وعادل ولم أكن أريد أن يعرف أى شخص من الأهل أو الأصدقاء بالموقف.”
لا يوجد فى مصر متخصصون كثيرون يعملون فى مجال الاستشارات الزوجية فقط، لكن بعض الأخصائيين النفسيين والأطباء النفسيين يكون لديهم الاستعداد لإعطاء استشارات زوجية. إذا قرر الزوجان اللجوء لاستشارى، يجب أن يسألا شخص موثوق به عند اختيار الاستشارى الذى يذهبان إليه ويجب أن يرتاح الزوجان لهذا الاستشارى. يقول د. على أنه من المهم أن يكون لدى الطرفين الرغبة فى اللجوء لاستشارى لكى تكون النتيجة فعالة.
تقول هند أن تجربتها الأولى مع استشارى الزواج لم تؤتِ بالنتيجة المطلوبة لأن زوجها لم يكن يرتاح له، وتوضح قائلة: “من الصعب الحصول على فائدة من جلسة العلاج إذا لم يكن لدى الطرفين الرغبة فى الذهاب والقناعة بأن هذه الجلسات مفيدة لهما. ولكن رغم أن مساعدة هذا الاستشارى كانت بسيطة إلا أنها كانت أفضل من لا شئ.”
إذا كان زوجك متردداً فى الذهاب إلى استشارى زواج، يقترح د. على أن توضحى له أن الاستشارات الزوجية ليست لها علاقة بالمرض النفسى. ذهابكما لاستشارى لا يعنى أن أى منكما مصاباً بمرض عقلى، بل يعنى أنكما تلجآن لاستشارة متخصصة من أجل تحسين علاقتكما الزوجية. استشاريو الزواج يكون لديهم من الخبرة ما يؤهلهم للتعامل مع الموضوعات الحساسة أو المحرجة، وأى شئ يقال فى جلسة العلاج يبقى سراً.
الخوف الآخر الذى قد يطرأ لذهن أحد الزوجين من مسألة الاستشارات الزوجية هو أن يميل الاستشارى لأحد الجانبين، لأنه عند لجوء الزوجين لأفراد الأسرة الأكبر سناً طلباً للمساعدة فى حل مشاكلهما، كثيراً ما يتم التحيز لأحد الطرفين. يقول د. على: “هذا ليس هو الحال مع الاستشارة المتخصصة.” ويؤكد أن استشارى الزواج يكون محايداً تماماً ولا يقوم بالحكم على أحد الطرفين. ويضيف د. على قائلاً: “فكرة الاستشارة الزوجية هى أننا نساعد الزوجين على الوصول للإجابة عن تساؤلاتهما بنفسيهما من أجل الوصول لتفاهم أكبر، وليست الفكرة هى الحصول على إجابات ونصائح من إنسان حكيم. نحن نعمل على الوصول لآفاق جديدة مع الزوجين.” تتفق مروة مع هذا قائلة: “لم تقم الاستشارية التى لجأنا إليها بالحكم على أى منا، لكنها ساعدتنا على اكتشاف عيوبنا والوصول بأنفسنا نحن لمعرفة أسلوب يساعد على تحسين علاقتنا. لقد كانت تقابلنا أحياناً معاً وأحياناً كانت تقابل كل منا على حدة ولذا استطاعت أن تصل بكل منا لهذه النتيجة.”
كشخص محايد، مدرب، ومتخصص، يمكن أن يوضح الاستشارى للزوجين أشياء جديدة تجعل الزوجين يريان نفسيهما وعلاقتهما بطريقة لم تكن واضحة لهما من قبل. تقول هند: “لقد لجأت لاستشارى آخر بعد ذلك. هذا الشخص كان بالفعل محايداً وقد رأى كل نقاط ضعفى وعيوبى وكذلك رأى عيوب زوجى، واستطاع أن يعرف فيم الاختلاف بيننا. لقد وضع يده على أشياء لم نكن نحن نراها، وتقبلنا كثيراً مما قال لأنه كان عادلاً.”
لكثير من الناس، الوصول لأسلوب جديد فى التفاهم من أهم الفوائد للاستشارات الزوجية. تقول مروة: “لقد ساعدتنا الاستشارية على فهم أنفسنا وفهم بعضنا البعض بشكل أفضل. لقد ساعدتنا أيضاً على رؤية الجوانب الطيبة فى بعضنا البعض والتى كثيراً ما ننظر إليها على أنها أمور مسلم بها والتى أحياناً يكون من الصعب علينا رؤيتها عندما نمر بظروف صعبة. أعتقد أن هذا كان أهم شئ بالنسبة لى. لقد ساعدتنى الاستشارية على رؤية زوجى كإنسان ليس بالطبع كاملاً، ومن الممكن أن يخطئ، ولكننى أصبحت أرى فيه الكثير من الجوانب الرائعة. أنا الآن مؤمنة بأن الشئ الذى ترينه أسوأ ما فى حياتك قد ينقلب إلى أفضل شئ.” مروة الآن سعيدة فى حياتها الزوجية وتشعر أن التجربة الصعبة ومساعدة الاستشارية فى تغلبها على هذه التجربة جعلت علاقتها الزوجية أقوى مما كانت.