حقيقة الاسلحه الفاسدة وهزيمة حرب فلسطين 1948
قضية الأسلحة الفاسدة هي من أشهر القضايا التي ارتبطت بحوادث جسيمة في تاريخ مصر ، أهمها هزيمة مصر في حرب فلسطين عام 1948 م و قيام ثورة يوليو عام 1952 م.
و نظراً لهذا الارتباط الوثيق بهذين الحدثين الكبيرين في تاريخ مصر، وجدنا أنه من المهم أن نفصل في هذه القضية بين ما ثبت أنه حقائق تاريخية ، و بين ما هي استنتاجات و مبالغات روجت لها وسائل الإعلام بطرق متعددة و في عهود مختلفة لتكوين انطباعات معينة لدي الشارع المصري عن هذه القضية.
في البداية من الأفضل أن نبدأ بسرد المعلومات الأساسية عن قضية الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها للجيش المصري أثناء حرب فلسطين 1948م.
قررت القيادة السياسية المصرية ممثلة في الملك فاروق و رئيس الوزراء النقراشي باشا دخول حرب فلسطين عام 1948م قبل نهاية الانتداب البريطاني علي فلسطين باسبوعين فقط. و أقر البرلمان المصري دخول الحرب قبلها بيومين فقط.
و نظراً لضيق الوقت و القصور الشديد في السلاح و العتاد الحربي اللازم لدخول الجيش الحرب ، تم تشكيل لجنة سميت لجنة احتياجات الجيش يوم 13 مايو كانت لها صلاحيات واسعة بدون أي قيود أو رقابة لاحضار السلاح من كل المصادر و باسرع وقت ممكن .
و كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراراً بحظر بيع الأسلحة للدول المتحاربة في حرب فلسطين ، وهو قرار كان يقصد منه الدول العربية بالذات ، لذلك اضطرت الحكومة المصرية للتحايل علي هذا القرار أن تجري صفقات الأسلحة مع شركات السلاح تحت غطاء اسماء وسطاء و سماسرة مصرييين و أجانب ، مما فتح الباب علي مصرعيه للتلاعب لتحقيق مكاسب ضخمة و عمولات غير مشروعة ، فكان التلاعب يتم في شيئين أساسيين هما:
سعر شراء السلاح الذي كان مبالغ فيه بدرجة كبيرة .
ومدي مطابقة السلاح للمواصفات وصلاحيته للاستعمال .
و في 24 فبراير 1949 م تم توقيع اتفاق الهدنة بين مصر و إسرائيل ، و بذلك انتهت حرب فلسطين فعلياً بهزيمة مصر و الدول العربية و استيلاء إسرائيل علي كل أرض فلسطين ما عدا قطاع غزة و الضفة الغربية و القدس العربية ، و هو أكثر بكثير مما كان مقرراً لليهود وفقاً لقرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة.
فمتي تفجرت قضية الأسلحة الفاسدة ؟
تفجرت القضية في أوائل عام 1950 م بسبب تقرير ديوان المحاسبة مثل الجهاز المركزي للمحاسبات الآن الذي ورد فيه مخالفات مالية جسيمة شابت صفقات أسلحة للجيش تمت في عامي 1948 و 1949 م.
و لما حاولت الحكومة برئاسة مصطفي النحاس الضغط علي رئيس الديوان لحذف ما يتعلق بهذه المخالفات من التقرير ، رفض و قدم استقالته ، فقدم النائب البرلماني مصطفي مرعي من المعارضة استجواب للحكومة عن اسباب الاستقالة و فضح في جلسة مجلس الشعب يوم 29 مايو 1950 للمجلس المخالفات الجسيمة التي شابت صفقات الأسلحة.
و للأسف استخدمت الحكومة الوفدية برئاسة مصطفي النحاس و الملك فاروق كل الوسائل المشروعة و غير المشروعة لاسكات أصوات المعارضة التي أرادت فتح ملفات القضية للوصول إلي المتورطين فيها.
و يرجع الفضل إلي احسان عبد القدوس و مجلته روزاليوسف أن أوصلت أخبار هذه الصفقات المشبوهة إلي الرأي العام الذي هاله مبلغ الفساد الذي استشري في كل شئ حتي وصل إلي المتاجرة بدماء جنود مصر في أرض المعركة.
و نجحت روزليوسف في تكوين ضغط شعبي كبير اضطر معه وزير الحربية مصطفي نصرت في ذلك الوقت أن يقدم بلاغ للنائب العام لفتح تحقيق فيما نشر بصحيفة روزليوسف عدد رقم 149 بتاريخ 20 يونيو 1950م عن صفقات الأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين .
هل تم التحقيق في القضية و محاكمة المتورطين فيها ؟
بعد أن قدم وزير الحربية مصطفي نصرت بلاغ للنائب العام ، قام النائب العام محمود عزمي بفتح باب التحقيق في القضية ، و انقسمت القضية إلي شقين ، قضية اتهام أفراد الحاشية الملكية ، و قضية اتهام أفراد من الجيش و المدنيين.
أما في قضية اتهام الحاشية الملكية ، فقد قرر النائب العام في 27 مارس 1951 م تحت ضغط الملك و موافقة الحكومة حفظ التحقيقات فيها.
أما الشق الثاني من القضية المتهم فيه أفراد من رجال الجيش و المدنيين فقد تم إحالته للمحكمة ، و استمرت جلسات القضية حتي تحدد يوم 10 يونيو 1953 م للنطق بالحكم ، أي بعد قيام ثورة يوليو بحوالي سنة.
و قضي الحكم ببراءة كل المتهمين من كل التهم المنسوبة إليهم ، ما عدا متهمين فقط حكم عليهما بغرامة 100 جنيه علي كل منهما ، و هما القائمقام عبد الغفار عثمان و البكباشي حسين مصطفي منصور.
و الحقيقة أن هذا الحكم بالبراءة نزل كالصاعقة علي الرأي العام في داخل و خارج مصر ، و خاصة بعد قيام الثورة ، فلم يكن هناك سبب للتستر علي المتورطين ، و نحن لا نعرف يقيناً السبب الرئيسي في أحكام البراءة فربما يرجع ذلك إلي عدم كفاية الأدلة ، لأن حيثيات حكم المحكمة اختفت من سجلات القضاء و لم تظهر حتي الآن.
أما عن مدي تسبب الأسلحة الفاسدة في هزيمة الجيش المصري في حرب 1948م ، فقد ثبت بالدليل القاطع و من خلال تحقيق أكثر من جهة و شهادات الجنود و الضباط أن الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها في صفقات سلاح مشبوهة قام بها سماسرة و من وراءهم الملك فاروق لم يكن لها تأثير في مجريات الحرب.
فعندما وجدت لجنة احتياجات الجيش أن الوقت ضيق جداً للحصول علي السلاح الذي يحتاجه الجيش للحرب ، قررت اللجوء إلي مصادر كثيرة و منها مصادر سريعة و غير مضمونة لتوريد السلاح ، و هي:
أولاً : تجميع الأسلحة و المعدات من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و اختيار الصالح منها و ارساله للجيش. و لقد وصلت من هذه المعدات إلي أرض المعركة، ذخيرة مدافع عيار 20 رطلاً، و التي ثبت في التحقيق أنها كانت غير صالحة للاستعمال و تسببت في انفجار أربعة مدافع يومي 7 و 12 يوليو 1948م، مما أدي إلي مقتل جنديين و جرح ثمانية.
ثانياً : كان الجيش المصري يحتاج إلي دبابات لاقتحام المواقع الحصينة التي أقامها اليهود في مستعمراتهم ، و لكن بريطانيا كانت ترفض أن تبيع دبابات للجيش المصري خوفاً أن يستخدمها ضد قواتها في القناة. لذلك قامت لجنة الاحتياجات بارسال ضباط في زي مدني لشراء دبابات انجليزية من طراز لوكاست تباع خردة في المزاد العلني في معسكرات الإنجليز بقناة السويس بعد نسف فوهات مدافعها ، و بالتالي فكان مدي اطلاق كل مدفع يختلف حسب الطول المتبقي من الفوهة ، و لقد أدي استخدام هذه المدافع في ميدان المعركة إلي سقوط قتلي كثيرين في الوقت الذي كان فيه الجيش الإسرائيلي مزود بأحدث الدبابات.
ثالثاً: تسببت قنابل يدوية إيطالية الصنع في جرح جندي واحد هو النقيب مختار الدسوقي يوم 4 يناير 1949م ، و هي القنابل اليدوية التي وردها أحد سماسرة السلاح للجيش المصري ، و هي تعد صفقة السلاح الوحيدة المشبوهة التي ظهر ضررها في أرض المعركة.
وبالتالي فيمكن القول أنه كانت هناك بالفعل أسلحة فاسدة لا تصلح لاستعمال الجيش قام سماسرة مصريين و أجانب بتوريدها للجيش المصري بمبالغ طائلة يفوق سعرها الأصلي بكثير ، و لقد حقق من وراء هذه الصفقات سماسرة السلاح و الحاشية الملكية و الملك نفسه ثراء غير مشروع.
و لكن هذه الأسلحة لم تستخدم في ميدان القتال ، فقد ظل معظمها في صناديقها في المخازن ، فيما عدا صفقة القنابل اليدوية الإيطالية التي ثبت بالفعل أن الجيش المصري استخدمها في المعارك و كانت غير صالحة للاستعمال ، و أحدثت أصابات.
أما باقي القتلي و الأصابات التي حدثت من أسلحة غير صالحة للاستعمال فكان يرجع ذلك إلي استخدام أسلحة من مخلفات الحرب في الصحراء الغربية و استخدام أسلحة تباع خردة في معسكرات الإنجليز بمنطقة القناة.
و لكن يجدر الإشارة أيضاً أن لجنة احتياجات الجيش قد نجحت في توريد أسلحة أخري كثيرة متطورة أنقذت الجيش المصري من هزيمة أبشع و من سقوط قتلي أكثر مما حدث ، فبسبب الحظر علي توريد السلاح لمصر ، لجأت اللجنة إلي تهريب السلاح من دول كثيرة أوروبية ، و بلغ مقدار ما استطاعت أن تورده للجيش الذي يحارب ما يعادل جملة ما تسلمه الجيش المصري من بريطانيا خلال العشرين عاماً التي سبقت الحرب ، و من هذه الأسلحة الطائرات سبيت فاير البريطانية و ماكي و فيات الإيطالية.
و يجب أيضاً أن نذكر تضحيات جماعات الفيدائيين المصريين في الإسماعيلية بزعامة عبد الحميد صادق الذين كانوا يقومون بحملات سرقة سلاح من مخازن الجيش الإنجليزي في القناة لإمداد الجيش المصري بما يحتاجه ، ومات و جرح الكثيرون في هذه العمليات ، وقاموا بتزويد الجيش المصري بسلاح بما يعادل قيمته 6 ملايين جنيه.
إذن يتبقي السؤال الأخير ، و هو ما هي الأسباب الحقيقية وراء هزيمة الجيش المصري في حرب فلسطين 1948 م ؟
و الحقيقة أن هذا الموضوع ما زال قيد البحث و التاريخ ، و لكن وفقاً لما صدر من شهادات و دراسات صادقة في هذا الموضوع علي الجانب المصرى ، فيمكن القول أن :
كان هناك أسباب سياسية مهدت لهذه الهزيمة وأسباب أخري عسكرية علي أرض المعارك .
أما الأسباب السياسية فهي :
أولاً : مساندة إنجلترا و الولايات المتحدة و فرنسا لليهود في الحصول علي دولة خاصة بهم علي أرض فلسطين ، هذه المساندة تمثلت في تشجيع هجرة اليهود بأعداد ضخمة لفلسطين ، و إمدادهم بالأسلحة و الذخيرة ، و منعها عن الجانب المصرى ، و تدريب اليهود علي الفنون العسكرية .
و علي الرغم أن إنجلترا وافقت علي دخول الدول العربية الحرب بجيوشها ، إلا أنها كانت تعلم تمام العلم أن القوات العربية بتسليحها و قدرتها لن تستطيع أن تحقق نصراً علي قوات اليهود التي تفوقها عدداً و تسليحاً و قدرات عسكرية ، كما أنها مارست ضغطاً كبيراً علي حكومات الدول العربية لكي تضمن قيام دولة يهودية في الأرضي التي خصصت لها بموجب قرار التقسيم .
ثانياً : غياب استراتيجية واضحة لدي القيادة السياسية في مصر التي لم يكن لديها الدراسات السياسية والعسكرية والتاريخية عن فلسطين وخطورة المخطط الصهيونى ، و طبيعة و اسباب و ابعاد المساندة الغربية لقيام هذه الكيان فوق أرض عربية ، كما لم يكن لديها مخابرات بالمعني الاحترافى ، بحيث تكون قادرة علي معرفة ابعاد المخطط الإنجليزى اليهودى ، و فارق التسليح بينا و بينهم ، و مدي تواطؤ الملك عبد الله في هذا المخطط .
ثالثاً: دخول الملك عبد الله في اتفاق سري مع الإنجليز و الوكالة اليهودية ، و هو ما أحدث تصدع في الجبهة العربية ، لأن الأردن كانت هي الدولة الأولي المعنية بموضوع فلسطين ، و لكنها في نفس الوقت كانت هي الدولة التي قرر ملكها ألا يدافع عن فلسطين و ألا يسمح حتي بقيام دولة فلسطينية لها حدود مع دولته ، و إنما قرر أن يلتهم الأرض الفلسطينة لتكون ضمن حدود مملكته ، كما أن قيادات الجيش الإردنى ( الفيلق العربى ) كانت كلها من الضباط الإنجليز .
مما يعني أن الفيلق العربي كان يأتمر بأمر الإنجليز و ليس بأمر لقيادة العربية .
أما على أرض المعارك ، فكانت أسباب الهزيمة كالتالي :
– فارق الخبرة العسكرية و العدد و العدة بين الجيش المصري و جيش الهاجاناه اليهودي ، فلم تكن لدي قيادة الجيش المصري سابق خبرة في قيادة أي معارك حربية ، لأن الخطط الحربية ليست معلومات مكتوبة في الكتب وإنما تجارب وممارسات علي أرض الواقع ، فآخر الحروب التي خاضها الجيش المصرى كانت بقيادة إبراهيم باشا في الشام سنة 1839م ، و منذ ذلك الحين لم يشارك الجيش المصرى في أي معارك حربية ، أما جيش الهاجاناه اليهودى فقد شارك جنوده و ضباطه في الفيلق اليهودى في الحرب العالمية الأولى ثم في الحرب العلمية الثانية ، و أعطيت له مهام عسكرية في الحرب العالمية الثانية مثل طرد حكومة فيشى من سوريا ، فأكتسب اليهود خبرات كبيرة في هذه الحروب متعددة الجبهات ، ومن حيث العدد و العدة نقل حسنين هيكل في كتابه ( العروش و الجيوش ) عن اللواء حسن البدرى ، المؤرخ العسكري للجيش المصرى ، أن القوات الإسرائيلية كانت تفوق القوات المصرية في العدد بنسبة 1:2 ، وبلغت نسبة تفوق القوات الإسرائيلية علي المصرية في المعدات و الذخائر من حيث الكم و الكيف نسبة3 : 1
– – قيام القوات الأردنية بالانسحاب من مواقعها بأوامر من قيادتها السياسية المتواطئة مع الإنجليز و اليهود ضد العرب ، فأدت بانسحابها خسارة أراضي واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقاً لتقسيم فلسطين، و هي الجليل الأعلي و صحراب النقب. كما أن الانسحابات الأردنية أدت إلي كشف المواقع المصرية و محاصرتها من قبل قوات العدو كما حدث في الفالوجا .
– – كان الإنجليز يتحكمون في توريد الأسلحة للجيش المصرى ، و عندما بلغ تقدم الجيش المصرى في فلسطين مبلغاً مقلقاً بالنسبة لهم ، رفضوا طلبات مصر بتوريد الأسلحة و الذخيرة ، و بدأ الجيش في الجبهة يعانى من نقص شديد في الأسلحة و الذخيرة .
– – فرق المقاومة الفلسطينية المساندة للجيش المصرى كانت أضعف من التصدى للهاجانا ، و كانت تتمثل في قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسينى و قوات الإنقاذ بقيادة فوزى القاوقجى ، فانكسرت بسرعة أمام اليهود لأنها كانت أقل تنظيماً و خبرة و تسليحاً .
– – استخدام الجيش المصرى لأسلحة فاسدة من مخلفات الحرب العالمية الثانية ، فقيادة الجيش المصرى اعتمدت علي سماسرة السلاح لشراء أسلحة الجيش ، و أصر الملك على شراء الأسلحة من إيطاليا التي كانت تربطه بها علاقات قوية ، و كانت النتيجة أن الأسلحة جاءت من مخلفات الحرب العالمية الثانية فى مخازن الجيش الإيطالى ، فكان بعضها فاسد و أدي إلي إصابات في صفوف الجيش المصرى .
– من المهم أن نورد رأي الحاج أمين الحسينى الفلسطينى في الأداء العربى في الحرب ، و الذي ارسله لحسنين هيكل ، و ذكره الأخير في كتابه ( العروش و الجيوش ) : أن بعض المسئولين في الدول العربية الذين كانت في أيديهم مقاليد الأمور ، لم يكونوا جادين و لا مصممين في مواجهة هذه المشكلة و لم يعالجوها بما تتطلبه خطورتها من الحزم و الاهتمام ، بل كانوا هازلين ، خائرين ، مترددين ، بينما كان اليهود جادين كل الجد .
– و نقطة أخري مهمة أوردها الحاج أمين في شهادته تستحق أن نوردها هي أنه بينما كان اليهود يعملون بقوة و تصميم بوحي من مصالحهم العامة و تنفيذاً لبرنامجهم الصهيوني الخطير، كان بعض المسئولين في بعض الدول العربية يعملون إما بوحي الاستعمار الأجنبي أو بتأثير مصالحهم الخاصة ، و قد نتج عن تضارب الأهواء و المصالح ، و تباين الغايات و الأهداف و التخاذل بين دول الجامعة ، وقوع هذه الكارثة الأليمة .
– العروش والجيوش – محمد حسنين هيكل – الطبعة الاولى – دار الشروق 2022 .
– اسرار ثورة 23 يوليو – جمال حماد – الجزء الاول – الزهراء للاعلام العربى 2022 .
تسلم ايديك ..