أخذت ترقب الدخان المتصاعد من كوب القهوة أمامها, كم من السنين مرت و هي تنتظره , تُمسك بقايا أمل كمن يحاول الإمساك بالهواء!!
لم تلتفت لتوبيخهم, و لم تلقِ بالاً لنظرات الشفقة التي تقذفها أعينهم..
الثلج ترك بياضه في شعرها,الرياح عصفت بملامحها,و حتى الزمن لم يرحم ضعفها و بؤسها فجلدها بسياط المرض.
" سيعود هو وعدني بذلك"
تهمس لنفسها بتلك الجملة بعدد لم يتمكن علماء الرياضيات التوصل إليه,
لم ينقصها سوى وجوده, لأنها أوقَفَت حياتها له,و شيّدت أحلامها رجاء وعده..
وحيدة في منزلها, تحاصرها ذكرياته فتعود بالذاكرة لسنواتٍ لا تعلم عددها! هذه الصورة جمعتنا في أحد الأعياد,و تلك لصغار العائلة في إحدى المناسبات-يبدو فيها و كأنه غاضباً- حفظت كل ما يحويه ألبوم الصور -حتى ترتيب الصور- و تعابير وجهه و نظرات عينيه في كل صورة.
ترافقها تلك الأوراق التي اختلستها ذات مرة في غفلةٍ منه و صوره في كل بقعةٍ على وجه البسيطة, حتى غدت ك حجابها الذي لا يُفارقها.!
لم يتبقَ على موعدها مع الطبيب الكثير,وضعت صوره و أوراقه داخل حقيبتها استعداداً للخروج.
منذ استيقاظها في الصباح الباكر شعرت بفرحة ضلّت طريقها بعد رحيله.لا تعلم لماذا؟و اكتفت بقول (ربما اليوم أفضل من الأمس من يعلم؟؟)
همست بجملتها تلك أمام نفسها,أطفأت المصابيح و خرجت.
الطريق طويلٌ جداً لمَ يبدو هكذا؟؟ و عقارب الساعة ربما فقدت قدرتها على الدوران كما فقد مَن حولها الأمل في عودته!!
.
.
مابال اليوم؟!!
كل ما فيه فقد قدرته على الحركة," هل سيأتي يوم و أغدو مثلهم و أفقد فيه الأمل؟؟"
أطبقت يديها بقوة على فِيها خوفاً من تسل كلماتها لأذنيها,أخذت توبّخ نفسها على ما اقترفته في حقه و ما أجرمته في حق نفسها, تدعو الله و تبتهل إليه ألا يعاقبها بفعلتها تلك,ف نذرت بأنها ستُكفّر عن خطيئتها هذه بمقدار الخيانة و الألم التي سببتها له.
أخرجت صورته من حقيبتها و أخذت تطلب منها العفو و الصفح و ترجوها ألا تغضب من كلماتها التي أطلقتها بكل رعونة و بكل سذاجة العالم!!
.
.
توقفت على الرصيف المقابل لمنزلها لثواني خلتها دهراً,لقد عاد!! نعم عاد!!
إنه هو , فأنا أستطيع تميزه من بين رجال المعمورة, تلك وقفته الشامخة التي تركها في منزلنا القديم يوم أن جاء مودعاً.
أرجوك أدر ظهرك للمنزل و اتركني أرى ملامحك,فقط أريد رؤيتها لأني أشعر أن ملك الموت هنا يحوم بيننا,أخشى يبعدنا الموت …. , و بينما هي في حالة الذهول ,تحرك عائداً إلى الطريق بعدما انقطع أمله في الرد على طرق الباب..
عادت ك طفلة و لم تكن تلك التي قبل سويعات في عيادة الطبيب,أخذت تركض بكل ما أوتيت من قوة,متناسية مرضها,ضاربة بالطبيب و تعليماته عرض الحائط.
لم تعِ ما حدث, و على قارعة الطريق لفظت أنفاسها بين يديه,و من حولهم يصرخ لقد مات!!
تمت
منقول من احد القصص الجميلة ارجو ان تنال اعجابكم
ان كان للجمال وجود فهو بتواجدك
تسلمى على المجهود الاكثر من الروعة