تقارير طبية جديدة .. السفر بالطائرة آمن لغالبية الحوامل
«ما دام لا يُوجد لدى الحامل أي اضطرابات في الحمل ولا يُوجد لديها أي أمراض أخرى، فإن احتياطاتها قبل وأثناء السفر بالطائرة هي نفس احتياطات الأمان الصحي التي يتبعها بقية الناس في سفرهم بالرحلات الجوية».
هذه التوصية هي أهم ما تضمنته المراجعة الحديثة لتوصيات لجنة الخبراء في الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد حول سفر الحوامل بالطائرات، والتي ستنشر تحت عنوان «السفر الجوي خلال الحمل» «Air Travel During Pregnancy»، ضمن عدد أكتوبر (تشرين الأول) لمجلة طب النساء والتوليد Obstetrics & Gynecology.
وقال الدكتور ويليم بارث، رئيس لجنة خبراء توصيات ممارسات التوليد بالكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد والطبيب بمستشفى ماساتشوستس العام ببوسطن: منذ أن صدرت في عام 2001 أولى توصيات لجنة الخبراء بالكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد حول سفر الحوامل بالطائرات، ظهرت عدة ملاحظات علمية طبية ضمن الدراسات الطبية المنشورة في المجلات العلمية والمؤتمرات الطبية، وخاصة حول أمان سفر الحوامل اللائي لا يُعانين من أي مضاعفات صحية بالحمل.
وأضاف: وهذه الدراسات والبحوث الجديدة أعطت مزيدا من القوة والدعم للتوصيات العلمية تلك، وأوضحت كثيرا من التفاصيل حولها.
وتحديدا، أشار الدكتور بارث إلى أن الكثير من الدراسات الطبية الحديثة لاحظت أنه بالجملة لا يوجد ارتفاع في نسبة حصول المضاعفات الصحية السلبية لدى عموم الحوامل خلال أو بعد السفر بالطائرة.
ومن جانب آخر، لفتت لجنة الخبراء إلى الاهتمامات الطبية المتنامية حول تعرض الحوامل للأشعة الكونية cosmic radiation خلال السفر بالطائرات.
وأوضحت أنه حتى أطول الرحلات الجوية عبر القارات، لن تعرض الركاب إلى أكثر من حوالي 15 في المائة من الحد الأعلى لما هو منصوح بعدم تجاوزه في كمية الإشعاعات الكونية للشخص العادي، وذلك وفق إرشادات المجلس الوطني للحماية من الإشعاعات ورصدها National Council on Radiation Protection and Measurements واللجنة الدولية للحماية من الإشعاعات International Commission on Radiological Protection.
ومع هذا أفادت لجنة الخبراء إلى احتمالات تعرض طاقم ملاحي الطائرة وعموم الأشخاص الذين يتكرر سفرهم بالرحلات الجوية، إلى كميات عالية من الإشعاعات الكونية، تفوق الحد الأعلى لما يُسمح بالتعرض له.
وأحالت لجنة الخبراء إلى الموقع الإلكتروني للإدارة الفيدرالية للطيران، لمعرفة مقدار كمية الأشعة الكونية التي يتعرض لها جسم الراكب في أي رحلة يُراد الاستفسار عنها.
التعرض لجلطة دموية
وفي معرض التوضيح لأهمية الموضوع، قال الدكتور بارت «الأسئلة حول سفر الحامل بالطائرة ومدى أمان ذلك والاحتياطات الواجب اتباعها، هي أكثر أنواع الأسئلة التي تطرحها النساء المُراجعات بعيادات الحوامل.
وأضاف: حينما تكون صحة جيدة، ولا تُوجد أي مضاعفات صحية في الحمل، وحينما تسأل عن مدى أمان قيامها بالسفر العارض وغير المتكرر بالطائرة، فإن الإجابة الطبية يجب أن تكون بكل اطمئنان أن هذا الأمر آمن، أي لا يُتوقع أن يتسبب في أي مشاكل صحية.
وعرضت لجنة الخبراء موضوعا آخر يتطلب الاهتمام من عموم المسافرين جوا، وخاصة منهم الأكثر عُرضة للإصابة بجلطة الدم في أوردة الساقين والفخذين، والذين من ضمنهم النساء الحوامل.
وذكرت اللجنة النساء الحوامل بضرورة اتخاذ وسائل الوقاية من جلطة أوردة الساقين، والتي من أهمها ارتداء جوارب ذات قدرات للضغط على عضلات الساقين، وبالتالي منع تجمع الدم في أوردتهما للتقليل من احتمالات تجلط الدم فيها.
وكذلك الحرص على تحريك القدمين والساقين من آن لآخر خلال السفر جوا، وخاصة في الرحلات الطويلة.
والحرص على المشي لبضع دقائق في ممر الطائرة، من آن لآخر خلال تلك الرحلات، هذا بالإضافة إلى تحاشي ارتداء ملابس ضيقة تضغط على البطن والحوض، ما يرفع من احتمالات صعوبة جريان الدم من أوردة الأطراف السفلى إلى جهة الصدر.
وعدم إهمال الاهتمام بشرب كميات كافية من الماء والسوائل خلال السفر بالجو، لأن فقد الجسم للسوائل يزيد خلال ذلك، مما يزيد بالتالي من لزوجة الدم، ويرفع من احتمالات تجلط الدم داخل الأوردة.
وتناولت اللجنة في تقريرها جوانب أخرى من السلامة للحوامل خلال الرحلات الجوية، وقالت إن على الحوامل تثبيت حزام الأمان بالمقعد، طوال الوقت أثناء الجلوس، وذلك تحسبا لأي اضطرابات جوية قد تُؤدي إلى إصابات على جسم الحامل، وخاصة في منطقة البطن والحوض.
راحة الجهاز الهضمي
ومن ضمن وسائل الراحة للحوامل، منع الإزعاج الناجم عن تكون غازات بالأمعاء، وهو ما يتطلب وفق ما ذكرته اللجنة، تجنب تناول المأكولات والمشروبات التي تتسبب بظهور الغازات بالبطن، قبل وأثناء السفر بالطائرة، ومنها المشروبات الغازية والأطعمة التي يعرف البعض أنها تثير الغازات لديهم.
ومعلوم أن اختلاف الضغط الجوي داخل الطائرة، خلال الارتفاع إلى علو مرتفع، عن الضغط الجوي في المناطق الأرضية، يُؤدي إلى تمدد حجم الغازات عموما.
وإذا ما كان هناك حجم معين من الغازات في البطن عند سطح الأرض، فإن حجم الغازات تلك يزداد، مما يُؤدي إلى زيادة الشعور بها وبضغطها، وبزيادة الرغبة في إخراجها.
وأفادت اللجنة بأن الحوامل اللواتي يُعانين عادة من الغثيان والقيء خلال الرحلات الجوية، بإمكانهن على سبيل الوقاية تناول أحد أنواع أدوية منع الغثيان anti ـ nausea، التي يصفها الطبيب لهن، قبل ركوب الطائرة.
ووفق ما قالته اللجنة في تقريرها الحديث، ترى الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد أن على الحوامل اللائي لديهن اضطرابات صحية بالحمل أو يعانين من أي أمراض أخرى، والتي من المحتمل أن تسوء خلال السفر بالرحلات الجوية وتتطلب بالتالي عناية إسعافية مستعجلة خلال ذلك، فإن عليهن أن يتجنبن السفر بالطائرة خلال أي وقت من مراحل الحمل.
وعليهن أيضا أن يتبعن الأنظمة التي تتبعها شركات الطيران في متطلبات تأكيد أمان السفر بالنسبة للحوامل.
السفر الجوي خلال الحمل.. نصائح من «مايو كلينك»
ضمن التعليقات العلمية للباحثين من مايو كلينك بالولايات المتحدة، يقول الدكتور روغر هارمز: بشكل عام، ليس هناك مخاطر صحية محددة على الحامل التي تتمتع هي وجنينها بصحة جيدة ولا يمر حملها بأي متاعب صحية، إذا ما أرادت السفر بطائرات الرحلات الجوية التجارية خلال الحمل.
إلا أن هناك حالات صحية معينة خلال فترة الحمل ترفع من احتمالات حصول الضرر على الحامل أو الجنين أو الحمل، مثل فقر الدم الشديد أو مرض الأنيميا المنجلية sickle cell disease أو اضطرابات تجلط الدم بالأوردة أو تدني قدرات عمل المشيمة في تغذية الجنين placental insufficiency.
وإذا ما كانت ثمة مرونة في قرار وظروف وقت السفر خلال الحمل، فإن الأفضل هو اختيار وقت المرحلة الثانية من الحمل. أي بين الأسبوع الرابع عشر والأسبوع الثامن والعشرين.
والسبب أن الحامل في هذه الفترة بالذات تكون مرتاحة في حملها، وتقل احتمالات خطورة حصول إسقاط الحمل miscarriage أو احتمالات الولادة قبل اكتمال النضج لنمو الجنينpremature labor.
وعادة ما يحظر الطبيب المتابع للحمل، على الحامل سفرها بعد الأسبوع السادس والثلاثين من عمر الحمل أو إذا ما كانت ثمة احتمالات لحصول ولادة مبكرة قبل الموعد المتوقع preterm delivery.
وعادة ما يكون قلق الحوامل من السفر بالطائرة سببه الخوف من تأثيرات اختلاف الضغط الجوي ومن تأثيرات الأشعة الكونية، وتغيرات الضغط الجوي داخل مقصورة الركاب تُقلل بشكل طفيف من نسبة الأكسجين بالدم، والجسم قادر على التكيّف مع ذلك دونما التسبب بأي أضرار عليه.
وبالرغم من أن كمية الأشعة الكونية أعلى في المناطق العالية بالجو، إلا أن تأثيراتها قليلة على الركاب الذين لا يسافرون بالطائرات بكثرة، وهنا على المضيفات والطيارات وغيرهم ممنْ يسافرون بكثرة على الرحلات الجوية، مناقشة الأمر مع المتخصصين الطبيين لحساب كميات الإشعاع ومدى تأثيراتها الصحية عليهم.
وقبل السفر بالطائرة، على الحوامل التنبه للنقاط التالية:
– مراجعة أنظمة شركة الطيران حول سفر الحامل: لأن تلك الشركات تختلف في أنظمتها الخاصة في هذا الأمر، وكثير منها لا يسمح بسفر الحامل بالرحلات الداخلية بعد الأسبوع 36 من عمر الحمل، وبالرحلات الدولية بعد الأسبوع 32 من عمر الحمل.
– انتقاء المقعد بعناية: والمقاعد التي تُعطي حرية في الحركة ومجالا أوسع للراحة، هي مقاعد الدرجة الأولى، والمقاعد التي على الممر، والمقاعد التي تُعطي أكثر الهدوء هي التي بقرب مقدمة الطائرة.
– ربط حزام المقعد تحت البطن وعلى الفخذين: أي جعل الحزام لا يتسبب بالضغط على البطن أو الحوض.
– الحفاظ على تنشيط الدورة الدموية: عبر إجراء تمارين بسيطة لتحريك القدمين وعضلات الساقين خلال الجلوس على المقعد، وأيضا إذا أمكن، التحرك بالمشي في الممر لبضع دقائق، كل نصف ساعة.
– تناول كميات وافرة من السوائل: وأفضلها الماء أو العصير الطبيعي، وعلى الحامل أن لا تقلق من تأثير ذلك على كثرة التبول وضرورة الذهاب إلى دورات المياه.
جزاكي الله خير