ذلك الإحساس المرهف الذي يجعلنا نشعر بضعف الآخرين وحاجتهم للمساعدة فطري بطبيعته. لكن البعض يقسو قلبه مع الوقت ولا يعود يرى وجع الآخرين ويتغاضى عن ذلك النداء العميق الذي يدفعه للتعاطف والتصّدق. أدلة علمية تثبت اليوم أن التعاطف والصدقة ينعكسان على حياتنا وفرحنا الداخلي إيجابياً. كيف؟
1. الصدقة والتعاطف تمنحنا سعادة شبيهة بتلك التي نشعر بها عندما نكسب المال. تثبت صور بالأشعة في دراسة أجريت في المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة أن المتعة التي نشعر بها عند تقديم المساعدة لشخص أقل حظاً منّا في الحياة هي نفسها تلك التي نشعر بها عندما نتلقّى المال.
2. نشعر بفرح أكبر من فرح شراء أشياء لأنفسنا. في دراسة نشرت في مجلة ساينس تبيّن أن الإنسان يشعر بفرح عندما يعطي المال أكثر مما لو كان يشتري أشياء لنفسه.
3. ترفع الروح المعنوية عند الأشخاص المحيطين بنا. عند رؤية شخص يقوم بصدقة أو يتعاطف بأي طريقة كانت مع غيره يشعر المشاهد أو الشاهد بدافع قوي إلى أن يفعل الشيء عينه.
4. يعتبر الرجال والنساء اللطف والتعاطف ميزتين أساسيتين في الشخص الذي يمكن أن يكون شريك حياتهم.
5. التعاطف والرحمة ميزتان معديتان بحسب دراسة أجرتها جامعة هارفرد.
6. الصدقة والتعاطف يحسّنان الصحة ويطيلان العمر.
7. الصدقة والتعاطف يخففان من الضغط النفسي والاكتئاب الناتج عن التركيز المفرط على الذات. مساعدة الآخرين عندما نشعر بالاحباط والتعب النفسي تخرجنا من هذه الحالة من خلال تحويل اهتمامنا إلى الآخر.
8. إنهما ميزتان فطريتان. فإذا راقبنا الأطفال الصغار لوجدنا أنهم يقومون بذلك تلقائياً. كذلك يفعل الراشدون ما لم تقسِ ظروف الحياة قلوبهم.
9. الصدقة والتعاطف يجعلان الشخص الذي يتطوّع للعمل الإنساني يشعر بالبحبوحة وبأن لديه الوقت ليقدم المساعدة وليقوم بكل شيء آخر في حياته.
10. لا يقف التعاطف عند حدود تقديم المساعدة للأشخاص بل يطال أيضاً الرأفة على الطبيعة والمجتمع ككل والعالم الذي نعيش فيه.
الوسم: التعاطف
عندما يشعر أحدنا بالضيق لسبب ما فإنه يحب أن يجد إنساناً يتحدث إليه ، ولاشك أنه إذا وجد شخصاَ ينصت إليه ويتفهم مشاعره فإن ذلك سيخف عنه شيئاً من هذا الضيق .
أننا نجذب فطرياً إلى الأشخاص الذين يتفهمون مشاعرنا ونعرض عن الأشخاص الذين لا يشعرون بنا ، ولكي ينجح الإنسان في قراءة مشاعر الآخرين يجب أن يكون قادراً على قراءة مشاعره وتأثيرها على تصرفاته ، عندها يستطيع أن يجري القراءة المعاكسة وأن يعرف مشاعر الآخرين من خلال تصرفاتهم.
أن من أهم حاجات الإنسان في هذا الوجود حاجته إلى أن تقدر مشاعره من قبل الآخرين ويعتمد تقدير مشاعر الآخرين على ثلاثة أمور :
1- إدراك هذه المشاعر/ فأنت ترتاح للشخص الذي يراك منزعجاً فيقول لك : ( أراك منزعجاً بشدة )
2 – تفهمها دون الحكم عليها / نحن نشعر بالارتياح أيضاً عندما يتفهم الآخرون مشاعرنا دون أبداء رأيهم فيها مثل قول : ( أدرك تماماً أن هذا الأمر مزعج بالنسبة إليك )
3- التعاطف / وهو الإحساس بمشاعر الآخرين مثل قول : ( أفهم ما تشعر به ، فقد مررت بهذا الشعور من قبل)
إذا كان تقدير مشاعر الآخرين يريحهم فإن أكثر ما يزعج الإنسان هو إحساسه بأن الآخرين لا يقدرون مشاعره ، ويمكن أن يتم ذلك بعدة أشكال منها :
1- تجاهل المشاعر / كأن يكون الإنسان متجهماً بسبب شعوره بالحزن فيأتي من يقول له : ( لماذا العبوس ، ابتسم !!!!) أن مطالبة شخص حزين بالابتسام هو تجاهل تام لمشاعره ، وهو لا يروح عن هذا الشخص بل على العكس يزيده شعوراً بالحزن والعزلة .
2- إخبار الآخرين أن هذه المشاعر غير طبيعية / ربما تحاول التخفيف عن غيرك فتقول : ( أنت حساس زيادة عن اللزوم ) لكن في الحقيقة أنت تتهم بأن فيه عيب لمجرد أنه شعر شعوراً لا تتفق معه فيه . أن اختلاف المشاعر بين الناس أمر طبيعي ولا يحق لنا أن نتهم مشاعر الآخرين بأنها شاذة أو غير طبيعية لمجر أننا لا نوافق على هذه المشاعر .
3- إخبار الآخرين كيف يجب عليهم أن يشعروا / هل سمعت أحياناً من يقول لك : ( لماذا تحب هذا الإنسان ، أنا لا أرى فيه شيئاً يستحق الإعجاب ) إن مشاعر الإنسان هي هويته ، وعندما نطلب من الآخرين أن يشعروا مثلما نريدهم أن يشعروا أو مثلما نشعر نحن ، فإننا نريدهم أن يكونوا امتداداً لنا ، وأن تكون مشاعرهم امتداد لمشاعرنا ، أي أننا نمحو هويتهم ونعتدي على حقهم في الوجود كأشخاص مستقلين عنا .
إن التعاطف مع الآخرين يحتاج إلى استقرار عاطفي ، فالإنسان الذي تستهلكه عواطف القلق أو الحزن أو الخوف ينخفض إحساسه بمشاعر الآخرين ولذلك علينا أن لا نلوم الآخرين إذا لم يتعاطفوا معنا فربما كانوا في حالة نفسية غير مستقرة .
ويعتمد التعاطف مع الآخرين على قراءة مشاعرهم من خلال تصرفاتهم وتعابير وجوههم ، فقد أجريت تجربة عرض فيها شريط فيديو صامت مدته 45 دقيقة يعرض حركات أشخاص وتعابير وجوههم في حالات شعورية مختلفة ، وطلب من 700 مشارك من 18 دولة مختلفة أن يحددوا الحالة الشعورية لكل شخص من خلال قراءة لغة جسده ، وتبين أن الذين حققوا أعلى نسبة من القراءة الصحيحة لحركات وتعابير الآخرين كانوا أكثر المشاركين نجاحاً اجتماعياً واستقراراً عاطفياً .
الإفصاح عن المشاعر يريح صاحبه :
أننا عندما نحدد الدائرة التي نزعج إذا اقتحمها الآخرون نقل من احتمال اقتحامها ، وما يصاحب هذا الاقتحام من مشاعر سلبية في نفوسنا .
ويمكن التعبير عن المشاعر بشكل صحيح مثلاً عندما تشعر بعدم الاحترام نتيجة لتصرف معين قام به صديق من الأفضل أن لا تقول له : (أنت لا تحترمني ) وإنما تقول : ( أنا أشعر بعدم الاحترام عندما تتصرف معي هكذا ) إن اتهام الآخرين سيدفعهم إلى اتخاذ موقف دفاعي سيزيد المشكلة ، أما التعبير عن المشاعر فسيحملهم على تفهمها ، وتعديل تصرفاتهم وفقاً لذلك .
التعاطف والنظرة النمطية :
أن أهم سبب من أسباب عدم القدرة على التعاطف مع الآخرين هو النظرة إليهم نظرة نمطية سلبية ، إي الحكم عليهم مسبقاً وبشكل سلبي لمجرد انتمائهم إلى جنس أو لون أو دين أو طائفة معينة .
إن التعاطف يعتمد على قراءة الآخرين من خلال التعامل معهم لا من خلال انتماءاتهم ، وعندما تتدخل النظرة النمطية تنعدم القراءة الصحيحة ويصبح الإنسان متحيزاً ومتجنياً في قراءته للآخرين .
والمجتمع الذي تسوده النظرة النمطية ينعدم فيه التعاطف والتواصل والحوار ويملؤه البغض والشحناء وسوء التفاهم ، وإن ذلك سينعكس سلباً على المجتمع وعلى كل فرد من أفراده .
فبمجرد شعور الإنسان بالنظرة الدونية تحيط به من كل جانب كفيل بتخفيض معنوياته والحد من قدرته على العطاء ، في تجربة وزعت مجموعة من الأسئلة على مجموعتين من الأشخاص تضم كل مجموعة رجالاً ونساءً ، وأخبرت المجموعة الأولى أن النساء دوماً يحصلون على علامات أقل من الرجال عندما يجيبون على هذه الأسئلة في حين لم تخبر المجموعة الثانية شيئاً ، فكانت النتيجة أن النساء حصلن على علامات أقل من الرجال في المجموعة الأولى وعلى علامات مماثلة للرجال في المجموعة الثانية ، إننا بمجرد أن نخبر إنساناً ما بشكل مباشر أو غير مباشر أنه دون غيره في مجال من المجالات ، فإن ذلك سيؤثر عليه سلباً ويجعله فعلاً دون غيره في هذا المجال .
التعاطف والقيادة :
إن التعاطف مع الآخرين شرط من شروط القيادة الناجحة ، والذين يعتقدون أن القيادة القوية هي التي تدوس على مشاعر الآخرين ولا تهتم بها مخطئون تماماً ، فقد وصف الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو من أعظم القادة على مر التاريخ فقال : " فبما رحمت من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك"
إن القيادة القائمة على التسلط وتجاهل مشاعر الآخرين وإنسانيتهم يمكن أن تنجح ولكن نجاحاً جزئياً ومؤقتاً ، فالإنسان لا يعطي أفضل ما عنده إلا حين يشعر بإنسانيته وكرامته واحترام مشاعره.
إن حاجة الإنسان إلى التعاطف على المستوى النفسي تماثل حاجته إلى الهواء والماء والطعام على المستوى الجسدي ، بل إن الدراسات أثبت أن أولئك الذين يحاطون بجو من التعاطف والتفهم لمشاعرهم تكون قدرة أجسادهم على مقاومة الأمراض أفضل من الأشخاص المحرومين من الدعم العاطفي.
الله الله بالردود السنعه والتقييم
متى نستطيع أن نقول بالفعل لشخص آخر أنا أفهمك أو أشعر بما تحس به أو أفهم ما يدور بداخلك عندما نكون حساسين . التعاطف هو أكثر من مجرد المشاركة الوجدانية إنه القدرة على الإصغاء والتبصر بهدف التعرف على أفكار ومشاعر الأخر وتعد هذه القدرة مولودة وليست مكتسبة ومع ذلك فإننا قليلاً ما نستخدمها
.
التعاطف أكثر من مجرد الإحساس العفوي بالآخر ، الذي يغمرنا أو يستحوذ علينا استناداً لمشاعر الآخر ، وقد يدفع أعيننا لذرف الدموع .. فالمشاركة الوجدانية هي مجرد مرحلة سابقة للتعاطف. فعندما نشارك الآخر وجدانياً نتذكر كيف يكون الحزن أو السعادة أو الحنق إننا نتقاسم هذه الخبرات ويمكننا لهذا أن نعزي أنفسنا ، أن نفرح أو نتوتر .. وهكذا ينشأ بين الناس تشارك مصبوغ بالأنفعال أو المشاعر ، إلا أنه من حيث المبدأ تشارك سطحي .
.
إلا أن التعاطف أكثر من مجرد التشارك الوجداني ، إنه يصف القدرة على فهم خبرات الآخر والاستجابة بناء على هذا الفهم بالشكل المناسب .
التعاطف ليس مجرد المشاركة في المشاعر فحسب إنه يحاول فهم ما هو كامن خلف هذه المشاعر. لهذا يشترط التعاطف الإصغاء الدقيق والملاحظة الدقيقة فإذا أردنا أن نكون متعاطفين فإننا نريد أن تفهم بدقة ما الذي يجري في الآخر لهذا نحاول أن نرى العالم بعيونه أن نرتدي حذائه وهذا التبديل للمنظور والتخلي العابر عن منظورنا يفتح لنا تفهماً يتجاوز المشاركة الوجدانية لآخر وبمجرد نستطيع قراءة ما الذي يفكر فيه الآخر ويحسه وما ينويه وماهي الدوافع والعقد التي دفعه وهو موقفه نحونا عندئذ يمكننا أن نتعاطف معه وهذا يعني أننا نستطيع عندئذ مساعدته أو حتى حماية أنفسنا من نواياه ومخططاته إذ أنه يمكن أستخدام التعاطف لصالح الآخر أو لإلحاق الضرر به فمن يعرف بشكل جيد ما يدور في رأس المحيطين به فإنه لا يستطيع نصحه أو حمايته فحسب وإنما توجيهه و أستغلاله .
.
ويعرف باحث التعاطف وليم إكس القدرة التعاطفية على النحو التالي : الأحتضان التعاطفي من الذات نحو الآخرين ليس أكثر من شكل من قراءة الأفكار الذي نمارسه في حياتنا اليومية ، إنه على ما يبدو ثاني أكبر الإنجازات القادر عليها دماغنا حيث أن الوعي نفسه هو الإنجاز الأكبر ، وضمن الظروف العادية يعيد الإنسان تاريخه التطوري في سنواته الأولى من العمر فحتى المواليد الجدد يستجيبون لبكاء الأطفال الآخرين ويبدءون هم أنفسهم بالبكاء .. على نحو يمكن تسميته بالعدوى الانفعالية و في عمر الشهرين يبكي الطفل عندما يرى دموع الغرباء أو يستجيب بابتسامة. فالأطفال فهم يمكنهم في وقت مبكر التعرف على المشاعر ويعكسون في أية حال المشاعر البسيطة فحسب كالفرح أو الحنق أو الحزن وليس المشاعر المعقدة كالخجل أو الإازدراء وفي عمر السنوات الست يدرك الأطفال أنه يمكن أن يكمن خلف التعبير عن شعور ما شعور آخر مختلف كلية وفي عمر السبع سنوات يفهمون المواقف المعقدة التي تظهر فيها مشاعر على نحو الغيرة والذنب والفخر أو التواضع ، وبالتدريج يصبح لهم أيضاً دور الدوافع والمقاصد الكامنة خلف تعبير ما أكثر وضوحاً .. وبين سن التاسعة و الحادية عشرة يمكن للأطفال أن يتعرفوا من الإشارات غير اللفظية إذا أراد شخص ما خداعهم أو خداعهم واستغلالهم .
.
أعرف ما الذي تحس به ، أعرف ما يدور بداخلك ، مثل هذه الجمل تساعدنا في بعض المواقف ، إنا تعبر عن الحساسية والمشاركة الوجدانية ، إلا أن التعاطف أكثر من مجرد هذا .. فعندما نكون متعاطفين فإننا لا نمتص بصورة سلبية المشاعر التي يعيشها الآخر الآن فحسب ، إذ أن التعاطف أكثر من مجرد نوع من الواقع التقديري الذي نفكر ونشعر فيه كما لو كنا مكان الآخر . فالتعاطف يسأل : ما الذي يعنيه شعور ما ؟ ما الذي أراه من خلال التبصر في العالم الروحي للشخص الآخر ؟ لهذا يتطلب التعاطف إلى جانب كل التشارك والإحساس بالآخر درجة معينة من البعد . ويقول وليم إكس في هذا الصدد : التعاطف عبارة عن أستنتاج مركب ترتبط فيه الملاحظة والذاكرة والمعرفة و التفكير من أجل الوصول لاستبصار في مشاعر و أفكار الناس الآخرين .
.
فمن يكون تعاطفياً أو متعاطفاً لا يذوب في مشاركة المشاعر أو لا يشارك الآخر الغضب والفرح .. التعاطف يعني التعلم من الحوار والتصرف بعد ذلك .. التعاطف ليس هدفاً بحد ذاته .. إذ أننا بمساعدته نوسع معرفتنا وذخيرتنا السلوكية ونحسن تفهمنا للعالم والبشر كي نتمكن من حل المشكلات بشكل أفضل وتجاوز الأزمات و والتعرف على الأسباب الأعمق .. فالمستمع المتعاطف يستجيب لكل موقف بحساسية، ولا ينساق وراء القوالب الجامدة و الأحكام المسبقة، ويسجل أدق التغيرات و أقل الأصوات انخفاضاً .. و إلى جانب التدريب يتطلب التعاطف و معرفة الذات التركيز والانتباه بشكل خاص .
.
إبطاء السيرورة ..
تجتاحنا في بعض الأحيان انفعالات غامرة ، إنها تعمينا بالحرف عما يدور حولنا ، والأنفعالات السلبية كالخوف أو الغضب بشكل خاص تطلق هرمونات الإرهاق ، تجعل العضلات تتشنج وتضيق الاستثارات الفيزيولوجية من الرؤية وتخفض بصورة مؤكدة من قدرات الإدراك .. وعندما نشعر أن شخص ما يعاني من هذه الحالة نبدي التعاطف وذلك بأن نساعده على التنفيس عما بداخله و على ألا يستخلص أستنتاجات متسرعة ، وتتجلى القدرة التعاطفية من خلال مساعدتنا لشخص ما على كيفية رؤية الكل الأكبر قبل أن يستسلم لتصرفات طائشة .
.
السؤال بصورة صحيحة ..
بعض الأسئلة تتضمن الإجابة أو بشكل أدق : تتضمن الحكم ، أنت تعتقدين إذاً أن صديقتك الجديدة جيدة تسأل الأم إبنتها بصوت متهكم ، مسبقة بهذا ردة فعل دفاعية تصغيرية البنت تصمت أو تتبنى الحكم السلبي ، فإذا ما كانت الأم تريد أن تعرف ما الذي يدور بالفعل داخل ابنتها فعليها أن تطرح سؤالاً صريحاً تعاطفياً : ما الذي يعجبك بصديقتك بشكل خاص ؟. فالأسئلة الصريحة تقود لاستقصاء الذات عند المسؤول وتبث في الوقت نفسه : أنا مهتم بالفعل بوجهة نظرك .
.
الأحتفاظ بالماضي في المدى المنظور ..
في الاتجاه التعاطفي يمكن ألا يكون للسلوك الراهن لشخص ما علاقة بالوضع الراهن ، وبشكل خاص إلا تكون له علاقة بنا. فقد لا يكون زميلنا المتجهم غاضباً منا ، فقد يكون مثقلاً بصراع أسري غير محلول ، أو يعاني من غيظ متراكم بسبب مرتبه السيئ ، إننا نجر وراءنا صراعاتنا غير المحلولة كلها أو نتذكر فجأة مرحلة مخجلة من حياتنا ، يلون الماضي الحاضر ، وغالباً ما ينصب هذا على الناس الخطأ ، وفي مثل هذه المواقف يكون من المفيد كبت الاستجابة ، وعدم المعامل بالمثل ، وهكذا يمكننا البقاء موضوعيين و نرى بدقة أكبر .
.
جعل القصة تتفتح ..
يتيح لنا التعاطف ترك الآخر يروي لنا قصته ، دون التسرع في الحكم أو مقاطعته أو دون نلح عليه في قبول نصائحنا الجيدة. وهذا يعني في بعض الأحيان التمكن من الانسحاب و كذلك عدم تحريض الراوين المفرطين .. يتطلب التعاطف التوقيت الجيد : الإحساس بأنه سيأتي شيء ما بعد ذلك ، الإنصات إلى أن الآخر يخفي خلف هذا الشعور شعوراً آخر . وعليه فالحنق أو الغضب غالباً ما يكون انفعالاً مقنَّع مختار فخلفه تكمن على الأغلب الخيبة ، والانجراح، واليأس ومشاعر العزلة و بشكل خاص غالباً ما يكمن خلفها الإحساس بعدم الفهم .
.
وضع الحدود ..
لا يعني التعاطف الإفصاح للآخر عن مقاصدنا من أجل أن ندفعه للمصارحة ، يعتقد الكثير خطأ بأنهم عندما يروون شيئاً ما من حياتهم الخاصة أو من محيط مشاعرهم لقد مررت مرة بخبرة مشابهة فإنهم يحققون بذلك أساساً من الثقة ، إن من يروي شيئاً ما عن نفسه يمكن أن يحقق بعض الراحة على المدى القصير إلا أنه على المدى البعيد فإن هذه المصارحة المساء فهمها غير فاعلة ، فكل إنسان يرغب في أن يرى أن مشاعره محترمة بوصفها مشاعر أو مشكلات فريدة من نوعها، ومن ثم فليس من المفيد عندما يؤكد له أحدهم بأنه قد مر بالخبرة نفسها ، وحتى عندما يبدو الأمر غير منطقي ، إلا أن الحقيقة أن تبادل الحميمية يعيق التعاطف ، فمن أجا التمكن من الإصغاء دون أحكام مسبقة علينا الانفصال لبعض الوقت عن خبراتنا : حتى عندما يبدو لنا أن كثير مما نسمعه معروف لنا ، فعلينا أن نكون منتبهين ، وكأننا نسمع قصة الآخر للمرة الأولى .
.
تقويم الأخرين بشكل صحيح ..
يتطلب الإصغاء التعاطفي تبني رؤية الآخر للعالم دون نظريات أو فرضيات مسبقة حول الآخر ، من أجل خبرة حقيقته الذاتية التي هي الحقيقة حول نفسه ، فنحن لا يمكننا أن نعرف شخصاً ما بالفعل لم نكن قد أصغينا إليه قبلاً لفترة طويلة و بشكل مركز ، وهنا يساعدنا من التأكد بين الحين والحين فيما إذا كان شريك المحادثة يشعر بأنه مفهوم بالفعل ، وفيما إذا كان يعتقد بأنه قد عبر عن كل ما يعتبره مهم بالنسبة له. ويقترح كارل روجرز مؤسس العلاج النفسي المتمركز حول المتعالج أستراتيجية خاصة بهدف تحسين فن الإصغاء ، ففي نقاش ما أو جدل ينبغي أستخدام القواعد التالية : لا يحق لأي شخص أن يتحدث عن نفسه قبل أن يكون قد أعاد أفكار ومشاعر محدثه أو محدثته بدقة فعلى كل مصغ أن يكون إذاً قادراً على تلخيص رؤية أو وجهة نظر الآخر بدقة .
.
الجانب المظلم من التعاطف ..
القدرة على التعاطف ليست امتيازاً يختص به الناس ذوي النوايا الطيبة فقط ، إذ يمكن أن يتم أستخدام التعاطف ضدنا من النصابين والأنانيين والمظللين ، فقد كان هتلر تعاطفياً بطريقته الخاصة ، وذلك عندما فهم رغبات وعقد وطموحات الألمان وأستغله ، فكلما أستطاع شخص ما الولوج إلى جوهر عالمنا الداخلي سهل عليه استغلالنا
موضوع هادف