وحيثما كان كان الزواج مبكرا أي قبل اكتمال نضج الشخصية فإنه يحدث أن تنفصم عري المحبة مبكرا لدي الزوجين حينما تنضج شخصية الواحد منهما فتتكشف له نقائص الآخر ، وهو ما عبرت عنة إحدى الزوجات يوما في استشارة لها : زوجي لم يعد ذلك الرجل الذي أحببته يوما . هذا بالإضافة إلى أن الزوج الصغير قد يخلط بين الزواج والمغامرة العاطفية فهو يحلم أن يتزوج من فتاة يأخذ بسحرها ومجامع قلبها وكفى ، لكن في الواقع شتان مابين المغامرة العاطفية والزواج ، فالأولى عابرة والثانية استقرار وثبات . ويرتبط التكيف الزواجي بمدي مقدرة الزوجين علي تفهم كل منهما الآخر وتحقيق السعادة الزوجية ، خاصة خلال الفترة الأولى من الزواج . وكلما قصرت هذه الفترة انجازا كان احتمال التوفيق في الزواج أكبر . وقد أثبتت التجارب أن التكيف الزواجي في مجال العلاقات الجنسية بينهما هو أصعب مظاهر التكيف وأحوجها إلى عنصر الزمن ، وقد يرجع ذلك في جزء منه إلى الخبرات النفسية والاجتماعية لدى كلا الزوجين وإلى اختلاف الطبيعة البيولوجية لدي كل منهما وعوامل التربية الجنسية وأنماطها داخل البيئة الاجتماعية .
وقد يلاحظ أنه بمجرد انقضاء شهر العسل فإن العروسين سرعان ما يجدان نفسيهما مضطرين إلى مواجهة مشكلة التكيف التي لم تخطر علي بالهما ، وتبعا لذلك فان أحلام الحب لا تلبث أن تخبو سريعا تحت وهج الحقيقة ، وقد عبرت عن ذلك إحدى الزوجات المستشيرات بقولها : إن زوجي الذي كان مولعا بي أثناء فترة شهر العسل والتي أمضيناها في الخارج أصبح لا يهتم بأمري الآن فما الذي حدث؟! .
في الحقيقة لا بد لكل طرف أن يحاول تفهم الآخر على ما هو عليه في ضوء الواقع الحقيقي وطبائع وسلوكيات وعادات كل منهما وقد يبدو كل منهما شخص غير الذي كان علية وقد ساءت تصوراته عنه فجائيا . وتتدخل العديد من العوامل في النزول إلى هذا الواقع الأليم منها المشكلات المالية وهي إحدى أسباب الاختلافات الجوهرية في العلاقات الزوجية ومنها التفاهم مع أسرة الزوج أو الزوجة ، وكذا التعامل مع وجود الأصدقاء وأنشطة واهتمامات كل منهما وعلاقات الرحم وكيفية المحافظة عليها .
وأيضا لابد لكل من الزوجين من التكيف بخصوص أسلوبهما في تمضية أوقات الفراغ فان الزوج قد يريد قضاء السهرة في البيت بعد عناء العمل بينما تشعر الزوجة برغبة في الخروج خاصة بعد مكوثها فترة طويلة بالمنزل وأيضا قد يهتم الزوج مثلا بمباريات الكرة بينما هي ليس لها هي ادني اهتمام بذلك وهكذا . إن التكيف الزواجي عملية نفسية لابد أن تتم في مستهل الحياة الزوجية وإلا فان الأسرة قد تتعرض في المستقبل لخطر الانحلال والتفكك وإذا كان الزمن قد يقوم بحل جزء منها فان من الأهمية بمكان ملاحظة أن هناك صراعا يجري بين الزوجين وبين عائلتهما لتحقيق وجود كل منهما . وإن الزواج السعيد لصلة متجددة لا تعرف السأم ولا يعرف طريقه إليها ، وهو لا يقوم علي الرابطة الجنسية فحسب وإنما هو حياة بكاملها تقوم علي الوفاء والإبداع والتجدد فيها وتأكيد الروابط والعلاقات القائمة علي الرحمة والمودة ، وكذلك لابد أن يقوم علي الوفاء والتفهم لكل من الآخر في الحقوق والواجبات تجاه الطرف الآخر .
وللإرشاد الزواجي هنا دور كبير في تنمية مدي الاستعدادات لهذه العملية لدي كلا الطرفين وحسن الاختيار علي الأسس القويمة الصحيحة وتثبيت دعائم الاستقرار والاستمرارية فيها وتحقيق التوافق الزواجي وحل ما يمكن من مشكلات واعتماد كلا الطرفين علي العلاقة بينهما . ومن خلال هذه العملية تتحقق السعادة الأسرية ومن ثم استقرار وسعادة المجتمع ككل ومن ذلك تعلم الأساليب المناسبة والطرائق المتجددة المبدعة لهذه الحياة الجديدة ويعد اللجوء لغير المتخصصين في هذا الصدد مما قد يزيد المشكلات تعقيدا لتبدو أهمية هذه العملية في تدعيم هذه العلاقات وتنميتها بالطرق والأساليب الملائمة .
منوروة