من يحافظ على البيئة النباتيون أم أكلي الحوم؟
يرمز تناول الحم في بعض المجتمعات إلى حياة الرغد والرخاء. لكن أنصار حماية البيئة يرون في في الإستهلاك الكبير للحوم مصدراً لثلوث الطبيعة. فما هو موقف الشباب العرب والألمان من التغذية النباتية مقابل الحوم ؟
"الاستمرار في تصنيع الحوم و تناولها بهذا الكم هو أمر غير صحي ومضر بالبيئة"، تلك هي الرسالة التي أراد الكاتب الأمريكي يونتان سفران فور توجيهها إلى العالم من خلال كتابه الأخير "تناول الحيوانات". ويتحدث فور في كتابه عن الآثار السلبية التي يخلفها تصنيع الحوم على البيئة، وعما تسببه من استنزاف هائل للموارد ومن رفع لمعدلات التلوث. وأشار فور إلى أن انتشار حقول تربية الماشية لأغراض الاستهلاك بشكل كبير يتسبب في زيادة إنتاج الغازات المسببة للاحتبس الحراري.
تناول الحم أكثر ضراً بالبيئة من قيادة السيارات
كتاب "تناول الحيوانات" للمؤلف الأمريكي يونتان سفران فور في بعض المجتمعات كان يُنظر سابقاً إلى وجود الحم في وجبات الطعام كدليل على حياة الرخاء، وكان الإنسان الذي يعتمد نظام التغذية النباتية يعد شخصا غريب الأطوار، إلا أن دوام الحال من المحال، كما يؤكد سيباستيان تزوش المدير العام لاتحاد النباتين في ألمانيا في حوار مع موقع دويتشه فيله. ويرى تزوش أن عادات الإنسان الغذائية تغيرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، إذ لم يعد الإنسان النباتي في غذائه يمثل ذلك الشخص المتقشف بنظر الآخرين، بل أصبح نظام الغذاء النباتي يدل على التطور والمدنية. ويضيف تزوش قائلاً: "أكبر مثال على ذلك نجمات هوليود الواتي يعتمدن الغذاء النباتي في حياتهم".
من هو النباتي النموذجي؟ورغم انتشار تقليد التغذية النباتية في الكثير من المجتمعات، إلا أن تعريف الشخص النباتي النموذجي ما زال مجهولاً، فهناك من يأكل الدجاج والأسماك ومنتجات الألبان، لكنه يمتنع عن تناول الحوم الحمراء. وهناك نباتيون يأكلون البيض ومشتقات الألبان، لكنهم يبتعدون عن تناول جميع أنواع الحوم حتى السمك والدواجن. أما المجموعة الأخيرة فهم الذين يمتنعون عن تناول جميع أنواع الحوم والمشتقات الحيوانية ويعتمدون في غذائهم على الفواكه والخضروات والأرز والفول. لكن هل يمكن للإنسا أن يغير عاداته الغذائية التي نشأ عليها منذ ألاف السنين ويتخلى عن تناول المنتجات الحيوانية؟ هذا ما حاول موقعنا رصده من خلال استطلاع أراء بعض الشباب العرب والألمان.
فيليكس، شاب ألماني يبلغ من العمر 22 عاما ويدرس العلوم السياسية في جامعة كولونيا، يؤكد أن الإفراط في تناول أنواع الحوم هو شيء مضر بالصحة، لكن لا يمكنه التخلي عنها "فهي لذيذة جداً وتغريني أكثر من الوجبة النباتية". كارلا، التي تدرس العلوم الطبيعة في جامعة ماينس، تحب هي الأخرى تناول الحوم بجميع أنواعها، وترى أن الامتناع عن تناوله ليس بالأمر السهل. لكنها تضيف قائلة: "لكن عندما نسمع الأنباء عن كمية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن إنتاج الثروة الحيوانية الصناعية وتأثيرها السلبي على البيئة أفكر في التنازل عن تناول الحم وبكل قناعة".
"تناول الحم غريزة لدى الإنسان"
ليس كل ما هو لذيذ…صحي!!!! أما على صعيد العالم العربي فيبدو الأمر مختلفاً قليلاً، إذ تؤكد سارة وهي صحفية مصرية على أن الحم هو عنصر أساسي في المطبخ المصري. ورغم اقتناعها التام بالأضرار التي يسببها تناول الحم على الصعيدين الصحي والبيئي، إلا أن محاولتها في التنازل عن تناوله باءت بالفشل: "لم تدم محاولتي في مقاطعة المنتجات الحيوانية أكثر من أسبوع، فأنا أحب الحوم والجبن بجميع أشكالها".
في لبنان ترى المهندسة دنيا أن تناول الحم هو شيء غريزي لدى الإنسان، وتشير إلى أن أنيابه هي أكبر دليل على ذلك: " لذلك لا يمكني أن أكون نباتية بشكل تام لكني أتناول الحم بشكل معتدل". وتؤكد دنيا على أن طبيعة المطبخ اللبناني والتي لا تعتمد الحم بشكل أساسي، جعلتها معتدلة في تناوله. وتقول: "يعتمد المطبخ اللبناني على الحبوب والخضروات والقطنيات كالتبولة والحمّص والفول". الأمر مختلف في البحرين عما هو الحال في لبنان، إذ تؤكد أمل وهي شابة بحرينية أن سكان الخليج يستهلكون الحوم بشكل لا مثيل له، إذ تدخل الحوم الحمراء بشكل أساسي في مأكولاتهم الشعبية.
ومن جانب أخر يؤكد المغربي زكريا المتخصص في علم التغذية، أن أساليب إنتاج الحوم في أغلب بلدان العالم تعتمد كثيرا ما على الهرمونات المسرعة لنمو الحيوانات. ويضيف زكريا بالقول: "أنا أتناول الأسماك بشكل كبير، فهي لا تحتوي على هرمونات إطلاقاً على عكس الدواجن التي لها تأثير سلبي كبير على صحة المستهلك وعلى البيئة". أما باسل من سوريا فيعشق الحم بجميع أشكاله وأنواعه "من الصعب أن أتخيل وجبة طعام من دون لحم"، ويعقب زكريا على رأي باسل بقوله "يجب أن يكون تناول الحم متناسباً مع عمر الشخص والجهد المبذول".
دمتم فى حفظ الله