ضريبة الكلام الخلاب
د . عائض القرني
إن سعادتنا تكتم في قيامنا بواجبنا مع الخالق , ثم مع
خلقه , مع الله ثم مع الإنسان , إن الكلام سهل نطقه
وجبره وزخرفته , لكن الأصعب من ذلك صياغته في
مثل عليا من الصفات الحميدة والأعمال الجليلة .
{ أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } .
إن الآمر بالمعروف التارك به , والناهي عن المنكر الفاعل
له , يوضع – كما في الحديث الصحيح – يوم القامة في النار
فيدور بأمعائه كما يدور الحمار برحاه , فيسأله أهل انار عن
سر هلاكه , فقال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه , وأنهاكم
عن المنكر وآتيه .
يا أيها الرجل المعلم غيره [] هلا لنفسك كان ذا التعلم
وقف الواعظ الشهير أبو معاذ الرازي , فبكى وأبكى الناس
ثم قال :
وغير تقي يأمر الناس بالتقى [] طبيب يداوي الناس وهو عليل
كان بعض السلف إذا أراد أن يأمر الناس بالصدقة , تصدق
هو أولا , ثم أمرهم , فاستجابوا طواعية .
وقرأت أن واعظا في عهد القرون المفضلة , أراد أن يأمر
الناس بالعتق , وقد طلب منه كثير من الرقيق أن يسأل الناس
ذلك , فجمع نقودا في وقت طويل ثم أعتق رقبة , ثم أم فأمر
بالعتق , فاقتدى الناس وأعتقوا رقابا كثيرة .