بسم الله الرحمن الرحيم العيوب الخلقية
هي عبارة عن تخلق غير طبيعي في احد أعضاء الجسم أو الأنسجة في مرحلة تخلق الجنين. وعادة ما تكون ظاهرة كالشفة الأرنبية مثلا، او عيب خلقي داخلي لا يمكن التأكد منه الى بالفحوصات خاصة كالعيوب الخلقية في الكلى حيث تشخص بالاشعة الصوتية.
ويولد طفلا الى ثلاث اطفال لك 100 حالة ولادة .
تنقسم العيوب الخلقية إلى قسمين :
أ العيوب الخلقية منفردة :
حيث يكون المولود عامة سليماَ ولكن يوجد به عيب خلقي في عضو واحد فقط وغالباَ ما يصيب الجهاز الهضمي أو جدار البطن ويحتاج إلى التدخل الجراحي السريع وقد يكون في القلب أو الكلى ويحتاج إلى متابعة طبية مستمرة . وهذه العيوب غالباَ غير معروفة السبب حتى الآن كما أن ليس لها علاقة بزواج الأقارب أو الوالدين .
ب العيوب الخلقية المتعددة :
وتحدث عند ولادة الطفل بأكثر من عيب خلقي واحد ولها عدة أسباب تحدد بأنواعها ومن أهمها :
العيوب الخلقية الناتجة عن اختلال الصبغيات والكروموسومات في العدد أو التركيب :
يتكون الطفل من ملاين الخلايا التي تحتوي كل منها على النواة وبداخلها 46 صبغة(كروموسوم).ان اختلال في تركيب أو عدد هذه الصبغات يؤدي إلى حدوث الكثير من العيوب الخلقية وقد تكون هذه العيوب شديدة بحيث تؤدي إلى الإجهاض أو الولادة المبكرة أو إلى الوفاة بعد ساعات أو أيام قليلة من الولادة و ذلك نتيجة شديدة العيوب الخلقية في القلب والمخ والجهاز الهضمي والكلى كما هو الحال في زيادة الكروموسوم رقم 13 وما يسمي بمتلازمة كروموسوم 13 الثلاثي(متلازمة باتاو). أو قد تكون العيوب الخلقية أقل شدة لتستمر حياة الطفل لشهور قليلة بحيث لا يتجاوز عمره السنة كما هو الحال في زيادة الكروموزوم رقم 18 و التي تعرف بمتلازمة كروموسوم 18 الثلاثي (متلازمة ادورد) أما في حالة زيادة الكروموسوم رقم 21 والمعروفة بمتلازمة داون وهي أخف عيوباَ من كل من المتلازمة 13 والمتلازمة 18 وغالباَ ما تكون مصحوبة بتشوهات في القلب مع وجود ملامح محددة تميز الطفل عن بقية أفراد العائلة وتأخر في النمو الجسدي والعقلي .
إن هذه العيوب الناتجة عن زيادة عدد الصبغيات أو الكروموسومات ليس لها علاقة بزواج الأقارب ولكن ترتبط بحد كبير بسن الأم عند الإنجاب حيث تزداد نسبة اختلال الصبغيات أو الكروموسومات في العدد كلما زاد عمر الأم عن 35 عاماَ .
العيوب الخلقية الناتجة عن المورثات ( الجينات ) :
كما ذكرنا أن كل طفل يولد بعدد 46 صبغة(كروموسوم) أو 23 زوجاَ من الصبغيات وكل زوج من هذه الصبغيات يحمل العديد من المورثات المسئولة عن الصفات الوراثية والشكل والون وكل مورث عبارة عن نسختان نسخة يحملها من الأم والأخرى يحملها من الأب ومن ثم تنتقل الصفات الوراثية من الأبوين للأطفال .
وتنقسم هذه الأمراض الوراثية والتي في معظم الاحيان مصاحبة للعيوب الخلفية إلى قسمين :
أولاَ : عيوب خلقية ناتجة عن أمراض وراثية سائدة :
وهي التي تحدث نتيجة وجود عيب خلقي عند أحد الأبوين بسبب خلل أو عطب في إحدي النسختين المورثة له كقصر القامة الشديد مثلاَ .وعند توارث هذه المورثة العضوية ( غير السليمة ) إلى الجنين يولد بعيب خلقي مماثل ( قصر القامة ) . أما إذا انتقلت النسخة السليمة فيولد الطفل سليماَ . إي أن احتمال ولادة طفل يحمل العيب الخلقي لأحد الوالدين هي ( 50 % سليم , 50 % غير سليم ) راجع صفحة الوراثة السائدة لمزيد من الشرح.
ثانياَ : عيوب خلقية ناتجة عن أمراض وراثية متنحية :
في هذه الحالة لا يظهر العيب الخلقى المسئول نتيجة هذا المرض إلا إذا كانت النسختين غير سليمة وقد يكون لدى أحد الوالدين نسخة معطوبة ( غير سليمة ) ولكن لا تظهر عليه أي أعراض أو شكوى لأي مرض على عكس الأمراض السائدة وفي هذه الحالة يسمى هذا الشخص حاملاَ(أو ناقلا) للمرض لأنه فقط يحمل أحد المورثتين المعطوبة ونادراَ ما يجتمع زوجان لهما نفس المورثة المعطوبة ولكن تزداد احتمالية هذه الصدفة عند زواج الأقارب حيث تكون هناك المورثات المعطوبة من الأجداد وتنتقل إلى الأحفاد ومن ثم عند تزاوج الأحفاد تتجمع هذه المورثات في أبناء الأحفاد لتكون زوجاَ من المورثات المعطوبة لذا يظهر المرض وتكون احتمالات ظهور هذه العيوب بنسبة 25 % لكل حمل .
ومن هنا يتضح مدى خطورة زواج الأقارب في انتقال الأمراض الوراثية المتنحية النادرة وما يصاحبه من عيوب خلقية إذ تتضاعف نسبة العيوب الخلقية في زواج الأقارب من 2 3 % إلى 4 6 % لكل مئة طفل سليم . راجع صفحة الوراثة المتنحية لمزيد من الشرح.
العيوب الخلقية البيئية :
وهي عيوب خلقية نتيجة لعوامل خارج جسم الأم أثناء الحمل وخاصة الشهور الثلاثة الأولى ومن أهمها :
1 الميكروبات :
إن إصابة الأم بمكيروبات محددة في الشهور الثلاث الأولى من الحمل وخاصة فيروس الحصبة الألمانية أو الزهري أو فيروس مضخم الخلايا أو فيروس داء القطط يعرض الطفل عادة إلى حدوث تشوهات خلقية في القلب وصغر حجم الرأس وعتامة العينين وتضخم الكبد والطحال .
2 مرض الأم المزمن :
إن الأمراض المزمنة للأم وخاصة السكر وعدم تنظيم الحمية الغذائية و جرعات الانسولين قبل الحمل و أثناءه يؤدي إلى زيادة احتمالات حدوث التشوهات الخلقية وخاصة تشوهات القلب والشفة الأرنبية وسقف الحلق المفتوح أو عيوب أخرى مثل الأنبوب العصبي المفتوح
3 : تناول العقاقير :
إن تناول بعض العقاقير وخاصة في الشهور الأولى من الحمل دون استشارة الطبيب المختص يؤدي إلى حدوث التشوهات في الجنين خاصة الأدوية والعقاقير التي ثبت أن لها تأثيراَ في حدوث العيوب الخلقية . ولكن هنا يختلف هذا التأثير من امرأة حامل إلى أخرى حسب كمية الدواء أو نوعية الدواء والاستعداد البيئي والوراثي لكل أم .
4 : الاستعداد البيئي والوراثي :
قد تتعرض طفلة لعيوب خلقية كالشفة الارنبية نتيجة تعاطي الأم لعلاج الصرع بينما لا
تصاب أخرى مع العلم أن والدتها كانت تتناول نفس العلاج وذلك لمدى اختلاف الاستعداد
البيئي و الوراثي حيث يتداخل تأثير العامل الوراثي مع العامل البيئي بعضهما البعض بحيث لا يصاب الطفل بالعيوب الخلقية مع تعرضه للعوامل البيئية إلا إذا كان لديه الاستعداد الوراثي لهذا العيب أو العكس وهذا ما يحدث في العيوب الخلقية كالشفة الأرنبية والأنبوب العصبي المفتوح . وهذه العيوب تزداد نسبتها إذا وجدت عند أحد الوالدين أو عند أحد الأقارب كما أن نسبتها بدأت بالتناقص في الولايات المتحدة بعدما أثبت التجارب العلمية أن تناول أقراص حمض الفوليك يقل من نسبة الإصابة بالشفة الأرنبية وعيوب الأنبوب العصبي المفتوح والكلى والقلب والأطراف والأمعاء .
5 : تعرض الحامل لإرتفاع درجة الحرارة :
إن تعرض الأم الحامل لإرتفاع درجة الحرارة لما فوق 39 40 درجة وحتى لو كانت لمدة يوم واحد قد تصيب الجنين عادة بعيوب الأنبوب العصبي أو حتى عند ارتفاع درجة الحرارة بصورة غير مرضية مثل استخدام حمام السونا لأكثر من ساعة حيث قد تؤدي إلى حدوث التشوهات الخلقية .
6 : تعرض الأم للأشعة السينية بجرعة عالية يزيد من احتمال على حدوث العيوب الخلقية وخاصة خلال الشهور الثلاث الأولى من الحمل .
7 : تعاطي المشروبات الكحولية وبعض أنواع المخدرات يؤدي إلى حدوث العديد من العيوب الخلقية ونادراَ ما يحدث ذلك في المجتمعات الإسلامية .
8 : استخدام الجوال والميكرويف فقد أجريت بعض الدراسات ولكن لم تظهر نتائج مثبته على خطورتها أثناء الحمل حتى الآن .
ومما سبق يتضح أن هناك عدة عوامل تؤدي لحدوث العيوب الخلقية في الجنين وليس السبب زواج الأقارب فقط ولذا فإن هناك عدداَ من الأمور والإجراءات الهامة التي لا غنى عنها لتجنب هذه العيوب الخلقية قدر المستطاع وهي كالتالي :
1 : إجراء الفحص ما قبل الزواج والاستشارة الوراثية وخاصة لمن كان لديهم في العائلة أفراد مصابون بأمراض وراثية .
2 : التأكد من أخذ التطعيمات الهامة مثل الحصبة الألمانية وإجراء الفحوصات للتأكد من وجود مناعة لبعض الفيروسات المسببة للعيوب الخلقية .
3 : تناول حمض الفوليك بمقدار ( 4, 0 ) مليجرام على الاقل لكل المتزوجات قبل الحمل .
أما إذا سبق للأم ولادة طفل مصاب بعيوب الأنبوب العصبي أو كانت الأم تتناول علاجاَ للصرع فعليها تناول جرعة أعلى من حمض الفوليك ( 4 مليجرام ) وذلك لمدة شهر قبل الحمل وثلاث شهور أخرى بعد الحمل .
4 : تنظيم مستوى السكر والضغط قدر المستطاع خاصة قبل الحمل وأثناءه .
5 : مراجعة الطبيب إذا كانت الحامل تتعاطي أي علاج قبل الحمل ومناقشة الطبيب على مدى تأثيره على الحمل .
6 : الإنجاب مبكراَ وعدم تأخيره لما بعد 35 سنه .
7 : عدم التعرض للأشعة السينية أثناء الشهور الأولى من الحمل
8 : محاولة الراحة على قدر المستطاع أثناء الحمل وعدم التعرض للجهد والقلق النفسي الذان يؤديان إلى التقليل من المناعة ومن ثم سرعة التعرض للفيروسات .
9 : تجنب أخذ الأدوية غير الضرورية أثناء فترة الحمل وخاصة في الشهور الأولى .
وأخيراَ :
الالتجاء إلى الله والتوكل عليه والدعاء بالذرية الطيبة ولا ننسى ما أمرنا به سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم بالدعاء عند اجتماع الزوج والزوجة ( اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) فكم من قضاء رد بالدعاء .
ولا ننسى قول الله تعالى ( ربنا هب لنا من ازواجنا وزريتنا قرة أعين وجعلنا للمتقين إماماَ )
دمتم فى حفظ الله