الرغبة الجنسية لماذا تضعف و كيف تتجدد ؟
ضعف الرغبة الجنسية ( أو انعدامها ) عند الرجل و المرأة , ليس مشكلة زوجية نادرة , و إنما هو من الحالات الواسعة الانشار في المجتمعات , بل و أوسع مما قد يخطر بالبال . و هي بالفعل من المشاكل التي تهدد صفاء العلاقات الزوجية , بل و قد تسبب انهيارها في كثير من الأحيان .
قد يكون الزوجان متمتعين بكل المقومات المادية و الاجتماعية الرغيدة , و لكن الرابطة الزوجية بينهما قد تتفكك بسبب هذه المشكلة , و ذلك عندما يتوقف الزوج عن ممارسة العمل الجنسي , و في الحالات القصوى قد تنقضي عليه أشهر دون أن يحاول الإقتراب من زوجته , ولو باللمس أو الهدهدة ! أو قد تنقطع الزوجة عن التجاوب مع زوجها , فلا تبدي أي أثر بمداعباته .
إن هذا الموضوع قد يكتنفه الإحساس بالعار , عندما تخفق الزوجة في التودد إلى زوجها عن طريق بذلها مختلف المغريات , فتشعر ( وهذا سبب طبيعي ) بأنها ربما كانت قد فقدت بريق جاذبيتها مما يملأ نفسها حيرة واضطراباً .
وفي حال انعدام الإرشاد الصحيح و العلاج الفعّال , يستمر الضعف الجنسي و يتفاقم إلى أن تنعدم الرغبة تماماً , مما قد يفسره أحد الزوجين , أو كلاهما تفسيرات شتى في الأغلب إلى تدمير الحياة الزوجية .
هنالك فرق كبير بين ضعف الرغبة الجنسية الذي يمكن أن يصيب المرأة أو الرجل , بدون أن تكون لديهما أية عوائق بيولوجية , و بين العنّة ( عند الرجل ) وهي عجزه عن الانتصاب و ممارسة الجنس بسبب خلل وظيفي في أعضائه التناسلية . لذا فإن طرق المعالجة من الحالة الأولى , تختلف عن طرق معالجة الحالة الثانية .
الاسم التكنيكي لضعف الرغية الجنسية هو (HSD hypoactive sexual desire )
وهذه الحالة في الولايات المتحدة تطال حوالي 25% من جميع الأميركيين , رجالاً و نساءً , أو بعبارة أخرى فإن ثلث عدد النساء هناك و خمس عدد الرجال مصابون بضعف الرغبة الجنسية أو انعدامها تماماً !و نظراً لشيوع هذه المشكلة فإن البحاثة الجنسيين قد أخذوا مؤخراً توجيه انتباههم إلى هذه المشكلة بحثاً عن أسبابها , كما أن المعالجين الجنسيين يدرسون حالياً وسائل معالجتها .
ومع أن نسبة النجاح في استرجاع الرغبة الجنسية عن طريق العلاج تبلغ 50 % من الحالات , إلا أن هناك الكثيرين ممن يعانون مشكلة ضعف الرغبة الجنسية لا يحاولون معالجة أنفسهم .
و كثير من الأزواج المتخاصمين قد تكون الخصومة و الصراع الدائم بينهم , من الأسباب الكامنة وراء شعور الزوجين بانعدام الرغبة في الممارسة الجنسية , وعندما تضعف الرغبة عند أحد الزوجين , تبدأ العلاقات الزوجية الأخرى في التفكك و التلاشي .
متى يعتبر القليل , قليلاً حقاً
قد تكون الزوجة مثلاً متمتعة بعلاقة جنسية طيبة مع زوجها , ولكنها قد تشعر فجأة , و كأن رغبتها الجنسية قد تلاشت بمثل ضغطة على مفتاح الكهرباء , بدون أن تدري سبب تلاشي شهيتها الجنسية . وقد يستمر الزوجان في ممارسة الجنس , و لكنهما قد لا يمارسانه إلا بمعدل مرة واحدة كل بضعة أسابيع , وهذا لا يتم إلا على أساس الواجب لا الرغبة الفعلية .
إنه ليس من المفروض في أي إنسان طبيعي , أن يكون دائم التشوق والاستعداد لممارسة الجنس , إذ أن أحداث حياته اليومية والعادية , يمكن أن تفرض قيودها عليه , فالتعب المضني , و أسباب التوتر في موقع العمل أو في الشارع , وكذا الحالة الصحية , ولو كانت تعتريها حالة من الرشح أو الزكام , كل هذه الأسباب , وعشرات مثلها , يمكن أن تصرف أي شخص عن الجنس , وهذا أمر طبيعي تماماً .
إلا أن هذه المثبّطات , لها حالات مناقضة تماماً , فسهرة روائية , أو أفكار جنسية جامحة , أو استذكار صور , يمكن أن تذكي في الزوجين نار العشق , فيستعيدان عافيتهما الجنسية
ولكن الرغبة الجنسية عند بعض الأشخاص لا ترجع إليهما أبداً , هذا إذا كانت موجودة لديهم أصلاً . مثل هؤلاء الأشخاص لا وجود لديهم لخيالات رومانسية , و لا سبيل إلى إذكاء رغبتهم الجنسية .
من هنا يبرز السؤال : متى يعتبر القليل من الجنس , قليلاً حقاً ؟ وليست الإجابة عن هذا السؤال أمراً سهلاً , فقد يشكو أحد الأشخاص من أنه لم يعد يستمع بالجنس بمقدار استمتاعه به في "الماضي". هنا قد تكون المشكلة في أن هذا الشخص في الماضي مسرفاً في علاقته الجنسية و يمارسها كل يوم , أما اليوم , فهو لا يستمتع بالجنس " أكثر " من مرتين في الأسبوع ! فهل يمكن أن توجه إلى مثل هذا الشخص أصابع " الاتهام " بأنه ضعيف جنسياً ؟ كلا , و ألف كلا خبراء الجنس متفقون في الرأي على أنه لا وجود لشيء يقال له الحد الأدنى أو الحد الأقصى بالنسبة لعدد حالات ممارسة الجنس . وفي استعراض أجري مؤخراً في بريطانيا و ونشرت نتائجه في مجلة " العلاج الجنسي و الزواجي " أن 24 % من الأزواج و الزوجات , لم يمارسوا العمل الجنسي طوال الأشهر الثلاثة الفائتة
والدراسة الكلاسيكية التي اجريت في الولايات المتحدة تحت عنوان" الجنس في أميركا
تقول إن ثلث الأزواج و الزوجات لا يمارسون الجنس أكثر من بضع مرات في العام . ومع أن هذه الدراسة كانت خاصة بعدد المرات , لا بقوة الرغبة الجنسية , إلا أنه من المحتمل أن يكون أحد الزوجين , رجلاً أو امرأة , ممن أجريت عليهم الدراسة , كان مصاباً بضعف في الرغبة الجنسية .
قرص صغير
منذ أربع سنوات , قفزت إلى الواجهة مشكلة جنسية أخرى و حظيت بدفقة من الاهتمام المفاجئ في أوساط المعالجين الجنسيين , و ذلك عندما تربع على رفوف الصيدليات " علاج " طبي للضعف الجنسي ( العنّة ) هو " الفياغرا " . وقبل مجيء الفياغرا , كان الرجال الضعاف جنسياً بسبب مشاكل ذات أصول جسمانية يتحملون بصمت , دونما كبير أمل , ألا وهي مشكلة " الخلل الوظيفي الانتصابي " أما الآن فإن الكثيرين من الأزواج صاروا يتمتعون برصيد متجدد من العواطف .
من الواضح أن أي قرص دوائي يساعد على الشفاء من حالة ضعف الرغبة الجنسية ( فياغرا كان أو سواه ) لا بد و أن يقابل بالحماس الشعبي . و لكن من سوء الطالع أن أسباب ضعف الرغبة الجنسية , معقدة و كثيرة التنوع : فبعض ضعاف الرغبة , قد يعالجون بوساطة قرص صغير , و لكن معظم الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في رغبتهم الجنسية ( بالرغم من قدرتهم البيولوجية التامة على ممارسة الجنس ) , هؤلاء الأشخاص في حاجة إلى علاج , لا كيمياء !
أسباب ضعف الرغبة الجنسية
أحد المصادر المعتادة لضعف الرغبة الجنسية هو تعاطي الحبوب المضادة للاكتئاب ( antidepressants ) . فقد تبين أن هذه الحبوب تقضي على هذه الرغبة تقريباً عند بعض الأشخاص .
إن مضادات الإكتئاب مثل بروزاك prozac وزولوفت Zoloft هي من أكثر العقاقير الموصوفة لحالات الاكتئاب . و مع ذلك فإن من الآثار الجانبية المزعجة لها , هو تخقيض الرغبة الجنسية . وتشير بعض الدراسات , إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يتعاطون هذه العقاقير , تصل إلى نسبة 50 % من هؤلاء الأشخاص , مصابون بانخفاض ملحوظ في رغبتهم الجنسية .
و يعتقد البحاثة بأن هذه العقاقير (SSRI) تقمع الرغبة الجنسية عن طريق " إغراقها " الدورة الدموية عند الشخص بمادة سيروتونين ( Serotonin ) , وهي المادة الكيميائية التي تشعر الجسم بالشبع . وكلما ازداد تدفق السيروتونين قل شعور الإنسان بالحاجة إلى الجنس .
ومن حسن الحظ أن البحاثة يدرسون حالياً أنواعاً مختلفة من مضادات الاكتئاب تؤدي مفعولها عبر قنوات مختلفة .ومن هذه المضادات الجديدة " بابروبيون هايدروكلوريد " ( Bupropion hydrochloride ) الذي يساعد الدماغ على انتاج المزيد من الباثات العصبية دوبامين و نورابنفرين . و قد يستعمل هذا العقار كبديل لمضادات الاكتئاب .
تأثير العوامل النفسية
إن المشاكل الفيزيولوجية التي تصيب الانسان يمكن أيضاً أن تؤدي إلى ضعف الرغبة الجنسية . فالرجال المصابون بشذوذ في الغدد النخامية , يمكن أن يزداد لديهم إنتاج هورمون " برولاكتين المشار إليه , و بذلك تزداد قوة الغلمة عند الذكور الأصحاء جنسياً . أما بالنسبة للنساء اللائي يشتكين من ضعف في الرغبة الجنسية فإن بعض الخبراء يعتقدون أحد أسباب ضعف رغبتهن هو ضعف مستويات هورمون تيستوستيرون المذكر لديهن ( وهذا ما يبعث على السخرية ) . إذ أن هذا الهورمون المرتبط بمظاهر الرجولة عند الرجال , كالصوت الأجش و غزارة الشعر و نمو العضلات وما إلى ذلك , يوجد أيضاً بمقادير قليلة تنتجها مبايض النساء . و لهذه المقادير دور هام في حياتهن الجنسية , إذ بدون هذه المقادير القليلة لا تستطيع المرأة أن تتجاوب تجاوباً صحيحاً مع المحرضات الجنسية . وهنالك بعض الأدلة التي توحي بأن هذه المشكلة عند المرأة تمكن معالجتها عن طريق إعطائها مكمّلات من هذا الهورمون المذكر .
والمشكلة في ذلك هي أنه من غير المعروف بعد المقدار الصحيح من هذا الهورمون الذي ينبغي توفره عند النساء