التقــــوى هو السلاح الأقوى
لن يُغلق في وجهك باب من أبواب الدنيا ،
إذا أنت أحسنت الدخول إلى رحاب التقوى ،
ولن يعسر عليك العسير إذا امتلكت هذا السلاح العجيب ..
ذلك لأن القاعدة الربانية النورانية تقول :
(( ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ))
ومعها القاعدة الأخرى التي تؤكدها وتقررها
(( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا )) وآيات أخرى
..ولذا قيل :
التقوى هي السلاح الأقوى ..
سلاح لا يخيب ، ولا يطيش ،ولا يفل ،
وهي درع واق ، ولباس ساتر ،يسمو بصاحبه ويرتقي به ..
(( ولباس التقوى ذلك خير))
ولقد رتب الله عز وجل على التقوى ثمرات كثيرة ومتنوعة ومباركة في الدنيا قبل الآخرة في الدنيا قبل الآخرة ..
ومن ثمّ فلن يهـول صاحب التقوى شيء في هذه الحياة ، رغم شدائدها ، وكثرة أكدارها ، وتشعب شجونها ،
ذلك لان من كان مع الله قلباً وقالباً ، كان الله معه وله ، وكلما ضاقت
عليه الحياة وسّعها برحمته ،
وكلما اشتدت حوله فرّجها بقدرته ، ويصبح الكهف الضيق ، وهو أوسع ما يكون
بانتشار رحمة الله فيه ،
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟؟!- – –
ومن ثمّ فعلى الإنسان المسلم أن يجعل في مقدمة أولوياته ، وعلى رأس قائمة همومه ، هو هذا الهم :
كيف الوصول إلى حقيقة التقوى ؟..
مع كل صباح يسأل نفسه ، ويبحث عن الطريق ، ويبذل الجهد ليضع قدمه بثبات على الصراط ..ومع نهاية كل يوم يحاسب نفسه _ قبل أن يكحل النوم عينيه _حساباً شديداً حول هذه القضية :
إلى أين وصل فيها ، وماذا حقق منها ، وما المطلوب ، وماذا بقي ،
ثم يعاهد نفسه على أن يعطي من جهده ، ووقته ، وماله ، ونفسه في سبيل
الوصول إلى هذا الهدف الكبير
_شأنه في هذه المحاسبة شأن التاجر الذكي الناجح في كل مساء :
يجلس إلى نفسه يقلّب أوراقه ، ويعيد النظر في دفاتره ويحسب أرباحه ،ويحصي خسائره ، ثم يعزم عزماً أكيداً على أن يصحح أوضاعه ..
فكيف الوصول إلى التقوى إذاً ..؟!- – –
إنّ الله عز وجل برحمته ، لم يتركنا هملاٍ ، بل لقد رسم لنا الطريق من مبتدئه حتى منتهاه
_كما عبّر الرسول صلى الله عليه وسلم :
[ تركتكم على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ]
ولكن المسألة تحتاج إلى بذل مجهود للتعرف على تفاصيلها ،
ثم العزم على المضي قدماً في الطريق الموصل إليها ..
ويكفي _ مثلاً أن تقرأ سورة البقرة بتدبر وفي تأمل ، لتدرك أنها تربّي _فيما تربّي عليه _ على التحقق بالتقوى : لقد حددت هذه السورة الكريمة :
المعالم بوضوح ، ورسمت الطريق بعناية ، وذكرت خصائص ، وشوّقت ، وحببت ،وهيّجت ..وعلى سبيل المثال لا الحصر :
تأمل قوله تعالى :
((يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ))
وقوله تعالى
(( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) ……
وقوله عز وجل
(( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ))
وآيات كثيرة جداً تضمنتها السورة تُفصل في هذه القضية وتوضح وتبيّن ..
وفي مواضع أخرى من القرآن يوضح الله عز وجل أن التقوى :
إنما هي أثر من آثار مجاهدة النفس على طاعة الله ، واجتناب نواهيه :
(( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ))
وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ والمجاهد من جاهد نفسه في ذات الله ]..
ومن هذه الآية الأخيرة تدرك : أن الهداية إلى سبل الخير كلها ،
إنما هي : أثر عن مجاهدة النفس على لزوم دوائر الطاعات ، والابتعاد عن دوائر الشبهات والحرام ..والهداية هي المقدمة للهبة من الله بتحقق التقوى .
كما قال تعالى ( والذين اهتدوا زداهم هدى وآتاهم تقواهم ))
فبداية البداية إذن هي : مجاهدة أهواء النفس حتى تنضبط على شرع الله عز وجل ، وتدور عجلتها في تلقائية مع تعاليمه ..
هذه هي معالم الطريق ، وخطوطه العريضة .. فهل من مشــمّـر ؟؟
فلنشمر حتى نري الله جل جلاله منا ما يرضيه علينا