ويعتبر الباحثون السمنة من أهم أسباب الموت المفاجئ؛ مما دفع بهم إلى إطلاق مصطلحات عديدة عليها، مثل: داء العصر، وبوابة الأمراض، وأم الأمراض.. وذلك لما تسببه من أمراض كثيرة لا حصر لها، كالسكري، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب وآلام المفاصل والعظام، والعقم لدى الرجال والنساء، والالتهابات الجلدية البكتيرية والفطرية، والاكتئاب، والمشاكل النفسية، وأخيرا المظهر الشكلي غير اللائق لدى مرضى السمنة.
ولا يخفى على المهتمين بموضوع السمنة الأسباب التي أدت إلى انتشارها بشكل كبير، وهي تتعلق باختلاف ظروف الحياة العصرية المحيطة بنا من كل جانب، مثل انتشار الأطعمة السريعة المليئة بالزيوت المهدرجة الضارة جدا بالصحة، والغنية بالدهون المشبعة الضارة التي سرعان ما تجد طريقها سهلا للتراكم تحت الجلد، ويوما بعد يوم تنشأ السمنة، وتنتشر بكل أجزاء الجسم.
إلى جانب ذلك، فإن وسائل الرفاهية الحديثة المنتشرة في كل مكان تنمي عند الشخص ميلا شديدا للاسترخاء والراحة.
كل ذلك يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالسمنة، وصعوبة التخلص منها. وقد تزامنت زيادة معدلات السمنة، لحسن الحظ، مع ظهور علاجات جديدة.
-علاجات علمية ومزيفة
ظهرت مدارس كثيرة للعلاج وللوقاية من السمنة، في البلاد العربية بالتحديد، ومنها ما هو قائم على أساس علمي، ومنها ما اعتمد على أسلوب أقرب ما يكون إلى الدجل والشعوذة، وعلى سبيل المثال، لا الحصر، ظهرت في الأسواق العربية بعض أنواع من الأعشاب، يدعي مروجوها أنها تقضي على السمنة، أو تحد منها، وقد استعملها بعض الأشخاص المصابين بالسمنة، وتمت مراقبتهم لفترات مناسبة؛ ولوحظ نزول وزن الجسم، ولكنه نزول خادع ومؤقت، كما أنه ضار، حيث يفقد الجسم كميات كبيرة من السوائل، بالإضافة إلى التأثير الضار لهذه الأعشاب على الجسم، يمتد ليصيب القولون والجهاز الهضمي ببعض الاضطرابات، نظرا لكونها غريبة التركيب، ولا يستطيع الجسم التعامل معها بشكل سليم.
وهناك بعض الأعشاب المفيدة، ولكن لا بد من استعمالها تحت إشراف متخصصين؛ لضمان سلامة الجسم.
أسباب السمنة
– الخمول والكسل: إن تناول كميات كبيرة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، سوف يؤدي، مع مرور الوقت، إلى تراكم الزائد منها على هيئة دهون.
كما إن الخمول والكسل وقلة الحركة مع المكوث طويلا أمام التلفاز من الأسباب الأخرى للإصابة بالسمنة.
ووجد أن أكثر من 65% من حالات السمنة ضحاياها الأشخاص قليلو النشاط والحركة.
وهذا يفسر سر انتشار السمنة بشكل ملحوظ في المجتمعات ذات المستوى الاجتماعي والاقتصادي المرتفع.
– الوراثة: هناك عدة عوامل يرثها الأبناء من الآباء، مثل زيادة عدد الخلايا الدهنية عن الطبيعي، وتشابه مناطق تراكم الدهون في الجسم، كتراكمها في الأرداف والبطن، والخلل في التفاعلات الكيميائية التي تنتج عنها زيادة تراكم الدهون في الجسم .
– الغدد والهرمونات: لا يزيد دور اضطرابات الغدد والهرمونات في إحداث السمنة على 5%، بالرغم من إلصاق الكثيرين تهمة إصابتهم بالسمنة بها.
مشاكل السمنة
– السمنة وارتفاع ضغط الدم. هناك علاقة بين الإصابة بالسمنة وارتفاع ضغط الدم، إذ تعتبر السمنة المفرطة أحد عوامل الخطورة المسببة لارتفاع الضغط.
ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، ففي حالة سمنة الكرش يزداد معدل إفراز هرمون الأنسولين بالدم، وهذه الزيادة تساعد في ارتداد واختزان عنصر الصوديوم بالجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط، كما يعمل الأنسولين على زيادة الدهون، مما يزيد الفرصة لحدوث تصلب الشرايين وارتفاع الضغط.
– السمنة وأمراض القلب والشرايين.
من أهم مضاعفات السمنة على القلب والشرايين: تَضخُّم كل من البطين الأيسر والأيمن للقلب، وخاصة في حالات السمنة المُفرطة وسمنة الكرش، وضعف عضلة القلب، واحتمال حدوث هبوط بالقلب، وضيق النفس لأقل مجهود، وتصلب الشرايين، وخاصة الشريان التاجي، مع زيادة الفرصة لحدوث الذبحة الصدرية وجلطة القلب.
– السمنة وآلام المفاصل.
آلام المفاصل المصاحبة للسمنة وزيادة الوزن تعتبر شكوى متكررة، إذ يشعر الشخص السمين بآلام مبرحة في المفاصل، وخاصة مفصلي الركبة والقدمين، نتيجة للحِمل الزائد عليهما.
وللأسف، فإن معظم أنواع العلاجات لا تجدي في الحد من هذا الألم. وهناك عدد كبير من الأشخاص المصابين بالسمنة، وخاصة من أصحاب الكروش، يشكون آلاما شديدة أسفل الظهر.
وعند إجراء الفحوص اللازمة، نجد أن غضاريف هذه المفاصل قد أصيبت بالتهابات، وخشونة، وقد يصل الأمر إلى تجمع كميات من السوائل داخل المفاصل.
وجدير بالذكر أن (داء النقرس) يزداد معدل حدوثه في الأشخاص السمان عن معدل حدوثه في الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
– السمنة ومرض السكري.
لقد أظهرت نتائج معظم الأبحاث أن 80% من مرضى السكري يعانون من السمنة، وأن ما يقرب من 20% من الأشخاص السمان معرضون للإصابة بمرض السكري.
وقد فسَّر الباحثون سبب هذه العلاقة بأن هناك علاقة عكسية بين عدد الخلايا الدهنية وحجمها، وعدد مستقبلات الأنسولين على جدار الخلية.
وهذه المستقبلات هي المسؤولة عن دخول الجلوكوز من الدم إلى داخل الخلية، بفعل هرمون الأنسولين.
ومعنى هذا أن زيادة عدد وحجم الخلايا الدهنية في الجسم يكون مصحوبا بنقص في المستقبِلات، وزيادة في جلوكوز الدم. كما أن كثرة تناول النشويات والسكريات التي اعتاد عليها الأشخاص السمان تزيد من إفراز الأنسولين، وتسبب إجهادا لغدة البنكرياس الذي يعجز فيما بعد عن إفراز كمية كافية من الأنسولين.
– السمنة والجلد
يقع مريض السمنة فريسة للفطريات التي تنتشر بين ثنايا جلده، وخاصة تحت الإبط والثديين، وبين الفخذين.
وتساعد زيادة ثنايا الجلد عند الأشخاص السمان، والعرق الغزير لديهم على انتشار هذه الفطريات.
وأكثر هذه الفطريات شيوعا، فطر (مونيليا)، وهو يسبب احمرارا في الجلد، مع حكة (هرش) في مناطق انتشارها. وكذلك تكثر الدمامل، والالتهابات البكتيرية، وحمو النيل بجلد الأشخاص السمان.
– الرجيم الغذائي (الحمية الغذائية) ذو السعرات الحرارية المقننة والمحدودة في كمية السكريات والنشويات والدهون، هو أقوى الأسلحة، وأحسن الوسائل لعلاج السمنة.
– المواظبة على ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وخاصة رياضة المشي، والبعد عن الكسل، والخمول، وركوب السيارات. وهذه الوسيلة لا تقل أهمية عن الوسيلة الأولى، فهاتان هما الوسيلتان المهمتان في محاربة السمنة والتخلص منها.
وهناك مشكلتان رئيسيتان تواجه مرضى السمنة في سبيل تحقيق علاج آمن وفعال، هما:
– الشعور بالجوع والحرمان عند تطبيق أي حمية غذائية.
– هبوط معدل الحرق الأساسي بعد فترة من العلاج، كوسيلة مقاومة من الجسم للحمية، مما يؤدي إلي توقف النزول في الوزن بعد فترة قصيرة من العلاج.
وهناك وسائل أخرى تساعد في علاج السمنة، مثل:
-الأدوية
– الإبر الصينية
– الموجات الكهرومغناطيسية
– الجراحة
– شفط الدهون.
ومن هنا تظهر أهمية استخدام بعض العقاقير التي يمكن أن تسهم في التغلب على تلك المشاكل. ومن أهم العقاقير التي ظهرت في هذا المجال:
– أدوية مسرعة للشبع، مثل سيبوترامين Sibutramine، وريداكتيل Reductil.
وهذا الأخير يعمل وفق آليتين، فهو يسرع الشبع؛ فتقل كمية الطعام المتناولة، ويحافظ على مستوى استقلابي (التمثيل الغذائي) عالٍ؛ فيزيد من عملية الحرق، وبذلك يقل الوارد، ويزيد المفقود. وهو يناسب ذوي الأوزان الزائدة في سن ما بين 18 ـ 65 سنة.
– أدوية تقلل امتصاص الدهون في الأمعاء، مع ثبات معدل الحرق.
وهو يطبق عند وجود بدانة مفرطة، مع مؤشر كتلة الجسم فوق 40، أو عند فشل الحمية والعلاج الدوائي، أو وجود أمراض مهمة تقتضي خفض الوزن، وعندها يمكن اللجوء إلى العمل الجراحي، إذا تجاوز مؤشر كتلة الجسم 35.
نصائح .. لتغذية جيدة
– شرب بين 6 و 8 أكواب من الماء يوميا، للمحافظة على عمليات الحرق بصفة طبيعية داخل الجسم، وللتخلص من الفضلات ما بين الوجبات.
– استخدام زيت الزيتون والذرة، بدلا من الدهون الحيوانية.
– التقليل ما أمكن من استخدام السكر والأطعمة المقلية واللحوم العالية الدهون، وتناول ملح الطعام بمقدار 3 غرامات في اليوم، أي أقل من ملعقة صغيرة، لأنه لا يعمل على إذابة الدهون.
– تناول الفطور قبل الساعة العاشرة صباحا، بحيث تكون المدة الزمنية بين الوجبة والأخرى من 4 إلى 5 ساعات، مع وجوب ألا يتجاوز موعد العشاء الساعة الثامنة مساء.
– تناول الخضراوات (الخيار، والطماطم، والخس) عند الشعور بالجوع، وعدم تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفزيون، وعدم النوم مباشرة بعد الغداء.
– التقليل ما أمكن من القهوة والشاي.
– ممارسة الرياضة يوميا (المشي)، ولمدة ساعة تقريبا.
– تغيير نمط الحياة.. وذلك بالمتابعة والانتظام على الحمية الغذائية، والرياضة، والدواء.