دموعُ الحُرِّ يا قومي تهونُ
على ما شاهدت تلك العيونُ
دعِ المحزونَ يبكِ اليومَ قهراً
ففي أكبادنا الحرَّى أتونُ
لعلَّ الدمعَ يُشفي حرَّ قلبي
كما تُشفَى من اللهبِ الجفونُ
على الشرفِ الرفيعِ يسيلُ دمعي
من الأرزاءِ قد يبكي الرصينُ
وإني شاعرٌ حرٌّ أَبيٌّ
على أمجاد أمتنا حزينُ
أذودُ عن الحمى بدمي وروحي
ولم أجبُن وفي قلبي شجونُ
ولو ملكَت يميني مال كِسرى
على عهدي وربِّكَ لا أخونُ
بأيدي الخزي كم قتلت شبابٌ
لهذا الخزي نَخَّاسٌ لعينُ
أليس الصمتُ خيراً من رعافٍ ؟
من التعذيبِ كم لاقَت حَصُونُ
وليس لهُ بهذا الخزي نَدٌّ
فلا همجٌ ولا وحشٌ هجينُ
وإن اللفظَ في لغتي نظيفٌ
وفي تصويرهِ للحرِّ هُونُ
فهم لُكَعٌ عُلوجٌ من مجوسٍ
وفي التعذيبِ للبغي فنونُ
فلا لومٌ على مَن ذُلَّ قسراً
وماذا يفعلُ الحرُّ السجينُ ؟
لقد فُضِحَت مثالبُهُ وبانَت
لنا , لكن بها يندى الجبينُ
فقل لِبشَّارَ إنَّ الثأر آتٍ
سَيجدعُ أنفَكَ الشرفُ المصونُ
وذلكَ في شرائعنا حرامٌ
وللأوغادِ أسلوبٌ مهينُ
ألستَ على كرامتنا غيورٌ
وجرحُ القومِ يا كبدي ثخينُ
أمامَ الخَطبِ قد سالت دموعي
ودمعي قبل أن أبكي ضنينُ
يُهَدِّدُ أمتي بغيٌ رهيبٌ
ومن إيرانه حُمَّ الجنونُ
بطونُ الأرضِ قد ملئت ضحايا
وقد ضاقت بها تلكَ البُطونُ
تُشَنُّ على حواضرنا حروبٌ
ومن أموالنا تُجبى الديونُ
تدورُ على كواكبنا نسورٌ
ومن أبراجهِ تعلو الصحونُ
دماءُ الأبرياءِ تسيلُ غدراً
وفي أفراحهم يحلو المجونُ
على ظهرِ الأفاعي الرُّقطِ يعلو
وظهرُ البغي للأفاعي مُتونُ
يغازِلُها وبينهما وِصالٌ
ويرخصُ عندهُ الحُرُّ الثمين
ويدنيها إذا غضبت وثارت
وإن صاحت يُلبِّيها الحنونُ
ويُسدِلُ عن جرائمها ستاراً
وينقضُ ما أدانتها الطعونُ
لقد صارَ السلامُ لنا شهيداً
لروسيا اللعينة هم قرينُ
وهل يُرجى سلامٌ من أفاعٍ
لها مكرٌ إذا نزفَ الوتينُ ؟
وليسَ لجرحهِ الدامي طبيبٌ
فلا صوتٌ لهُ إلا الأنينُ
جراحاتٌ لها في القلبِ عُمقٌ
وقد تُشفى إذا خرجَ الضغينُ
تُشادُ على مدائنها وكورٌ
وسورٌ خلفهُ تبنى حصونُ
وللبشارِ أنيابٌ حدادٌ
وتأكلُ من ذبائحه المنونُ
لقد ذُبِحَ الحمامُ وكانَ يشدو
وتهربُ من أفاعيهِ السنونو
أمامَ البغي كم صمَدت أسودٌ
تنامُ على فواجعها جنينُ
دمُ الأحرارِ في وطني منارٌ
على أنوارها ترسو السفينُ
محالٌ أن يكونَ الحُرُّ ذيلاً
وبين القومِ قَوَّادٌ خؤونُ
وللبشارِ آذانٌ وأيدٍ
لهُ في فجرنا الدامي عيونُ
لِسُنَّةِ شآمنا مجدٌ عريقٌ
تُحدِّثُ عن حضارتنا القرونُ
فثورتنا إلى العلياءِ تمضي
مُظَفَّرةٌ بها يحدو الأمينُ