من مات وهو تارك لفريضة الكفر بالطاغوت مات كافرا وإن نطق الشهادتين…
——————————————————————————–
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وإمام الموحدين، محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين، صلاة أبدية قائمة إلى يوم الدين…
وبعد…
لما كان التوحيد هو السبب الذي من أجله خلق الله الوجود، وخلق الجنة والنار، ووضع الموازين القسط، ومن أجله حدد يوما يخرج الناس فيه من قبورهم لرب العالمين، ولما كان التوحيد هو الرسالة التي أمر الله أنبيائه ورسله بتبليغها إلى الثقلين، الجن والإنس عبر مراحل التاريخ المختلفة، فقد كان التوحيد هو أول وأهم وأعظم ما يجب على الإنسان أن يعلمه من الدين ويعمل به منذ طفولته المبكرة (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ).
ومن عظم شأن التوحيد وجلال قدره وسمو مكانته، أن جعله الله روح دينه، وجعله فرض عين لا ينعقد إسلام المرء دون أن يؤديه، فمن مات وهو تارك لفريضة التوحيد، مات على غير ملة الإسلام، وإن نطق الشهادتين وأدى كل الفرائض، وجاء يوم القيامة بأعمال صالحة حجمها كالجبال، مصداقا لقوله تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا)، أي، أن القرآن شهد لهم بالعمل الصالح، ولكنه لم ينفعهم بشيء لأنهم ماتوا وهم تاركين لفريضة التوحيد، أي، ماتوا على غير ملة الإسلام. ولقوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أعْمَالا(*)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(*)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) أي، أن الله أمرهم بإقامة فريضة التوحيد فلم يقيموها بتمامها وظنوا أنهم على هدى وماتوا على ذلك، ليجدوا أنفسهم يوم القيامةى في زمرة الكفار.
وغالبية الناس اليوم ممن ينتسبون إلى دين الإسلام، لا يفهمون أن التوحيد فرض عين، وأنه عبادة عملية تؤدى كما تؤدى الصلاة، فهم يفهمون التوحيد على أنه مجرد شعور قلبي بوحدانية الله، ونطق بالشهادتين، ثم عبادات وفرائض تؤدى يشكل آلي، يكون الإنسان بعدها من أهل التوحيد، وهذا من تلبيس إبليس عليهم.
وإذا كان الحج فريضة لها أركان لا تقبل دون تأدية كامل أركانها، كان لمن خلقت السموات والأرض وما فيهن من خلائق من أجله وهو التوحيد فريضة لها أركان لا تقبل دون تأدية كامل أركانها، فلو أسقط الإنسان شرط واحد من هذه الأركان فلا إسلام له.
وأركان فريضة التوحيد أربعة أركان هي كالتالي:
الركن الأول:
الكفر بالطاغوت…
والطاغوت هو إسم لكل مخلوق كافر، وتأدية هذا الركن هو أن يعتقد بكفر الطاغوت، وبأنه عدو لله ولدينه، لقوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا) ولقوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)، فعلم من ذلك أن الكفر بالطاغوت هو بالنسبة للتوحيد كالوضوء بالنسبة للصلاة، فكما أنه لا صلاة بغير وضوء، فكذلك لا توحيد دون تأدية ركن الكفر بالطاغوت.
الركن الثاني:
الكفر بجنود الطاغوت…
وجندي الطاغوت، صفة تنطبق على كل من أمد الطاغوت وأعانه بأي شكل من أشكال القوة والتمكين والمنعة والدعم ولو بحصاة صغيرة، وعمل في خدمته من خلال مؤسساته ودواوينه، ولا فرق في درجة الكفر بين كبير جنود الطاغية، وبين فقير معدم يكره الطاغية ويلعنه ليل نهار ولكنه لا يعتقد في قلبه بكفره لقوله تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ)، فقد ساوى الله في الكفر والمصير والعذاب بين فرعون وبين طباخه الذي يعد له قوت يومه لأنه جندي من جنوده.
وشروط تأدية هذا الركن هي أن يتبرأ من كل جندي من جنود الطاغوت حتى وإن كان ولده ويعتقد بكفره، وأن لا يزوجه ولا يتزوج من أهله ولا يصلي خلفه، وأن يظهر له العداوة والبغضاء لقوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)، وإذا هلك لا يترحم عليه، ولا يحضر جنازته لا بتغسيل ولا بصلاة ولا بمشي ولا بدفن ولا بوقوف على حفرته. فكما أنه لا صلاة بغير وضوء، فكذلك لا توحيد دون تأدية ركن الكفر بجنود الطاغوت.
الركن الثالث:
الكفر بشريعة الطاغوت…
وبكفر كل قوانينه ومؤسساته القضائية وكل من يعمل في هذه المؤسسات التي جعل فيها الطاغية معبوده الشيطان إلها من دون الله يتحاكم الناس إلى شريعته وقوانينه دون شريعة خالقهم. فكما أنه لا صلاة بغير وضوء، فكذلك لا توحيد دون تأدية ركن الكفر بشريعة الطاغوت وكفر كل من يعمل على تطبيقها.
الركن الرابع:
أن يكون الكتاب والسنة وما سار عليه السلف الصالح، وهم الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين ممن عاشوا في القرون الثلاثة الأولى التي امتدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان، هي المصادر الوحيدة لدينه وعقائده، وأن يضع تحت نعليه كل ما خالف الكتاب والسنة من عقائد وأديان شركية تتخذ من الإسلام ستارا لها تستر به وثنيتها وشركها. فكما أن لا صلاة بغير وضوء، فكذلك لا توحيد لمن لم يكن مصدر دينه وعقائده الكتاب والسنة وما سار عليه السلف الصالح.
اللهم إني قد بلغت فاشهد…