أمنا عائشه أم المؤمنين ..وحبيبة رسول العالمين ..المطهرة بآيات الكتاب المبين .. وأن من قذفها ولم يتب فهو في جهنم من الخالدين ..قاتلهم الروافض الحاقدين ..
ومن منطلق حملة الدفاع عن أمنا عائشه رضي الله عنها وارضاها .. ودت ان اقدم عملا ادافع به عنها ..
هي زهرة نبت في شجرة مباركه رسخت جذورها في الأرض وارتفعت غصنها في السماء حتى كاد أن يعانق كواكب الجوزاء..
تلكم الزهرة النقية التي ملأت الكون كله علما وفقها وزهدا ورعا ..
إنها أحب الناس إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبيها ..إنها التي رضعت لبان الصدق من أبويها وتغذت على مائدة النبوة المحمديه ..إنها الطاهره المطهره التي أنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات إنها التقيه الورعه الزاهده عائشه بنت أبي بكر رضي الله عنها ..
* في رحاب المكارم *
*زوجها هو سيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين .
* أبوها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي لم تطلع الشمس على بشر بعد الأنبياء والمرسلين أفضل منه .. إنه ثاني اثنين .. إنه أحب الناس الى قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام ..
* أمها هي الصحابيه الجليله أم رومان بنت عامر تلكم الصحابيه الجليله التي قدمت الكثير لخدمة هذا الدين .
* أختها لأبيها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ذات النطاقين .
* زوج أختها هو حواري الرسول عليه الصلاة والسلام وابن عمته وأحد العشرة المبشرين بالجنه وأول من سل سيفا في سبيل الله .. إنه الزبير بن العوام .
* وجدها لأبيها أبو قحافه الذي أسلم ونال شرف صحبة النبي عليه الصلاة والسلام .
* وجدتها لأبيها أم الخير سلمى بنت صخر التي أسلمت ونالت شرف الصحبة .
* عماتها الثلاث من الصحابيات وهن أم عامر , وقريبة, وأم فروة بنات أبي قحافة .
* أما شقيقها عبدالرحمن فهو من الشجعان والرماة المذكورين .
فتلك هي الشجرة المباركة التي خرجت عائشة من جذورها وعاشت بين أغصانها.. فكانت زهرة نادرة في دنيا الناس .
* هذه زوجتك في الدنيا والآخره *
ولقد كان زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشه رضي الله عنها وارضاها بوحي من السماء فلقد رآها في منامه ثلاث ليال وكان جبريل عليه الصلاة والسلام يأتيه بصورتها ويقول له : هذه زوجتك في الدنيا والآخره .. ويالها من كرامة عظيمة لأمنا عائشة رضي الله عنها .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يارسول الله : أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أُكل منها , وجدت شجراً لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ قال : " في الذي لم يُرتع منها " تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها .
* عائشة في البيت النبوي *
كانت السعادة ترفرف على بيوت النبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من حياة التقشف التي عاشعا النبي وأهله
وكانت عائشه رضي الله عنها تحب الرسول صلى الله عليه وسلم وترجو أن يكون لها ولد منه , كما كان لخديجة , ولكن الأيام مرت دون أن تنجب إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : اكتنى بابن أختك عبدالله بن الزبير فكانت كنيتها أم عبدالله .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغذيها بالحكمة والأخلاق ولايحرمها أبداً من أن تتعايش مع متطلبات سنها الصغير فكان يتركها تلعب بالعرائش وكان يرسل اليها اترابها لكي يلعبن معها لتشعر بالسعادة والسرور .
وقد كانت الحبيبة تغار على عليه غيرة شديدة وقد قالت : كنت أغار على الاتي وهبن انفسهن لرسول الله واقول أتهب المراة نفسها ؟ فاما نزل قوله تعالى : [ تُرجى من تشآء منهن وتؤى إليك من تشآء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ] قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
* مكانتها في قلب النبي عليه الصلاة والسلام *
لقد كانت عائشة رضي الله عنها تحتل مكانة عالية في قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
فما تزوج بكراً سواها وأحبها حباً شديداً كان يتظاهر به حيث انه سئل أي الناس أحب اليك يارسول الله ؟ قال ( عائشة ) قال فمن الرجال : قال ( أبوها )
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض , وما كان ليحب إلا طيباً وقد قال : ( لو كنت متخذاً خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل )
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يارسول الله مَنْ مِنْ أزواجك في الجنة ؟ قال : " أما إنك منهن " فخيل إلي أن ذاك لأنه لم يتزوج بكراً غيري .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي رسول صلى الله فقال : ما يبكيك ؟ قلت سبتني فاطمة فدعا فاطمة فقال : " يافاطمة سببت عائشة ؟ قالت نعم يارسول الله قال : " أليس تحبين من أحب ؟ قالت نعم , قال: وتبغضين من أبغض ؟ قالت بلى : فاني أحب عائشة فأحبيها قالت فاطمة : لاأقول لعائشة شيئا يؤذيها أبداً .
* زهد عائشة وإنفاقها رضي الله عنها *
لقد نشأت رضي الله عنها في بيت ابيها الصديق فتعلمت الزهد منه ..
فقد قالت رضي الله عنها توفي رسول الله وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي , فأكلت منه حتى طال علي فكلته فني . متفق عليه .
وعن عروة قال : { كانت عائشة رضي الله عنه لاتمسك شيئا مما جاءها من رزق الله تعالى إلا تصدقت به }
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني فلم تجدي عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت , فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال : { من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار }
** يتبع **
** الصائمة العابدة **
فقهت المسلمة عن الله أمره , وتدبرت في حقيقة الدنيا , ومصيرها إلى الأخرة , فاستوحشت من فتنتها , وتجافى جنبها عن مضجعها , وتناءى قلبها من المطامع وارتفعت همتها عن السفاسف , فلا تراها إلا صائمة قائمة , باكية والهة ,
قال القاسم : " كانت عائشة تصوم الدهر "
وعن عروة أن عائشة رضي الله عنها كانت تسرد الصوم , وعن القاسم أنها { كانت تصوم الدهر لاتفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر }
وعنه قال : كنت يوما إذا غدوت أبدأ بيت عائشة رضي الله عنها فأسلم عليها فغدوت يوما , فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ : { فمن الله علينا وقنا عذاب السموم } الطور , وتدعو وتبكي وترددها فقمت حتى مللت القيام فذهبت إلى السوق لحاجتي , ثم رجعت , فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي .
** وتم تأويل الرؤيا **
ومن أجل وأعظم المكرمات التي حظيت بها أمنا عائشة رضي الله عنها أن حجرتها دُفن فيها أعظم ثلاثة في تاريخ الأمة الإسلامية : فكان أعظمهم جميعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أبوبكر ثم عمربن الخطاب .
ولقد رأت عائشة ذلك الفضل من قبل , فقد قالت لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما : رأيت كأن ثلاثة أقمار سقطن في حجري فقال لها : إن صدقت رؤياك دُفن في بيتك ثلاثة من خير أهل الأرض , فلما دُفن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر هذا أحد أقمارك وهو خيرها , ثم دُفن القمر الثاني فكان أبو بكر نفسه , ثم القمر الثالث , فكان عمر رضي الله عنه , وبهذا تم تأويل رؤيا عائشة من قبل وقد جعلها حقا .
** عائشة رضي الله عنها وحياء يعجز القلم عن وصفه **
إن المؤمنة بفطرتها التقية تستحي من أي رجل حتى ولو كان زوجها فما ظنك بمن لاتستحي من الأحياء فحسب , بل تستحي من الأموات !!!
إنها أمنا الطاهرة التقية عائشة رضي الله عنها , وعن أبيها ,
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أدخل البيت الذي دُفن فيه رسول الله وأبي رضي الله عنه واضعة ثوبي , وأقول : إنما هو زوجي وأبي , فلما دُفن عمر رضي الله عنه , والله ما دخلته إلا مشدودة علىّ ثيابي حياءً من عمر .
**خوفها من المظالم **
عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها : أنها قتلت جاناً فأُتيت في منامها : والله قد قتلت مسلما , قالت : لو كان مسلما لم يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
فقيل : أو كان يدخل عليك إلا وعليك ثيابك .
فأصبحت فزعه , فأمرت باثنى عشر ألف درهم , فجعلته في سبيل الله .
فيالها من صفحة غالية تعبر عن رقة قلبها وخشيتها من الله عزوجل وخوفها من الوقوع من المظالم …
فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من الوقوع في الظلم ويقول : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة "
وقال صلى الله عليه وسلم : اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب "
**يتبع **
**حديث الإفك **
إن الابتلاء سنة ثابتة لاتبدل ولاتغير … ولكن الابتلاء الذي تعرضت له أمنا عائشة رضي الله عنها كان ابتلاءً يفت الصخور والجبال ويعصف بالقلوب , فقد اتهمت في أعز شيء تملكه المرأه -اتهمت في عرضها – إن هذا لهو البلاء العظيم , تتهم في عرضها , وهي الزهرة النقية التي نبت في حقل الاسلام وسقيت بماء الوحي …
وكان لحديث الإفك وقع أليم على قلب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها … وكان عبدالله بن أبي سلول قد تولد النفاق والحسد في قلبه من أول يوم سمع فيه بالإسلام , وطفق يكيد للنبي صلى الله عليه وسلم ولإسلام المكيدة تلو المكيدة , ولكن حكمة الله سبحانه كانت له ولمنافقين بالمرصاد , فكانت تلجمهم وتكبتهم ,
** الصديقة وشدة البلاء **
في حادثة الافك كادت تكون فتنة عمياء, فقد أصابت المسلمين هزة عنيفة زلزلت كيانهم , ولم يكن الناس سواسية , ولكنهم كانوا مختلفين في أرائهم تجاه حادثة الافتراء والظلم .
أجل لقد كان في هذا الحدث الجل من خطر الحديث , وشدة البلاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالم يعلم مداه إلا العليم الخبير , ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إمام الصابرين , صبر أجمل الصبر, وعالج الأمر بحكمة هادئة , فقد كان همه أن يقي المجتمع المسلم من عواصف الفتن , وهزات المحن , وقواصم المكائد النفاقية المنبثقة عن بعض الرواسب الجاهلية .
لكن الله عزوجل أراد أن يجعل منها خصيصة ليرفع من شأن عائشة رضي الله عنها إظهارا لشرفها الذاتي والاجتماعي وإنافة لمكانتها في أهل البيت طهرا وفضلا وشرفا , وثقلا في ميزان الفضائل والمكارم الإنسانية والإيمانية لمكانتها من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
** المبرأة من فوق سبع سماوات **
تعالوا بنا لمعرفة القصة كاملة ونرى مكانة أمنا عائشة عند الله عزوجل الذي أنزل براءتها من فوق سبع سماوات .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين زوجاته , فأيتهن سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه , فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله بعد مانزل الحجاب فأنا أُحمل في هودجي وأنزل فيه . فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل , فقمت حين آدنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش , فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي , فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع , فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه .
وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي , فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن الحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه , وكنت جارية حديثة السن , فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولامجيب فأممت منزلي الذي كنت به وظنت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي , فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني , فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش فأدلج , فأصبح عند منزلي , فرأى سواد إنسان نائم , فأتاني فعرفني حين رآني , وكان يراني قبل الحجاب , فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني , فخمرت وجهي بجلبابي , والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه , حتى أناخ براحلته فوطيء على يديها فركبتها , فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد مانزلوا موغرين في نحر الظهيرة , فهلك من هلك , وكان الذي تولى الإفك عبدالله بن أبي سلول , فقدمنا المدينة , فاشتكيت حين قدمت شهرا . والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك , ولاأشعر بشيء من ذلك , وهو يريبني في وجعي أني لاأعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم الطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي , إنما يدخل علي فيسلم ثم يقول : كيف تيكم , ثم ينصرف , فذاك الذي يريبني ولاأشعر بالشر , حتى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لانخرج إلا ليلا إلى ليل , وذلك قبل أن نتخذ الكُنف قريبا من بيوتنا , وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز فبل الغائط , فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا .
فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة ابي رهم بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة ابي بكر الصديق , فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح , فقلت لها : بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ قالت أي هنتاه أولم تسمعين ما قال ؟ قلت : وما قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازدت مرضا على مرضي . فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني سلم ثم قال : كيف تيكم ؟ فقالت: أتأذن لي أن آتي أبوي قالت : وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت : فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
** هموم وأحزان تفت الجبال **
قالت: فجئت أبوي فقلت لأمي : يا أمتاه ما يتحدث الناس ؟ قالت : يابنيه هوني عليك , فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها . قالت: سبحان الله أو لقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت فبكيت تلك اليلة لايرقأ لي دمع ولاأكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي .
** والله ماعلمت على أهلي إلا خيرا **
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر : يامعشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلاخيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الانصاري فقال : يارسول الله أنا أعذرك منه إن كان من أهل الأوس ضربت عنقه , وإن كان من اخواننا من الخزرج امرتنا فعلنا امرك . فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج ولكن احتملته الحمية فقال لسعد : كذبت لعمر الله لاتقتله ولاتقدر على قتله ,
حتى هموا ان يقتلوا ورسول الله قائم على المنبر فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا ,
** هكذا نزلت براءتها من فوق سبع سماوات**
قالت : ثم تولت فاضطجعت على فراشي قالت وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وان الله مبراني , ولكن ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في أمري ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرؤني الله بها .
قالت فلما سري عن رسول الله عليه الصلاة والسلام سري عنه وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها : ياعائشة أما الله فقد برأك , فقالت أمي قومي اليه فقلت : والله لاأقوم اليه ولاحمد إلا الله فنزل قوله تعالى : { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه …} العشر الايات كلها .
**يتبع **
**بركة أمنا عائشة …ونزول آية التيمم **
ومن بركاتها رضي الله عنها أن الله عزوجل أنزل بسببها آية التيمم تيسيرا على المسلمين فرح المسلمون لذلك فرحا شديدا .. فيا لها من أم مباركة فاح عبير بركتها على كل من حولها ..
عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه , وأقام الناس معه وليسوا على ماء, فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقالوا : ألاترى ما صنعت عائشة ؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ليسوا على ماء , فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع على رأسه على فخذي قدنام فقال : حبست رسول الله والناس ليسوا على ماء وليسوا معهم ماء فقالت عائشة : فعاتبني أبو بكر ماشاء الله أن يقول وجعل يطعني بيده في خاصرتي , فلا يمنعني من التحرك إلامكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم ياآل أبي بكر . قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فأصبنا العقد تحته .
** تمسح بيده رجاء بركتها **
عن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث , فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه . وامسح عنه بيده رجاء بركتها "
لحق النبي بربه وهي لم تخط بعد إلى التاسعة عشرة , على أنها ملأت أرجاء الأرض علما فهي في رواية الحديث نسيج وحدها , ولم يكن بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كان أروى منها ومن أبي هريرة رضي الله عنهما على أنها كانت أدق منه وأوثق .
قال الزهري : " لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل "
وقال عطاء : " كانت عائشة أفقه الناس , وأحسن الناس رأيا في العامة "
وعن عروة بن الزبير : مارأيت أحدا أعلم بفقه ولابطب ولابشعر من عائشة رضي الله عنها "
وقال أبوموسى الأشعري رضي الله عنه : " ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط , فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما "
وقال مسروق : " رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض "
** في ظل الخلافة الإسلامية **
وظلت عائشة رضي الله عنها بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم على العهد صائمة قائمة عالمة بالكتاب والسنة , يأتيها من كل حدب وصوب أهل العلم يقصدون أخذ العلم من نبعه الصافي , فلقد كانت موسوعة نادرة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فكانت تُعلم الجاهل وتهدي الحائر وترشد الناس إلى الفضائل ومكارم الأخلاق .
وعاشت في ظل الخلافة الاسلامية وكانوا جميعا يعلمون قدرها ومكانتها الغالية السامقة … فهي حبيبة الحبيب وأم المؤمنين ومنارة العلم التي فاح عبيرها على الكون كله فملأت الدنيا علما وأدبا ومعرفة وزهدا ..
** وحان وقت الرحيل **
وبعد هذه الرحلة الطويلة من العبادة والعلم والبذل والعطاء والتضحية لدين الله نامت الصديقة الطاهرة على فراش الموت بعدما ملأت الدنيا فقها ورعا .. فلقد آن الأوان لأمنا الغالية أن تستريح وأن تبدأ رحلتها مع النعيم المقيم فهي زوجة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الدنيا والأخرة . فهنيئا لها ثم هنيئا لها ثم هنيئا لها ..
عن قيس , قال قالت عائشة , وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت : إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا , ادفنوني مع أزواجه , فدفنت في البقيع رضي الله عنها..
وفي شهر رمضان من السنة الثامنه والخمسين للهجرة , ألم المرض بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكانت وصيتها أن تدفن في البقيع مع صواحبها أمهات المؤمنين وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
وفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان , توفيت أمنا وصعدت روحها إلى ربها راضية مرضية ,
ودفنت في ليلتها بعد صلاة الوتر ,
وقدم أبو هريرة رضي الله عنه فصلى عليها فاجتمع الناس ونزل أهل العوالي وحضروا جنازتها فلم تر ليلة أكثر ناسا منها .
ولانملك ونحن نودع أمنا الغالية إلا أن نتلو قوله تعالى :
( إن المتقين في جنت ونهر * فى مقعد صدقٍ عند مليك مقتدرٍ )
** حكم الطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها **
أن عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين داخلات في عموم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكل نص نهى عن سب الصحابة فعائشة داخلة فيه ومن ذلك : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لاتسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا مابلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) رواه البخاري
ثم إن علماء الإسلام من أهل السنة أجمعوا قاطبة على ان من طعن عائشة بما برأها الله به منه فهو كافر مكذب لما جاء في القران في سورة النور.
وقد ساق الامام ابن حزم بسنده الى هشام بن عمار قال : سمعت مالك بن انس يقول : من سب أبا بكروعمر جلد ومن سب عائشة قتل , قيل له : ولم يقتل في عائشة رضي الله عنها ؟ قال : لأن الله عزوجل يقول في عائشة رضي الله عنها : (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين )
قال مالك : فمن رماها فقد خالف القران ومن خالف القران قتل .
قال ابن حزم : قول مالك هنا صحيح وهي ردة تامة وتكذيب لله تعالى في قطعه براءتها .
وقال ابن قدامة : من السنة الترضي عن امهات المؤمنين المطهرات المبرات من كل سوء أفضلهن خديجة بن خويلد , وعائشة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم .
وقال الحافظ بن كثير في تفسيره :أجمع العلماء قاطبة أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في الايه فإنه كافر لأنه معاند لقران .
وقد قال العلماء :
أن الطعن في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إيذاء له عليه الصلاة والسلام ولاشك في أن إيذاءه كفر إجماعا ومما يدل على ذلك : ما أخرجه الشيخان من حديث الإفك عن عائشة قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبدالله بن أبي وهو على المنبر فقال : يامعشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت في أهلي إلا خيرا … " الحديث .
ثم ليعلم ختاما أن أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم عائشة الصديقة بنت الصديق كما صح عن عمر بن العاص في غزوة ذات السلاسل قال قلت يارسول الله أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت : فمن الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر .
فمن أبغض حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة والله أعلم
حسبنا الله ونعم الوكيل .. اللهم اجعله حجة لي لاعلي يارحم الراحمين ..
اللهم اجعل هذا العمل خالصا لوجهك ألقى بها وجهك الكريم .. وينير لي بها صراطك المستقيم ..واحشرني معها في يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتي الله بقلب سليم ..