التصنيفات
منوعات

ما هى العقيدة وما هى السلفية؟تعريف مبسط


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد؛ فإخوتي في الله، والذي فلق الحبة و برأ النسمة إني أحبكم في الله، وأسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، اللهم اجعل عملنا كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئاً..

أحبتي في الله

قال الله تعالى لأصحاب نبينا رضي الله عنهم: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البقرة:137].

فلم يرْضَ اللهُ عز وجل إيماناً إلا على نحو يوافق إيمان هؤلاء الصفوة..

نعم، إمَّا إيمانُ الصحابةِ الذين رضىَ اللهُ عنهم وتابَ عليهِم، وإمَّا التفرُّقُ والاختلافُ والتَّشَرْذمُ [فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ] .

ففي العقيدةِ: فلابدَّ من الطلبِ على منهجِ السَّلفِ الصَّالحِ- رضوان الله عليهم – وهُم الصَّحابةُ ومن تبعهُم بإحسانِ إلى يومِ الدينِ، وقد زكَّى اللهُ فهمَهم، وأمرنَا أن نلقاهُ سبحانه بإيمانٍ كإيمانِهِم.

فلا بدَّ من دراسةِ عقيدةِ السلفِ الصحيحةِ، وفهم نصوصِ الكتابِ والسنةِ في أنواعِ التوحيدِ بفَهمِهِم، والاستقاء من علومِهِم، والنهل من منابعِهِم، وإلا فالضلالَ الضلالَ.

قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْْكُمْ بَعْدِي فسَيَرَى اخْتلاَفًا كَثِيرًا. فَعَلَيْكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاَءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عََلَيْها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالةٌ" [جزء من حديث أخرجه أبوداود (4607) ك: السنة، باب: في لزوم السنة، وصححه الألباني في"صحيح أبي داود" (3851)].

والعودة للفهم الأصيل "فَهْمِ السَّلَفِ الصَّالِحِ" أصبح اليومَ ضرورةً مُلِحَّةً؛ وذلك لجمع شتات الأمة، فتتوحد كلمتهم بتوحد الأصول، فيقل التنازع والتشاحن الذي ابتليَ به المسلمون في هذه الأيام، وكل هذا لأنَّا لم نَعِ الوصية النبوية.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلََى ثِلاثٍ وَسَبْعِنَ مِلَّةً كُلُّهم في النَّار إلا مِلَّةً وَاحِدةً. قاُلوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَا أنا عَلَيْه وأَصْحابِي" [أخرجه الترمذي (2641) ك: الإيمان، باب: ما جاء في افتراق هذه الأمة، وقال حسن غريب، وحسنه الألباني(5343) في صحيح الجامع]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}.

فقد دلـنا صلى الله عليه وسلم على الفرقة الناجية، فاحرص على النجاة – أخي في الله -، وانضمَّ إلى هذه الفرقة، واحرص في بداية التعلم أن يكون التلقي على منهج السَّلفِ الصَّالحِ، فإن لذلك أَثَراً في استِقامتِك على الطريقة، فمن صحت بدايته صحت نهايته، فأصلح نيتك عسى الله أن يصلح بك، فشتات الأمة اليوم يُفجِعُ كل قلب، فإن كان طلب العلم ضرورة، فطلبه على منهج السلَفِ ضرورتُه أشدُّ، وتأتي تلك الضرورة في الوقت الحاضر بالذات؛ لأنَّه لابدَّ للأمةِ من معالم صحيحةٍ في طريق عودتها إلى الله-عزَّ وجل-، تبيِّنُ لها المنهجَ الصحيح في فََهمِ العقيدةِ، التي هي القاعدةُ الأساسيةُ لبناءِ المجتمع الإسلامي الصحيحِ.

وما لَمْ يكن المنهج الذي يُتَّبعُ صحيحًا، فإن اليقظة الإسلامية ستنحرفُ عن مجراها السليم، ونحن نعتقد اعتقاداً جازماً أن منهج أهل السنَّةِ والجماعةِ في فَهمِ العقيدةِ الإسلامية هو المنهجُ الصحيحُ الذي يجبُ تقديمُه للأمةِ الإسلاَميةِ اليومَ، لكي تُصبح بحقٍّ أمةً مسلمةً تستحقُّ نصرَ اللهِ ورِضوانَه. وفي هذا المنهج صيانة للعقل البشري من التمزق والانحراف، وللمجتمع من الفرقةِ والضَّلال، ولم يحدث الانحراف في الأمة إلا عندما انحرفت عن هذا المنهج، وأعرضت عن وحي الله-عز وجل-إلى مناهج بشرية؛ بعضها من مُخلَّفاتِ الفلسفة اليونانية الوثنية، وبعضها من نتاج العقول المنحرفة الجاهلة بدين الله، فتفرقت الأمة إلى طوائف ومذاهب، لكل منها منهجُه،وطريقُه، وإمامُه، وأتباعُه.

وقد قيَّضَ اللهُ – عزَّ وجل – في كل فترة من فترات الضعفِ والانحرافِ علماءَ مصلِحينَ يحفظُون عقيدَة الأمة ويحرسونها، ويَرُدُّون على من خالفها أو عارضها، من صدرِ الإسلام إلى اليوم وإلى أن تقومَ الساعةُ بمشيئةِ اللهِ تعالَى.

ما هي العقيدةُ؟

العقيدةُ لغةً: من العَقْدِ والتوثيقِ والإحكامِ والَّربطِ بقوَّةِ.

واصْطلاحًا: الإيمانُ الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى مُعْتَقِدِه.

قيل:معنى العقيدة: "هي مجموعة من قضايا الحق البديهية المسلَّمةِ بالعقل والسمع والفطرة، ويعقِدُ علَيْها الإنسان قلبه، ويثني عليها صدره، جازماً بصحتها قاطعاً بُوجوبِها وثُبوتِها، لا يَرَى خلافَها أنه يصحُّ أو يكونُ أبدًا ".

فالعقيدة الاسلامية تعني: الايمان الجازم بالله تعالى، وما يجب له من التوحيد والطاعة، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، والأخبار، والقطعيات، علمية كانت أو عملية.

وإذا كنت حبيبي في الله مطالبا بعقيدةِ سلفيةٍ، فهل يا تُرى تعرفُ مَنِ السَّلفُ؟

من هم السلف، وما هي السلفية؟

السلف: هم صدر هذه الأمة من الصحابة، والتابعين، وأئمة الهدى في القرون الثلاثة المفضلة، ويطلق على كل من اقتدى بهؤلاء وسار على نهجهم في سائر العصور: "سلفــي" نسبةً إليهم.

وقد كان يطلق عليهم في البداية "أهلُ السنَّةِ" لما كانوا هم المتبِعين لسُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، المُقتَفِين للأثرِ، فسُمُّوا: "أهل الأثرِ"، و"أهل الحديث".

ثم لما انتشرت البدع صار يطلق عليهم "أهل السنة والجماعة".

و"أهل السنة والجماعة": هُم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وسُمُّوا "الجماعةَ" لأنهم الذين اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين، واجتمعوا على أئمة الحق؛ ولم يخرجوا عليهم، واتبعوا ما أجمعَ عليه سلف الأمة.

ولما صار من المبتدعة من ينسب نفسه إلى هذا اللقب الشريف، كان لزاماً أن يمتازُوا عن غيرهم، ومن هنا نشأ مصطلحُ "السلفيَّـةِ" نسبة إلى سلف هذه الأمة من أهل الصَّدْرِ الأول ومن اتَّبعَهم بإحسانٍ.

من أبرز قَضَايا العَقِيدةِ الّسَّلَفيَّةِ

من أهم قضايا العقيدة السلفية "مسألةُ الصِّفاتِ" فإن أكثر الخلاف فيها، وخلاصة القول فيها: أن أحاديث وآيات الصفات نُمِرُّها كما جاءتْ دونَ تَعطِيلٍ، أو تأويلٍ، أو تشبيهٍ، أو تمثيلٍ.

فنُثبتُ أن لله يداً، ولكن ليست كأيدينا، يداً تليقُ بجلاله وكماله،{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى: 11]

ونثبت أن الله ينزلُ، ولكن لا كنُزُولنا، وإنما نزولاً يليقُ بجلالهِ وكمالهِ { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:11]. وهكــذا..

قواعد وأصول أهل السنة والجماعة في منهج التلقي والاستدلال

يقوم المنهج السلفي على قواعد وأصول تضبط منهج التلقي والاستدلال، فمن ذلك:

أولاً: مصدر العقيدة هو: كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وإجماع السلف الصالح.

ثانياً: كل ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب قبوله، وإن كان خبر آحاد.

ثالثاً: المرجع في فهم الكتاب والسنة هو النصوص المبينة لها، وفهم السلف الصالح، ومن سار على منهجهم من الأئمة، ثم ما صح من لغة العرب، لكن لا يعارض ما ثبت من ذلك بمجرد احتمالات لغوية.

رابعاً: أصول الدين كلها، قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد أن يحدث شيئاً زاعماً أنه من الدين بعده.

خامساً: التسليم لله ولرسوله ظاهراً وباطناً، فلا يُعارَض شيء من الكتاب أو السنة الصحيحة بقياس، ولا ذوق، ولا كشف، ولا قول شيخ، ولا إمام، ونحو ذلك.

سادساً: العقل الصريح موافق للنقل الصحيح، ولا يتعارض قطعياً معهما، وعند توهم التعارض يُقدَّم النقل.

سابعاً: يجب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة، وتجنب الألفاظ البدعية، والألفاظ المجملة المحتمِلة للخطإ والصواب يستفسر عن معناها، فما كان حقاً أُثبت بلفظه الشرعي، وما كان باطلاً رُدَّ.

ثامناً: العصمة ثابتة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة، وأما آحادها فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الكتاب والسنة، مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة.

تاسعاً: في الأئمة محدّثون مُلهمون، والرؤيا الصالحة حق، وهي جزء من النبوة، والفراسة الصادقة حق، وهذه كرامات ومبشرات، بشرط موافقتها للشرع، وليست مصدراً للعقيدة ولا للتشريع.

عاشراً: المراء في الدين مذموم، والمجادلة بالحسنى مشروعة، وما صح النهي عن الخوض فيه وَجَبَ امتثال ذلك، ويجب الإمساك بالحسنى عن الخوض فيما لا علم للمسلم به، وتفويض علم ذلك إلى عالمه سبحانه.

حادي عشر: يجب الالتزام بمنهج الوحي في الرد، كما يجب في الاعتقاد والتقدير، فلا تُرَدُّ بدعة ببدعة، ولا يقابل التفريط بالغلو، ولا العكس.

ثاني عشر: كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم اهدنا الصراط المستقيم

صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين

آمين، وصلى الله على سيد المرسلين، والحمد لله رب العالمين

للشيخ محمد حسين يعقوب

خليجية




خليجية



التصنيفات
منتدى اسلامي

معانى العقيدة من خلال فريضة الحج

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: ففي الحج معان عظيمة، وحكم بالغة، ومنافع كثيرة، كما قال -سبحانه-: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}[الحج: 28]، وفي هذه الصفحات نورد جملة من معاني العقيدة ومسائل أصول الدين من خلال هذه الفريضة:

أولًا: التسليم والانقياد لشرع الله -تعالى-: كم نحتاج أخي القارئ إلى ترويض عقولنا ونفوسنا كي تنقاد لشرع الله -تعالى- بكل تسليم وخضوع، كما قال -سبحانه-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: 65].

فالحج خير مثال لتحقيق هذا التسليم، فإنّ تنقل الحجاج بين المشاعر، وطوافهم حول البيت العتيق، وتقبيلهم للحجر الأسود، ورمي الجمار…
وغيره كثير: كل ذلك أمثلة حية لتحقيق هذا الانقياد لشرع الله -تعالى-، وقبول حكم الله -عز وجل- بكل انشراح صدر، وطمأنينة قلب.

لقد دعا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- فقالا: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 128].

لقد دعوا لنفسيهما، وذريتهما بالإسلام، الذي حقيقته خضوع القلب وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح.

ورضي الله عن الفاروق عمر إذ يقول عن الحجر الأسود: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك" [1].
يقول الحافظ ابن حجر: "وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه" [2].

ويقول قوام السنة إسماعيل الأصفهاني -رحمه الله-: "ومن مذهب أهل السنة: أن كل ما سمعه المرء من الآثار [3] مما لم يبلغه عقله، فعليه التسليم والتصديق والتفويض والرضا، لا يتصرف في شيء منها برأيه وهواه" [4].

ويقول ابن القيم -رحمه الله-: "إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم، وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامروالنواهي والشرائع، ولهذا لم يحك الله -سبحانه- عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما، ونهاها عنه، وبلغها عن ربها، بل انقادتْ، وسلمتْ، وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وإيمانها واستسلامها بسبب عدم معرفته، وقد كانت هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولًا ومعارف وعلومًا لا تسأل نبيها لِمَ أمر الله بذلك؟ ولِمَ نهى عن ذلك؟ ولِمَ فعل ذلك؟ لعلمهم أن ذلك مضاد للإيمان والاستسلام" [5].

ثانيًا: إقامة التوحيد: إن هذه الشعيرة العظيمة قائمة على تجريد التوحيد لله وحده لا شريك له؛ قال -سبحانه-: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[الحج: 26].
وحذر -سبحانه- من الشرك ونجاسته، فقال -عز وجل-: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}[الحج: 30، 31].

بل من أجل تحقيق التوحيد لله وحده، والكفر بالطاغوت، شُرع للحاج أن يستهل حجه بالتلبية قائلًا: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ومن أجل تحقيق التوحيد شُرع للحاج أن يقرأ في ركعتي الطواف بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

كما شَرعَ الله -تعالى- التهليل عند صعود الصفا والمروة، فيستحب للحاج والمعتمر أن يستقبل القبلة عند صعوده الصفا والمروة ويحمد الله ويكبره ويقول: "لا إله إلا الله ، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
ومن أجل تحقيق التوحيد أيضًا كان خير دعاء يوم عرفة أن يقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير".

وفي مناسك الحج وشعائره تربيةٌ للأمة على إفراد الله -سبحانه- بالدعاء والسؤال والطلب، والرغبةإليه، والاعتماد عليه، والاستغناء عن الناس، والتعفف عن سؤالهم، والافتقار إليهم؛ فالدعاء مشروع في الطواف والسعي، وأثناء الوقوف بعرفة، وعند المشعر الحرام، وفي مزدلفة، كما يشرع الدعاء وإطالته بعد الفراغ من رمي الجمرة الصغرى والوسطى في أيام التشريق.

ثالثًا: تعظيم شعائر الله -تعالى- وحرماته: قال الله -تعالى- بعد أن ذكر أحكامًا عن الحج: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}[الحج: 30].
والحرمات المقصودة هاهنا أعمال الحج المشار إليها في قوله -تعالى-: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] [6].
وقال -سبحانه-: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: 32]، فتعظيم مناسك الحج عمومًا من تقوى القلوب [7].

وتعظيم شعائر الله -تعالى- يكون بإجلالها بالقلب ومحبتها، وتكميل العبودية فيها؛ يقول ابن القيم -رحمه الله-: "وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت" [8].

ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن هذه الأمة لا تزال بخير ما عظموا هذه الحرمة -يعني الكعبة- حق تعظيمها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا»[9].

رابعًا: محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-: إن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أجل أعمال القلوب، وأفضل شعب الإيمان، ومحبة الرسول ستوجب متابعته والتزام هديه، وإن التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء القيام بمناسك الحج سبب في نيل محبته، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-:«خذوا عني مناسككم»[صححه الألباني]، وفي اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- تحقيق لمحبة الله -تعالى-؛ كما قال -سبحانه-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: 31].

خامسًا: تحقيق الولاء بين المؤمنين والبراءة من المشركين: كم هو محزن حقًا تفرق المسلمين شيعًا وأحزابًا.. وتمزقهم إلى دول متعددة ومتناحرة.. وقد غلبتْ عليهم النعرات الجاهلية المختلفة، وإن فريضة الحج أعظم علاج لهذا التفرق والتشرذم، فالحج يجمع الشمل، وينمي الولاء والحب والنصرة بين المؤمنين، وإذا كان المسلمون يجمعهم مصدر واحد في التلقي الكتاب والسنة وقبلتهم واحدة، فهم في الحج يزدادون صلة واقترابًا، حيث يجمعهم لباس واحد، ومكان واحد، وزمان واحد، ويؤدون جميعًا مناسك واحدة.

كما أن في الحج أنواعًا من صور الولاء للمؤمنين: حيث الحج مدرسة لتعليم السخاء والإنفاق، وبذل المعروف أيًا كان، سواء أكان تعليم جاهل، أو هداية تائه، أو إطعام جائع، أو إرواء غليل، أو مساعدة ملهوف.

وفي المقابل: ففي الحج ترسيخ لعقيدة البراء من المشركين ومخالفتهم؛ يقول ابن القيم: "استقرت الشريعة على قصد مخالفة المشركين لا سيما في المناسك" [10].
لقد لبى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، خلافًا للمشركين في تلبيتهم الشركية، وأفاض من عرفات مخالفًا لقريش حيث كانوا يفيضون من طرف الحرم، كما أفاض من عرفات بعد غروب الشمس مخالفًا أهل الشرك الذين يدفعون قبل غروبها.
ولما كان أهل الشرك يدفعون من المشعر الحرام (مزدلفة) بعد طلوع الشمس، فخالفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فدفع قبل أن تطلع الشمس.
وأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- عوائد الجاهلية ورسومها كما في خطبته في حجة الوداع، حيث قال: «كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع»[11]؛ يقول ابن تيمية: "وهذا يدخل فيه ما كانوا عليه من العادات والعبادات، مثل: دعواهم يا لفلان، ويا لفلان، ومثل أعيادهم، وغير ذلك من أمورهم" [12].

سادسًا: تذكر اليوم الآخر واستحضاره: فإن الحاج إذا فارق وطنه وتحمل عناء السفر: فعليه أن يتذكر خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة وأهوالها.
وإذا لبس المحرم ملابس الإحرام: فعليه أن يتذكر لبس كفنه، وأنه سيلقى ربه على زي مخالف لزي أهل الدنيا.
وإذا وقف بعرفة: فليتذكر ما يشاهده من ازدحام الخلق وارتفاع أصواتهم واختلاف لغاتهم، موقف القيامة واجتماع الأمم في ذلك الموطن [13]؛ قال ابن القيم: فلله ذاك الموقف الأعظم الذي … كموقف يوم العرض، بل ذاك أعظم نسأل الله -تعالى- أن يتقبل منا ومن المسلمين صالح الأعمال، وبالله التوفيق




شكرلكم



جزاك الله خيــــراً خليجية ..||



مشكورة على الطرح



جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم



التصنيفات
منتدى اسلامي

حصن العقيدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل(و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون)
و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين يدلهم على التوحيد الخالص و الدين الخالد , و على من سار على نهجه و اقتفى أثره إلى يوم الدين..
و بعد
من أوجب واجبات المربي المسلم: تثبيت العقيدة الصحيحة في نفوس النشء و حماية جناب التوحيد إذ هذا هو الهدف الأسمى من الرسالات و اتفق عليه كل الأنبياء و الرسل صلوات ربي و سلامه عليهم.
فينفق المربون أوقاتهم و جهودهم لرعاية أمانة الأجيال المسلمة و ربطها بخالقها برباط العبادة الخالصة و التوحيد الذي لا تشوبه شائبة.

و تتزايد الحاجة إلى تثبيت العقيدة في زماننا الذي انفتحت فيه وسائل الإعلام و فاحت رائحة الأفكار المضللة و الإنحرافات العقدية الخطيرة.
مما يستدعي بذل المربين مزيداً من الوسع و الجهد في بناء حصن حصين و ضرب سياج متين حول عقائد النشء لصد الهجمات التي تستهدف الأجيال في أغلى ما لديها (دينها).

و هذا يتطلب تحديداً لدور المربين في بناء هذا السياج و الممكن تلخيصه في النقاط التالية:

• تقديم الدروس العلمية الشرعية في العقيدة بما يناسب المرحلة العمرية من خلال الجلسات الأسرية و الحلقات المنزلية أو في المدارس أو المساجد أو حتى القنوات الإسلامية المتخصصة.
و يتم في هذه الدروس إرساء القواعد التي ستحفر في ذهن المتربي و قلبه و روحه و تكون معياراً له لتقييم أي تيار جديد و أي فكرة محدثة فيما بعد.
و حرصاً من المربي على ترسيخ هذه القواعد بعمق ينبغي أن لا تتضمن الدروس العلمية توضيحاً للفكر الضال و ذكر تفاصيله و الخوض في مبادئه كي لا تختلط الأمور على المتربي و قد تصادف في قلبه موطئاً فيتشربها و يفسد معتقده و العياذ بالله.
فلنقدّم العلم الأصيل الرصين الصحيح و حسب ليفهم المتلقي أن ما عداه خطأ و باطل.

• الإستعانة بالقصص القرآنية و قصص الصحابة رضوان الله عليهم و سلفنا الصالح و ذلك لتعزيز الثبات على العقيدة و الدفاع عنها و عن مسلمات الشريعة و ثوابت الدين.

• ربط النشء بالقرآن الكريم : تلاوة , حفظاً , تدبراً ,علماً ,عملاً فهو من أسباب زيادة الإيمان , و من أسباب الثبات في الفتن و المحن , و من الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى.
فعلى المربين عقد الحلقات, و تشجيع المتربين على المشاركة فيها و تعزيزهم و تكريم من يتألق منهم في الحفظ و التفسير مع تذكيرهم الدائم بالإخلاص.

• تشجيع المتربي لإكتشاف الأخطاء العقدية اللفظية و الفكرية حوله من خلال قراءته الصحف او مشاهداته لبرامج الأطفال أو سماعه للألفاظ الشائعة عند العامة و وزنها بميزان العقيدة النقية.

• تدريب المتربي على اداء النوافل بعد الفرائض مما يكون تقرباً إلى ربه و نوراً لقلبه و هداية له للحق و الخير

• الدعاء: فقد يركن المربون إلى جهدهم و يعجبوا بعطائهم و يغفلوا عن صدق التوكل على الله و الإلتجاء إليه بالدعاء فيكون الخذلان نصيبهم و الخسران مآلهم و العياذ بالله.
فعلى المربي أن يعلّق قلبه بالله سائلاً إياه التوفيق و العون و السداد و هداية الأجيال و ثباتها على الحق.
و عليه ان يوجّه المتربي للدعاء لنفسه بالثبات و العلم النافع و العمل الصالح معلماً إياه ما صح من دعاء المصطفى صلى الله عليه و سلم.

بمثل هذه اللبنات تبنى حصون العقيدة و تعلو جدرانها و تقوى أركانها بإذن الله.
فلنشمّر عن سواعد مخلصة لله في إرادة الخير و نفع أبناء المسلمين, و لنضع اللبنات واحدة فوق الأخرى..
حتى يكتمل البناء..
لعل الذمة أن تبرأ أمام الله في زمن الفتن و عواصف الضلالات أننا بنينا و حصنّنا و بذلنا و التوفيق منه جل في علاه.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بقلم: منال عبد العزيز السالم




جزاكى الله كل خير

خليجية

خليجية




شكرلك