فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين : إما أن يقول أحدهم آمنا وإما ألا يقول
آمنا ،بل يستمر على عمل السيئات .فمن قال آمنا امتحنه الرب عز وجل وابتلاه وألبسه
الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكذاب ،ومن لم يقل آمنا فلا يحسب أنه يسبق الرب
لتجربته ،فإن أحدا لن يعجز الله تعالى هذه سنته تعالى يرسل الخلق فيكذبهم الناس ويؤذونهم.
ومن آمن بالرسل وأطاعهم عادوه وآذوه فابتلي بما يؤلمه،وإن لم يؤمن
بهم عوقب فحصل ما يؤلمه أعظم وأدوم ،فلا بد من حصول الألم لكل نفس سواء آمنت أم كفرت
،لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة،والكافر تحصل له
النعمة ابتداء ثم يصير في الألم
راي الشافعي في الإبتلاء والتمكين :
سأل رجل الشافعي فقال : ياابا عبدا لله ، أيما أفضل للرجل ان يمكن او يبتلى ؟ فقال الشافعي :
لايمكن حتى يبتلى فإن الله ابتلى نوحا ً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا ً صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين ، فلما صبروا مكنهم ، فلايظن احد ان يخلص من الألم البتة .
وذلك ان النفس لاتزكو وتصلح حتى تمحص بالبلاء ، كالذهب الذى لايخلص جيده من رديئه حتى
يفتن في كير الأمتحان إذ كانت النفس جاهلة ظالمة وهى منشأ كل شر يحصل للعبد ، فلا يحصل
له شر منها .
وفي الحديث الإلهى حديث أبي ذر الذى يرويه الرسول عن ربه عزوجل : " ياعبادي ، انما هى
أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا ً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا
نفسه "
.
فلنسال الله عزوجل أن يجنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن
وليكن دعانا دائما بسيد الأستغار :
أن يقول العبد : اللهم أنت ربى لاإله إلاأنت ، خلقتنى وانا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك
مااستطعت ، أعوذ بك من شر ماصنعت ، أبوء لك بنعمتك على وابوء بذنبى ، فاغفرلى إنه لايغفر
الذنوب إلا أنت .
من قالها إذا أصبح موقنا ً بها فمات من يومه دخل الجنه ، ومن قالها إذا أمسى موقنا ً بها فمات من ليلته دخل الجنه "
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
دمعة على التوحيد