إن من أظلم الظلم أن يحاسب المرء بما لم تكسبه يداه ويُلصق به بما لا يسعى له فقال عز من قائل : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وهذا تجده كثيرا في المجتمعات العربية التي جعلت العادات والتقاليد شرعا لها وتركت شريعة المولى عزوجل .
فكم من المجتمعات ظلمت المرأة بجناية ليس لها يد فيها وقد كُتبت عليها من قديم الأزل فتصفها بأوصاف وألقاب لا يجوز أن تُلقب بها حتى لا تُجرح مشاعرها
المطلقة
اكتسب معنا سيئا بسبب نظرة المجتمع إلى حاملة اللقب ، فرغم أن الطلاق قدر حصل للمرأة بسبب انعدام التوافق بينها وبين زوجها وقد شرعه الدين ولا عيب فيه إلا أنه يُعتبر وصمة عار يلحق صاحبته فيُنظر إليها بأنها سيئة ؛
وتكون مطمعا لكثير من الرجال الذين نُزع من قلوبهم وازع الدين والخوف من رب العالمين رغم أن صاحبة هذا اللقب في الواقع قد تكون مظلومة .
العانس
وهذا اللقب يضايق صاحبته لأن المرأة بطبيعتها تحب أن تكون محط الأنظار وموضع إعجاب الآخرين ويؤثر عليها عدم إقبال الناس عليها ؛ وهذا اللقب ليس له وجود في ديننا الحنيف لأنه حين تم إطلاقه قلل من شأن المرأة ؛ فهو يعطي انطباعا بأن صاحبته غير مرغوب فيها على الرغم من أنها قد تكون عاملة وقادرة على تحمل المسؤولية ولها دور في المجتمع وكلها صفات حميدة وشخصية طيبة وصاحبة عطاء ولكن قدرها أن تاخرت في الزواج لأسباب منها عدم وجود الرجل الملائم لها أو الأحوال الأقتصادية أو عدم التوفيق وغير ذلك ؛ فهل من الرحمة أن نحملها مسؤولية تلك الأسباب
الحُرمة
لقب يطلقة بعض الرجال وفي طياته كأن الملقبة به أقل شأنا من الرجل أو من النكرات وخاصة في طريقة التلفظ به .
المرأة
لفظ يجرح المرأة عند تلفظه باللهجة العامية في بعض البلدان العربية أو أن يلحق به لفظ سيئ مثل (المرأة أكرمك الله) أو (المرأة حاشك) وكأنها ليست إنسانة أو أنها شئ مُقزر وحاشا لله أن تكون كذلك فقد كرمها الله وأوصى النبي بالرفق بها وبحسن معاملتها وإكرامها
الضرة
بمعنى الزوجة الثانية فالمتفق عليه هو أن كل زوجة لا تحب أن يشاركها أحد في زوجها وطبيعة المرأة بشكل عام تجعلها تفضل أن تكون الوحيدة في حياة زوجها وهذا ما أعطي لقب (الضرة) معنا قد يبغضه الكثيرون وكأنها قد أضرت بغيرها حتى يقولون في المثل (الضرة مرة) وكأن هذه المرآة قد أخضعت رجلا متزوجا لتتزوجه ،
وهذه المفاهيم تخالف مفهوم الشرع في إباحة التعدد بضابط العدل ، مع العلم بأن هناك منهن من فيها خير للرجل ولبيته الأول وخاصة إن كانت على دين . فلما لا نطلق عليها زوجة أبي أو الزوجة الثانية أو الثالثة حسب ترتبيها حتى لا نجرحها بهذا اللقب .
الحماة
هي أم الزوجة أو أم الزوج وهذا اللقب يعتبره بعض الناس لقبا سيئا وذلك لأنه معروف عن الحماة سوء تعاملها مع زوجات أبنائها من باب السيطرة وكراهة مشاركة غيرها لها في ابنها بعد أن سهرت عليه وكبرته وصار رجلا فكيف تأتي أخرى كي تأخذه منها .
مع العلم بأن هذا اللقب من أجمل الألقاب لو نظرنا بعين الإنصاف لأنها شرعا نزلت منزلة الأم فلا يحل للرجل أن ينكحها وكذلك الزوجة يجب عليها أن تتخذها هكذا لأنها التي أنجبت لها الزوج وهي في مقام الوالدة للزوجة ،
ولنعلم بأنه كما ندين نُدان واليوم أنتِ أم لصغار وغدا تكوني حماة لكبار وكما تعاملتي مع حماتك سوف تُعاملي فأحسني إليها يُحسن لك .
نظرية واقعية
أن المشكلة الكبرى التي يعانيها المجتمع الإسلامي العربي هي مشكلة عدم احترام النفس البشرية ، والتي يدخل في نطاقها عدم احترام عقل وحرية وخصوصية وروح الإنسان ما يؤدي إلى النظرة السيئة لحاملي هذه الألقاب الاجتماعية التي تؤثر على نفسية المرأة ،
مع العلم بأن هناك أصنافا من النساء يجب أن نعرفها لمعرفة كيف نتعامل معها ، فهناك الصنف الزجاجي وهو الذي يتأثر بسهولة وينكسر صاحبه أمام أول مشكلة . والصنف المطاطي الذي لا يتأثر بسهولة ويتصف صاحبه باللامبالاة والصنف المعدني الذي يتأثر ولكن بأيجابية فكلما تم طرقه من جهة ما يلمع من الجهة الأخرى ويزداد بريقا ، وهكذا هي الطبيعة البشرية تتأثر بدرجات ، ولكن رغم ذلك ينتاب الإنسان الذي لا يشعر بالاحترام والتقدير القهر والتعب النفسي .
ماهو سبيل العلاج :
إن علاج هذه الظاهرة في المجتمعات العربية هي أن نرجع إلى سماحة هذا الدين و العمل على إحياء الوازع الديني لاحترام وتكريم ورحمة الآخرين ونتذكر قول الله عز وجل :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) الحجرات 11 .
هذا والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين