تبا لهذا الجدار الملعون
انه جدار هش كهشاشة قلوب اولئك المحتلين الاوغاد ولن يصمد طويلا امام عزم وصمود ابناء هذه الارض الطيبة
موضوع رااااائع
و ان شاء الله فلسطين منصورة باذن الله
لمروركم العطر
لمروركم العطر
أخبرنا محمد بن إبراهيم الداركي قال: أخبرنا والدي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: أخبرنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قال: نزلت سورة الفتح قوله تعالى (إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُّبيناً) أخبرنا منصور بن أبي منصور الساماني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الفامي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: أخبرنا أبو الأشعث قال: أخبرنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث عن قتادة عن أنس قال: لما رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة أنزل الله عز وجل (إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُّبيناً) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا وما فيها كلها.
وقال عطاء عن ابن عباس: إن اليهود شمتوا بالنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لما نزل قوله (وَما أَدري ما يُفعَلُ بي وَلا بِكُمِ) وقالوا: كيف نتبع رجلاً لا يدري ما يفعل به فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُّبيناً لِّيَغفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَما تَأَخَّرَ).
قوله عز وجل (لِّيُدخِلَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ) الآية. أخبرنا سعيد بن محمد المقري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المديني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن السقطي قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا همام عن قتادة عن أنس قال: لما نزلت (إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُّبيناً لِّيَغفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هنيئاً لك يا رسول الله ما أعطاك الله فما لنا فأنزل الله تعالى (لِّيُدخِلَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأَنهارُ) الآية.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه قال: أخبرنا أبو عمر بن أبي حفص قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي قال: أخبرنا عبد الله بن عمر قال: أخبرنا يزيد بن زريع قال: أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس قال: أنزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم (إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُّبيناً) عند رجوعه من الحديبية نزلت وأصحابه مخالطون الحزن وقد حيل بينهم وبين نسكهم ونحروا الهدي بالحديبية فلما أنزلت هذه الآية قال لأصحابه: لقد أنزلت علي آية خير من الدنيا جميعها فلما تلاها النبي صلى الله عليه وسلم قال رجل من القوم: هنيئاً مريئاً يا رسول الله قد بين الله ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله تعالى (لِّيُدخِلَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ) الآية.
قوله عز وجل (وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيدِيَكُم عَنهُم) الآية. أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا مسلم قال: حدثني عمرو الناقد قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا أحمد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذهم أسراء فاستحياهم فأنزل الله (وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيدِيَكُم عَنهُم بِبَطنِ مَكَّةَ مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم عَلَيهِم).
وقال عبد الله بن مغفل الهوني: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ الله تعالى بأبصارهم وقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل جئتم في عهد أحد وهل جعل لكم أحد أماناً قالوا: اللهم لا فخلى سبيلهم فأنزل الله تعالى (وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم) الآية.
الملخص الصوتي
قال تعالى "فَعَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ " المائدة:52
عسى, ومن الذي يقول عسى هو ربنا سبحانه وتعالى
وليس عبد لا يملك مقدرات الامور
الله المهيمن له مقاليد الامور
"فَعَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ "
الله قادر في لحظه على انه يغير كل شيء
الله قادر في لحظه يقلب موازيين الامور
الله قادر في لحظه انه يحل مشكلة مصر
الله قادر في لحظه بهيمنته ملك الملك
"تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ"
"وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ "
ما يعزب, الأعزب الذي ليس له زوج ليس له أحد يرعاه
ما فيش ذره في الكون تقدر تستغنى عن ربنا
أو خرجت عن حكم وهيمنة ربنا
فلازم الفترة دي نعرف يعني ايه
سيدنا يعقوب أصابه العمى
وسيدنا يوسف ضاع منه
وابنه الثاني بنيمين ضاع منه
وابن الكبير في مصر مش عاوز يرجع
وفي وسط الازمه الرهيبه دي سيدنا يعقوب يقول
"عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا"
بيقول الله قادر أن يحل كل المشاكل في لحظه
الله قادر, هذا يقين الأنبياء وهذا هو اليقين الذي لا بد لنا أن نتعلمه
الله قادر, وإن لازم يكون عندنا أمل
عاوزيين نقول لشعب مصر اصبروا فإن الله جاعل لكم فرجا وخرجا
❀ ❀ ❀ ❀ ❀ ❀ ❀ ❀ ❀ ❀
ما تمر به مصر ليست مجرد مشكلة عادية وإنما فوضى كبيرة
أثارها من أثاروها لأهوائهم الشخصية
كيف نتعامل معها وكيف نتجنب الوقوع فى الفتنة ؟؟
مع الشيخ أمين الأنصاري والشيخ هاني حلمي والدكتور حازم شومان
فى حلقة بعنوان عسى الله ان يأتي بالفتح
للتحميل /للمشاهدة/ للإستماع
إضغطـ هنـا
لا تنسى ثلاث
ΨΏΨ… الدال على الخير …ΨΏΨ
وذكر الله
فى حفظ الله ورعايته
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 3
( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا )
سبب النزول :
فى سنة 6 هجرية ، صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصول إلى المسجد الحرام لقضاء العمرة
ثم أرادوا الهدنة ( صلح الحديبية ) فأجابهم بالرغم من كره جماعة من المسلمين لذلك
ونحر الرسول الهدى مكان الذى أحصر ورجع
فأنزل الله عز وجل السورة لما كان منه ومنهم
وهذا الصلح يعتبر فتحا لما فيه من مصلحة للمسلمين فقد حدث بسببه خير كثير فآمن الناس واجتمعوا وتحدث المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع
يقول الله لنبيه إنا فتحنا لك فتحا واضحا ظاهرا
ولقد غفر الله لك ما تقدم وتأخر من ذنبك
ليتم الله عليك نعمته فى الدنيا والآخرة
ويهديك إلى صراط مستقيم بما شرع لك من تعاليم الإسلام
ويرفعك الله درجات وينصرك على أعدائك
الآيات 4 ـ 7
(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا * وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
سبب نزول آية :
قال أنس بن مالك : نزلت على النبى صلى الله عليه وسلم ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " لقد أنزلت علىّ الليلة آية أحب إلىّ مما على الأرض " ثم قرأها عليهم
فقالوا : هنيئا مريئا يا نبى الله ، لقد بيّن الله عز وجل ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟
فنزلت الآية ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى …. )
يقول تعالى أنه أنزل الطمأنينة فى قلوب المؤمنين ليزداد الإيمان فى قلوبهم
ولو أرسل الله عليهم جنا واحدا من الملائكة لكان أباد الكافرين ولكن قدر الله الهدنة لما لها من فائدة عظيمة
ويبشر المؤمنين والمؤمنات بالجنات بها من كل الخيرات أنهارا خالدين فيها
ويغفر لهم ذنوبهم وهذا هو الفوز العظيم
أما المنافقين والكافرين فلهم العذاب الشديد بما أساؤا من الظن بالله
فأبعدهم من رحمته والله له الحكم والأمر والعزة والقوة والجنود بالسموات والأرض ينتقم من أعدائه .
الآيات 8 ـ 10
( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا * إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
يقول سبحانه لنبيه إنا أرسلناك شاهدا على أمتك وهم الخلق جميعا
ولتبشر المؤمنين وتنذر الكافرين
ويأمر الناس بأن يؤمنوا بالله وبالرسول ويعظموه ويحترموه ويسبحوا الله أول النهار وآخره
ثم يتابع الحديث لرسوله صلى الله عليه وسلم فيقول : الذين يبايعونك إنما هم يبايعون الله ويعاهدونه على الطاعة
ومن يرتد فهو يرتد على نفسه
والله هو أعظم من عوهد وسيؤجر الثابتين على عهدهم الأجر العظيم
( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا * وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )
فى عمرة الحديبية ذهب النبى وأصحابه إلى خيبر يفتحونها
وتخلف بعض الأعراب
يقول الله تعالى :
يعتذر لك بعض الأعراب عن الخروج معك وجلسوا مع أهليهم وأعمالهم وتركوا المسير معك ومع المؤمنين وقالوا تشغلنا أعمالنا وأشغالنا فاستغفر لنا الله
ولكن يعلم الله أن هذا قول منهم ولا يشغلهم شئ وإنما هم يتراجعون عن الجهاد
فقل لهم لو أراد الله بكم شيئا الذى يعلم ضمائركم فلن يقدر أحد على دفعه عنكم
فتخلفكم ناتج عن النفاق وليس الإنشغال وظننتم أن المؤمنون لن يعودوا ديارهم وسيقتلون
ولكنكم قوم هالكين لأنكم ظننتم بالله السوء
ومن لم يخلص لله عمله فسوف يعذبه فى جهنم
فالله يملك السموات والأرض وهو المتصرف فيهما يعذب من شاء ويغفر لمن أراد
الآية 15
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا )
هؤلاء الذين تخلفوا عن الجهاد معكم يريدون أن يخرجوا ليأخذوا من الغنائم التى كسبها المجاهدون من جهادهم وصبرهم
فيأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يمنعهم عقابا لهم
ولا يحق للمتخلفين عن الجهاد المشاركة فى المغانم وهذا حكم الله لأهل الحديبية
ويقولون أنتم تحسدوننا على أن لم نخرج معكم وتريدون أن تمنعونا من الغنائم ولكن الأمر ليس كذلك فهم لا يفقهون
الآيات 16 ـ 17
(قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * ليس عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا)
قل يا محمد للذين تخلفوا عن الحديبية إن الله شرع لكم جهاد قوم ذو بأس شديد وقوة لتقاتلوهم إختبارا لإيمانكم وعليكم الجهاد
فإن أخلصتم الجهاد فى سبيل الله وينصركم الله عليهم بالقتال أو التسليم والدخول فى الإسلام
فإن أطعتم الله ورسوله فى ذلك يغفر لكم ويؤجركم بأجر عظيم
وإن تخلفتم كما فعلتم فى الحديبية يعذبكم عذابا شديدا
ثم يذكر الله لمن الأعذار المقبولة وهم الأعمى والأعرج والمريض
ومن أطاع الله والرسول له جنات تجرى فيها الأنهار من كل الخيرات
ومن تراجع فهو فى العذاب فى الدنيا والآخرة
الآيات 18 ، 19
( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
كان عدد الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم فى أرض الحديبية تحت شجرة فيها تسمى سمرة 1400 مؤمن والبيعة تسمى بيعة الرضوان
ويخبر الله تعالى فى هذه الآية عن رضاه عن هؤلاء المؤمنين لما علم من صدق فى قلوبهم فأنزل عليهم السكينة والطمأنينة وأثابهم صلحا وفتح خيبر وفتح مكة ثم البلاد الأخرى وجعل لهم العزة والرفعة فى الدنيا والآخرة والغنائم الكثيرة
( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا * وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا * وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا )
وعد الله المؤمنين بأن يأخذوا غنائم كثيرة وعجل لهم فتح خيبر وصلح الحديبية
ومنع أعداءهم عنهم فلا ينالوهم بأذى
وهذه من آيات الله ليعتبروا فقد نصرهم بالرغم من قلة عددهم
يهدى المؤمنين إلى صراط مستقيم بسبب طاعتهم لله وللرسول
وفتح وغنائم أخرى لم تكونوا أيها المؤمنين تقدروا عليها فيسرها الله لكم وهو يحيط علما بكل شئ ويقدر على كل شئ
ويبشر المؤمنين أنه لو حاول الكافرين قتالهم فإن جيش الكافرين سيهرب فرارا منهم ولن يجدوا من ينصرهم عليكم
وهذه عادة الله مع خلقه ما تقابل جيش الكفر مع المؤمنين إلا ويغلب المؤمنون لأن الكافرين إنما يحاربون الله ورسوله
ويحق الله الحق ويقضى على الباطل
وهذا هو الله الذى منع أيدى الكفار عن المؤمنين ومنع المؤمنين عن الكافرين فى فتح مكة
وصان الفريقين وجعل بينهما صلحا أسفر عن دخول بعضهم فى الإسلام
وقيل فى سبب نزول هذه الآية ( وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم )
أن قال أنس بن مالك : ( لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة بالسلاح ، من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم فأٌوخذوا ، فعفا عنهم ونزلت الآية )
الآيات 25 ـ 26
( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )
الذين صدوا الرسول وأصحابه عن المسجد الحرام ومنعوا أن يصل الهدى ( الذبائح ) إلى محلها فى الحرم هم الكفار حقا من مشركى قريش
لأن من أحصر عن العمرة عليه هدى يصل إلى الكعبة
وبينهم من يكتم إيمانه لا تعرفونهم ولو قاتلتم الكفار ربما قتلتم هؤلاء المؤمنين بينهم ولكان لكم عارا وكان إثما وغرامة أن قتلتم المسلمون بغير علم ولكن الله يرحم من يشاء
لو ( تزيلوا ) تميز الكفار من بين المؤمنون لكان أمركم الله بقتال الكفار قتلا ذريعا
وميزهم الله بأن أخذتهم الحمية عند كتابة نصوص الصلح فرفضوا أن يكتبوا ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولكن كتبوا ( هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله )
وأنزل الله السكينة على قلب نبيه وقلوب المؤمنين بقول ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) واستكبر عنها المشركون
وكان المسلمون أحق بها وهم أهل لها
والله أعلم بمن يستحق الخير ممن يستحق الشر .
( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا )
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى فى المنام أنه دخل مكة ويطوف بالبيت
فلما صده الكفار عن الدخول تعجب الصحابة ، فقال لهم أنه لم يقل أنه دخل فى هذا العام
ثم صدق الله رؤيا الرسول فى العام التالى ودخل مكة وطاف بالبيت غير خائفين منهم قد حلق رأسه ومنهم من قصر
وعلم الله ما لم يعلم المؤمنون من الخير والمصلحة فى منعهم من دخول مكة فى عام الحديبية
فقد جعل لهم خيرا كثيرا فى هذا الفتح
وقد علم أيضا دخول المؤمنين العام التالى مطمئنين كما فى الرؤيا
فالله الذى بعث رسوله بدين الهداية والحق ليجعله للناس كافة وفوق جميع الأديان والله هو ناصر رسوله
الآية 29
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )
يخبر الله رسوله أنه رسوله بلا شك وأصحابه جعلهم الله أشداء على الكفار رحماء بالمؤمنين
ووصفهم بأنهم يكثرون الصلاة ومخلصون فى عملهم لله يريدون الأجر من الله والرضا
علامات الخشوع والتواضع على وجوههم من كثرة الصلاة والسجود لله
وهذا مثل لهم فى التوراة والإنجيل كأنهم زرع أخضر شد وطال على سيقانه يعجب الزارعين جماله وكذلك كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ليغيظ بهم الكفار
ووعد الله المؤمنين المغفرة والجزاء العظيم فى الدنيا والآخرة
قال صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابى ، فوالذى نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصفه " .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
قتيبة بن مسلم أسطورة الفتح الإسلامي
ليس من قبيل المبالغة أن يطلق على القائد "قتيبة بن المسلم الباهلي" العديد من الألقاب تكريمًا له، وذلك نظرًا للإنجازات المذهلة التي حققها في الفتح الإسلامي، والتي جعلت منه فاتح المشرق الإسلامي، فقد وصل بفتوحاته إلى الصين، وهي الفتوحات التي كانت السبب في دخول الكثير من الأقوام في دين الله تعالى لما رأوا في شخصية الفاتحين وقائدهم تجسيدًا لعظمة الدين الإسلامي.
فمن "كبير المجاهدين" إلى "عملاق الفتوح"، تتوالى الألقاب على ذلك القائد المسلم، الذي صار اسمه علمًا على الفاتحين المسلمين لدرجة أن البعض لقب "طارق بن زياد" فاتح الأندلس باسم "قتيبة المغرب"، وليس هناك دليل على عظم قدر "قتيبة" أكثر من ذلك اللقب, وبالتالي صار من حق ذلك الفاتح العظيم أن يلقى بالضوء على حياته لكي يرى المسلمون منها لمحات تؤكد أن لهذه الأمة الإسلامية من التاريخ ما يجعلها قادرة على تجاوز أية عثرات تمر بها.
بداية رحلة قتيبة بن مسلم الجهادية :
ولد هذا الفاتح العظيم في العام 48هـ, وفي بعض الأقوال 46 هـ، وقد كانت الفترة التي نشأ فيها فترة اضطراب سياسي عظيم في الدولة الإسلامية، وكان والده "مسلم بن عمرو" من الذين رافقوا "مصعب بن الزبير" الذي عينه "عبد الله بن الزبير" واليًا على العراق في تلك الفترة المضطربة من التاريخ الإسلامي.
وترجع بدايات الرحلة الجهادية لـ"قتيبة بن مسلم" عندما اختاره القائد الكبير "المهلب بن أبي صفرة" كواحد من خيرة المقاتلين، وأرسله إلى والي العراق آنذاك "الحجاج بن يوسف الثقفي"، فأخضعه للعديد من الاختبارات التي أثبتت بعد نظر "ابن أبي صفرة" في حنكة ومهارة "قتيبة" حيث ولاه "عبد الملك بن مروان" ولاية الري، التي أبلى فيها بلاء حسنًا، فما كان من "الحجاج" إلا أن جعله واليًا على إقليم خراسان في العام 86 هجرية، لينطلق محلقًا في سماء الفتوحات منذ ذلك الحين.
ويرجع السبب في أن ولاية خراسان كانت المنطلق الرئيسي في رحلة الفتوحات, أن هذه الولاية لم تكن مستقرة ولم تكن قد دانت كلها بالسيطرة للمسلمين، وبالتالي كانت في حاجة إلى الكثير من الجهد إما لاستكمال الفتوحات أو تأمين المناطق التي تم فتحها بالفعل.
ومن بين السمات التي ساعدت قتيبة في القيام بفتوحاته حنكته وخبرته بالرجال سواء بين الأصدقاء أو في أوساط الأعداء، فعندما أخبروه بأن تمردًا وقع في خراسان وأشير عليه بإسناد أمر إخماد التمرد للقائد "وكيع بن الأسود" الرجل الثاني في جيش "قتيبة"، رفض الفاتح قائلاً: إن وكيعًا به من الكبر ما قد يجعله يقلل من قدرات أعدائه، مما قد يجعلهم يأخذونه على غرة.
وهذا الموقف يشير إلى أن "قتيبة" كان حكيمًا في اختيار رجاله, فقد اختار مساعده من قبيلة بني تميم تلك القبيلة المتمرسة في القتال، والتي لعبت دورًا كبيرًا في الفتوح الإسلامية، إلا أنه رفض وضعه في موضع إخماد التمرد، مما يعني أنه كما يعرف للرجال مقدارهم فإنه يعرف قدراتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، أفلت "قتيبة" من فخ أعده له أحد العملاء المزدوجين ويسمى "تندر" أو "تنذر"؛ فقد كان هذا الرجل عميلاً لدى "قتيبة" أثناء حصاره لمدينة تسمى بيكند كانت تتبع بخارى فقام أهل البلدة بتجنيد هذا العميل، فحاول إيهام "قتيبة" بأن "الحجاج بن يوسف" قد خلع من ولاية العراق لكي يدفع "قتيبة" لفك الحصار عن المدينة والعودة للعراق، إلا أن القائد المسلم أدرك بحنكته أن الرجل يكذب، فاستمر في حصار المدينة وأمر بقتل الخائن، وسرعان ما فتحت المدينة، بل وعادت على المسلمين بالمال الوفير الذي ساهم في الانطلاق نحو حدود الصين؛ لأن هذه المدينة كانت مهمة اقتصاديًّا وكان يطلق عليها "مدينة التجار".
كذلك كان يعرف كيفية دعم المقاتلين واختيار كل مقاتل للمهمة التي عليه القيام بها، فلكي يحفز المقاتلين على المزيد من الفتوحات، طلب من "الحجاج بن يوسف" أن يوزع الغنائم على المقاتلين المجاهدين للتخفيف من حدة ألمهم جراء الغربة وفراق الأهل، فوافق "الحجاج" مما كان له أكبر الأثر في دعم الروح المعنوية للجنود، ونفس الأسلوب اتبعه مع الرجال في فتح بخارى فنعود مرة أخرى إلى بيكند, حيث كان حكام المدينة قد حشدوا كل جيوشهم في معسكر واقع على نهر بالمدينة، فصار هذا المعسكر أمنع نقطة في المدينة وبالتالي كان اقتحامه يعني فتح المدينة، لكن القيام بهذه المهمة كان في نظر الكثيرين ضرب من المستحيل.
فما كان من قتيبة إلا أن اختار قبيلة بني تميم ذات الباع الطويل في القتال لكي تفتح تلك المدينة وتقتحم ذلك المعسكر الحصين، ونادى فيهم أن "من جاء برأس كافر فله 100 دينار"، كما أن "وكيعا"، قد دعا قومه -بني تميم- للانضمام إلى الجهاد مطلقًا صيحته الشهيرة: "من كان يريد الموت فليتبعني، ومن كان كارهًا فليثبت في مكانه"، وذلك حسب رواية "ابن أعثم"، مما كان له أكبر الأثر في سقوط المدينة ومن ثم فتح بخارى كلها، وكان ذلك في العام 87 هجرية.
الصين والأتراك :
واستمرت فتوحات "قتيبة بن مسلم الباهلي" في بلاد ما وراء النهر جيحون وسيحون، حتى استقر المقام للمسلمين هناك، ومن البلدات والمدن التي فتحها الطالقان والصغانيان وشومان وكفتان وسمرقند, وقد بلغ عظم فتوحاته مستوى جعل ملك الصين، مهاب الجانب في منطقته، يرسل بالهدايا إلى الفاتح العظيم حتى يدفعه إلى التراجع عن قسمه بأن يدخل المسلمون الصين، وأرسل له حفنة من تراب الصين ليطأها حتى يكون قد أبر بقسمه.
غير أن القائد العظيم لم يتراجع واستمر يقاتل في تلك المناطق، وراح يخطط لكي ينطلق من فرغانة -وهو إقليم يمتد حاليًا بين أوزبكستان وطاجكيستان وقرغيزيا- نحو فتح الصين كلها، إلا أن التغيرات السياسية التي وقعت في هذه الفترة عقب وفاة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وتولي "سليمان بن عبد الملك" من بعده، قد أطاحت بـ"قتيبة" من منصبه واليًا على خراسان ومن قيادة الجيش، ليتوقف عند التخوم الغربية للإمبراطورية الصينية، وتحديدًا عند منطقة كاشغر، التي تقع في تركستان الشرقية داخل حدود الصين الحالية.
وكان من بين الإيجابيات التي نجمت عن الفتوحات التي قادها "قتيبة بن مسلم" في تلك الأصقاع أن دخل الأتراك في الدين الإسلامي، فبعد أن دانت السيطرة للمسلمين على بلاد فارس، ودخل الفرس في دين الله في عهد الخلفاء الراشدين، دخل الأتراك في الإسلام على يد ذلك الفاتح العظيم، حيث كان نهر المرغاب هو الحد الفاصل بين الأتراك والفرس، فتجاوزه "قتيبة" في فتوحاته ودخل الأتراك الإسلام.
وأدى دخول الأتراك الإسلام إلى العديد من الفتوحات الرئيسية في تاريخ المسلمين بعد ذلك، ومن أبرز تلك الفتوحات ما قام به العثمانيون في أوربا من الوصول إلى حدود النمسا، والسيطرة على أجزاء كبيرة للغاية من القارة الأوربية، إلى جانب ما قامت به فروعهم من فتح الهند وغيرها من الفتوحات في آسيا الوسطى.
نهاية رحلة قتيبة بن مسلم :
وعلى الرغم مما يشاع عن أن "قتيبة" قد تمرد على الخليفة الأموي الجديد "سليمان بن عبد الملك" بسبب فتنة داخلية ضربت بين القبائل العربية في تلك الفترة، إلا أن هناك من الأقوال ما يشير إلى أنه لم يتمرد، وأن ما سرى من أنباء عن تمرده كان جزءًا من تلك الفتنة التي انتهى فصل من فصولها بمقتل "قتيبة بن مسلم" على يد الجيوش الموالية لـ"سليمان بن عبد الملك" في عام 96 هجرية/715 ميلادية، وهي الميتة التي أغضبت الجميع حتى أعداء "قتيبة"، فقال قائل: "يا معشر العرب قتلتم قتيبة، لو كان منا فمات فينا, جعلناه في تابوت, فكنا نستفتح به إذا غزونا".
إن لهذا الفاتح العظيم قصة صمود رائعة، اعتمد فيها على إيمانه بالله تعالى، الذي دفع الكثيرين من غير المسلمين إلى الدخول في دين الله بسبب عظم شخصية "قتيبة"، وكذلك على بسالته القتالية، وعقليته النادرة التي جعلته يتميز حتى عن قائده "المهلب بن أبي صفرة" في أن يضع لكل غزوة من غزواته، حتى وإن كانت محدودة الحجم، هدفًا محددًا يجب إنجازه وإن طال المطال بها، فيقال مثلاً إن حصاره لمدينة بيكند استمر شهرين كاملين، ولكنه لم ييأس وقاتل وانتصر بإذن الله.
لم يعتمد "قتيبة" على جاه ولا نسب، فقد كان ينتمي إلى قبيلة باهلة، وهي كانت في عرف عرب الجاهلية من أحط القبائل نسبًا، إلا أنه انتفض وشق طريقه، ولكنه في النهاية لم يلق تكريمًا إلا بالقتل في إطار تصفية حسابات داخلية، لكن يكفيه ما بدأنا به من أنه نال من الألقاب ما لم ينله فاتح آخر, كما يكفيه أن عرقًا كاملاً هو العرق التركي، بكل فروعه، قد دخل في الإسلام على يده.
م/ن